أطلقت شركة إعمار العقارية أول مشاريعها “تلال الإمارات” في عام ،1999 لم يتخيل أحد أن “إعمار” ستصبح شركة التطوير العقاري الأكبر في العالم في غضون 6 سنوات، بقيمة سوقية تجاوزت ال 36 مليار دولار أمريكي .
محمد علي العبار، رئيس مجلس إدارة إعمار العقارية، تحدث إلى مجلة “أربيان بيزنس” عن أهم المراحل التي مرت بها الشركة، وعن الأسباب التي تقف وراء تبوئها هذه المكانة الرائدة بين كبريات شركات التطوير العقاري في العالم، وعن الصعوبات التي واجهتها الشركة خلال مرحلة الركود، والفرص الجديدة التي يحملها المستقبل .
العبار عزا الفضل الأكبر في تحقيق إنجازات شركة إعمار إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث قال إنه “رجل نافذ البصيرة وهو الذي تمكن من استشراف هذا المستقبل المشرق” .
وأكد العبار أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هو الرجل الوحيد الذي لم يساوره القلق جراء انهيار سوق العقارات إبان الأزمة المالية التي عصفت بالعالم، فقد قال سموه حينها “اسمعوا يا رفاق، هذه هي الحياة، وسنجتاز كل هذا، لهذا السبب يوجد هناك ليل ونهار، وشتاء وصيف، إن الأيام القاسية هي بمثابة امتحان للرجال الحقيقيين، كي يصمدوا ويتعلموا كيف يصبحون أفضل”، وقال العبار إن سموه يمتلك بصيرة نافذة وإيماناً عميقاً بإمكاناتنا مما جعله واثقاً كل الثقة بقدرتنا على اجتياز العاصفة . وتالياً أبرز ما جاء في مقابلة العبار:
قال العبار معقباً عن الأزمة: “لو عاد الزمن بي مجدداً إلى تلك المرحلة لربما فكرت في التحول إلى شركة خاصة . أنا أتعلم عادة من أخطائي بسرعة، لكنني استغرقت هذه المرة الكثير من الوقت لأستجلي حقائق الأمور وأدرك أن الضغوط ستستمر . يجب أن تمتلك رباطة جأش وصبر الرجال للتغلب على الضغوط، ولكن للأسف أدركت ذلك متأخراً” .
نبرة العبار تفيض بالشغف والفخر والحماسة، معتمدة على الأسهم التي عاودت الارتفاع من جديد، وأخذت الأبراج تطاول عنان السماء مجدداً، فيما راحت الأرباح تحلق عالياً .
جميع الذين راهنوا على الخروج الوشيك لإعمار من السوق أصبحوا الآن خارجه، وتلك ليست المرة الأولى، وبدأت “إعمار” تعد عدتها لتنفيذ مشاريع جديدة بقيمة تتجاوز ال 167 مليار دولار أمريكي، بالمختصر المفيد، وبما لا يترك مجالاً للتأويل، فإن “إعمار العقارية” عادت إلى الواجهة من جديد ومحمد العبار يقف على قدميه فوق أرض أكثر صلابة .
في هذا السياق قال العبار: “أرجو أن أتمكن خلال السنوات العشر المقبلة من إنجاز على الأقل مشاريع كبرى على غرار “وسط مدينة دبي”، وأنا لا أخفي رغبتي في تكرار تجربة بناء أطول برج في العالم مجدداً، وأتطلع إلى ذلك وسوف أحاول” .
ليس من الحكمة أن يراهن أحد على فشل العبار لمجرد الرغبة في ذلك، فقد بدأت إعمار ومعها العبار باكتساب زخم كبير سيشكل دافعاً قوياً لمسيرتها المقبلة، فعلى مدار السنوات ال 13 الماضية، نجحت الشركة في كل عام في تسليم مشاريع تعادل قيمتها 1،8 مليار دولار أمريكي، كما أظهرت النتاج المالية لعام 2012 ارتفاع صافي أرباح “إعمار العقارية” بنسبة 18% إلى 577 مليون دولار أمريكي من إيرادات إجمالية قدرها 2،24 مليار دولار أمريكي، الأمر الذي أسهم في إنعاش حركة الأسواق المالية، كما ارتفعت أسهم الشركة خلال العام الماضي بنسبة 85%، مسجلة في شهر يناير/ كانون الثاني وحده ارتفاعاً بنسبة 30%، ليشكل ذلك الانطلاقة الأفضل لعام جديد منذ أن تم طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام في عام 2000 .
