في عام 1920، ألقى عالم الفيزياء الفلكية الإنجليزي "آرثر إدينغتون" محاضرة أمام الجمعية البريطانية لتقدم العلوم حول الهيكل الداخلي للنجوم، وافترض أن ما يجعل للشمس بريقا -والذي أثار جدلًا كبيرًا وقتها- كان نوعًا من رد الفعل النووي، بحسب تقرير لـ"الإيكونوميست".
قال "إدينغتون": هذا المصدر، ربما يكون مختلفًا عن الطاقة الذرية التي من المعروف أنها موجودة بكثرة، ونحلم أن يتعلم الإنسان يومًا ما كيفية تحريره وتسخيره في خدمته، إنه لن ينضب إذا أمكن الاستفادة منه.
تطور الحلم
- تكهن "إدينغتون" بأن الطاقة المعنية قد يتم إطلاقها بواسطة نواة ذرات الهيدروجين التي اندمجت لتشكيل نواة ذرات الهيليوم، حيث كان يعلم أن نواة الهيليوم تزن أقل من 4 أنوية هيدروجين، واعتقد أن هذا الفرق عند تحويله إلى طاقة سيكون كافيًا لتشغيل الشمس.
- لقد كان محقًا في ذلك، ومحقًا بشأن أحلام البشرية في استغلال فكرة الشمس، لقد بدأ الناس جهودهم لتحقيق هذا الحلم بعد فترة وجيزة من تأكيد تكهنات "إدينغتون"، ولا يزالون يحلمون حتى اليوم بمصدر الطاقة الوفيرة الخالية من الانبعاثات الكربونية.
- تغير حلم الاندماج النووي على مدار سنوات، بدءًا من "زيتا"؛ المشروع الذي شكل أول محاولة لبناء مفاعل اندماج في هارويل جنوب إنجلترا خلال الخمسينيات، ووصولًا إلى "إيتير" الضخم في فرنسا، ولم يعد محل اهتمام الحكومات فقط.
- الآن، هناك منفعة تجارية لهذا الطموح، وتخطط الشركات في أمريكا الشمالية وأوروبا لبناء ما تأمل أن تكون مفاعلات اندماج رابحة، ورغم اختلاف البرامج والاستراتيجيات، فجميعها يشترك في الرغبة بالقضاء على مقولة "الاستغلال التجاري للاندماج النووي سيظل دائمًا على بعد 30 عامًا".
تطور التقنيات
- يُعرف المزيج الأمثل من المكونات والظروف اللازمة للتفاعل باسم معيار "لوسون"، وهذه الأيام تُجرى معظم المحاولات لتحقيقه باستخدام آلات يطلق عليها "توكاماك" التي ابتكرها عالم الفيزياء السوفيتي "أندريه ساخاروف" في خمسينيات القرن الماضي.
- تشكل تقنية "توكاماك" السبيل الرئيسي لمطاردي الاستخدام التجاري لطاقة الاندماج النووي، مثل "كومنولث فيوجن سيستم" وهو فرع لمختبر فيزياء البلازما التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومثل فرع مختبر أبحاث هيئة الطاقة الذرية البريطانية "توماكاك إنرجي".
- التوكاماك التقليدي عبارة عن حلقة أسطوانية مجوفة، أشبه بكعك "الدونات"، مزودة بمغناطيس كهربائي له قدرة فائقة على التوصيل، وتحتوي بداخلها على الوقود الخاص بالمفاعل وهو البلازما (غاز تم فصل الإلكترونات والنواة الذرية به) والتي تتكون من الديوتيريوم والتريتيوم.
- هذه الآلات ضخمة الحجم، وعلى سبيل المثال تبلغ سعة توكاماك مفاعل "إيتير" 830 متر مكعب، ومع ذلك فإن مفاعل "كومنولث فيوجن سيستم" له سعة أقل بكثير، تمكنه من العمل بفاعلية كونه يحتوي على مغناطيسات أكثر قوة لضغط البلازما بإحكام.
- هذه المغناطيسات تصبح فائقة التوصيل في درجات حرارة عالية نسبيًا، لذلك يمكن تبريدها باستخدام النيتروجين السائل، وهو رخيص، بدلًا من الهيليوم السائل مرتفع التكلفة، ويعد ذلك أحد المكاسب المحببة للشركات.
رهان الشركات
- لا يوجد نقص في الأفكار حول كيفية بناء مفاعل اندماج عملي، لكن أي مستثمر يواجه سؤالا حول المدة التي سيستغرقها لجعل فكرته تعمل، وفي هذا المجال فإن أهم إنجاز هو بدء تحقيق الأرباح، وهي النقطة التي يتوجب عندها توليد طاقة من البلازما المندمجة أكثر مما تستهلكه.
- تستهدف "كومنولث فيوجن سيستم" تحقيق الأرباح بحلول عام 2025، وكذلك "توماكاك إنرجي"، وتقول الأولى إن التقنيات المقبلة لن تجعل المكاسب ممكنة فحسب بل ستخلق محطات طاقة مهيمنة.
- تخطط "توماكاك إنرجي" لبدء توليد الطاقة ونقلها إلى شبكة الكهرباء من محطات بقدرة إنتاجية تصل إلى 100 ميجاواط، وتتوقع "فريست لايت فيوجن" المطورة لتقنيات الاندماج، أن تستخدم تقنياتها الحديثة في بحلول ثلاثينيات القرن الجاري.
- استطاعت شركة "تاي تكنولوجيز" جمع تمويل خاص قدره 600 مليون دولار، وحصلت "جنرال فيوجن" على أكثر من 100 مليون دولار، وجذبت كل من "توماكاك إنرجي" و"فريست لايت" 65 مليون دولار و32 مليون دولار على التوالي.
- لا شك أن هناك تحديات تواجه الشركات، ويقول رئيس مؤسسة "فيوجن باور أسوشيتس"، "ستيفن دين": تاريخ الاندماج النووي لا يمنحك ثقة كبيرة بأنه لن تكون هناك مشاكل، يعمل العالم على هذه التقنيات منذ 50 عامًا ودائمًا ما كانت تظهر المشكلات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}