بالنسبة لمحمد سليمان العمر، ليس «بيتك» هو الاسم المختصر لبيت التمويل الكويتي، بل «بيتي». فالرجل الذي يصف نفسه بأنه «جندي من جنود البنك وأحد أبنائه»، قضى معظم مسيرته المهنية في البنك، وظل لسنوات طويلة لا يعلو توقيعه إلا توقيع رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب السابق بدر المخيزيم.
ومع مغادرة المخيزيم لمنصبه قبل أشهر، بعد أشهر من التمهيد للقرار، التفتت الأنظار إلى صاحب التوقيع «التنفيذي» التالي. كان العمر منشغلاً بملفات كثيرة، ليس أقلها تعقيداً حلحلة بعض الملفات المعقدة، من قبيل مديونية مجموعة «عارف»، والانتقال بالبنك من مرحلة المواجهة بالمخصصات إلى مرحلة الحصاد.
وعند مفترق العهد بين مرحلتين، يبقى العمر في أساس المشهد الجديد في إدارة «بيتك». يواجه التشكيك بإنجازات البنك، ويؤكد على «روح التعاون» في البيت الداخلي للإدارة التنفيذية.
وعن منصب «العضو المنتدب» الذي ظل شاغراً بعد مغادرة المخيزيم منصبه، اكتفى العمر بالقول إن المساهمين «ارتأوا أن يظل هذا المنصب شاغرا في الوقت الحالي، ولهم الحق أن يفعلوه في الظروف التي يحددونها».
ليس العمر ممن يفرطون في تصوير الحياة وردية، بل إنه يرفض الجزم، في مقابلة مع «الراي»، بأن 2011 سيكون عام نهاية الأزمة، ولا يخفي خشيته من الفقاعات التي قد تنفجر بين لحظة وأخرى، أو أن يصاب الاقتصاد بما يشبه انتكاسة المريض خلال تعافيه.
ومع ذلك، يبدي العمر ارتياحاً لما وصل إليه البنك حالياً. فالمخصصات البالغة 538 مليون دينار، والتي تقارب ثلث مخصصات القطاع، تقابلها حقيقة أن البنك «تمكن من مواصلة تحقيق نتائج طيبة رغم كل التحديات التي فرضتها الأزمة».
ويؤكد العمر ثقته في مستقبل الشركات التابعة للبنك، مشيراً في هذا الصدد إلى هيكلة ديون «عارف»، وبعض الشركات الأخرى، ويقول «بعد إعادة هيكلة ستتمكن من العودة إلى وضعها الطبيعي وتحقيق الربحية المجزية». وعن مستقبل تلك الشركات، يقول العمر إن البنك «يدرس بعض الخيارات سيعلن عنها في حينها وعندما تتبلور الرؤية بشكل كامل».
ولعلها مفارقة أن يشير العمر إلى البنك شارك في تمويل أربع محطات كبرى لإنتاج الطاقة في الخليج ثلاث منها في الإمارات بقيمة تقارب 9 مليارات دولار، فيما لا تزال عجلة التمويل المحلي لمشاريع التنمية على بطئها.
وفي ما يلي الحوار:
* رغم أن الاجراءات الاحترازية التي طبقها «بيتك» في شأن بناء المخصصات تبدو ملائمة في ظل تداعيات الأزمة، الا ان البعض يرى فيها نتيجة لتمويلات كانت تحتاج الى دراسة اكثر مما بذل؟
- أعتقد ان هذا التصور يجانبه الصواب كثيرا، فـ «بيتك» مؤسسة مالية كبرى تعمل في الاقتصاد الحقيقي، وكل المشاريع التي يمولها البنك أو يستثمر فيها موجودة على أرض الواقع، ولا نتعامل بالأدوات المالية التي تعد في مفهومها منتجات ورقية. والى ذلك يمكن القول ان العالم كله دخل في أزمة مالية أصابت الهياكل الرئيسية في اقتصادات اسواقه وتأثرت بها كل دول العالم، ولم ينحصر تأثيرها في أجزاء معينة، ومن ثم كان من الطبيعي من مؤسسة بحجم «بيتك» تتسع اصولها لتشمل العديد من الاسواق الاقليمية ان تكون لديها مستويات اضافية من المخصصات، كاجراء احترازي.