وفي حين لم يكن يتجاوز سعر السهم الواحد في يوليو/ تموز الماضي 2،85 درهم إماراتي فقد ارتفع هذا الأسبوع إلى 5،4 درهم، ولعل أكثر ما يفضله المستثمرون بشأن “إعمار” هو إيراداتها الثابتة، حيث بلغت إيرادات قطاع مراكز التسوق وتجارة التجزئة العام الفائت 740 مليون دولار أمريكي، بزيادة 27% عن العام السابق . الكل يرى بأنها نتائج جيدة، ما عدا العبار الذي يقول: “أعتقد بأننا قادرون على تحقيق أفضل من ذلك” .
تلال الإمارات
وقال العبار: “أذكر عندما فتحت إعمار العقارية أبوابها للأعمال لم نكن نحقق نسبة مبيعات مرضية، ربما لأن الوقت كان لايزال مبكراً بالنسبة إلى السوق العقارية، أو ربما لانعدام ثقة الناس بالشركة كونهم لم يسمعوا بها قبل ذاك، فالناس يفضلون التعامل مع من يمتلكون سجلاً حافلاً بالإنجازات . وقد يعود السبب كذلك إلى عدم تأقلم الناس مع فكرة العيش ضمن ملعب غولف أو مجمع سكني” .
وبمرور الوقت اعتاد الناس ذلك، حيث أصبح مشروع “تلال الإمارات” واحداً من المعالم العقارية الرائدة على مستوى العالم، وقد يصل سعر الفيلا السكنية المؤلفة من 7 غرف نوم في هذا المشروع إلى 10 ملايين دولار أمريكي حاليا . .
مرسى دبي
وكان ذلك النجاح مجرد البداية فقط، ففي غضون عامين تم إطلاق مشروع “مرسى دبي” و”المرابع العربية”، ووسعت الشركة نطاق حضورها للمرة الأولى نحو بلدان أجنبية لتصل إلى مدينة حيدر آباد الهندية .
قال العبار بهذا الشأن: “أعتقد أن العامل الأساسي في تغيير قواعد للعبة العقارية كان إطلاق الحكومة لشركاتها الخاصة “نخيل” و”دبي للعقارات”، حيث اكتسبت هاتان الشركتان العديد من المزايا التي لم نكن نتمتع بها، فقد كان لكل منهما بلديتها الخاصة، خلافاً لشركة “إعمار” التي كان يتعين عليها التعامل مع بلدية دبي، علاوة على ذلك، كانت الشركتان تمتلكان تراخيص بناء خاصة بهما كونهما تتبعان للحكومة، مما أعطاهما حق القيام بأي شيء، بما في ذلك تملك رصيد أكبر من الأراضي .
وهنا قلت لنفسي عليّ أن أقوم بعمل مميز ومثالي في دبي، كما عليّ العمل على الاستفادة من النجاح المحلي وتوسيع حضورنا خارج دولة الإمارات العربية المتحدة، وهكذا بدأت التفكير بالتوسع في مصر ولبنان وتركيا والمملكة العربية السعودية، وفي الحقيقة، لم أكن مضطراً للقيام بتلك الخطوة، التي أثبتت جدواها الكبيرة لاحقاً، وكان يمكنني الاسترخاء هنا والاكتفاء بمشاريعنا المحلية” .
24 مشروعاً رئيسياً
وبالتأكيد لم يكن الاسترخاء ضمن مفردات العبار في ظل الخطط التوسعية الطموحة التي كانت الشركة تعتزم تنفيذها . ففي عام ،2003 تم الإعلان عن مشروعي “برج خليفة” و”دبي مول”، واستمر معدل النمو في ارتفاعه على مدار السنوات الثلاث اللاحقة مع الإعلان عن 24 مشروعاً رئيسياً بحلول عام ،2006 والتي خطفت الأضواء من مشروع “تلال الإمارات”، ومن تلك المشاريع “أب تاون كايرو” الذي تصل قيمته إلى 4،4 مليار دولار أمريكي، ومشاريع في الهند بقيمة تصل إلى 7،35 مليار دولار أمريكي، ومشروع “مدينة الملك عبدالله الاقتصادية” في المملكة العربية السعودية الذي تصل قيمته إلى 27 مليار دولار أمريكي، إضافة إلى عدد من المشاريع في باكستان بقيمة تصل إلى 3،6 مليار دولار أمريكي، يضاف إلى ذلك، أن “جورجو ارماني” تحالف مع العبار لإطلاق عدد من مشاريع الضيافة .
