أعلن رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب في شركة الساحل للتنمية والاستثمار سليمان السهلي عن وجود مثالب كثيرة في قانون هيئة أسواق المال، على الرغم من أهمية صدوره، معتبرا أن القانون نفسه لم يراع خصوصية السوق الكويتي، الذي قال عنه انه سوق غير متكامل وغير منظم، ويفتقد إلى صانع سوق ويعتمد على الدولة.
وانتقد مواد القانون التي تلزم المستثمر الراغب بالاستحواذ على %30 من أسهم شركة ما الالتزام بشراء كامل الأسهم، مبينا ان مثل هذا المبدأ لا يمكن تطبيقه إلا في الأسواق التي تتوافر فيها سيولة كافية، وجاذبة للاستثمارات الأجنبية.
وقال السهلي في لقاء مع القبس إن البلد يعاني من أزمة حقيقية، ونعاني من فشل في معالجة مشاكلنا، وما زلنا بعيدين عن التشخيص السليم. واستبعد إمكانية التوافق مع قانون هيئة أسواق المال في ما يخص موضوع تركز استثمارات الصناديق في اسهم معينة، وحصر هذا الجانب في %10 فقط، ما من شأنه تقييد القرار الاستثماري، علما بان الأسهم الجيدة قليلة، ومن المنطقي أن تكون هي المستهدفة في هذه الظروف.
وانتقد السهلي خطة التنمية، واعتبرها خطأ كبيرا وهي متعثرة بعد أن تم تقييدها بمبالغ معينة وفترة زمنية محددة، بينما التنمية الحقيقة تأخذ صفة الديمومة والاستمرارية، ولا يمكن أن تنتهي عند محطة زمنية.
وطالب بحل مشاكل البورصة بعيدا عن الإثارة والاتهامات المتبادلة، وذكر ان المشكلة التي تعاني منها البلاد تتمثل في مديونيات متعثرة تصاحبها ضغوط على الشركات والأفراد لتسديدها، مشيرا إلى عدم جدوى إنشاء المحفظتين الوطنية والعقارية، التي لم تحدد أولوياتها، وصدر قرار إنشائهما بشكل سري ومخفي. وفي ما يلي نص الحوار مع السهلي:
* ما رأيك في قانون هيئة أسواق المال؟
أعتقد أن القانون جاء متأخرا جدا، ويفترض صدوره منذ سنوات وتحديدا بعد أزمة المناخ عام 1982، التي عصفت بالاقتصاد الكويتي، ويحمل مثالب كثيرة، وسبق ان أبدى الكثير من الجهات ملاحظات عليه، ولم يراع خصوصية السوق الكويتي. ويفترض أن تتم معالجتها قبل البدء في تطبيقه، وقبل أن تستفحل، خصوصا ان أي عملية تنفيذ من شأنها أن تعيق حركة السوق، علما بان السوق المحلي ليس بالكبير أو المتكامل، ويفتقد إلى صانع سوق ويعتمد على الدولة، وغير قادر على جذب الاستثمارات الأجنبية وغير منظم بشكل سليم، وليس بالإمكان أن تأتي بقانون مطبق في أسواق متقدمة، في الوقت الذي يعتبر الهم الأساسي عندنا هو إعادة الثقة بالسوق وليس بوضع قوانين متشددة. ويفترض ان نتعامل مع هكذا خصوصية، وبعد ان نتوصل إلى مرحلة متقدمة يمكن أن نستعين بقوانين وتشريعات من الخارج ونطبقها، وعلى سبيل المثال، عندما نرغب في الاستحواذ على %30 من أي شركة يفترض أن نقوم بشراء الأسهم بالكامل وبنسبة %100 وهذا لا يمكن أن يطبق إلا في أسواق تتوافر فيها السيولة، وتكون جاذبة للاستثمار الأجنبي.