* لكن من الواضح ان «بيتك» يتصدر البنوك من حيث المخصصات المتراكمة كما في 31 مارس الماضي، بمبلغ 538 مليون دينار وبنسبة 32 في المئة من اجمالي المخصصات، الا تعتقدون ان هذه المستويات أكثر من احترازية؟
- بالتأكيد هي مخصصات احترازية، فنحن نتحدث بشكل واضح وبمنتهى الموضوعية والشفافية، ولنفكر بصوت مسموع وبشكل صريح، كيف أحقق نتائج جيدة في بيئة تعاني من مشاكل حقيقية؟ مع الأخذ في الاعتبار أن الأزمة اتسعت كما اشرت الى جميع القطاعات الاقتصادية وفي معظم دول العالم، وفي اطار ذلك تأثر العقار والصناعة والسياحة وأسواق المال، فالأزمة المالية تعد اسوأ أزمة اقتصادية مرت على أسواق العالم منذ الكساد العظيم، لكن في الوقت نفسه أرجو ألا يغيب عن الذهن أن «بيتك» وبحمد الله تمكن من مواصلة تحقيق نتائج طيبة رغم كل التحديات التي فرضتها الأزمة المالية، فحتى في ظل الأزمة حقق «بيت التمويل» أرباحا بمستويات نراها جيدة، انعكست في التوزيعات على المساهمين سواء نقدا او اسهم منحة، وكذلك، فان عوائد البنك هي أعلى من متوسط ما هو سائد في السوق.
الوضع الطبيعي
* في قراءة بسيطة للبيانات المالية، يتضح ان علة «بيتك» في أداء الشركات التابعة، فما خططكم لمعالجة أوضاع هذه الوحدات؟
- ليست شركاتنا وحدها التي تأثرت، بل السوق كله، وهناك شركات تشغيلية حققت أرباحا جيدة مثل «الافكو» و«النخيل» وغيرهما، وشركات تأثرت من جانب معين واخرى من جوانب عديدة. وفي «بيتك» نتعامل مع هذه الشركات بمنطق الحزم والثقة، الثقة في مستقبل هذه الشركات، فنحن لم نؤسسها من فراغ. لقد انتهينا بفضل الله من هيكلة ديون «عارف»، وبعض الشركات الأخرى لديها مشاكل، وبعد اعادة هيكلة ستتمكن من العودة الى وضعها الطبيعي وتحقيق الربحية المجزية، كما ندرس بعض الخيارات في شأن المستقبل سنعلن عنها في حينها وعندما تتبلور الرؤية بشكل كامل.
ما أريد أن أقوله انه في ظل الظروف الحالية قد يكون اتخاذ قرارات معينة دون دراسة كافية نوعا من التسرع، لان كل شركة تعمل في سوق له طبيعة مختلفة، وهناك أسواق نهضت وتحقق أداء جيدا، لكن أسواقا أخرى مازالت تعاني من مشاكل في التمويل أو الركود.
إيرادات الميزانية
* لأكثر من سبب أولها المشهد السياسي، يعتقد البعض بوجود معوقات قد تؤجل انطلاقة مشاريع التنمية. أمام ذلك ما مخطط «بيتك» لتنشيط قدرته التشغيلية في السوق المحلي وتعويض هذا التأخير؟
- لاشك أننا في «بيتك» نولي أهمية كبرى للأداء التشغيلي، وهذا ما زاد الايرادات في البيانات الأخيرة للبنك في الربع بحيث تتوافر بدائل أمام متخذ القرار. ولذلك فاننا نمضي في تنفيذ خططنا وفق المتاح والممكن وحسب الجداول الموضوعة.
ونحن نؤكد دوما استعدادنا للمساهمة بشكل فاعل ومؤثر في خطة التنمية ومشاريعها، ونتمنى أن تزول جميع المعوقات التي تحد من مشاريع التنمية واغتنام فرص الخطة التي تعتبر الأكبر في تاريخ الكويت، والتي تتوافق عليها السلطتان، الحكومة ومجلس الأمة، كما أنها تحظى بترحيب شعبي، وتنسجم مع رؤية سمو أمير البلاد لعودة الكويت مركزاً مالياً مؤثراً في المنطقة.
ومن حيث المبدأ ننطلق في تنمية ادائنا التشغيلي من خبرات متراكمة ومعمقة في تمويل مشروعات حيوية ضخمة ترتبط بالبنية التحتية وتخدم التوجهات التنموية للمجتمعات التي تعمل فيها. اذ ترتبط بخطط النهضة والتطوير في مجالات البنى التحتية والنقل والاتصالات والطاقة والتطوير العقاري والصناعة وغيرها.