ولعل أبرز ما تميزت به “إعمار” هو سعيها المتواصل وقدرتها اللافتة على تنفيذ مشاريع مذهلة بكل المقاييس . ولم تكن الشركة لتكتفي بإطلاق مشاريع ضخمة وجيدة فحسب، بل سعت دوماً إلى ابتكار الأضخم والأفضل .
وفي الحقيقة، فقد كشف العبار عن أن التصميم الأصلي لمشروع “برج خليفة” كان يتألف من 90 طابقاً فقط .
وفي هذا السياق، قال العبار: “كنت سعيداً للغاية بهذا المشروع، وقد تم وضع 9 مخططات مختلفة آنذاك لتصميم البرج، وكان اللقاء الذي جمعني بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قصيراً للغاية لم يتجاوز 10-15 دقيقة غادر بعدها، فلحقت به متسائلاً عما إذا كان علينا البدء بعمليات البناء، فأجابني قائلاً: أعتقد أنك تحتاج إلى مجهود أكبر، وبعد شهرين، قمت بعرض المخطط على سموه مجدداً، وعندما أبدى موافقته، كان البرج أعلى بنسبة كبيرة من أي مبنى آخر، ومع ذلك قمنا بزيادة ارتفاع البرج حتى وصل إلى 828 متراً” .
* هل اتصل الشيخ محمد بنك مهنئاً؟
- يجيب العبار سريعاً: “لقد توقع منا ذلك” .
في مايو/ أيار ،2002 كانت قيمة سهم “إعمار” 2،02 درهم إماراتي وسرعان ما بلغ ذورته في شهر يونيو/ حزيران ،2005 إذ وصل إلى 47،65 درهم إماراتي، وبدا واضحاً حينها أن “إعمار” تتجه لتصبح شركة التطوير العقاري الأكبر في العالم بقيمة تتجاوز 36 مليار دولار أمريكي، ورأى العبار حينذاك: انه حان الوقت للانتقال بإعمار نحو المرحلة المقبلة لتصبح مؤسسة عالمية حقيقية، فضاعفت رأسمالها من 2،835 مليار درهم لتصل إلى 6،091 من خلال إصدار سهم لكل سهم، ومع تزايد أعداد الأسهم المتداولة هبطت أسعار الأسهم .
بالنسبة إلى العبار، فقد أصبح النجاح سلاحاً ذا حدين، وقال بهذا الشأن: “إن انخفاض أسعار الأسهم يؤدي بالطبع إلى استياء المساهمين، خاصة أن مهمتنا الأولى هي جعلهم سعداء وأن يحققوا نتائج جيدة، لأن ذلك ينعكس إيجاباً على شركتنا وموظفينا وعملائنا على حد سواء” .
وفي اليوم الذي أعقب إعلان نتائج عام ،2005 تم تداول سهم “إعمار” عند 22،70 درهم إماراتي لينخفض إلى 10،85 درهم إماراتي، وبذلك خسرت الأسهم أكثر من نصف قيمتها، ولم تكن الشركة تفتقر وقتها إلى عمليات التوسع والتنوع، ويعترف العبار بأنه تعلم درساً قاسياً في إدارة الشركات المساهمة العامة .
وبالرغم من ذلك، فقد سجلت “إعمار” نمواً في الأرباح بنسبة 35% خلال عام 2006 إلى 1،73 مليار دولار أمريكي، ونوعت الشركة محفظة استثماراتها منتقلة بفاعلية من بناء المنازل إلى بناء الأحلام، ففي ضوء البيانات المالية الصادرة في 30 يناير/ كانون الثاني ،2007 اعتبر العبار الاثني عشراً شهراً السابقة “سنة مصيرية”، مضيفاً أن استراتيجيات التوسع والتنويع الدولية التي اعتمدتها الشركة “آتت ثمارها” .
وأردف العبار قائلاً: “عليك مواصلة المضي قدماً وتحقيق النمو للشركة، وعندما تفكر بهذه الطريقة، تغدو قادراً على تحقيق النمو بالفعل، حتى وإن اتخذت قرارين خاطئين من أصل 10 قرارات تتخذها، ولكن للأسف، الناس لا يغفرون الأخطاء رغم أن أحداً ليس معصوماً عن ارتكاب الخطأ، لأنها طبيعة البشر” .
