نبض أرقام
03:03 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

"الدخل الأساسي العالمي".. واقع مقبل أم حلم صعب المنال؟

2019/04/07 أرقام - خاص

أصبح مفهوم "الدخل الأساسي العالمي" أحد المفاهيم الرائجة في علم الاقتصاد المعاصر خلال الأعوام الأخيرة، ويقصد به حصول كل شخص في العالم على أجر سواء كان يعمل أو يعاني من البطالة، بما يضمن قدرًا أكبر من التكافل والتوازن عالميًا.
 

 

التجربة الفنلندية
 

وهناك العديد من المواصفات التي تم وضعها لتحقيق فاعلية جيدة لإقرار منح دخل "بلا عمل"، ومن بينها ألا يتعدى بأي حال حد الكفاف، بل تنصح الكثير من الدراسات بأن يكون أقل منه، مع التوقف حال إقراره عن منح إعانات البطالة في البلدان التي تعطي هذه الإعانة، فضلًا عن ثبات قيمته لفترات طويلة حتى مع التضخم.
 

وأجرت فنلندا تجربة عملية في هذا الصدد على مدى عامين كاملين، بمنح عدد من مواطنيها دخلًا أساسيًا لقياس مدى تأثر سلوكياتهم الاقتصادية، وتداعيات ذلك على سوق العمل ونسبة البطالة ومعدلات الاستهلاك والادخار وما إلى ذلك.
 

وكشفت الدراسة أن هؤلاء الذين حصلوا على هذا الدخل الأساسي (مجموعة من 2000 شخص) زادت بينهم نسبة من أسسوا عملهم الخاص وأصبحوا "مُنظِمين" بنسبة 301%، ليس بفعل المبلغ الضئيل الذي يتلقونه شهريًا، ويبلغ 630 دولاراً، ولكن بسبب إدراكهم لوجود حد أدنى من الدخل حال فشلت مغامرتهم بتأسيس عمل خاص.
 

وفي تجربة فنلندا ارتفعت نسبة العمل عن بُعد والأعمال بدوام جزئي بين هؤلاء الذين تلقوا الأجر الأساسي بنسبة 17% بعد تلقيه عنها قبل تلقيه، وبشكل عام ارتفعت دخولهم بمتوسط 12% خلال العامين بينما لم ترتفع متوسط الأجور بأكثر من 5% خلال الفترة نفسها على المستوى القومي.
 

صعوبات
 

وحصل 73% من هؤلاء العاطلين ممن تلقوا الأجر الأساسي على عمل خلال العامين، بينما كانت نسبة هؤلاء الذين حصلوا على عمل إبان حصولهم على إعانة بطالة عن الفترة نفسها 74% بما يعكس تأثيرًا محدودًا للغاية على الاتجاه للتوظيف وسوق العمل.
 

 

وعلى الرغم من الآثار الإيجابية التي أظهرتها تجربة فنلندا إلا أن المكتب القومي للإحصاءات والاقتصاد الأمريكي يؤكد صعوبة تطبيق مفهوم الدخل الأساسي في الولايات المتحدة على سبيل المثال للعديد من الأسباب، ولا سيما على المدى المنظور.
 

فإقرار منح المواطن الأمريكي دخلًا أساسيًا لا يتعدى 500 دولار سيكلف الإدارة الأمريكية مضاعفة الموازنة الفيدرالية إلى حوالي 9 تريليونات دولار، بسبب التوسع الكبير في النفقات الحكومية، بما سيعني إعادة تشكيل سياسات الضرائب والإنفاق بالكامل.
 

في المقابل فإن الدول التي تمنح إعانات بطالة كبيرة، وعلى رأسها الدول الإسكندنافية، أقدر على إقرار منح الأجر الأساسي بسبب الميزانيات الحكومية الكبيرة التي تعتمد على ضرائب تفرض على المواطنين تصل إلى 60% في السويد على سبيل المثال.
 

آثار سلبية
 

وتشكك "هيلاري هوينيس" أستاذة السياسات العامة في دراسة لجامعة "كاليفورنيا" في إمكانية تطبيق مفهوم الأجر الأساسي بشكل عاجل، فعلى الرغم من الصورة "المثالية" لذلك بجعل الناس جميعًا قادرين على توفير الاحتياجات الرئيسية بالحد الأدنى، إلا أن لتطبيقه آثارًا سلبية عدة.
 

فمع ارتفاع دخل الكثير من الطبقات بفعل حصولها على دخل مفاجئ سترتفع أسعار الكثير من السلع، وفي الدول التي ينفق مواطنوها نسبة كبيرة من الدخل على الغذاء سيعني ذلك بشكل تلقائي ارتفاعًا مفاجئًا في أسعار المواد الغذائية قد يصل إلى 40-50% في حالة بعض الدول الفقيرة، بما قد يجعل تأثير إقرار مثل هذا الدخل ضارًّا بالطبقات الأشد فقرًا واحتياجًا وليس العكس.
 

كل هذه العقبات تبدو لدى الحديث عن إقرار دخل أساسي في البلاد، لذا يبدو مثيرًا للدهشة تأييد شركات عالمية مثل "فيسبوك" وشركات أخرى في وادي السيليكون لإقرار مفهوم "الدخل الأساسي العالمي"، أي وضع راتب متساوٍ للجميع حول العالم وليس في بلد بعينه فحسب.
 

 

فـ"هوينس" تقدر الأجر الأساسي في الولايات المتحدة بـ1200 دولار شهريًا تكفي بالكاد للاحتياجات الرئيسية دون أي شكل من أشكال الرفاهية، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الإيجارات والمواصلات تحديدًا، بينما لا يتعدى الأجر الأساسي الذي يحقق الهدف نفسه في دولة مثل الهند 80 دولاراً مثلًا.
 

وتعتبر "هوينس" أنه إذا أمكن –بطريقة ما- التغلب على العقبات السياسية –وعلى رأسها النظر للرأسمالية على أنها النظام الاقتصادي الأوحد الذي يمكن الاعتماد عليه- فإنه يمكن البدء في الحديث حول المزايا المتعددة التي يوفرها الدخل الأساسي –على المستوى القومي أو العالمي- وإلا فستبقى فكرة غير قابلة للتطبيق إلا في دول معدودة للغاية مثل الدول الإسكندنافية وربما ألمانيا واليابان.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.