ولقد حقق» بيتك» نجاحات كبيرة على مستويات عديدة في هذا المجال، فقد شارك في تمويل أربع محطات كبرى لانتاج الطاقة في الخليج ثلاث منها في الامارات «الشويحات» و«الطويلة» و«أم النار» والرابعة في البحرين وهي محطة «الحد»، وتبلغ قيمها الاجمالية نحو 9 مليارات دولار، كما ساهم في تمويل هيئة الشارقة للكهرباء والماء لبناء محطة جديدة لتوليد الكهرباء وانشاء محطات تقطير مياه جديدة بقيمة اجمالية 350 مليون دولار، ومشروع تطوير مطار اسطنبول ومشاريع تطوير عقاري ضخمة في ماليزيا والصين مثل «مديني» و«بننسولا»، بالاضافة الى مدينتين سكنيتين بمملكة البحرين «درة البحرين» و«ديارالمحرق» ومدينة الواحة الصناعية بحجم استثمارات يصل الى 5 مليارات دولار.
* في الوقت الذي تعوّل فيه البنوك على تحسن نشاطها الائتماني بتحسن الأسواق، لا يزال الانكماش الاقتصادي يفرض نفسه على العديد من الدول التي تتطلعون اليها، فأين تضعون استراتيجيتكم للنمو؟
- لـ «بيتك» طبيعة استثمارية تنطلق من نقاط قوة تجعل العنوان الأبرز لأعمالنا «التركيز على ما نتقنه»، مثل التركيز على العمل المصرفي في التجزئة وخدماته التي نتميز في تقديم معظمها، اذ لدينا منظومة متكاملة توفر معظم احتياجات الأفراد والشركات، كما نركز على التمويلات للشركات وللمشاريع الكبرى والتنموية ذات المردود الحضاري، بالاضافة الى الاستثمارات طويلة الأجل التي تحقق أفضل العوائد. ومن هنا، فنحن نعمل على بناء قواعد استثمارية وأنشطة وخدمات تمتد لسنوات وفي مجالات الاقتصاد الحقيقي وضمن المشاريع الحيوية والتنموية المهمة في المجتمع، ونحرص على بناء خبرات بشرية، فكما هو معلوم أن العمل المالي الاسلامي له خصوصيته ويعتبر العنصر البشري من أكثر مكوناته، وكل ما سبق يتطلب منا أن ندرس بعناية الأسواق التي نتوجه اليها واحتمالات تطورها على المديين المتوسط والبعيد.
وهكذا وتأكيدا لما قلته، لو نظرت الى تواجدنا في تركيا مثلا ستجد انه مضى عليه أكثر من 20 عاماً، وكذلك الأمر في البحرين وماليزيا، اذ ما زالت خطط التوسع والنمو مستمرة بعد سنوات من العمل.
* وما خططكم لمواجهة تحدي استمرار انتكاسة الاسواق؟
- التحسن وارد ومتوقع وهناك مؤشرات عديدة تدعو للتفاؤل، فأكبر الأزمات لن تتكرر مرة أخرى، على الأقل لن تتكرر بنفس الشكل أو الحجم، والخوف الآن من الفقاعات التي قد تنفجر بين لحظة وأخرى والخوف كذلك من استمرار التداعيات، فلا شك أن الأزمة كانت كبيرة ومتشعبة وطالت جوانب كثيرة، وهناك تداعيات سلبية لم تكن في الحسبان تحدث وتؤثر على الاقتصاد العالمي بما يشبه الانتكاسة التي تصيب المريض في مرحلة التعافي، ونحن نأخذ كل ماسبق في الحسبان عندما نرسم سياستنا للتوسع أوعند التفكير في الدخول الى أسواق جديدة.
ونحن في «بيتك» نطمح الى دخول أسواق جديدة في أوروبا، والى تكثيف عملنا في الولايات المتحدة وكندا بالاضافة الى تعزيز تواجدنا في الأسواق الخليجية، خصوصاً المملكة العربية السعودية، لكن من المؤكد أن الاتجاه الرئيسي سيكون تدعيم تواجدنا في الأسواق التي نعمل فيها حاليا مثل البحرين وماليزيا وتركيا، واتخاذها مرتكزات ونقاط انطلاق الى الأسواق القريبة مع توسيع دورنا فيها. فعلى سبيل المثال، صرنا موجودين فعلياً في ألمانيا من خلال «بيتك- تركيا»، وكذلك نعمل الى أن يكون «بيتك- ماليزيا» أداة للوصول الى الصين واستراليا بالاضافة الى بقية دول جنوب شرقي آسيا.