بعدها، دخلت “إعمار” قطاعي الصحة والتعليم، كما بدأت تتبلور مشاريعها الفندقية، فيما باشرت تنفيذ عدد من المشاريع في السعودية ومصر والأردن، ورغم أن أسعار الأسهم لم تستطع العودة مجدداً إلى المستوى المذهل الذي حققته عند 47 درهماً إماراتياً، إلا أن العبار بدا مفعماً بالعزيمة والإصرار، وتم الشروع بتنفيذ مجموعة من المشاريع ضمن قطاعي الضيافة والترفيه (والتي كان لها أهمية كبيرة لاحقاً)، وبحلول ربيع ،2008 تخطى ارتفاع “برج خليفة” عتبة 629 متراً ليصبح حينها أطول مبنى من صنع الإنسان على وجه الأرض .
وتم إطلاق علامة “العنوان للفنادق والمنتجعات” التي باتت ذائعة الصيت اليوم، وبحلول شهر سبتمبر/ أيلول ،2008 كان العبار يستعد لإطلاق “دبي مول” الذي يعتبر اليوم أضخم وجهة للتسوق والترفيه في العالم .
وحدثت نقطة التحول الكبرى للعالم بأسره في 15 سبتمبر/ أيلول 2008 مع إعلان إفلاس بنك “ليمان براذرز”، وكان من تداعيات ذلك أن هبطت أسعار العقارات في دبي بنسبة 60% لتدخل بعدها في ركود قاسٍ امتد نحو 4 سنوات، وأوشك ذلك أن يتحول إلى كابوس مريع يخيم على الإمارة التي لطالما كانت حلماً للمضاربين .
وأشار العبار إلى أنه خلال الأشهر الستة التي سبقت انهيار سوق العقارات، كان يدرك أن أياماً مظلمة بانتظارهم، وعبّر عن ذلك بقوله: “رغم أن الأسعار كانت تتجه نحو الارتفاع، غير أن ذلك لم يثنِ عملاءنا عن الشراء، قمنا بتحليل أسماء المستثمرين الذين كانوا يقبلون على الشراء عند إطلاق أي من مشاريعنا، وأدركنا أن 60% منهم كانت تتكرر أسماؤهم عند إطلاق كل مشروع .
ومن ثم أمعنا النظر في تلك الأسماء والوجوه وتعقبنا نشاطهم في مراكز البيع التابعة لشركات التطوير الأخرى . وكانت هي الوجوه ذاتها، ولذلك قمنا مباشرة بتخفيض حجم المعروض بنسبة 30% في ظل وجود الكثير من عمليات المضاربة” .
وتابع العبار قائلاً: “لدى مقارنة مبيعاتنا بالأمتار المربعة في دبي بنظيراتها في نيويورك وشيكاغو وسنغافورة وتورونتو، وجدنا أن أسعارنا كانت مرتفعة قليلاً، وهذا القليل يعتبر كثيراً بالنسبة لنا، ولو نظرت إلى الارتفاع الذي شهدته أسعار المنازل وارتفاع الدخل، فستدرك أنه ما من انسجام بينهما، فكان ثمة خطأ لم نعرف ما هو، وكان علينا خفض حجم المعروض بنسبة 80%، ولكننا اقترفنا خطأ جسيماً عندما لم نفعل ذلك” .
* إذاً متى أدرك العبار أن سوق العقارات انهارت؟
- أجاب عن هذا السؤال بصراحة: “عندما توقفت مبيعاتنا تماماً، وقد كان ذلك قاسياً جداً بالنسبة لنا” .
وكان الآتي أسوأ بطبيعة اللحال، فخفض العبار راتبه الخاص ورواتب الرؤساء التنفيذيين بنسبة 50%، في حين تم خفض أجور بقية الموظفين بنسبة 30% .
وبهذا الصدد، قال العبار: “لم أعتقد مطلقاً أن الأمر سيسوء إلى تلك الدرجة وسيستغرق كل ذلك الوقت، ولكن أوقاتاً عصيبة كتلك هي وحدها التي تتيح لك التمييز بين الصبيان والرجال .
كان علينا شد الأحزمة، وخفض النفقات، وللأسف توجب علينا اتخاذ قرارات صعبة، وسحب بعض المشاريع . وكان السؤال: هل أنت قادر على اتخاذ تلك القرارات وتنفيذها؟ هل أنت قادر على خفض أجور الموظفين؟
ورغم حدوث موجة ركود عالمية لم يسبق لها أن تفاقمت إلى هذا الحد، وكان الأمر المثير للاهتمام بشأن “إعمار” في تلك المرحلة هو أنها لم تتوقف عن إقامة مشاريع البناء رغم تقليص نفقاتها .
ومما يثير الدهشة أيضاً أن جدول التواريخ الرئيسية للشركة على موقعها الإلكتروني يظهر أنها كانت في ذروة نشاطها بين عامي 2009 و2012 .
ولم يقتصر ذلك على افتتاح “برج خليفة” المذهل فحسب، وإنما حققت الشركة كذلك توسعاً سريعاً في استثماراتها الخاصة بقطاعات الترفيه والضيافة .
وسرعان ما أصبح “العنوان للفنادق والمنتجعات إحدى العلامات الشهيرة التي تواكب التطلعات العالمية، في حين استقبل “دبي مول” ما يزيد على 30 مليون زائر خلال فترة لا تتجاوز العام من افتتاحه (الذي تم خلال فترة الركود الاقتصادي)/ .
وخلال تلك الفترة، أشار الكثير من المصرفيين على العبّار بضرورة اقتراض المزيد . وقال في هذا السياق: “كوننا شركة عامة، تدافع الناس إلى مراقبة مستوى ديوننا .
ولم يتوانَ المحللون عن مضايقتنا طوال الوقت، وذهب البعض منهم إلى التشكيك بكفاءة ميزانيتنا العمومية لعدم احتوائها على الكثير من الديون، وقد حظيت بعروض تمويل مغرية كانت ستكبدنا مزيداً من الديون، ولكنني لجأت إلى استشارة في كيه جومبر الرئيس التنفيذي في شركة إعمار الذي توفي عام 2010 وكان لكلينا الرأي ذاته، بأن هؤلاء المصرفيين يستشهدون بقلة ديوننا للتشكيك بعدم كفاءة ميزانيتنا العمومية .
ويعود ذلك إلى طبيعتنا بأية حال، فنحن لا نحب أن يتفاخر هؤلاء المصرفيون خلال حفلات الاستقبال قائلين: لقد أقرضنا إعمار 200 مليون دولار” .
لقد فعل العبّار عين الصواب، فالديون التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات باتت تشكل طوقاً يكبل أعناق العديد من الشركات المنافسة التي كانت تناضل للخروج من حالة الركود الاقتصادي .
ولكن ذلك ليس حال “إعمار”، حيث لا تتجاوز نسبة ديونها الحالية 19% من إجمالي قيمة أصولها التي تقدر بنحو 17 مليار دولار أمريكي، الأمر الذي أتاح لها مواصلة إطلاق مشاريع ضخمة .
وشهد شهر سبتمبر من العام الماضي بيع وحدات مشروع “العنوان بوليفارد” في اليوم الأول من إطلاقه، وحصل الشيء ذاته بالنسبة لمشروع “العنوان ريزدنس فاونتن فيوز” الذي تم إطلاقه في شهر يناير ،2013 وكذلك مشروع “العنوان ريزدنس سكاي فيو” الذي تم إطلاقه في شهر فبراير/شباط .
وعلى نحو مماثل، شهد مشروع “إعمار سكوير” في تركيا إقبالاً كبيراً، وتخطط الشركة اليوم لإطلاق علامة “فندق العنوان” في كينيا ومصر ولندن .
وفي هذه الأثناء، استقبل “دبي مول” العام الماضي نحو 65 مليون زائر، مسجلاً زيادة بأكثر من 20% على العام السابق .
وجود المضاربين
وقال العبار: “من الطبيعي وجود المضاربين عندما تكون هناك حالة من الازدهار، وذلك بسبب نزعة الجشع الموجودة داخل كل واحد منا والتي تثير فينا الرغبة لكسب المزيد .
وهنا ينبغي على المصارف توخي الحرص، حيث ينبغي أن تتضافر جهود الجميع من مؤسسات عقارية ومصرفية وجهات تنظيمية لمد يد العون والمساعدة رغم أن ذلك لن يحول طبعاً دون سعي المضاربين لتحقيق الربح . ولكن نظامنا بات الآن أكثر تطوراً بحيث أصبح من السهل بمكان كشف هؤلاء وتجنب البيع لهم مرة أخرى” .
