قد يبدو الاحتياطي الفيدرالي معترضًا على العودة إلى خفض أسعار الفائدة، لكن السؤال لم يعد ما إذا كان سيفعل ذلك أم لا، وإنما متى سيفعله، ورغم أنه يحبذ نهج الصبر، فكلما تأخر كان العالم في وضع أكثر خطورة، بحسب تقرير لـ"ساوث تشاينا مورنينغ بوست".
خُطى الاقتصاد العالمي نحو الانتعاش تتعثر بمرور الوقت، والمخاطر باتت كثيرة في أسواق الأسهم، وبدلًا من انتظار وقوع ما لا تحمد عقباه، فقد حان الوقت للبنوك المركزية لتعلن استعدادها لتخفيف سياستها مرة أخرى.
شكوك حول الاقتصاد العالمي والأمريكي
- البقاء في وضع استباقي هو أمر ضروري، لكن البنوك المركزية الكبرى لا تزال تخوض صراعًا عميقًا في الوقت الراهن، فالغريزة الطبيعية لها تدعوها إلى إعادة السياسات إلى ما كانت عليه سابقًا، بعد 10 سنوات من الإفراط في توفير السيولة.
- مع ذلك، فإن هناك عقبات رئيسية تقف في طريقها، إذ لا تزال الهزات التي تسببت فيها أزمة عام 2008 محسوسة في أرجاء النظام المالي، في حين أن الحرب التجارية العميقة بين الولايات المتحدة والصين تشكل تهديدًا متزايدًا للرفاهية العالمية.
- تأثرت الثقة الاقتصادية بقوة، فالتجارة العالمية في تراجع، ويتم تقويض الاستقرار العالمي، لذا فالوقت ليس مناسبًا لاكتفاء صانعي السياسات بالمشاهدة، ويجب على البنوك المركزية الرئيسية أن تتحد لوضع حد لهذا التدهور التدريجي.
- قد يكون سوق العمل في الولايات المتحدة يمر بظروف جيدة للغاية، لكن الاقتصاد ككل يظهر علامات التباطؤ في ظل عدم اليقين الذي تخلفه الحرب التجارية والمخاطر السياسية المتزايدة داخل الكونجرس الأمريكي.
- تفاؤل المستهلكين وثقة الشركات يترنحان ويفقد الاقتصاد الأمريكي زخمه، ولا يوجد تهديد تضخمي محلي يدعو الاحتياطي الفيدرالي للقلق، لذا يمكن للبنك المركزي أن يتحرك مبكرًا، لتكون نهاية هذه الدورة الاقتصادية أكثر هدوءًا.
دور الصين وأوروبا
- يمكن للصين أيضًا أن تكون أكثر سخاءً فيما يتعلق بالسياسة النقدية، ومع أنها حذرة الآن إزاء احتمالات خفض أسعار الفائدة مستقبلًا، فإن الضغط لتخفيف سياساتها سوف يتزايد بفعل تداعيات الحرب التجارية على الاقتصاد.
- يجب تجنب التباطؤ الاقتصادي الحاد بأي ثمن، والحفاظ علتى مستهدف النمو الذي حددته بكين عند 6% إلى 6.5% للعام الجاري، والذي يحتاج لخفض أسعار الفائدة وزيادة السيولة لإحداث فرق حقيقي.
- قد تتسامح بكين أيضًا مع بعض تقلبات العملة قصيرة الأجل، خاصة أن مخاطر التضخم لا تزال منخفضة، فهي بحاجة لتعزيز صادراتها مرة أخرى، لذا قد تسمح مؤقتًا بوصول سعر الصرف إلى 7 يوانات للدولار الواحد (يبلغ 6.90 يوان حاليًا).
- من ناحية أخرى، يجب على البنك المركزي الأوروبي النظر في إمكانية خفض أسعار الفائدة مرة أخرى لتعزيز الانتعاش الاقتصادي الضعيف، لا سيما في ظل الخطورة المنطوية على صعوبة انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومع ظهور تصدعات عميقة في نشاط قطاع الأعمال الألماني.
- بصفتها أكبر دولة مصدرة في العالم، تعد ألمانيا مركزًا رئيسيًا للأنشطة التجارية العالمية، والعلامات التي تظهرها حاليًا مثيرة للقلق، وعمومًا فإن الوحدة السياسية لأوروبا تتآكل، ما يثير علامات استفهام حول قدرة بروكسل على التعامل مع الأزمات الاقتصادية المقبلة.
لا بد من التحرك سريعًا
- يجب على البنك المركزي الأوروبي أن يعمل كدرع أخيرة، مع إبقاء سياساته النقدية ميسرة للغاية للحفاظ على الثقة، خاصة أن بعض اقتصادات اليورو تعاني من اضطرابات حقيقية مثل اليونان وإيطاليا.
- بالنسبة لليابان، فليس لديها خيار آخر سوى إبقاء سياستها النقدية ميسرة هي أيضًا، فمع وصول الدين الحكومي إلى 250% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن زيادة الإنفاق والتخفيضات الضريبية ليست خيارات قابلة للتطبيق.
- تنسيق السياسات بين البنوك المركزية هو السبيل الوحيد للمضي قدمًا الآن، حتى إذا تمكنت الولايات المتحدة والصين من التحرك سريعًا لتسوية خلافتهما التجارية، فلا تزال هناك فجوة كبيرة في إجمالي الطلب العالمي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}