الطريق الصحيح
* أي المجالات تركزون عليها في خدمة عملائكم لاسيما في ظل ارتفاع وتيرة المنافسة المصرفية محليا وعالميا؟
-أعتقد ان المنافسة واقع يومي يعيشه «بيتك»، سواء من قبل البنوك الاسلامية التي أصبحت تعمل في السوق الآن أو حتى من البنوك التقليدية، لكن الملاحظ وبشكل دائم ان حصة بيتك بفضل الله في نمو مستمر، وان قيام بنوك اسلامية جديدة لا يقتطع من حصتنا بل يضيف اليها، لأن الأمر في نهايته يشجع على اعتماد التعاملات المالية وفق الشريعة، وحين تأتي التعاملات الاسلامية الى ذهن ذلك العميل، يبدو أمامه «بيتك» على الفور، وبالتالي ففي الوقت الذي نؤكد فيه اننا الأقدر في مجال المنافسة، فنحن كذلك نعمل دوما للحفاظ على ما وصلنا اليه والبناء عليه لتحقيق نجاح بعد الآخر.
ومن المعلوم ان «بيتك» يتميز بريادة في العمل المالي الاسلامى وبالتالي فان جميع المنتجات والخدمات المتوافقة مع الشريعة الاسلامية تعتبر مجال عملنا الذي نرى أننا نتمتع فيه بنمو متزايد واقبال كبير من العملاء، وفى مجالات بعينها مثل التمويل العقاري أوالخدمات التجارية أو الصناديق الاستثمارية أو تمويل الشركات أو خدمات الأفراد بما في ذلك تقديم مجموعة متكاملة من المنتجات التي تناسب أفراد الأسرة كافة وتولي اهتماما رئيسيا بالمرأة باعتبارها كيانا اقتصاديا مهماً وتتخذ أو تشارك في أهم القرارات المصيرية للأسرة، كما أن «بيتك» يستطيع أن يوفر احتياجات العملاء بكافة مستوياتهم ومن جميع الفئات تقريبا وبمستوى عال من الجودة والكفاءة.
ومن القواعد الأساسية لتوجهاتنا في المرحلة الحالية ومستقبلا، مجال تثمير أموال العملاء وتوفير احتياجاتهم المصرفية والاستثمارية والتمويلية ومساعدة الشركات عن طريق توفير التمويل اللازم أو اعادة الهيكلة وطرح منتجات متطورة تضع حلولا لقضايا التمويل في ظل الأزمة الحالية مثل الصكوك وغيرها.
خبرات متراكمة
* أي القطاعات التي تخططون للتركيز عليها مستقبلاً؟
- سنعمل بكل جهد لتوسيع حصة «بيتك» في سوق التمويل خصوصاً الشركات التي لدينا فيها كما أوضحت سابقا خبرات متراكمة وكبيرة، كما سنركز على المجالات التي ننفرد بها على مستوى السوق خصوصاً في مجال خدمات السيدات والتمويل والتقييم العقاري بالاضافة الى التمويل التجاري للأفراد في السلع الأساسية المختلفة.
وسنركز على قطاع الخدمات خصوصاً تلك التي تحقق قيمة مضافة لـ «بيتك» وعملائه كما نتوجه الى توظيف اكبر لخبراتنا وتجاربنا في مجال عملنا الاساسى، وتقديم من خلال ذلك رؤى وحلول مالية تناسب المرحلة، خذ مثلا توجهنا لمنتج الصكوك وسعينا الحالي لاقرار تشريع يسمح باصدار الصكوك في الكويت، وهذا سيوفر مصادر تمويل للشركات التي لديها أصول وتتردد في بيعها بسبب انخفاض القيمة،كما سيتيح انشاء سوق ثانوي بعد ذلك لتبادل الصكوك وتداولها ما سيوفر سيولة متزايدة للمستثمرين خصوصاً في صكوك المشاركة.
* هل لديكم مخاوف من تأثير الاضطرابات السياسية على استثماراتكم بالبحرين؟
- أعتقد ان تأثيرات الأحداث التي مرت بمملكة البحرين الشقيقة تلاشت في الوقت الحالي بعد عودة الأمور الى طبيعتها ومساندة دول مجلس التعاون بالاضافة الى اتخاذ خطوات جدية لتفعيل الحوار الوطني والحفاظ على وحدة البلاد. وبشكل عام خططنا مستمرة ولم تتغير، ونولي أهمية كبيرة لتواجدنا في السوق البحريني ونعتبر أنه امتداد للعلاقات التاريخية والروابط الاجتماعية بين الدول الخليجية، أعمالنا لم تتأثر وخططنا مستمرة، ونحن على ثقة في حكمة القيادة البحرينية وقدرتها على تجاوز تداعيات الأحداث.
وهنا اود ان اشير الى ان «بيتك- البحرين» بدأ في عملية انشاء 3 آلاف وحدة سكنية ضمن مشروع ديار المحرق الذي يوفر المساكن لآلاف الأسر البحرينية وكذلك فان مشاريع عديدة تنفذ من قبل «بيتك - البحرين» تمضى وفق جداولها دون ابطاء أو تأخير، وهذا يؤكد اننا نثق في الاقتصاد البحريني.
* بصراحتكم المعهودة وبعيدا عن الديبلوماسية، أين ترى «بيتك» محليا واقليميا؟
- أنا لا أرى «بيتك» من باب الترتيب في ان يأتي مثلا رقم 1 أو 2، ولكني أراه في ما حققه من انجازات نوعية على مدى مسيرته حالة فريدة ومتميزة ربما لن تتكرر. فعالميا يعد «بيتك» من البنوك الاسلامية الرائدة، وعلى المستوى المحلى يحتل الحصة الكبرى في العديد من المجالات ما يجعله في المقدمة والصدارة بين البنوك، كما انه ينفرد في مجالات أخرى لا يستطيع أن يجاريه فيها بنك اخر، لا أتحدث هنا عن الجانب الشرعي في المعاملات فقط، وانما أيضا أتحدث عن جودة الخدمة وشموليتها وتنوعها وانتشارها، أتحدث عن مستوى ولاء عال من العملاء تجاه البنك وعلى الجانب الاخر التزام ومهنية في العمل وتطبيق حرفي للتعليمات والضوابط التي تحقق مصلحة المؤسسة والعميل والمساهم في وقت واحد.
باختصار «بيتك» يوصف بأنه صانع سوق ويعرف بأنه «هارفارد البنوك الاسلامية». ويقوم منهجه العملي على فكرة «اعمار الأرض»، وهي رؤية تجمع بين الهدف الاقتصادي والتنموي في وقت واحد، كما أن بيتك يعتبر المرجع في مجال المعاملات الشرعية وفي بعض المنتجات مثل العقار وغيرها.
وعامة لا يمكن أبدا أن تقارن «بيتك» مع آخرين. كانت الطريق ممهدة بالنسبة لهم والظروف مهيأة وحتى تركيبة الخدمات والمنتجات جاهزة ومحددة، نحن نتحدث عن «بيتك» البنك الذي عاش جل مسيرته يسبح في تيار معاكس ويشكك في ما ينجزه وفي استمراريته، لكنه الآن من اكبر البنوك الاسلامية على مستوى العالم، ووضع أسس الصيرفة الاسلامية على مستوى الكويت والمنطقة برمتها.
واذا نظرنا الى الأرقام والمؤشرات فاننا بصدق متميزون بشكل كبير، من حيث حجم العملاء وعدد المنتجات، ومجمل الأصول. فلدينا الحصة الكبرى من الودائع على مستوى السوق كما هي حصتنا في مجال البطاقات المصرفية وغيرها من مجالات العمل التي يأتي فيها «بيتك» دائما في المقدمة.
* اذاً هل يمكن القول ان الأزمة باتت وراء ظهر «بيتك» وان 2011 ستكون سنة التحول الى عهد ما قبل الأزمة من حيث معدلات الربحية؟
- أنا على ثقة بأن الأمور في تحسن ومتفائل، لكن لا تستطيع أن تجزم بأن 2011 فعلا نهاية الأزمة، نحن نأمل في ذلك، وما استطيع أن أؤكده أننا في «بيتك» نبذل أقصى جهودنا لتحقيق أفضل العوائد الممكنة والعودة الى مستويات الربحية السابقة بعد الدراسة المتأنية للمخاطر وحركة الأسواق، لكن ذلك سيستغرق بعض الوقت، ولن يتحقق بسهولة، خصوصاً في ضوء تأثر «بيتك» بما يتعرض له الآخرون في السوق المحلي والدولي، اننا نبني مخصصات احترازية لمواجهة الظروف وهذا كفيل بتجنيب «بيتك» مخاطر عديدة ووضعه على ارض صلبة في ظل ظروف متغيرة بشدة.
كيان ضخم
* بعد مضي 3 أشهر على تشكيل الادارة الجديدة يجرنا الحديث الى السؤال عن مجلس الادارة الجديد، وبمعنى اخر، بعد ان ترك بدر المخيزيم مقود الرئاسة، أين يقع دور محمد العمر في الخارطة الجديدة وهل هناك أي متغيرات في ادارة البنك المعتادة؟
- يهمني جداً في اجابتي عن سؤالك أن أتوجه بالشكر الجزيل لبدر المخيزيم على كل ما قدمه خلال مسيرته العملية في «بيتك» منذ تأسيسه كأول مؤسسة مالية تعمل وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية في الكويت، وهو عطاء لا يتوقف عند تأسيس مصرف اسلامي محلي من منظور جغرافي ضيق، بل يتجاوز ذلك الى تأسيس كيان مالي ضخم يمتلك شبكة فروع محلية وخارجية تتجاوز 220 فرعا الآن، وشركات تابعة تعمل في معظم قطاعات الاقتصاد الحقيقي، وأرسى مع المؤسسين الذين زاملوه منذ نشأة «بيتك» منهجا في الفكر والادارة أصبح مثالا يحتذي، ولا شك أن تركه لموقعه كرئيس لمجلس الادارة والعضو المنتدب وقع مؤلم لنا نحن الذين عملنا معه وتعلمنا منه الكثير، لقد كان بالنسبة لي أخ اكبر والحقيقة تعلمت منه الكثير وهو شخصية معطاءة ومتعدد الخبرات والقدرات.
وعطفا على سؤالك أؤكد أن بدر المخيزيم لن يكون بعيدا عن «بيتك « فهو المسؤول عن ادارة «بيتك - السعودية» و«بيتك - البحرين» أما بخصوص دور محمد العمر خلال المرحلة المقبلة، فأنا جندي من جنود «بيتك» واحد أبنائه، ومن خلال خبرتي وخبرة زملائي وأعني الفريق الذي اعمل معه من خلال الجهاز التنفيذي لـ«بيتك» وهو فريق عمل تسوده روح التعاون والتنسيق ويضم خبرات كويتية من مساعدي المدير العام ومسؤولي القطاعات المختلفة، وأنا المس لديهم قدرة عالية على العمل والعطاء من واقع خبرتهم خارج وداخل «بيتك»، فهذا الفريق المتناسق وفي اطار الاستراتيجية الموضوعة ونظم الادارة والحوكمة المعهودة في المؤسسات والشركات الكبرى، يمكنه أن يحقق الأهداف المطلوبة من مجلس الادارة باذن الله، وسنبذل أقصى ما بوسعنا لنكمل المسيرة، ونعتبر ذلك أمانة وعهدا ندعو الله أن يوفقنا الى أدائهما بأفضل شكل ممكن.
ويهمني أن أوضح أن ما يحكم أي تغير في «بيتك» ليس توقعات وتحليلات تظهر في وسائل الاعلام أو في أي منتدى آخر، بل منظومة من العوامل المحددة والأعراف المهنية التي تفرض نفسها في مثل هذه الأحوال وأولها الدور الاستراتيجي والاساسى لمجلس الادارة ويستند الى قرارات ومتطلبات البنك المركزي والجهات الرقابية الأخرى بما فيها سوق الكويت للأوراق المالية وهيئة سوق المال، والقوانين الأخرى وأهمها قانون الشركات التجارية وعلى القرارات والأحكام المنظمة لعمل الجهات الرسمية والأهلية.
العضو المنتدب
* لكن منصب العضو المنتدب في «بيتك» لا يزال شاغرا؟
- ارتأى المساهمون من خلال مجلس الادارة المنتخب من قبلهم أن يظل هذا المنصب شاغرا في الوقت الحالي، ولهم الحق اذا رأوا أن يتم تفعيل هذا المنصب في الوقت والظروف التي يحددونها، لكن ما يهمني التأكيد عليه أن قرارا مثل هذا، سيأتي بالطبع وفق ما يمليه واقع الحوكمة ومتطلبات الهيئات الرقابية.
* بعد توليكم رئاسة لجنة المديرين العامين في «اتحاد المصارف»، هل تعتقدون أن الاتحاد يقوم بدوره كما ينبغي؟ وما خططكم لتطوير الاتحاد؟
-دور «اتحاد المصارف» حيوي ومهم ويجب أن يكون بمثابة خلية عمل تجمع بنوك الكويت لما فيه مصلحتها وعلى الاتحاد أن يكون بمثابة حلقة تعاون واحدى قنوات الاتصال المهمة مع بنك الكويت المركزي والهيئات والجهات الرقابية والتشريعية ذات الشأن، والعمل المصرفي في الكويت أصبح يستحوذ على تراث كبير من الخبرات والتجارب تصلح لان تساهم بدور في خدمة المجتمع وخطط الدولة وكذلك للارتقاء بدور المهنة وتعظيم قيمها والتأكيد على الشفافية والرؤية المستقبلية. وما أقوم به الآن بالتعاون مع الزملاء محاولة تحقيق بعض هذه الأهداف، وربما أجد في وقت ما انه من المناسب أن اترك لغيري أن يواصل المسيرة وتحقيق الأهداف المرجوة من الاتحاد.
أصول «بيتك - تركيا» تضاعفت 13 مرة تحت رئاسة العمر
منذ 2001 عندما تولى العمر منصب رئيس لمجلس ادارة «بيتك تركيا « شهد البنك حتى الآن تطورات مهمة خلالها، ونما ليصبح واحدا من اللاعبين الرئيسيين في الاقتصاد التركي، ففي ذلك الوقت كان عدد فروعه 24 فرعا والآن 161 فرعا، وكانت الأصول 450 مليون دولار والآن تصل الى 6 مليارات دولار، أي أنها تضاعفت 13 مرة.
ولدى «بيتك» تجربة تاريخية في تركيا تمثل نموذجا مهما لقدرة القطاع الخاص الكويتي على النجاح وتأكيد الثقة في نفسه من خلال التعاون مع أطراف خارجية حيث تم انشاء بيتك- تركيا قبل نحو 20 عاما بمشاركة القطاع الخاص في الكويت وتركيا بالاضافة الى بعض الهيئات الرسمية في البلدين.
ويتطلع «بيتك- تركيا للوصول بعدد فروعه الى 200 فرع بنهاية العام لكن ليس هذا كل ما نعمل من اجله، نحن نطمح الى التوسع أيضا في الدول المحيطة بتركيا،في أوروبا ودول آسيا الوسطى والاتحاد الروسي، وقد بدأنا التواجد في ألمانيا حيث يعمل فرعنا الآن في مدينة مانهايم، كما افتتحنا مكتب تمثيل في كازاخستان».
وطرح البنك منتج الصكوك ولاقى استحسان الشركات التركية وتبع ذلك اقرار البرلمان التركي لقانون يتعلق باصدار الصكوك بتركيا وهذا في حد ذاته انجاز من شأنه أن ينوع مصادر التمويل في السوق التركي وبهذا يعد نقلة جديدة ساهم فيها بيتك- تركيا بشكل كبير.
ويتمتع البنك بثقة ومصداقية ويعد من أوائل البنوك الاسلامية العاملة في السوق التركي وهذه أمور نحرص أن تكون سمة مؤسساتنا في الأسواق الخارجية، لأنها مستمدة من تراث كويتي عريق ارتبط بسيرة التجار الكويتيين الأوائل الذين حلوا في بلاد العالم وقدموا نموذجا لوطنهم ودينهم.
ويعمل «بيتك تركيا» على بناء جسور التعاون بين تركيا والدول المجاورة بما فيها أوروبا وبين الكويت من جانب ودول مجلس التعاون الخليجي من جانب آخر،وعلاوة على هذا الهدف الاستراتيجي فان مؤشرات البنك في نمو مطرد، ووفق اخر ميزانية، فقد تحققت زيادة في الأرباح والأصول ونمو في الودائع بمعدلات تصل الى 45 في المئة وهذا ايجابي للغاية في ظل الظروف الحالية.
وساهم البنك في طرح منتجين مهمين كان لهما صدى كبير في تركيا، الأول صندوق الاستثمار في الذهب وهو أول صندوق يعمل وفق الشريعة في بورصة اسطنبول، والثاني كان عملية اصدار صكوك بقيمة 100 مليون دولار في خطوة تستهدف تعزيز التعامل بهذا المنتج، والتأكيد على أهميته وجدواه في تمويل الشركات والحكومات على حد سواء، وقد أشاد وزير المالية التركي باصدار الصكوك كأسلوب جديد للتمويل، كما نوهت فعاليات اقتصادية عديدة بهذه التوجهات الرائدة لـ «بيتك تركيا»، حيث توفر أبعادا جديدة في منظومة الاقتصاد التركي باضافات مبتكرة وملموسة.
مشاريع من الوزن الثقيل
شارك «بيتك» في تمويل مشاريع كبرى على مستوى المنطقة منها ما أصبح علامات في مسيرة التمويل الاسلامي مثل ايكويت الذي تمت المشاركة في تمويله مرتين، الأولى كان اجمالي مبلغ التمويل 1.2 مليار دولار بلغ حصة الشريحة الاسلامية منها 200 مليون دولار، وفي المرة الثانية كان اجمالي التمويل 600 مليون دولار حصة الشريحة الاسلامية منه 300 مليون دولار.
وكان «ايكويت» أول مشروع من نوعه يشارك فيه التمويل الاسلامي والتقليدي معا، كل بأسلوب عمله، حيث اعتبر المشروع نموذجا تم تصميم هيكلية مشابهة له في مشاريع أخرى داخل الكويت وخارجها، وفاز بيتك بجائزة أفضل تمويل لأكبر مشروعين تنمويين وهما ايكويت والشويحات من يورومني العالمية، وقد رتب تمويل الحصة الاسلامية في المشروعين بقيمة 450 مليون دولار، كما قاد أول عملية من نوعها لتحويل بنك تقليدي الى بنك اسلامي بالكامل من خلال تحويل بنك الشارقة الاسلامى وبعد أن تملك 20 في المئة منه.
وفي مجال الاتصالات التي يبدي «بيتك» فيها اهتماما كبيرا شارك في اكبر صفقة تمويل اسلامي في العالم بالقيام بدور المنظم الرئيسي والمستشار الشرعي لتمويل الرخصة الثانية للنقال في السعودية بحصة بلغت 200 مليون دولار أميركي وتبلغ قيمة الصفقة التي فازت فيها شركة (اتحاد اتصالات) 2.35 مليار دولار ما يجعلها اكبر صفقة تمويل اسلامي في العالم.
و«بيتك» كان من ضمن المؤسسات المالية الرئيسية التي شاركت في تمويل مشروع الثريا - شركة اتصالات فضائية - في أبوظبي بغرض تنويع الاستثمارات في مجال الاتصالات حيث قام بدور المنظم المشارك بمبلغ 50 مليون دولار في هذا المشروع كما شارك بتنظيم وتمويل صفقة اجارة معدات الى شركة الاتصالات المتنقلة الأردنية (فاست لنك) بالتعاون مع مجموعة سيتى بنك.
إصدارات صكوك بـ 1.5 مليار دولار
شارك «بيتك» فى مجال الصكوك كاحدى وسائل توفير التمويل، حيث شارك وقاد عمليات اصدار صكوك لعدة جهات، منها صكوك لهيئة طيران دبي بمليار دولار، وصكوك اجارة بقيمة 100 مليون دولار لصالح شركة تبريد الامارات، وصكوك مملكة البحرين والبنك الاسلامي للتنمية بجدة، تصل قيمتها الى 250 مليون و400 مليوناً دولار على التوالي، صكوك اجارة لتمويل حكومة ولاية ساكسوني انهالت الألمانية بقيمة 100 مليون يورو في عام 2003.
10 جوائز في النصف الأول
اشار العمر الى انه اذا نظرنا بحيادية الى عدد الجوائز والتقييمات الايجابية من العديد من الهيئات والمؤسسات وجهات التصنيف العالمية والتي وصلت الى 10 جوائز حتى النصف الأول من العام الحالي بالاضافة الى ابقاء جهات التقييم العالمية على درجات التصنيف الايجابية التي منحتها لـ «بيتك» رغم تغير الظروف، يتضح ان البنك على الطريق السليم والصحيح وفى مسار يبشر بالخير.
الاستراتيجية المحلية
- اهتمام بتثمير أموال العملاء وتمويل الشركات أو إعادة الهيكلة
- كل المشاريع التي نمولها أو نستثمر فيها موجودة على الأرض... لا نتعامل بالأدوات الورقية
- نولي أهمية كبرى للأداء التشغيلي وهو ما زاد اجمالي إيرادات البنك في الربع الأول
- مستعدون للمساهمة في خطة التنمية ونتمنى أن تزول التحديات امام مشاريعها
«بيتك» وخطط التوسع
- نطمح للدخول إلى أسواق جديدة في أوروبا وتكثيف الحضور في أميركا وكندا
- تركيز على التوسع في الخليج... وخصوصاً في السوق السعودية
- «بيتك- ماليزيا» سيكون جسرنا للوصول إلى الصين وأستراليا
- تأثيرات أحداث البحرين تلاشت وخططنا فيها لم تتغير
- حاضرون في تركيا منذ 20 عاماً... وخطط التوسع والنمو مستمرة
- حضور متزايد في ألمانيا من خلال «بيتك تركيا»
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}