نبض أرقام
09:41 م
توقيت مكة المكرمة

2024/12/20
2024/12/19

كيف يهدد "عدم اليقين" الاقتصاد العالمي بـ"أيام صعبة"؟

2019/04/05 أرقام - خاص

"على الرغم من معايشة الاقتصاد العالمي للكثير من الأزمات والأوقات الصعبة، إلا أن الصورة لم تكن قط غائمة كما هي عليه في هذه الأيام بالذات، التي يبدو أن المتغيرات فيها أكثر من الثوابت بما يجعل الحكم على اتجاه الاقتصاد في المستقبل صعبًا للغاية".

 

هذا ما يؤكده "لروانس جي لو" أستاذ الاقتصاد في جامعة "ستانفورد" في تصريحات لدورية "فورين بوليسي" حيث يشير إلى أن حالة "عدم اليقين" التي تكتنف الاقتصاد العالمي أصبحت في أشد حالتها منذ أعوام طويلة للغاية.

 

 

أداء متراجع

 

ففي عام 2018 نفذ الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" -ولأول مرة- تهديداته الحمائية، ومن ثم فرضت بلاده رسومًا جمركية على 12 ألف منتج تشكل حوالي 12.6% من الواردات الأمريكية، بما دعا شركاءها التجاريين للرد بفرض تعرفيات جمركية على أكثر من ألفي منتج أمريكي تشكل 6.2% من صادرات الولايات المتحدة.

 

وعلى الرغم من الهدنة الحالية، إلا أن التعريفة الجمركية لا تزال قائمة من الجانبين، بما يوحي بإمكانية اشتعال الحروب التجارية مجددًا، وهذه المرة ستصل الولايات المتحدة إلى فرض جمارك على ربع وارداتها (وفقًا لتهديدات وزارة التجارة) وبالطبع سيرد شركاؤها وعلى رأسهم الصين بالمثل.

 

وخلال الربع الأخير من العام الماضي أظهر الاقتصاد الأمريكي أضعف أداء في عهد الرئيس "دونالد ترامب"، بنسبة نمو 2.2% فحسب، بينما جاءت إحصاءات النمو الصيني، ولا سيما القطاع الصناعي في حدها الأدنى منذ الأزمة المالية العالمية، بما قرع جرس إنذار جديدا حول تأثير المواجهات التجارية على القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.

 

وبسبب ذلك تشهد قطاعات أمريكية، مثل التشييد والصناعة والتعدين، تراجعًا كبيرًا في التوظيف، حتى يصف تقرير لمجلس الشؤون الخارجية الأمريكي الوظائف في تلك القطاعات، في مارس الماضي، بأنها "قليلة إلى حد الندرة"، حيث تراجع الطلب على العمالة فيها بدرجة كبيرة بسبب بيانات تلك القطاعات الضعيفة.

 

"فجوة المهارات"

 

وتكمن الخطورة في أن الوظائف في تلك القطاعات، ومعها تجارة التجزئة، كانت وراء انخفاض معدلات البطالة الأمريكية إلى مستوى 3.8%، وتراجعها يشير إلى تراجع نسبي في حالة التوظيف الكامل التي زينت الصعود الاقتصادي الأمريكي خلال الأشهر الأولى لعام 2018.

 

 

يأتي هذا في الوقت الذي يشير تقرير لـ "ماكنزي" للدراسات الاقتصادية إلى أن الفجوة في مهارات العمالة أصبحت في حجمها الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، حيث 8% من الوظائف لا تجد من يشغلها بسبب المهارات المستحدثة المطلوبة، وفي المقابل أشخاص يحملون مهارات غير مناسبة لسوق العمل.

 

واللافت أن هذه الفجوة في المهارات لا تقتصر في آثارها فقط على النواحي الإنسانية فحسب، بل تمتد لتشمل عرقلة أعمال الشركات، وتقدر المجموعة الاقتصادية تأثير تلك الفجوة على الاقتصاد بحوالي 0.25-0.48% سنويًا من نمو الاقتصاد العالمي، وتبقى تلك الفجوة في تزايد ولا تتراجع.

 

حلقة مغلقة

 

وفي نفس الوقت تعاني الاقتصادات الناشئة من تراجع وظاهرة الأموال الساخنة، التي كلفت اقتصادات مثل الأرجنتين وتركيا وتشيلي وبدرجة ما دول أخرى ما تقدره منظمة التعاون الاقتصادي بحوالي 4% من اقتصادها بسبب تراجع النمو والاضطرار لفرض أسعار فائدة عالية للغاية.

 

ويشير تقرير لـ "بروجكت سينديكيت" إلى أن مخاوف عدم الاستقرار السياسي تضيف المزيد من الضبابية إلى المشهد الاقتصادي، ففي الوقت الذي ينتظر فيه العالم مصير الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بعد أقل من عام، تشهد ألمانيا تغيرًا جذريًا في قيادتها بابتعاد "ميركل"، بينما يعاني "ماكرون" نسبيًا في فرنسا، وتستمر الاضطرابات السياسية في دول البحر المتوسط الأوروبية، وتنخرط بريطانيا في متاعب "بريكست".

 

 

ويحذر تقرير لـ"برايس ووتر هاوس كوبرز" من اكتمال ما تصفه بـ"حلقة عدم اليقين" وتشمل ثلاثة عناصر:

 

المستهلكون: وينزعون في تلك الحالة إلى الحد من استهلاكهم، وهو ما لم يحدث بعد في الاقتصادات الكبيرة وإن بدأت نذره في الظهور.

 

المستثمرون: ويتجهون إلى التقليل من الاستثمارات والإنتاج والحد من التوسع في التوظيف.

 

الأسواق المالية: تقل الاستثمارات الحقيقية فيها في ظل التقلب وزيادة المخاطر.

 

وفي تلك الحالة ستقل إيرادات الشركات، ولن تقبل على اقتراض المدخرات التي ستزداد بسبب تراجع الاستهلاك، وستتقلص الاستثمارات الحقيقية، بما يؤدي لانكماش الاقتصاد وليس نموه، وستزداد حالة "اللا يقين"، لتبقى الحل "الوحيد" في سياسات أوضح وحسم الملفات الاقتصادية والسياسية أيضًا العالقة، لا سيما في القوى الاقتصادية الكبرى.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.