كثيرًا ما تسيطر بعض الأفكار على أذهان المنتجين أو المستهلكين على الرغم من عدم صحتها، ويحاول كتاب "الاقتصاد الغريب: اقتصادي مارق يوضح بعض الجوانب الخفية للاقتصاد" للكاتب "ستيفين ليفيت" دحض بعض الأفكار الرئيسية في ذهن المستهلكين بالذات.
والكتاب صدر للمرة الأولى عام 2005 واستمر كاتبه في تحديثه وتغيير فصوله للمواكبة مع التطورات الاقتصادية، ووصلت مبيعاته حتى 7 ملايين نسخة ليكون أحد أكثر الكتب الاقتصادية مبيعاً على الإطلاق.
لا شيء مجاني
ومن بين المسائل التي يشير الكتاب إليها هو "اعتقاد" المستهلكين أنهم قد يحصلون على بعض الخدمات المجانية، بما في ذلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما، وقنوات التلفاز التي تأتي عبر الأثير بلا اشتراك شهري.
أما في حالة "فيسبوك" و"تويتر" فإن السلعة الرئيسية التي تبيعها تلك المواقع هي الـ"داتا" أو البيانات التي يضعها المستخدمون، والذين يوقعون لدى إنشاء حساباتهم على تنازل عن كافة البيانات التي يضعونها على الموقع والتي تعتبر بمثابة ملكية خاصة لمواقع التواصل الاجتماعي.
ويشير الكتاب إلى أنه إذا ما تم حساب قيمة تلك المادة، وقيمة الإعلانات التي يحصدها "فيسبوك" فإن قيمة الاشتراك التي يدفعها كل شخص شهرياً للموقع العملاق ستتراوح بين 15-70 دولاراً (وفقاً لحجم الإعلانات التي يتعرض لها كل مستخدم).
أما فيما يتعلق بالشبكات التلفزيونية المجانية فإن أرباحها تقل عن تلك التي تعتمد على الاشتراكات بنسبة 20% تقريباً في الولايات المتحدة، ولكن الربحية بها أكبر بنسبة الربع، لقدرتها على التحكم في النفقات بصورة أكبر وتقديم محتوى متفاوت الجودة وبالتالي السعر للمشاهد، دون أن تخشى توقف الاشتراكات.
المستهلك السيئ
في كثير من الأحيان يعتقد المستهلك أنه يقوم "بما يلزم" من البحث من أجل الحصول على أفضل سلعة، ولكن اللافت هنا أن أولويات المستهلكين قد تكون "غريبة" بعض الشيء، ففي الوقت الذي يبحث 70% من المستهلكين عند شرائهم لمواد البقالة عن أفضل قيمة (أو سعر) فإنهم لا يفعلون ذلك مع سلع أغلى.
وتقل نسبة الباحثين عن أفضل "قيمة للمال" عند شراء الجوالات إلى 25% فحسب على الرغم من ارتفاع سعر الأخير عن مواد البقالة العادية بكل تأكيد، بل يصل الأمر إلى تراجعها في حالة بعض السلع المعمرة إلى أقل من ذلك، ليعتمد المستهلك على خبرات الأصدقاء والمعارف أو الإعلانات فحسب.
وفي حالة سلع الاستقراب (مثل البقالة) يميل المستهلك إلى تكوين "صورة ذهنية" حول المنتجات بنسبة لا تتعدى 40%، فيقرر شراء منتج باستمرار لأنه رآه "في مرحلة ما" الأفضل بالنسبة إليه، دون أن يتحرى البدائل الجديدة في السوق أو حتى يرى مدى تطور المنافسين أو المنتج الذي اعتاد شراءه.
ويرجع هذا في رأي الكتاب إلى قدرة المنتجين على محاصرة المستهلك، من خلال الرسائل التي تخاطب الوعي وتلك التي تستهدف اللاوعي، بما يجعله في كثير من الأحيان يبدو "منقاداً" نحو شراء سلع بعينها، دون القيام بالحسابات اللازمة.
مهن سيئة
وفي كثير من الأحيان ينفق المستهلك المال "لأسباب عاطفية" ومنها أن قُرابة نصف الآباء يشترون الملابس وألعاب الأطفال لكي لا يشعر الابن بالحزن أو لكي يشعر بالسعادة، ولذلك غالباً ما تقترن إعلانات ألعاب الأطفال لصور لهم وهم يلعبون "سعداء"، بعيداً عن استعراض خصائص السلعة بشكل محدد.
ويرى الكاتب أن المستهلكين لا يتعرضون للخداع فيما يتعلق بالسلع التي يشترونها فحسب، بل في الأجور التي يتلقونها، مشيراً إلى أنه يمكن لنصف الشركات الكبرى على الأقل في الولايات المتحدة زيادة الحد الأدنى للأجور بها (مثلما فعلت "أمازون) دون أن تتضرر نتائج أعمالها تقريباً.
في الوقت الذي يقبل فيه كثيرون على العمل كسائقين في "أوبر" للحصول على دخل إضافي، يرى الكاتب أن الأمر كله "خدعة" وأن هناك مهناً سيئة بطبيعتها ومن بينها العمل كسائق (في الولايات المتحدة)، حيث يحصل من الشركة على دخل يقل 20% عن نفس دخله إذا ما عمل سائقاً في شركة خاصة.
وعلى الرغم مما يوفره العمل الحر (مثل أوبر) من مزايا مرتبطة باختيار مواعيد العمل وعدد ساعاته، فإن التضحية بالأجر غالباً ما تكون كبيرة نسبياً إذا ما تمت مقارنتها بمهن ذات مرونة في العمل مثل العمل في الاستشارات الإدارية والمحاسبية وغيرها.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}