شعر قادة الأعمال والسياسيون في الولايات المتحدة بالقلق طويلًا إزاء احتمال استخدام الصين لحيازاتها الكبيرة من سندات الخزانة الأمريكية -التي قد تشكل نقطة ضعف استراتيجية للبلاد- كسلاح في خلافها التجاري مع واشنطن، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
هذه المخاوف أثيرت هذا الأسبوع، بسبب تغريدة لرئيس تحرير صحيفة صينية حكومية ناطقة باللغة الإنجليزية "غلوبال تايمز"، قال فيها إن خبراء صينيين يبحثون عن طرق لبيع سندات الخزانة الأمريكية.
مقترح منطقي لكنه باهظ الثمن
- جاء في تغريدة "هو شيغين": قد تتوقف الصين عن شراء المنتجات الزراعية والطاقة من الولايات المتحدة، وتخفيض طلبياتها من "بوينغ" وتقييد تجارة الخدمات معها، مع العلم أن الباحثين الصينيين ينظرون في إمكانية بيع سندات الخزانة الأمريكية وكيفية القيام بذلك.
- النقاشات حول هذه الخطوة لن تكون مفاجئة، لكن إذا أراد الخبراء الصينيون أن يكونوا صادقين، فهناك شيء ينبغي قوله لقادتهم، وهو أن عمليات البيع المكثف للسندات الأمريكية لن يُحدث فوضى فقط في الاقتصاد الصيني، لكنه سيكون بمثابة بطاقة لعب إضافية في يد "دونالد ترامب".
- سيكون لعمليات البيع الكبيرة لسندات الخزانة الأمريكية تأثيران رئيسيان على الأسواق الأمريكية والعالمية، وكلاهما يطالب به الرئيس "ترامب"، أما التأثير الأول والأكثر وضوحًا فهو خفض أسعار السندات الحكومية لبلاده.
- نظرًا للعلاقة العكسية التي تربط أسعار السندات بعائداتها، فمع بدء عمليات البيع المكثف تلك، سترتفع عائدات سندات الخزانة الأمريكية، وقد يبدو ذلك يتعارض مع طموح "ترامب" لخفض أسعار الفائدة، حيث دائمًا ما تعقبت العائدات معدل الفائدة الذي يحدده الفيدرالي.
مكاسب "ترامب" من هذه الخطوة
- في الحقيقة، ينبع هوس "ترامب" بمستويات الفائدة من قلق أكبر بسبب رغبته في تعزيز النمو الاقتصادي، إنه يريد فقط من الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة، ما يدفع البنوك الأمريكية لاستثمار بعض احتياطياتها البالغة 1.4 تريليون دولار في اقتصاد البلاد.
- عمليات البيع المكثف لسندات الخزانة الأمريكية من قبل الصين، سيكون لها أثر مماثل، ومع بدء ارتفاع عائداتها، ستستخدم البنوك بعض احتياطياتها لشراء المزيد من السندات، وهذا الإنفاق سيضع المزيد من الأموال في الاقتصاد الأمريكي ويحفز النمو.
- أما التأثير الثاني، فهو انخفاض قيمة الدولار، حيث يعني بيع السندات أن الصين ستحصل على المزيد من الدولارات في المقابل، ويمكن استخدام هذه الأموال لشراء أصول أمريكية أخرى، لكن الهدف بالأصل هو التخلص من جميع الأصول الأمريكية.
- هذا يعني أن الصينيين سيحتاجون إلى استبدال دولاراتهم من خلال عملات أخرى مثل اليورو أو الجنيه الإسترليني أو حتى اليوان، ومن شأن ضخ المزيد من الدولارات في سوق الصرف أن يؤدي إلى إضعاف قيمة العملة الأمريكية.
- سيكون لذلك تأثير آخر مهم يفضله "ترامب" كثيرًا، فمع انخفاض قيمة الدولار ستتراجع تكلفة الصادرات الأمريكية وتصبح أرخص بالنسبة للمستهلك الأجنبي، لكنه أيضًا سيؤدي إلى رفع أسعار الواردات التي تستقدمها الولايات المتحدة.
هذا ما تريده أمريكا بالضبط
- يرغب "ترامب" بالفعل في زيادة الصادرات الأمريكية والحد من الواردات، وقال إنه على استعداد لتحقيق هذا الهدف من خلال رفع الرسوم الجمركية، ومن شأن إضعاف الدولار دفع الأمريكيين لتقليل اعتمادهم على السلع الأجنبية، وتشجيع الأجانب على شراء المنتجات الأمريكية.
- يبدو أن مسؤولي الإدارة الأمريكية يدركون ذلك، وهو السبب في دعوة وزير الخزانة "ستيفن منوشن" إلى إضعاف الدولار خلال المنتدى الاقتصادي في "دافوس" العام الماضي.
- عند مرحلة ما، سيصبح الدولار ضعيفًا بحيث تتوازن الواردات الصينية مع زيادة صادرات الولايات المتحدة، وسيتم القضاء فعليًا على العجز التجاري بين البلدين، وهو أحد الأهداف الرئيسية لـ"ترامب".
- سيكون ذلك مؤلما بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين، تمامًا كما هي التعريفات الجمركية، لكن السبب المباشر لهذا الألم هو الصين وبيعها لسندات الخزانة الأمريكية وليست الرسوم التي يفرضها "ترامب" على الواردات الأجنبية.
- باختصار، إذا قررت الصين بيع حصة كبيرة من سندات الخزانة الأمريكية، فإنها ستفعل الكثير لتحقيق أهداف "ترامب"، أكثر حتى ما ستفعله التعريفات التي قد يفرضها.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}