نبض أرقام
02:36
توقيت مكة المكرمة

2024/08/25
2024/08/24

الطبقة المتوسطة تتآكل؟!.. هذا ليس وضعا سيئا بالضرورة

2019/04/27 أرقام - خاص

كل بضعة أيام تظهر في الأفق إحصائية تحذر من تراجع حجم الطبقة المتوسطة في دولة ما أو على مستوى العالم، ليبدو الأمر كما لو كان توجهًا عامًا لا تستنثى منه دولة.
 

وكشف تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي تراجع الطبقة المتوسطة إلى 61% فحسب من تعداد سكان دولها الأعضاء، بينما كانت النسبة 64% في ثمانينيات القرن الماضي، وشهدت بعض الدول الأفقر زيادة الفجوة بنسبة 10-15 خلال الأعوام نفسها.



 

أسباب التآكل
 

فعلى سبيل المثال كانت أيرلندا من الدول المتقدمة النادرة التي نمت طبقتها المتوسط بنسبة 3.9% من السكان خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ولكن 2.8% من هذا النمو جاء بسبب الانحدار من الطبقات الأغنى، بينما 1.1% الباقية من صعود بعض المواطنين من الطبقات الأفقر.
 

وفي المقابل شهدت ألمانيا انكماشًا في الطبقة المتوسطة بنسبة 5% من السكان، غير أن 2.8% غادروا الطبقة المتوسطة ليلتحقوا بالطبقة الأغنى، و2.2% تركوها لينضموا إلى الطبقة الأفقر، وفي الولايات المتحدة تراجع حجم الطبقة المتوسطة بنسبة 4.3% غير أن 3.2% انضموا للطبقة الأغنى.
 

وعلى سبيل المثال فإن الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة تشمل هؤلاء الذين يحصلون على 23 ألف - 62 ألف دولار كدخل سنوي، بينما تضم هؤلاء الذين يحصدون 4 آلاف إلى 10 آلاف دولار فحسب في جارتها الجنوبية المكسيك، بما لا يجعل انضمام البعض إلى الطبقة المتوسطة "الدنيا" في المكسيك أمرًا مبشرًا لأنهم في واقع الأمر يظلون فقراء.
 

ويرجع هذا إلى اختلاف حساب الطبقة المتوسطة في العديد من المدارس، ففي الوقت الذي يعتبرها مركز "بيو" تلك التي تضمن من يحصلون على 66-200% من متوسط الدخل في بلد ما، يعتبرها بعض الدارسين في الحدود بين 50-150% وآخرون يتخذون تقديرًا أكثر تحفظًا بـ75-125% من متوسط الدخل.
 

الطبيعة قبل الحجم
 

وعلى الرغم مما يشير إليه علماء الاجتماع من أهمية وجود طبقة وسطى كبيرة للحفاظ على استقرار أي مجتمع وتماسكه، إلا أن دراسة لـ"بروكينجز" تشير إلى أهمية "طبيعة" الطبقة المتوسطة قبل حجمها في تقرير تأثيرها سلبًيا أو إيجابًيا سواء على الاقتصاد أو على المجتمع.



 

على سبيل المثال، على الرغم من أن تآكل الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة جاء بدرجة أكبر بسبب تنامي ثروات بعض المنتمين لها، إلا أنها كانت الطبقة الأقل نموًا في الدخل في البلاد أيضًا خلال الفترة نفسها، حيث نمت ثروات الطبقة المتوسطة بنسبة 24%، بينما نمت الفقيرة بنسبة 50% والأشد ثراءً بنسبة تفوق 95%.
 

وتشمل "طبيعة الطبقة المتوسطة" نسبة السلع والخدمات التي تحصل عليها و"تتقاطع" فيها مع الطبقتين الفقيرة والغنية، وعلى سبيل المثال تصل نسبة التقاطع في الخدمات والسلع بين الطبقتين المتوسطة والفقيرة إلى 72%، بينما تصل إلى 78% مع الطبقة الغنية.
 

ويعكس هذا قدرة جيدة للطبقة الوسطى على القيام بدورها الاجتماعي - الاقتصادي بوصفها حلقة الوصل في المجتمع، بما يجعله أكثر تماسكًا اجتماعيًا واقتصاديا، أما في الولايات المتحدة فلا تتعدى نسبة التقاطع مع الطبقة الأفقر 64% ومع الطبقة الأغنى 62%، بما يعطي صورة عكسية بطبيعة الحال.
 

القدرات وإمكانية الحراك
 

كما تبقى قدرات الطبقة الوسطى المادية عنصرًا حاسمًا، فعلى سبيل المثال شهدت السويد أكبر انكماش في الطبقة المتوسطة في الدول المتقدمة بانخفاض 7% خلال السنوات الثلاثين الماضية، ويرجع هذا بالأساس إلى إقرار الضرائب المرتفعة للغاية (48-60% تقريبًا)، بما أدى لالتحاق نسبة منهم بالطبقة الأفقر.
 

وعلى الرغم من ذلك فقدرات الطبقة الأفقر في السويد تعادل نظيرتها المتوسطة في العديد من الدول المتقدمة بل وقد تتفوق عليها، بحصولها على رعاية صحية وتعليم مجانيين بالكامل، فضلًا على التمتع بمظلة تأمين ضد البطالة واسعة.
 

وتشير دراسة لـ"بروكينجز" إلى أهمية القدرة على التحرك من وإلى الطبقة الوسطى، فعلى سبيل المثال إن أثيوبيا شهدت صعود 10% من سكانها من الطبقة الفقيرة إلى تلك المتوسطة خلال السنوات السبع الماضية فحسب، وميز ذلك الصعود عدم ارتباطه بمستوى معين للتعليم أو منطقة جغرافية معينة أو غير ذلك.
 


 

أما في الولايات المتحدة فإن حصول حاملي الشهادات الجامعية على دخل يفوق حاملي الشهادات المتوسطة (الثانوية) بنسبة 80% يجعل من الصعب على أبناء البلاد من تلك الطبقة الأفقر الصعود إلى الطبقة الأعلى في ظل ارتفاع تكاليف الدراسة الجامعية.
 

لذا فقد لا يكون انكماش الطبقة المتوسطة بالضرورة أمرًا سيئًا في بعض الأحيان، إذا كانت الزيادة في نسبة الأغنياء أكبر، وإذا بقيت قادرة على مضاهاة الكثير من سلوك الطبقات الأقل والأغنى اقتتصاديًا، وإن بقي "الحراك" بين الطبقات ممكنًا.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة