سلط القرار المفاجئ لمجلس التعاون الخليجي مؤخرا الذي رحب بكل من مملكتي الأردن والمغرب للانضمام إلى المجلس، الأضواء على هذين البلدين من جوانب متعددة، بالإضافة إلى دراسة أسباب ومزايا وإيجابيات وربما سلبيات انضمامها لهذه الرابطة الخليجية.
الأردن:
الأردن دولة عربية نامية ذات نظام ملكي وراثي، وهي امتداد جغرافي شمالي للأراضي السعودية، حيث يشتركان بخط حدود بري طويل، والأردن دولة ذات موارد محدودة وتفتقر إلى الثروات الباطنية، ويصنفها البنك الدولي في الشريحة الدنيا للبلدان المتوسطة الدخل، ويبلغ عدد سكانها 5.9 مليون نسمة.
وحسب تقرير صدر عن البنك الدولي أيضا فإن الأردن يعد من أفضل البلدان التي تطبق إصلاحات مقارنة بغيره من البلدان المتوسطة الدخل. وعلى الرغم من ذلك فما زال يواجه عدة تحديات، منها الضعف في مواجهة التقلبات في أسواق النفط العالمية، وذلك بسبب اعتماد الأردن الشديد على واردات الطاقة، وارتفاع معدلات البطالة والاعتماد على تحويلات المغتربين من بلدان الخليج، وزيادة الضغوط على الموارد الطبيعية ولا سيما المياه. ويظل أكبر تحدٍ (وهو أيضا أكبر فرصة) ضرورة خلق الظروف الملائمة لزيادة استثمارات القطاع الخاص وتحسين القدرة على المنافسة. وسوف يساعد هذا على تحقيق معدلات النمو المرتفعة والمستدامة وهو أمر لازم لخلق فرص العمل وتقليص معدل الفقر.
*توقعات IMF
وواضح أن الأردن يتجه نحو اقتصاد يعتمد على موارده البشرية في ظل افتقاره للموارد الأخرى، وهو أمر يتطلب انفتاحا على الاستثمار وتطويرا للتعليم وهو ما ظهر في إجراءات عدة قام بها الأردن في سياق اتجاهه نحو ما يسمى باقتصاد المعرفة، رغم أن هناك عوائق عدة داخلية وخارجية أيضا لكن من الطبيعي وجودها.
المغرب:
أما المغرب البعيد جغرافيا عن دول الخليج، وهو دولة نامية تصنف في الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، وذات نظام ملكي وراثي أيضا، وقد حقق تقدما اقتصاديا قويا منذ عام 2001، مع تنويع متزايد للأنشطة الاقتصادية وإدارة سليمة للاقتصاد الكلي، حسبما يقول البنك الدولي في تقرير له عن هذا البلد، وقد مكنه ذلك من تقليص نسبة الفقر الكلي إلى 9% في 2007. بالإضافة إلى تمتع المغرب بالموارد البشرية والموقع الجغرافي وعوامل جذب جعلت من السياحة قطاعا اقتصاديا هاما فيه.
ومن أبرز الأنشطة الاقتصادية في المغرب الزراعة والتي بالرغم من استحواذها على نصف اليد العاملة تقريبا إلا أن مساهمتها بالناتج المحلي تتراوح حول 16% فقط.
وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزه، ما زال المغرب يواجه تحديات كبرى تشمل قابلية التأثر بالصدمات (سواء الطبيعية أو الاقتصادية)، وضعف المؤشرات الاجتماعية مقارنة بمستوى دخل البلد؛ وارتفاع معدل البطالة، خاصة في أوساط الشباب؛ وتزايد الضغوط على الموارد الطبيعية، خاصة المياه. ولا تزال ثمة شرائح واسعة من السكان مهمشة اجتماعيا واقتصاديا؛ وتظل المؤشرات الصحية أقل بكثير من المستوى المستهدف، وعلى الرغم من الإصلاحات التي قام بها المغرب في مجال تنمية القطاع الخاص، تظل وتيرة التحول البنيوي للاقتصاد بطيئة كما تقول منظمات دولية.
