تدرس شركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة» تحويل أصول معالجة مياه الصرف الصحي من هيئة مياه وكهرباء أبوظبي «أدويا» إليها خلال العام الحالي، وذلك بتأسيس شركة مستقلة قادرة على تلبية الطلب المتنامي على المياه بالإمارة، بحسب أحمد بن عبود العدوي نائب الرئيس لتطوير مشاريع المياه بالشركة.
وقال العدوي لـ «الاتحاد»: إن «طاقة» أصبحت واحدة من أكبر الشركات بفضل علاقتها بحكومة أبوظبي وهيئة مياه وكهرباء أبوظبي، التي كانت مسؤولة عن جميع مشاريع المياه والكهرباء في الدولة، موضحاً أنه طلب من «طاقة» في العام 2011 دراسة مشاريعها الخاصة بالمياه، وتقييم أدائها كشركة مستقلة لإنتاج الماء والكهرباء، وكانت مشاريع المياه وقتها تحقق عائدات بقيمة 800 مليون دولار سنوياً، أي نحو 43% من إجمالي عائدات الشركة من مشاريع المياه والكهرباء، مما دعا الشركة إلى دراسة إنتاج المياه بشكل مستقل.
وأفاد بأن «طاقة» تتطلع إلى فرص استحواذ على أصول في قطاع المياه في الدولة وأسواق المنطقة، بهدف تلبية الطلب المتزايد على المياه، من خلال استراتيجية تركز على تطوير وامتلاك وتشغيل الأصول المتعلقة بتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف.
وأضاف أن الشركة تسعى لتأسيس أعمالها في هذا المجال بالاعتماد على تطوير الأعمال الحالية، وإيجاد فرص توسع جديدة، بحيث يتم تطوير الأعمال الحالية على الصعيد المحلي من خلال الحصول على حصص ملكية في مشاريع هيئة مياه وكهرباء أبوظبي، وكذلك على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال التقدم لمناقصات لتملك وتشغيل المشاريع، أما عملية التوسع فستكون عبر الاستفادة من فرص الاستحواذ على محطات التحلية ومحطات معالجة مياه الصرف والشركات العاملة في القطاع.
وأضاف العدوي: «ينصب تركيزنا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة على أبوظبي، حيث تكفي طاقتنا الإنتاجية الحالية البالغة 900 ألف جالون يومياً، لتلبية الطلب المحلي الذي يقدر بنحو 880 ألف جالون يومياً، لكننا بحاجة إلى طاقة إنتاجية إضافية لمواجهة النمو المتوقع في الطلب».
وبين أن «طاقة» بحاجة إلى زيادة طاقة التحلية بما يعادل 160 ألف جالون يومياً بحلول العام 2016-2017، ومضاعفة الطاقة الإنتاجية الحالية في العام 2030، بكلفة تزيد عن خمسة مليارات دولار (18,3 مليار درهم)، ما يستلزم توسيع مشاريعها المستقلة لإنتاج المياه، باعتبارها من المستثمرين الاستراتيجيين في القطاع، كما تصنف كثاني أكبر شركة لتحلية المياه في العالم، وتنظر حالياً بخطط للتوسع، وزيادة نشاطها في الاستثمار بالأصول والحصول على حصة أكبر من السوق.
وحول أشكال الاستحواذ التي تتطلع إليها «طاقة»، قال العدوي، «إن النموذج التشغيلي لمحطات تحلية المياه المستقلة على غرار محطات توليد الكهرباء، سيكون نموذجاً جيداً، خصوصاً أن «طاقة» تمتلك حصة الأغلبية فيها، فيما ستتم دعوة المستثمرين من القطاع الخاص لإدارة مهام محددة مثل الصيانة».
ويطبق نموذج الملكية المشتركة لشركة «طاقة»، والمستثمرين من القطاع الخاص، في 8 محطات لتوليد الكهرباء وتحلية المياه في الدولة، كما يوجد في قطاع محطات معالجة مياه الصرف، محطتان رئيسيتان في أبوظبي تقومان بمعالجة 860 ألف متر مكعب من المياه يومياً، وتتوزع ملكية المحطتين بين هيئة مياه وكهرباء أبوظبي بنسبة 60%، والمستثمرين الأجانب بنسبة 40%.
طلب متنامٍ على المياه
وبين العدوي أن إمارة أبوظبي تعتمد منذ الثمانينات على تحلية مياه البحر لإنتاج المياه العذبة، وبُنيت محطات التحلية، بجانب محطات توليد الكهرباء، للاستفادة من الحرارة التي تنجم عن عمل الأخيرة في تقنية ما يسمى بـ «التقطير الومضي» متعدد المراحل المستخدمة لتحلية مياه البحر، وتُستخدم حالياً هذه التقنية لتحلية 98% من إنتاج أبوظبي اليومي من المياه والبالغ 880 مليون جالون.
وأضاف أن رؤية «أبوظبي 2030» تتضمن خططاً للتوسع الحضري والنمو الصناعي، ما يؤدي إلى ازدياد الطلب على المياه، ويتوقع أن يصل حجم الطلب على المياه في إمارة أبوظبي فقط إلى 1,15 مليار جالون يومياً في العام 2021، وستصبح الإمارة وقتها بحاجة إلى أكثر من 20 جيجاواط من الكهرباء خلال فصل الصيف، في حين يُتوقَّع أن ينخفض الطلب خلال الشتاء إلى ثلث ما هو عليه في الصيف، وتتطلب هذه الحالة عادة خفض إنتاج الكهرباء في الفصل الذي يشهد انخفاضاً في الطلب.
وقال إن أبوظبي ستظل بحاجة إلى إنتاج 1,15مليار جالون يومياً من المياه من محطات التحلية المرتبطة بعمل محطات توليد الكهرباء، ما يستدعي توجهاً سريعاً نحو المشاريع المستقلة لإنتاج المياه بأبوظبي.
وبحسب العدوي، هناك تحول في الأسواق المحلية والإقليمية نحو مشاريع المياه المستقلة والمنفصلة عن مشاريع توليد الكهرباء، وتمتلك دول المنطقة ومنها الإمارات قدرة كبيرة على توليد الكهرباء، لكن هذا الأمر، من وجهة نظر العدوي، يفيد في تلبية الزيادة الموسمية في الطلب، في حين يترتب عليه ارتفاع في التكلفة والهدر، لضمان ثبات واستقرار إنتاج المياه باستخدام التقنية الحرارية في محطات توليد الكهرباء في المواسم التي ينخفض فيها الطلب على الكهرباء، وهو ما يبرز الحاجة إلى نهج يضمن هذا الاستقرار دون الاضطرار إلى توليد كهرباء لا حاجة لها.
الفصل بين المحطات
وقررت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة» اعتماد استراتيجية تقوم على تأسيس قسم منفصل لأعمال المياه، يمتد نشاطه عبر دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والهند.
وقال أحمد العدوي، رئيس قسم عمليات المياه بالشركة: إن الفصل بين محطات توليد الكهرباء ومحطات تحلية المياه، يتيح إمكانية إنشاء محطات التحلية في أي مكان على سواحل البلاد، وبدأت الإمارات فعلاً تنظر في المواقع المحتملة لمثل هذه المحطات في الفجيرة والمنطقة الغربية.
وقال: إن هناك تقنيات جديدة في مجال تحلية مياه البحر، أبرزها تقنية «التناضح العكسي»، التي تُستخدم فيها أغشية حساسة لتنقية المياه، جعلت منها بديل تحلية آخر أقل تكلفة، وأصبح بالإمكان الآن استخدام هذه التقنية لتحلية كمية أكبر من المياه وبتكلفة أقل دون التأثير على الكفاءة أو الجودة، ودون الحاجة إلى كميات كبيرة من الطاقة.
وبين أن بناء محطات تحلية المياه بـ «التناضح العكسي» أكثر سهولة وبساطة، بحيث يمكن أن يتم في موقع قريب من المستهلكين، فيما تنطوي محطات توليد الكهرباء على تكاليف باهظة، وتحتاج إلى امتداد واسع من البنية التحتية وخطوط النقل ومحطات التحويل والشبكات الكهربائية لخدمة مساحات واسعة، في حين لا يحتاج نقل المياه سوى شبكة أنابيب.
وأشار العدوي إلى وجود تغييرات في توجهات أسواق المياه مع التركيز على معالجة مياه الصرف، قائلاً: «في الماضي لم تكن الدول تدرك الحاجة لمعالجة المخلفات السائلة أو مياه الصرف، وكانت تلجأ إلى تخزينها أو ضخها إلى البحر دون معالجة، وهذا ما ترتب عليه تجمع كميات هائلة من المخلفات السائلة التي أخذت تتسرب أحياناً إلى مخازن المياه الجوفية مسببة تلوثها، إلى جانب المشاكل البيئية الكثيرة التي تنجم عن ضخ مياه الصرف إلى البحر مباشرة».
500 مليار دولار عائدات قطاع المياه عالمياً في 2017
تشير التوقعات إلى ارتفاع عائدات قطاع المياه العالمي إلى 500 مليار دولار في العام 2017، وهو ما يدفع شركة «طاقة» وشركات الكهرباء والمياه الأخرى للسعي وراء حصة أكبر من هذه الكعكة، بحسب «طاقة».
وتتوقع مؤسسة «لوسينتل» المتخصصة بأبحاث السوق والاستشارات الإدارية، حدوث نمو في قطاع معالجة مياه الصرف الصحي في العالم، نتيجة تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية، خاصة في الاقتصادات الناشئة.
وبحسب تقرير أصدرته الشركة بعنوان «مرافق المياه في العالم 2012-2017»، من المتوقع نمو قطاع المياه بنحو 432 مليار دولار خلال خمس سنوات، لافتة إلى ازدياد حدة تجزئة السوق بسبب انخفاض نسبة تواجد الشركات الكبرى.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}