خلال احتفالات الكريسماس لعام 2006، كان المصرفيون الاستثماريون في "وول ستريت" في أوج ابتهاجهم، بعد عام قياسي من تقديم خدمات المشورة بشأن صفقات الاستحواذ والدمج المربحة بالإضافة إلى أعمال الطرح العام الأولي لشركات مثل "ماستركارد" و"هرتز"، بحسب تقرير لـ"التلغراف".
في ذلك الوقت، حقق مصرف "جولدمان ساكس" أرباحًا قياسية بلغت 9.5 مليار دولار، ودفع 16.5 مليار دولار من الأجور والبدلات والمكافآت لموظفيه أو ما يعادل 623 ألف دولار لكل موظف، لقد كان أداءً مميزًا لهذا العام.
تراجع مكاسب البنوك
- يقول رئيس مجلس إدارة "هولاند آند كو" للاستثمارات "مايكل هولاند" إنه لا يمكن تقديم أفضل من ذلك، وهو ما يبدو منطقيًا، فالأمر لا يتعلق باللوائح التنظيمية الجديدة التي نتجت عن الأزمة المالية وأثرت على القطاع برمته وأطاحت بعدد من الشخصيات البارزة فيه.
- في هذه الأيام، أصبح على كبار "وول ستريت" الذين أعيد تشكيلهم بعد الأزمة، التعامل مع مصدر قلق جديد وهو وادي السليكون، ورغم أن الاكتتابات لشركات التقنية مثل "أوبر" و"ليفت" تحقق رسومًا كبيرة للمصارف فإن القوة الصاعدة لها تحد من هذه المكاسب.
- خلال عام 2017، حققت بنوك الاستثمار 7.3 مليار دولار من الطروحات العامة الأولية، وهو مستوى ليس بسيئ، لكنه يشكل تراجعًا بنسبة 43% منذ عام 2000، عند تعديل البيانات وفقًا للتضخم.
- شكلت الاكتتابات نحو ربع عائدات المصارف الاستثمارية ذات مرة، لكن في السنوات الأخيرة هبطت هذه الحصة إلى 15%، بحسب موقع "سكينغ ألفا"، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحجم الهائل للعديد من شركات التقنية، التي تتسابق البنوك لتسجيلها كعملاء لديها، ما يجبرها على خفض الرسوم.
- عندما قرر "مارك زوكربيرغ" طرح أسهم "فيسبوك" في البورصة عام 2012، اضطر مصرفا "مورجان ستانلي" و"جولدمان ساكس" وغيرهما إلى تقليص الرسوم إلى 1.1%، وهو مستوى منخفض للغاية، ويقارن بنحو 7% اعتادت المصارف فرضها على عمليات الاكتتاب.
البحث عن البدائل
- يتطلع العديد من رواد وادي السليكون إلى بنوك "وول ستريت" التي تقدم لهم عروض منخفضة التكلفة مثلما حدث مع "فيسبوك"، وهذا هو السبب وراء بحث عدد متزايد من شركات التقنية بما في ذلك "سوبتيفاي" و"سلاك" عن بدائل للاكتتابات العامة التقليدية.
- يقوم المصرفيون ببعض الأعمال القانونية المعقدة التي تتطلبها الجهات التنظيمية لإتمام عمليات الاكتتاب، وتقدم البنوك الاستثمارية خدمة حقيقية قد تكون ذات قيمة كبيرة لكنها غير ملموسة، فاقتران اسم المصرف المرموق بالطرح يُشعر السوق بالطمأنينة والمصدقية.
- إن تحديد سعر لهذه الخدمة ليس سهلًا على الإطلاق، لكن سلسلة من التقلبات الأخيرة في السوق والتي تضمنت أسماء بارزة في "وول ستريت" لا تكاد تساعدهم في إثبات أن الرسوم المفروضة مبررة أو ضروية على الإطلاق.
- في الخريف الماضي، قال مصرفا "جولدمان ساكس" و"مورجان ستانلي" إن قيمة شركة "أوبر" يمكن أن تبلغ 120 مليار دولار عند طرح أسهمها للاكتتاب، لكن مع التسعير الأخير للسهم كان الواقع كان أقل من ذلك بنحو 40 مليار دولار.
- حدث نفس الأمر مع الشركة المنافسة "ليفت" عند طرح أسهمها للاكتتاب، وبلغ سعر السهم 78 دولارًا في أواخر مارس الماضي، قبل أن يفقد نحو 25% من قيمته على مدار الشهرين التاليين.
الاستغناء عن وساطة البنوك
- في اتجاه مغاير، قرر مقدم خدمات الموسيقي السويدي "سبوتيفاي"، إدراج أسهمه بشكل مباشر في بورصة نيويورك، وسمح للسوق بتحديد السعر، بدلًا من بيع عدد معين من الأسهم لكبار اللاعبين في "وول ستريت" أولًا.
- كان نهج "سبوتيفاي" موفقًا، ورغم التحذيرات من عواقب الإدراج المباشر والمخاطر التي تحيط به من تقلبات مفرطة محتملة، قدم السهم أداءً جيدًا إلى حد كبير، وكانت المكافأة الإضافية هي توفير ملايين الدولارات من الرسوم التي تفرضها المصارف الاستثمارية.
- قد يفسر ذلك تفكير شركتي "سلاك" و"أفينيتي" في تبني نهج مماثل، وهو ما يوضح أسباب القلق المتزايد لدى بنوك "وول ستريت" بشأن المستقبل، إضافة إلى عدد من الأسباب الأخرى بالطبع.
- مع توافر السيولة النقدية في وادي السليكون بفضل شركات الأسهم الخاصة والمستثمرين المغامرين وصناديق الثروة السيادية، فإن العديد من اللاعبين في مجال التقنية سيختارون ببساطة تجنب سوق الاكتتاب العام، ما يعني أن المصارف ستطارد عدد أقل من الصفقات، ومنافسة أكبر على السعر.
- حيث تتعرض البنوك لضغوط من قبل شركات التقنية عبر صناعة الخدمات المالية برمتها، ما دفع الرئيس التنفيذي لـ"جيه بي مورجان"، "جيمي ديمون" للتحذير قائلًا: وادي السليكون قادم مع مئات الشركات الناشئة والكثير من العقول والأموال التي توفر بدائل للخدمات المصرفية التقليدية.
- تحذيرات "ديمون" لم تكن لفظية فقط، وسارع مصرفه لمواجهة التغيرات المحتملة، ويوظف "جيه بي مورجان" الآن ما يقرب من 50 ألف شخص في أعمال ذات صلة بالتقنية، ويضخ استثمارات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}