بعد أربعة أيام من عرض صانعة السيارات "فيات كرايسلر" الاندماج مع نظيرتها الفرنسية "رينو"، اتصل مسؤول حكومي فرنسي بالشركة الإيطالية الأمريكية ليخبرها بأن باريس لن تُجبر على الدخول في أي صفقة محتملة، بحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال".
في الحقيقة، شعر وزير المالية الفرنسي "برونو لو ماير" بالضيق عندما قرأ في إحدى الصحف المحلية أن "فيات كرايسلر" تعتبر عرضها غير قابل للتفاوض، ليرد على رئيس مجلس إدارة الشركة "جون إلكان" على هامش أحد المؤتمرات قائلًا: بالنسبة للدولة الفرنسية، فإن جميع العروض قابلة للتفاوض.
الهيبة الوطنية لباريس
- المكالمة الهاتفية للمسؤول الفرنسي عكست تعرض خطط "إلكان" الجريئة لتغيير خريطة صناعة السيارات العالمية، لعقبات أكثر مما كان متوقعًا، ووجد رئيس مجلس الإدارة نفسه مضطرًا لتهدئة الحساسيات الوطنية ليس فقط في فرنسا ولكن في اليابان أيضًا، لإنزعاج "نيسان" شريكة "رينو" لعدم إبلاغها بالعرض مسبقًا.
- في ليلة الأربعاء، الخامس من يونيو، أعلن انهيار محادثات الاندماج بين الشركتين، حيث اصطدمت الخطط المالية الطموحة بالكبرياء السياسي، متسببة في حالة من عدم الثقة والامتعاض بين الطرفين، في وقت تحاول فيه الصناعة المجزأة الاستجابة لضغوط المنافسة العالمية المتزايدة.
- كان الغرض من عرض "فيات كرايسلر" هو منح الشركتين القدرة الكافية للتعامل مع تباطؤ المبيعات ومواجهة التحديات الكبرى في هذا المجال، مثل صناعة محركات أكثر كفاءة، وخفض الانبعاثات، وتحقيق الربح من السيارات الكهربائية، وإنتاج المركبات ذاتية القيادة والمتصلة بالإنترنت.
- فكرة "إلكان"، وهو سليل واحدة من أشهر عائلات الأعمال في أوروبا، للاندماج مع منافس فرنسي، كان هدفها بناء لاعب عالمي أكثر ثقلًا في صناعة السيارات، ورغم انفتاح الدولة الفرنسية على مبدأ الدمج، لكنها لم تر أي سبب للاندفاع أو تعرض تحالف "رينو – نيسان" للخطر.
- شعرت "نيسان" اليابانية بالتجاهل والتهديد إزاء الخطوة المفاجئة لـ"إلكان"، وأثيرت مخاوف الحكومة الفرنسية إزاء الهيبة الوطنية، لذا طالبت بالمزيد من الوقت للتفكير والتشاور مع الشريك الياباني، لكن "فيات كرايسلر" سحبت العرض لشعورها بالإحباط إزاء الدور المتزايد للسياسيين الفرنسيين.
رغبة "إلكان" الملحة
- كان من شأن الاندماج خلق كيان لثالث أكبر صانعة سيارات في العالم من حيث الإنتاج، بعد "تويوتا" و"فولكس فاجن"، وبعد فشل المحادثات تظل "فيات كرايسلر" في دائرة الضوء، حيث أعربت العائلة صاحبة الحصة المسيطرة عن رغبتها في عملية دمج تقلل حصتها.
- يريد "إلكان" البالغ من العمر 43 عامًا الحد من تعرض عائلته "آنجيلي-إلكان" لصناعة السيارات وتنويع استثماراتها المقدرة بمليارات الدولارات، وبدأ التواصل مع "رينو" بداية هذا الربيع بعدما اضطر "كارلوس غصن" للاستقالة من منصب الرئيس التنفيذي للشركة لاتهامه بارتكاب جرائم مالية في اليابان.
- في أوائل مايو، اتصل "إلكان" بخليفة "غصن" السيد "جان دومينيك سينارد"، وقال له: بما أن "رينو" و"فيات" كانتا تجريان محادثات في السابق حول مجموعة من المشاريع المشتركة، لماذا لا نناقش ترسيخ الروابط؟
- كانت هذه الكلمات بمثابة إشارة بدء المناقشات حول اتفاق اندماج مبدئي، وبعد أسابيع قليلة، التقى "سينارد" بالسيد "لو ماير" الذي يشرف كوزير للمالية على الممتلكات الصناعية الفرنسية، وكشف له عن مفاوضات الاندماج بينه وبين "إلكان".
- قال "سينارد للوزير" إنه يتوقع تقديم عرض من "رينو" قريبًا، فأخبره "لو ماير" أنه سينظر في العرض عند تقديمه، لكنه أكد على ضرورة أن يأخذ هذا العرض تحالف "رينو- نيسان -ميتسوبيشي" في الحسبان.
حسابات سياسية
- في السادس والعشرين من مايو، أرسل "إلكان" بريدًا إلكترونيًا بالعرض المقترح، وبحلول المساء أرسل "سينارد" بريدًا عن العرض إلى الرئيس التنفيذي لشركة "نيسان"، "هيروتو سايكاوا" الذي وصف العرض علانية بأنه "شيء إيجابي".
- لكن داخل الغرف المغلقة، وصف المسؤولون التنفيذيون للشركة اليابانية العرض بالخيانة، لكن تحفظهم في البداية على قول ذلك بوضوح أدى إلى اعتقاد "فيات كرايسلر" بأن "نيسان" لن تشكل عقبة في إتمام الصفقة، لكن الطرف الياباني اضطر خلال الأيام التالية للإفصاح عن غضبه للطرفين.
- بينما كانت الحكومة الفرنسية قلقة بشأن الإشارات المتباينة للجانب الياباني، اعتبرت "فيات كرايسلر" هذه الإشارات ذات دلائل إيجابية، واعتقد "إلكان" أن "نيسان" منفتحة بشأن صفقة الاندماج وأنه يمكن معالجة المشاكل المتعلقة بها لاحقًا.
- في غضون ذلك، أخبر "سايكاوا" السيد "سينارد" سرًا، أنه من غير المرجح دعم ممثلي "نيسان" في "رينو" لعملية الدمج خلال اجتماع مجلس الإدارة المقرر يوم الثلاثاء (اليوم السابق لإعلان انهيار المحادثات) لبحث الصفقة.
- بعد مباحثات بين مسؤولي "رينو"، وداخل الحكومة الفرنسية، حصلت "فيات كرايسلر" على موافقة أولية، وكانت في انتظار إقرار مجلس إدارة الشركة الفرنسية للصفقة، وهو أمر تأجل، قبل أن تطلب باريس مهلة 5 أيام للتفاهم مع الجانب الياباني.
- رأى "سينارد" أن المزيد من التأخير يشكل مخاطرة كبيرة قد تُنهي الصفقة، وهو ما حدث بالفعل، حيث تلقى رسالة من "إلكان" يخبره بأن "فيات كرايسلر" سبحت العرض، وقال مسؤول داخل الشركة الإيطالية إن المسألة لا تتعلق بمدة معينة، لكن الرفض جاء لغياب أساسيات التوصل إلى اتفاق.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}