هناك سيناريوهأن مقلقان حول الديون العالمية التي بلغت مستوى مرتفعًا تاريخيًا؛ أحدهما يقول إنه في ظل انخفاض الفائدة سينتهي الأمر إلى تفاقم معدلات التضخم، على عكس ما يعتقد به آخرون، بأن هذا الوضع سيؤول إلى انكماش الأسعار، بحسب تقرير لـ"فايننشال تايمز".
ومع ذلك، فهناك مَن يتوقع ألا تكون النهاية مأسوية على أحد الجانبين (تضخم متفاقم أو منكمش)، على الأقل في البلدان التي تحظى بقدر كبير من الثروة والقروض المقومة بعملتها المحلية، وهو رأي يؤيده المستثمر الملياردير "راي داليو".
التاريخ يعيد نفسه
- حذّر كبير الاقتصاديين السابق لدى بنك التسويات الدولية "وليام وايت"، من مخاطر قبل الأزمة المالية، وفي العام الماضي أعاد التحذير من أزمة جديدة، مشيرًا إلى استمرار نمو ديون القطاع غير المالي، وخاصة الحكومات والشركات في البلدان ذات الدخل المرتفع والشركات في الاقتصادات الناشئة.
- بالنسبة للدول الناشئة، فهي معرّضة للخطر بشكل أكبر من غيرها؛ لأن الكثير من قروضها بالعملات الأجنبية، ما يسبب عدم تطابق لبند العملة في موازنتها العمومية، وفيما تعزز السياسة النقدية الإقدام على المخاطرة، فإن التنظيم لا يشجع، وهو وضع محفز لعدم الاستقرار.
- في أوائل السبعينيات، عندما أراد الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون" الفوز بولاية ثانية، ضغط على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "آرثر بيرنز" للمساعدة في تحقيق طفرة اقتصادية، وشن حربًا تجارية عبر خفض قيمة العملة والحمائية، وتلا ذلك عقد من الاضطرابات العالمية.
- توقع عدد قليل من المراقبين حركة التضخم الصحيحة في السبعينيات، لكن مع استقراره عند مستويات منخفضة خلال الستينيات هدأت المخاوف من تفاقمه، رغم تراجع البطالة إلى مستويات متدنية للغاية (كانت عند أدنى مستوياتها في الولايات المتحدة بحلول عام 1969).
- يشير البعض إلى أن "منحنى فيليبس" (العلاقة قصيرة الأجل بين البطالة والتضخم) قد انتهى لأن البطالة المنخفضة لم ترفع التضخم، لكن التعبير الأكثر ترجيحًا هو أنه "مُعطل"، فتوقعات التضخم لا تزال راسخة، لكن زيادة كبيرة في الطلب ربما تطيح بالتوقعات.
النتيجتان المحتملتان
- ارتفاع التضخم سيكون له بعض الجوانب المفيدة، فمن شأن قفزة مفاجئة في معدل نمو الأسعار أن تقلل من تراكم الديون، وخاصة الدين العام، تمامًا كما فعل التضخم في سبعينيات القرن الماضي.
- تعرف البنوك المركزية ما يجب القيام به استجابة لارتفاع التضخم، ومع ذلك، فإن ارتفاع التضخم قد يؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة الاسمية طويلة الأجل، كما ستقفز معدلات الفائدة قصيرة الأجل كما حدث في أوائل الثمانينيات.
- حينها، سوف ترتفع تكلفة المخاطرة، وقد تنهار أسواق الأسهم المرتفعة كثيرًا، وسيصبح سوق العمل أكثر عُرضة للاضطراب والتأثر بالسياسة، وبشكل عام ستكون هناك فوضى غير متوقعة وهزات في سوق الصرف، وربما تضيع الثقة في المؤسسات العامة وخاصة البنوك المركزية، وسينتهي الأمر إلى ركود حاد.
- بالنسبة لسيناريو انكماش التضخم، فقد يبدأ بصدمة اقتصادية حادة، مثل حرب تجارية متفاقمة وصراعات عسكرية في بعض مناطق العالم، أو أزمة في التمويل الخاص والعام، ربما في منطقة اليورو التي يخضع بنكها المركزي لبعض القيود، والنتيجة النهائية ستكون ركودًا حادًا أيضًا وتفاقم عبء الديون.
كيفية الاستعداد للأزمة
- الصعوبة الآن هي في معرفة كيفية الاستجابة للسيناريوهات المختلفة، بالنظر إلى أن أسعار الفائدة منخفضة بالفعل، وقد تكون السياسة التقليدية (خفض الفائدة قصيرة الأجل) والسياسة غير التقليدية (شراء الأصول) غير كافية للتعاطي مع المتغيرات.
- توجد مجموعة أخرى من الاحتمالات، مثل الهبوط بأسعار الفائدة إلى مستويات سالبة، وإقراض البنوك بأسعار أقل؛ مما يدفع بها البنك المركزي على ودائعها، وشراء مجموعة واسعة من الأصول بما في ذلك العملات الأجنبية، واستخدام هليكوبتر المال.
- أغلب هذه الحلول سيكون بمثابة مشكلة فنية أو سياسية، وسيحتاج لتعاون وثيق بين البنوك المركزية والحكومات، التي إذا تصرفت ببطء شديد (أو لم تستجب أصلًا) سيقع الكساد، كما حدث في الثلاثينيات، بسبب الإفلاس الجماعي وتفاقم قيمة الديون.
- الحقيقة التي نغمض أعيننا عنها، هي أن أيًا من الكوارث المحتملة أمر لا مفر منه على الإطلاق، فقط سيكون على العالم اختيار الطريق الذي سيمضي فيه، ووفقًا لـ"راي داليو" فإن السياسة المالية والنقدية ستتعاونان لتوليد نمو غير تضخمي.
- بعض التغييرات في الحوافز المالية من شأنها تثبيط الديون وتشجيع الأسهم، ويمكن للسياسات الحكومية أن تحول الدخل نحو الإنفاق لتقليل الاعتماد على فقاعة الأصول التي تغذيها الديون بغرض الحفاظ على الطلب.
- حتى إذا ارتفعت أسعار الفائدة الحقيقية، فإن تأثير النمو القوي غير التضخمي على عبء الديون سيتفوق بشكل شبه مؤكد على خيار الانتقال إلى أسعار فائدة أعلى، وسيتمكن العالم من تجنب الركود واسع النطاق لصالح وضع آخر أقل سوءًا.
- ليس من الضروري تكرار أخطاء الثلاثينيات أو السبعينيات، لكن البشر ارتكبوا ما يكفي من الأخطاء بالفعل، وبشكل جماعي، يرتكبون ما يكفي حاليًا للمخاطرة بالوصول إلى أي من النتيجتين المحتملتين، وربما الاثنتان معًا.
- يبدو انهيار النظام الاقتصادي والسياسي العالمي أمرًا ممكنًا، لكن من المستحيل حساب التأثير على الاقتصاد العالمي المثقل بالديون والسياسة المشحونة بشكل متزايد، ومع ذلك، فالأمر الأكثر إثارة للقلق هو عدم القدرة على التعاون إذا سارت الأمور على نحو خطير.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}