لذا، فانه من غير الحصافة أن تقوم بتطبيق قانون، ونحن على دراية تامة بوجود مثالب وثغرات، وهذا ما يمكن اعتباره منهجا خطأ من أساسه، ونحن بدورنا، بعثنا خطابا لوزارة التجارة والصناعة تضمن 8 ملاحظات على القانون ونأمل دراستها، والاخذ بها، بعد أن تتوافر قناعة بها، في الوقت الذي نطمح إلى خلق سوق منظم، وليس قوانين صارمة صعبة التطبيق وتشكل عوائق لسوق يحتاج إلى إعادة الحياة إليه.
هذا الأمر لا يعني تجاهل التجاوزات والتلاعبات، وعدم تكريس مبدأ الشفافية، علما أن القوانين المشددة من شأنها أن تفاقم الأزمة، خصوصاً في ظل العزوف عن التداول، ووجود أكثر من %60 من الشركات المدرجة قيمها السوقية أقل من القيمة الإسمية، والبعض الآخر أقل من القيمة الدفترية، مما يدل على أن هناك أزمة حقيقية غير موجودة في الأسواق الأخرى، والمطلوب حلول كلية على مستوى الاقتصاد الكلي، وليس البحث عن حلول جزئية، والمفترض الاستعانة بالخبرات الأجنبية لدراسة المشكلة، خصوصا أن الحلول الفردية لم تؤت أكلها، ولم تنجح وليس من العيب الاستعانة بالخبرات الأجنبية المحايدة.
التوافق مع الهيئة
* هل شركة الساحل متوافقة مع قانون هيئة أسواق المال؟
بالتأكيد لا، شأنها شأن كل الشركات الأخرى، نظرا إلى وجود معوقات كثيرة، وقد خاطبنا الجهات الرسمية في هذا الأمر، انطلاقا من أن التوافق صعب جدا، على أمل أن تتم معالجة الموضوع، خصوصاً أننا ندير محافظ وصناديق، ونعد بحوثاً، وباتت مسألة التوافق مع القانون تحتاج الى وقت طويل، وعلى سبيل المثال لا نستطيع تعيين موظفين يديرون محافظ وشركات تابعة في مجلس الادارة، اضافة الى الحظر على هولاء الموظفين، أو أقربائهم، أو أسرهم تداول الأسهم، مما يعيق نشاطنا، ويحتاج الى جهاز اداري اضافي لممارسة نشاطنا، الأمر الذي يترتب عليه مصاريف وأعباء مالية اضافية، فضلا عن العقوبات المتشددة، والتي تصل الى عشرة آلاف دينار في سوق ضعيف.
* ماذا عن صناديق الساحل؟ وهل فيها تركزات أكثر من %10 من أسهم معينة؟
بالطبع عندنا تركزات أكثر من %10، انطلاقا من حقنا في حماية أنفسنا، نظرا إلى وجود أسهم جيدة محددة جداً، يمكن ان تكون ذات جدوى، ويمكن أن يستثمر بها للمحافظة على حقوق المساهمين. ويفترض أن يكون لنا كامل الحرية في اختيار الأسهم التي نعتبرها ملاذأ، علما أن حصر التركز في %10 ، يعتبر تدخلاً في القرار الاستثماري وتكبيله، من دون وجه حق.
خطة التنمية
* ماذا تنصح وزير شؤون التنمية عبدالوهاب الهارون؟
لا أحب التطرق الى هذا الموضوع، وكل ما يمكن قوله إنه ذو خبرة متميزة، ونبارك اختياره، وسبق له أن شغل منصب رئيس اللجنة المالية في مجلس الأمة، وقريب من الاقتصاد الوطني.
*لماذا تعثرت خطة التنمية في رأيك؟
في رأيي الشخصي أن خطة التنمية جانبها الصواب، خصوصا أنه تم تحديدها بمبلغ معين وبفترة زمنية محددة، في الوقت الذي تعتبر فيه التنمية عملية دائمة ومستمرة، ولا يوجد مجتمع يمكنه القول إنه انتهى من التنمية واستكملها. وفي أبسط تعريف للتنمية هي سد احتياجات البلد، وعلى سبيل المثال، إذا كان لدينا نقص في المستشفيات أو الجامعات أو الجسور أو الموانئ نقوم بإنشاء هذه المرافق بالتدرج، وفقاً للخطة السنوية، وحسب الإمكانات المالية، ونحن قادرون على ذلك مع زيادة أسعار النفط والتدفقات المالية، بدلاً من تكبيل نفسي بـ37 مليار دينار دفعة واحدة، وعلى مدى خمس سنوات، ونخلق بذلك مشكلة تمويل. مع العلم أن البنوك قادرة على التمويل، وكذلك الجهات الخارجية والدولة، ولدى القطاع الخاص استعداد تام للمشاركة في تنفيذ الخطة.
خصخصة البورصة
* لماذا وقفت الغرفة مع تطبيق قانون هيئة أسواق المال وضد تعديله؟
أعتقد أن الغرفة تكلمت عن خصخصة البورصة، ولم أسمع أنها قالت يجب تطبيق القانون، ومن ثم ترى ما إذا كان في حاجة إلى تعديله على ضوء التجربة والتطبيق، علماً أن هناك جهات عدة لديها ملاحظات على القانون، ومن ضمنها الغرفة.
* هل أنتم مع خصخصة البورصة؟
خصخصة إدارة البورصة أمر معمول به في كل الأسواق، مع وجود نظام داخلي يكفل الحماية والتطوير وتحت ضوابط وشروط تحمي حقوق الناس.
* ما رأيك في اعتراض مدير البورصة على موضوع الخصخصة؟
المشكلات بين الجهات الحكومية يجب أن تحل بشكل سليم، وبعيداً عن الإثارة والصحافة، خصوصاً أن نفسية المتعاملين منهكة، وباختصار يجب معالجة أي اختلاف بين ادارة البورصة وهيئة أسواق المال ووزارة التجارة بشكل موضوعي، وليس عبر التصريحات الصحافية والاتهامات المتبادلة.
ما زلنا بعيدين عن التشخيص السليم لأزمتنا!
يقول سليمان السهلي: لدينا مشكلات كبيرة في اتخاذ القرار ليس في ما يخص الاقتصاد وحسب، بل على مستوى كل نواحي الحياة المبتورة وغير المتكاملة، وتحتاج إلى تشخيص والاستعانة بالخبرات الدولية، خصوصاً أن مشكلات الاقتصاد الوطني ليست مقتصرة على خصخصة البورصة من عدمه. وعلى سبيل المثال مشكلة العزوف عن الاستثمار، بدليل وجود سيولة كبيرة لدى البنوك، ومديونية متعثرة لدى الشركات والأفراد تشكل معوقات كبيرة أمام الاقتصاد الوطني، وتصاحبها ضغوط كبيرة على المدينين لتسديدها. ومن الصعوبة بمكان أن تقوم هذه الشركات أو الأفراد بتسييل موجوداتها، لعدم وجود قنوات تصريف، وتقهقر الأسعار الى مستويات غير مقبولة، وغير عادلة.
وللأسف، فإن قانون الاستقرار المالي ولد ميتاً، ولم يشمل كل القطاعات، وركز على البنوك وشركات الاستثمار، وكأنها هي الجهات المدينة فقط، مع العلم أن هناك شركات عقارية وصناعية مديونيتها أكبر من مديونية شركات الاستثمار، ومن المفروض أن تتم معالجة مشكلة المديونيات ككل، وليس حصرها في شركات الاستثمار. وكان من الأجدى عدم إنشاء المحفظة الوطنية، كذلك المحفظة العقارية، حيث لم يتم تحديد أولوياتهما، وصدرتا بشكل سري ومخف، وبدأ الناس يركضون وراءهما من دون طائل، وباختصار شديد ما زلنا بعيدين عن التشخيص السليم لمشكلاتنا، وفاشلين في إدارتها على مستوى الدولة، ووضع الحلول لها.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}