* وحول المطورين العقاريين، حيث إنه خلال الأزمة المالية العالمية التي بدأت عام ،2008 كان هناك الكثير من الأبراج غير المكتملة والتي تسببت بإفلاس الآلاف من المستثمرين . فهل يمكن أن يتكرر هذا السيناريو مجدداً في حال تسارعت وتيرة الطفرة؟
- أوضح العبار: “أشعر بالقلق إزاء ذلك، وأعتقد بأن القوانين يجب أن تكون أكثر صرامة . ويحتاج المرء للاطلاع على تجارب الدول الأخرى، ورصد أداء شركات التطوير العقاري، من هم مالكوها؟ وما هي قاعدتها الرأسمالية؟ وما مدى قوتها المالية؟ فإذا قمت ببيع نصف المبنى دون أن تتمكن من بيع قسمه المتبقي، فهل سيتوفر لديك المال الكافي لمواصلة البناء؟ وبما أنك تعتمد على حساب الضمان لدى مؤسسة التنظيم العقاري، فهل ستتوقف عن متابعة العمل؟ هنا ينبغي على مؤسسة التنظيم العقاري، أن تتأكد من قدرة الشخص على توفير التمويل اللازم لإتمام عملية البناء حتى لو قام بالبيع على المخطط” .
* هل يمكن أن يحدث هذا مع إعمار؟
- وارتفع صوت العبار بالقول: “لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحصل ذلك مع “إعمار”؟ أنا أعدكم بذلك” .
* والآن ماذا بشأن “إعمار”؟
- يبدو المستثمرون بغاية السعادة مع ارتفاع العائد السنوي على الأسهم بنسبة 85%، فمنذ شهر يونيو/حزيران العام الماضي، ارتفع سعر السهم بشكل مطرد من 80 .2 درهم إماراتي ليقترب مطلع هذا العام من عتبة 6 دراهم إماراتية، ورجح بنك “إتش إس بي سي” أن يصل سعر السهم إلى 7 .7 درهم إماراتي، ولا يستبعد بعض المحللين أن يصل السهم إلى 10 دراهم إماراتية بحلول نهاية العام . وقال العبار هناك العديد من المستثمرين الذين يتميزون بولاء مطلق مطلق، فهناك نحو 45 ألف مساهم في الشركة و60 - 70% من المساهمين الذين يمتلكون أسهماً تقدر قيمتها بأكثر من 6 مليارات درهم ومدرجة في سوق دبي المالي لم يقوموا يوماً ببيع أو المتاجرة بأسهمهم، لقد شهدوا الكثير من التحديات ولكنهم فضلوا الاحتفاظ بالسهم .
وأضاف: “إنهم عين الأشخاص الذي احتفظوا بأسهم إعمار منذ انطلاق الشركة، لأنهم يقدرون قيمة الشركة التي توفر فرصاً استثمارية طويلة المدى” .
وتحفل جعبة العبار بالمشاريع التي يعتزم تنفيذها خلال المرحلة المقبلة، ومنها مشروع “وسط مدينة” جديد في القاهرة بضعف حجم “وسط مدينة دبي” . كما يرى أنه من المثير للاهتمام” إنشاء مشروع مماثل في تركيا وآخر في الرياض .
ولكن الأهم من ذلك كله هو تطلع العبار إلى تكرار تجربة إنشاء ناطحة السحاب الأطول في العالم مع اتجاه الأنظار إلى “برج المملكة” الذي يعتزم الأمير الوليد بن طلال إنشاءه في جدة بارتفاع 1 كم، والذي يسعى لاختطاف اللقب من “برج خليفة” في دبي .
ربما يتوجب عليه الإسراع في التنفيذ، فالعبار يخطط لتشييد برج أطول في مكان ما من آسيا واصفاً إياه بالقول: “سيكون أطول بقليل من برج المملكة” .
* وماذا يحمل العقد المقبل للعبار؟
- قال العبار: “بنهاية السنوات العشر المقبلة سأكون قد بلغت من العمر 63 عاماً، وأعتقد بأنني سأظل قادراً على تطوير المشاريع الضخمة . وآمل حينها أن أكون أكثر حكمة، وسأبقى في “إعمار” مادامت بحاجة إليّ . وسأواصل العمل لمصلحة المساهمين ما رأوا أنني أضيف لاستثماراتهم مزيداً من القيمة” .
* وبالنسبة لبناء أطول برج في العالم مرة أخرى؟
- قال العبار: “سيكون ذلك من دواعي سروري . وأعتقد أنه سيكون مميزاً للغاية” .
وحدهم الحمقى سيراهنون على فشله .
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}