ويعاني المغرب أيضا من قلة الموارد الطبيعية وأبرزها المياه والتي أصبحت مهددة بشكل أكبر بالتأثيرات السلبية لتغير المناخ، ويعتمد المغرب بشكل كبير على واردات الطاقة (97%).
*توقعات IMF
وإذا كان القول إن السماح للعمالة الأردنية والمغربية (والتي تفيض بهما الدولتان) بدخول الخليج دون قيود وتأشيرات هو إفراط في التفاؤل يوازيه القول بأن تملك العقار لأبناء الدولتين سيكون متاحا لهم في الخليج وما إلى ذلك من التوقعات الجامحة التي صدرت عن بعض وسائل الإعلام، حيث تعاني دول الخليج نفسها وخصوصا السعودية وعُمان بطالة مستشرية. إلا أنه في المقابل قد يستفيد البلدان من انضمامهما لمجلس التعاون الخليجي فوائد متعددة، وأبرز ما هو متوقع فيها على الصعيد الاقتصادي: دخول استثمارات خليجية جديدة (عقارية – صناعية ..) للبلدين، وتقديم مساعدات اقتصادية وتمويلية خصوصا في جانب البنى التحتية والطاقة الكهربائية، ومنحها معونات نفطية، وزيادة التبادل التجاري وتسهيله بين هذه البلدان، وإعطاء بعض الأولوية للعمالة من جنسية البلدين ضمن سقف قوانين العمل المعمول بها في الخليج، هذا عدا عن دخول البلدين في الاتفاقيات الاقتصادية المشتركة بين دول المجلس.
لكن من الجدير الإشارة إلى أنه وفي نفس الإطار فإن العديد من الخبراء الاقتصاديين يصفون الإنجازات الخليجية المشتركة على الصعيد الاقتصادي بالمتباطئة، كالسوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي والعملة الموحدة، وتسهيل تنقل البضائع وبعض اتفاقيات الضرائب والجمارك وغيره، والتي استهلكت الكثير من الوقت والبحث ولم يتم البت بكثير منها حتى الآن وقبل فكرة انضمام الأردن والمغرب إلى المجلس.
وسيتضاعف عدد سكان دول المجلس في حال انضمام المملكتين له، من 38 مليون تقريبا إلى 76 مليونا، وسيكون المكسب الأكبر هو تشكيل تكتل سياسي اقليمي يتخطى التكتل التقليدي العربي (الجامعة العربية)، وسيشكل انضمام الدولتين للمجلس تنويعا لاقتصاديات دوله بالنظر إلى كون دول المجلس الحالية الست جميعها بترولية.
كما أن الخليج وفي ظل توتر علاقاته مع إيران يجد في المغرب التي قطعت علاقاتها نهائيا بإيران وفي الأردن والتي تتعاطف مع المصالح الخليجية، حليفين قويين، بحيث إذا ما أكمل البلدان انضمامهما للمجلس فإن اتفاقيات سياسية وعسكرية بين دول المجلس ستغدو أكثر دعما وقوة كدرع الجزيرة مثلا.
كما أن رابطا يجمع بين دول المجلس الست ومملكتي الأردن والمغرب وهو الحكم الوراثي (الملكي والأميري) في كل منها.
وفي مقابل طموحات دول مجلس التعاون الست الحالية السياسية خصوصا، فإن تكاليف انضمام الأردن والمغرب للمجلس ليس عبئا عليه كما يرى بعض المحللين، حيث تفوق المكاسب التي تتوقعها الدول الثماني تلك الأعباء وتتخطاها إذا تم الاتفاق والتراضي على هيكلة الانضمام وشكله وحدوده.
الجدير بالذكر أن المغرب والأردن دولتان مستقرتان سياسيا رغم بعض الاحتجاجات التي شهداها مؤخرا، إلا أنهما أفضل بكثير على هذا الصعيد من دول أخرى طلبت سابقا الانضمام لمجلس التعاون، وكان المجلس قد تطرق سابقا لبحث موضوع انضمام اليمن والعراق إليه، لكن لم ينتج عن هذا الموضوع سوى بعض أوجه المشاركة كان أبرزها على الصعيد الرياضي.
تحليل التعليقات: