أصدر بنك الكويت الوطني تقريراً عن تطورات أسواق النفط العالمية والميزانية الكويتي، مشيراً إلى أن أسعار النفط الخام ترتفع مع تحسن توقعات الطلب وخفض الإمدادات. وقد شهدت أسعار النفط الخام ارتفاعاً مستقراً خلال شهر يناير، وذلك بفضل تحسن التوقعات بشأن الاقتصاد العالمي والأنباء الواردة عن خفض إنتاج منظمة الأوبك.
ورفع المحللون توقعاتهم بخصوص نمو الطلب على النفط في عام 2013، ويرجع ذلك جزئياً إلى طلب أقوى من المتوقع في عام 2012، ومع ذلك، فقد تتراخى أساسيات سوق النفط هذا العام ما لم تخفض أوبك إنتاجها بشكل أكبر.
علماً أن أسعار النفط قد تتراوح ما بين 105 و106 دولارات للبرميل في السنة المالية 2013/2012، ما سيحقق فائضاً كبيراً في ميزانية الكويت يتراوح ما بين 12 و 14 مليار دينار هذه السنة.
أسعار النفط
شهدت أسعار النفط ارتفاعاً مستقراً خلال شهر يناير، وقد بلغت بعض أسعار الخامات الإسنادية أعلى مستويات لها منذ شهر سبتمبر، وارتفع سعر خام التصدير الكويتي من 107 دولارات للبرميل في نهاية شهر ديسمبر إلى 112 دولاراً للبرميل في أوائل شهر فبراير، ليصل معدله إلى 108 دولارات لهذا الشهر.
وارتفع سعر مزيج برنت ليصل إلى 118 دولاراً في الأول من فبراير، أي ارتفاع بمقدار 6 دولارات في شهر واحد، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر مايو.
وارتفع سعر النفط الإسنادي الأساسي في الولايات المتحدة بمقدار مماثل. وتقلص الفارق بين سعري خام غرب تكساس المتوسط ومزيج برنت بشكل كبير من ذروته البالغة 25 دولاراً في شهر نوفمبر إلى 17 دولاراً في أوائل فبراير. ويعزو بعض المحللين هذا الأمر إلى زيادات جديدة في الأنابيب النفطية للولايات المتحدة، والتي خففت من وفرة الإمداد في مركز تداول نفط غرب تكساس المتوسط في مدينة كوشينغ.
وقد كان وراء الارتفاع الثابت في الأسعار عدد من العوامل، بما فيها تحسن التوقعات الخاصة بالاقتصاد العالمي. وقد كانت البيانات الاقتصادية الأخيرة الصادرة عن الولايات المتحدة والصين مشجعة، في حين تلاشت تأثيرات الأزمة المحيطة بمنطقة اليورو في الوقت الحالي على الأقل. ومن ناحية الإمدادت، انخفض إنتاج النفط الخام في السعودية إلى أدنى مستوى له منذ 19 شهراً إلى 9.2 ملايين برميل يومياً في شهر ديسمبر، أي انخفاض بمقدار 0.4 مليون برميل يومياً مقارنة بشهر نوفمبر. وربطت السلطات السعودية هذا الأمر بانخفاض في الطلب الموسمي من عملائها، وليس بتغير متعمد في السياسة. ومع ذلك، كان التحرك إشارة إلى أن أوبك مستعدة للاستجابة سريعاً إلى إشارات تراخي أساسيات السوق.
توقعات الطلب
ارتفعت عموماً التوقعات الخاصة بنمو الطلب العالمي على النفط في عام 2013 خلال الشهر الماضي، ويرجع ذلك أساساً إلى تقديرات بطلب أقوى في الربع الأخير من عام 2012، مما كان يعتقد سابقاً، الأمر الذي يخلق نقطة بداية أعلى لهذه السنة. ويرى معظم المحللين الآن أن الطلب سينمو بمقدار 0.9 إلى 1.0 مليون برميل يومياً في عام 2013، أي بنحو %1.1، وذلك بارتفاع بمقدار 0.1 مليون برميل يومياً عن تقديرات الشهر الماضي، رغم أنه ما زال أقل بقليل من مستويات الطلب في عام 2012.
وتم رفع توقعات نمو الطلب في الصين التي تعتبر واحدة من مجموعة قليلة من الأماكن المهمة التي يتوقع أن يكون النمو فيها أقوى من السنة الماضية. وتستمر الأسواق الناشئة في قيادة نمو الطلب (+0.9 مليون برميل يومياً). وفي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يتوقع مرة أخرى أن ينخفض الطلب (-0.4 مليون برميل يومياً)، رغم أن هذا الانخفاض سيكون أقل مما كان عليه في عام 2012، وذلك بفضل تحسن الأساسيات الاقتصادية.
التوقعات بشأن الإمدادات
انخفض إنتاج النفط الخام في دول أوبك الإحدى عشرة (أي باستثناء العراق) بشكل كبير بمقدار 269.000 برميل يومياً في شهر ديسمبر ليصل إلى 27.4 مليون برميل يومياً، تقريباً 1.3 مليون برميل يومياً دون مستوى الذروة المسجّل في شهر أبريل. وبلغ متوسط إنتاج أوبك في عام 2012 ككل 28.1 مليون برميل يومياً، أي أعلى بأكثر من مليون برميل يومياً من السنة السابقة.
وجاء الانخفاض الكبير خلال شهر ديسمبر على خلفية تقليص حاد في الإنتاج السعودي، وذلك بمقدار 421.000 برميل يومياً ليصل إلى 9.2 ملايين برميل يومياً، وهو الإنتاج الأدنى للسعودية منذ شهر مايو 2011. وإضافة إلى ذلك، استمر تأثر الإنتاج الإيراني بالعقوبات الدولية، إذ تراجع من 3.5 ملايين برميل يومياً في بداية السنة إلى 2.7 مليون برميل يومياً في شهر ديسمبر.
وفي الوقت ذاته، ارتفع الإنتاج بشكل كبير في دول غرب أفريقيا الأعضاء في منظمة أوبك، حيث شهدت نيجيريا عودة ارتفاع الإنتاج بشكل حاد بمقدار 137.000 برميل يومياً بعد ثلاثة أشهر متتالية من الانخفاض بسبب الفيضانات.
وانخفض مجموع إنتاج أوبك (بما فيه العراق) بشكل كبير في شهر ديسمبر إلى أقل من 30.4 مليون برميل يومياً. وكان ذلك نتيجة الانخفاض الكبير في العراق، حيث انخفض الإنتاج بنحو 197.000 برميل يومياً ليصل إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر، وهو 3.0 ملايين برميل يومياً، رغم أن الأرقام الرسمية تشير إلى تراجعات أكبر بمقدار 255.000 برميل يومياً.
وتأثر الإنتاج النفطي العراقي خلال الشهر بعدد من الأمور التقنية والسياسية، بما فيها مشكلات التحميل في المحطات البحرية في الجنوب، والنزاع المتواصل بين بغداد وحكومة إقليم كردستان. ورغم ذلك، بلغ متوسط الإنتاج العراقي 3 ملايين برميل يومياً تقريباً للسنة ككل، وهو مستوى الإنتاج الأعلى منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي.
وبعد ارتفاع يقدر بنحو 0.9 مليون برميل يومياً في عام 2012، يتوقع أن ترتفع الإمدادات من خارج دول أوبك بأكثر من مليون برميل يومياً هذه السنة. ويتوقع أن يأتي أقل من ربع هذا الارتفاع من سوائل الغاز الطبيعي من دول أوبك.
وبدلاً من ذلك، سيأتي الارتفاع المتوقع على الأرجح من الإنتاج القوي في شمال أميركا، إضافة إلى عودة الإمدادات من دول خارج الأوبك في أماكن أخرى. ويتوقع أن يرتفع مجموع الإمدادات العالمية بشكل أكثر تواضعاً في عام 2013، بعد ارتفاع بأكثر من مليوني برميل يومياً في السنة الماضية، وذلك لأن الخفض في إنتاج أوبك سيقلل جزئياً من الإنتاج الأقوى في الدول من خارج أوبك.
توقعات الأسعار
مع التوقعات بشأن الطلب المتواضع على النفط والنمو القوي في إمدادات الدول من خارج أوبك في عام 2013، قد تحتاج منظمة أوبك لأن تبقى نشطة لمنع تراجع أسواق النفط والأسعار.
وبناء على توقعات معظم المحللين بارتفاع متواضع بمقدار مليون برميل يومياً في الطلب العالمي على النفط هذه السنة، وارتفاع كبير مقداره 1.6 مليون برميل يومياً في إمدادات الدول من خارج أوبك، يمكن أن ترتفع المخزونات النفطية العالمية بمقدار 0.2 مليون برميل تقريباً في عام 2013، رغم الخفض المتوقع في إنتاج أوبك. وفي هذه الحالة، قد يتراجع سعر خام التصدير الكويتي بشكل طفيف، ولكنه يبقى مدعوماً عند ما يقارب 100 دولار للبرميل.
ولكن من ناحية أخرى، إذا كان النمو في إمدادات الدول من خارج أوبك أقل من المتوقع بمقدار 0.3 مليون برميل يومياً، سيخف الضغط على أوبك للقيام بخفض كبير في الإنتاج. وسيستمر الإمداد في تجاوز الطلب، ليشكل بذلك ضغطاً بسيطاً نحو خفض الأسعار. ووفق هذا السيناريو، سينخفض سعر خام التصدير الكويتي قليلاً فقط، ولكنه سيبقى أعلى من 100 دولار للبرميل لمعظم السنة.
وبدلاً عن ذلك، قد ترتفع إمدادات الدول من خارج أوبك بشكل أكبر بسبب الإنتاج الأقوى من المتوقع من شمال أميركا أو من عودة الإنتاج من أماكن أخرى من خارج أوبك.
وفي هذه الحالة، سينخفض سعر خام التصدير الكويتي بشكل حاد إلى أقل من 100 دولار للبرميل مع منتصف عام 2013. ولكن ذلك سيحفز دول الأوبك، خصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي، على القيام بخفض كبير في الإنتاج من أجل استقرار الأسعار في النصف الثاني من السنة.
توقعات الميزانية
مع بقاء شهرين فقط من السنة المالية الحالية، ليس من المحتمل أن تؤثر سيناريوهات الأسعار المبيّنة أعلاه كثيراً على ميزانية السنة المالية 2013/2012، ويتوقع أن يبلغ سعر برميل النفط بين 105 و106 دولارات في المتوسط لكامل السنة. وإذا جاءت المصروفات الفعلية أقل من مستواها المعتمد في الميزانية بنسبة %5 - %15 كما نتوقع، فقد يبلغ فائض الميزانية ما بين 11.9 و 14.4 مليار دينار، وذلك قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة.
وترتبط توقعات السنة المالية المقبلة بسيناريوهاتنا الثلاثة، والتي تتراوح فيها أسعار النفط في نطاق ضيق ما بين 98 و 103 دولارات للبرميل في السنة المالية 2014/2013. ووفقاً للتقارير الصحفية، فإن المصروفات المعتمدة في الميزانية للسنة المالية القادمة تبلغ 21 مليار دينار، رغم أنه يمكن أن تتم مراجعة هذا الرقم لاحقاً.
وبافتراض أن المصروفات الفعلية ستكون أقل من تلك المعتمدة في الميزانية كالعادة، نتوقع أن يبلغ الفائض ما بين 8.7 و 12.1 مليار دينار، وذلك قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة. وسيعادل ذلك %18 إلى %25 من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2013، وسيكون الفائض الخامس عشر على التوالي لميزانية الكويت.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}