قبل أكثر من 30 عاماً وجه المغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي بإنشاء مصنع متخصص في توفير أشكال المستحضرات الدوائية بذات مواصفات الجودة العالمية وبأسعار مناسبة، انطلاقاً من رؤية إنسانية حكيمة هدفها المساهمة في تحقيق الأمن الدوائي بصورة مستمرة، وتوفير فرص العمل للمواطنين والمواطنات وتقديم العون الدوائي للمحتاجين .
انطلاقاً من مقرها الرئيس القريب من مطار رأس الخيمة الدولي، تمضي شركة الخليج للصناعات الدوائية التي تسمى اختصاراً (جلفار)، وهو الاسم القديم لرأس الخيمة، بخطى واثقة ساعية إلى تحقيق تلك الرؤية السديدة، ففي غضون فترة وجيزة تحولت إلى اسم يثير الإعجاب في الساحة الدوائية يجلب الفخر، فالأدوية التي تنتجها باتت تغطي جميع التخصصات وتقدم الحلول العلاجية المبتكرة للعديد من الأمراض، بل نجحت بامتياز في كبح جماح أسعار الدواء الأجنبي، ما أسهم في تخفيض كلفة العلاج بنسبة تساوي 50% علاوة على أن عبوات جلفار التي تحمل علامة “صنع في الإمارات بفخر”، تتمتع بحضور قوي في أكثر من 40 بلداً حول العالم، وتسهم في ترسيخ المكانة المرموقة للصناعة الوطنية .
التميز والابتكار
وتكمن قوة جلفار في قدرتها الهائلة على التميز الذي لم يقتصر على منشآتها الضخمة فحسب، وإنما امتلاكها لبرامج التقنية التصنيعية المتطورة، وهو ما جعل منها صرحاً دوائياً إماراتياً رائداً في منطقة الشرق الأوسط يتألف من 11 مصنعاً مجهزاً بأحدث ما توصل إليه العالم في مجال تقنية الصناعة الدوائية، لتكتسب بذلك مزايا القدرة على التنوع والابتكار، حيث تنتج 8 .4 مليار وحدة سنوياً تشمل مختلف أشكال الجرعات .
وتلك المسيرة الدوائية الوطنية تعززت بدخول مجال التقنية الحيوية، حيث تمكنت من إنتاج منتجات التكنولوجيا الحيوية، وأيضاً تلبية الطلب على الأثروبويتين والأنترفيرون وهرمون جي سي أس إف والأنترلوكين في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب توفير المستحضرات المعالجة للأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم والفشل الكلوي .
ويعد مشروع جلفار لإنتاج خام “بلورات الأنسولين” الذي يصنف بغير المسبوق في المنطقة وبلغت كلفة إنشائه نصف مليار درهم وتم تدشينه مؤخراً، حيث ينتج 1500 كغم سنوياً شاهداً قوياً على التزام جلفار برؤيتها القائمة على طرح المزيد من المبادرات المبتكرة لمواجهة التحديات الصحية ليس محلياً فحسب، وإنما في منطقة الشرق الأوسط والدول الآسيوية وأمريكا الجنوبية، وخاصة مرض السكري الذي يعد حسب التقارير أحد أكثر خمسة أمراض انتشاراً في المجتمع ويتسبب في نسبة 22% من إجمالي الوفيات .
ونتيجة لصغر حجم سوق الدواء الإماراتي في مواجهة تكالب كبرى شركات الدواء العالمية، فإن نصيب جلفار منه يساوي 10% من جملة طاقتها الإنتاجية، وعوضاً عن ذلك فهي تقوم بتصدير جلّ منتجاتها التي تساوي 90% إلى الأسواق الخارجية، ولكن القائمين على الشركة لا يرون في ذلك مصدر قلق لهم بل يرون في تصدير الدواء الإماراتي إلى الأسواق الخارجية الكثير من المنافع الوطنية، وفي مقدمتها دعم الميزان التجاري لدولة الإمارات بما يساوي مليار درهم بحسب التقارير المالية في ،2012 إضافة إلى أن المستحضرات ذات علامة “صنع في الإمارات بفخر”، التي يتم ترويجها في أكثر من 45 بلداً حول العالم تضع الإمارات على خريطة الصناعة الدوائية العالمية وتعزز مكانتها كبلد صناعي بامتياز وليس مستهلكاً كما يعتقد البعض .
وفي خطوة تهدف إلى استثمار فرص العمل المتاحة في الأسواق الناشئة والمهمة توجهت بقوة نحو إفريقيا لتمكينها من سد احتياجاتها الدوائية ودعمها بالإمكانات والخبرات مستفيدة من الإمكانات والخبرات التصنيعية الواسعة التي تتمتع بها وامتلاكها الحلول الدوائية المبتكرة، فأنشأت مصنعاً بالشراكة في إثيوبيا ويقع بالقرب من العاصمة أديس أبابا وعلى مساحة 40 ألف قدم مربعة، وصمم تقنياً بحيث ينتج حاجة الاستهلاك من الجرعات الصلبة والسائلة أي ما يساوي 25 مليون زجاجة و500 مليون قرص وكبسولة ويوفر فرصة العمل لأكثر من 50 موظفاً في شتى المجالات .
وتجري الاستعدادات على قدم وساق لإنشاء جلفار لمصنع آخر في السعودية بالشراكة مع شركة سقالا .
وباعتبارها شركة رائدة في صناعة الدواء في منطقة الشرق الأوسط ومهتمة بصورة أساسية بالمشاركة في الفعاليات العلمية، تحرص جلفار على تنظيم واستضافة ورعاية المؤتمرات الطبية المهمة داخل الدولة وخارجها وتعمل على إنجاحها من خلال استقطاب نخبة النخبة من علماء الطب كمتحدثين، وأيضاً المشاركين فيها الذين يناهز عددهم زهاء الألف في العام الماضي ،2012 علاوة على ذلك تهتم بترسيخ ثقافة المسؤولية المجتمعية التي ترصد لها ميزانية يتم استقطاعها من صافي الأرباح السنوية تساوي نسبة 2% لتنفيذ المبادرات الخدمية والأنشطة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن مثل تقديم المنح الدراسية الجامعية للطلاب المواطنين، ودعم برامج المؤسسات التعليمية والرياضية والثقافية والتراثية والدينية وتنظيم الدورات التدريبية والمشاركة في حملات التبرع بالدم لإنقاذ المرضى والمصابين في الحوادث .
استقطاب وتأهيل الكوادر المواطنة
تضع جلفار تنمية وتطوير الموارد البشرية الوطنية ضمن أولويات مسؤولياتها لذا تترك الأبواب مفتوحة على مصراعيها بصورة دائمة بغية استقطاب الكوادر المواطنة لشغل وظائفها وأسفرت تلك الجهود عن تحقيق نسبة توطين 10%، ومع أنها دون الطموح لكنها تبقى مقبولة بالمقارنة مع ضخامة الشركة التي تضم أكثر من ألفين من العاملين والعاملات، وأيضاً بالنظر إلى خصوصية صناعتها التي تتطلب تخصصات أكاديمية، ومهنية يصعب توافرها بين الشباب المواطنين مثل الصيدلة والهندسة الكهربائية والكيمياء والتقنية الحيوية لكنها من أجل التغلب على تلك المعضلة قامت بإنشاء مركز متخصص للتدريب والتأهيل علاوة على دعم البرامج التعليمية ذات الصلة والمشاركة باستمرار في معارض التوظيف بحثاً عن الشباب حملة المؤهلات التي تتواءم مع طبيعة العمل .
ويعد برنامج الشيخ فيصل بن صقر لإعداد القادة من المبادرات المهمة ويقف شاهداً على الجهود المبذولة لتكوين رأس مال بشري وطني يسهم بقوة في التنمية، إذ يطرح البرنامج في غضون فترة تدريب مدتها ثلاث سنوات العديد من المبادرات الهادفة إلى تأهيل وتطوير الكوادر المواطنة وغرس مفهوم ثقافة الجودة كمبدأ لأداء الوظيفة سواء في القطاع العام أو الخاص .
وحسب تلك المحاور التدريبية التي تؤهل المشاركين فيه الناجحين للحصول على شهادات حضور معترف بها تحفظ في ملفاتهم الوظيفية وتؤخذ بعين الاعتبار في عمليات التقييم والترقي والحوافز، فإن برنامج الشيخ فيصل بن صقر يركز في الأساس على تنمية المهارات في المجالات الأكثر شمولية .
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}