نبض أرقام
03:42 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

"نوبل" في الاقتصاد.. هؤلاء الثلاثة ابتكروا نهجًا لمكافحة الفقر عالميًا

2019/10/15 أرقام - خاص

إذا تمكن الداء من عضو في جسد الإنسان، فإن أفضل من يشخص الإصابة هو الطبيب المختص، وأفضل من يعد الدواء هو الصيدلي، وأفضل من يرعى المريض هو الممرض، وكما أن للقلب طبيبه وللعين طبيبها ولكل داء دواء يستطب به فللأمم أطباؤها الذين يحرسون سلامتها أيضًا.

 

 

الاقتصاد هو قلب الأمة ومصدر قوتها ومحركها الرئيسي، لا ازدهار دون اقتصاد متماسك، لا يوجد تقدم تقني أو عسكري دون اقتصاد راسخ الأركان، ولا يوجد رفاهية وشعب منعم دون اقتصاد جيد الأساسيات، لذا فإن مداواة السقام التي قد تصيبه هي أولوية قصوى للدول والعالم أجمع.

 

على عكس أعضاء الجسد، فإن قلب الأمة لا يحتاج للرعاية الثلاثية، فعلم الاقتصاد يوفر القدرة على التشخيص وإعداد الترياق ومتابعة التطورات والتنفيذ، ولعل ذلك أحد الأسباب التي جعلت للاقتصاديين نصيبًا في جائزة "نوبل" العالمية، نظرًا لما تقدمه إسهاماتهم في رقي الشعوب وتطيب آلامهم.

 

الدواء المنتظر طويلًا

 

- واحد من أسوأ الأمراض التي تهدد البشرية جمعاء وتؤرق أذهان الساسة والاقتصاديين والناشطين في المجالات الخيرية، هو الفقر، الذي يحرم الكثير من الناس من الوصول إلى أساسيات المعيشة الكريمة من مسكن ومأكل ورعاية صحية وفرص تعليمية.

 

- وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فإن معدل الفقر المدقع عالميًا انخفض من 36% عام 1990 إلى 10% بحلول عام 2015، لكن هذا يعني أنه لا يزال هناك 736 مليون شخص حول العالم يعيشون بأقل من 1.9 دولار يوميًا.

 

- إذن، لا يزال العالم يعاني بعد كل هذا القدر من الانفتاح والعولمة والتقدم التقني، هذه حقيقة فالمرض متأصل في بعض المناطق ولا يمكن اقتلاع جذوره بسهولة، ولعل هذه الصعوبة هي ما جعلت جائزة "نوبل" في الاقتصاد لهذا العام من نصيب ثلاثة من محترفي هذا العلم.

 

 

- حصل أستاذا الاقتصاد بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "أبهيت بانيرجي" و"إستير دوفلو" إلى جانب "مايكل كريمر" من جامعة هارفارد هذا الأسبوع، على الجائزة البالغة قيمتها نحو 915 ألف دولار، لتطويرهم برنامجا لمكافحة الفقر.

 

- بعيدًا عن الدور الجامعي الذي لعبه الاقتصاديون الثلاثة، فإنهم استطاعوا التحول بعيدًا عن المناخ الأكاديمي للتخفيف من وطأة الفقر في القرى والحقول والمدارس النائية في جميع أنحاء العالم، وقدموا يد العون إلى ملايين الأطفال.

 

عن جائزة "نوبل" للاقتصاد

 

- كانت هذه الذكرى السنوية الخمسين لجائزة "نوبل" في الاقتصاد، حيث منحت لأول مرة عام 1969 من قبل البنك المركزي السويدي، كإضافة إلى الجوائز الخمس الأساسية الواردة في وصية "ألفريد نوبل".

 

- مع ذلك، هناك دائمًا حالة من الجدل والانتقادات الموجهة للجائزة، فهي بخلاف العلوم الأخرى مثل الفيزياء والكيمياء، يقولون إنها تذهب إلى أمور لا يمكن قياسها، أو إلى مجرد رؤى.

 

- على سبيل المثال، في عام 2013، حصل "يوجين فاما" على الجائزة لتطويره فرضية "كفاءة السوق"، والتي تنص على أن أسعار السوق تعكس جميع المعلومات المتاحة للجمهور، بالتشارك مع "روبرت شيلر" الذي عمل على دحض هذه الفكرة بالتحديد.

 

 

- رغم أن منح الجائزة إلى الرجلين يعني أن رؤيتيهما لا تقدر بثمن، فإنها تعني أيضًا أن علم الاقتصاد في أفضل حالاته يعطي رؤى عامة فقط وليس حلولًا، ومع ذلك، يبدو أن جائزة هذا العام في طريقها لتغيير هذا المفهوم.

 

- على أي حال، تبقى القيمة الرئيسية للجائزة، في حقيقة أنها تجذب انتباه العالم (لمرة واحدة في العام) إلى مجموعة مهمة من الأفكار، وقد اكتسبت العديد من القضايا التي أثارها مفكرون مثل "بول صامويلسون" و"روبرت سولو" رواجًا واسعًا بفضل ذلك.

 

عن جائزة هذا العام

 

- استعان الباحثون الثلاثة بالممارسة المعروفة بـ"تجارب المراقبة العشوائية" التي يشيع استخدامها في إجراء التجارب العلمية (في العلوم الأخرى وليس الاقتصاد)، ليتمكنوا من قياس الآثار طويلة الأجل على مجموعة من السياسات المستهدفة.

 

- قالت اللجنة المانحة للجائزة، إن عمل الاقتصاديين الثلاثة أدى إلى تحسن في حياة العديد من الفقراء، مشيرة إلى أنه كنتيجة لدراسة واحدة، استفاد خمسة ملايين طفل هندي من دروس التقوية في المدارس، في حين زادت عدة دول إنفاقها على الرعاية الصحية الوقائية.

 

- بدأ هذا النهج التجريبي في منتصف التسعينيات بسلسلة من الدراسات المدرسية في غرب كينيا، والتي تم تلخيص نتائجها في ورقة لـ"كريمر" نشرت في "أمريكان إيكونوميك رفيو" عام 2003، وهي واحدة من أكثر المجلات الاقتصادية انتشارًا.

 

 

- بفضل العون الذي تلقاه من رفيقيه، اتسع نطاق الأبحاث ليشمل النهج مجموعة من المجالات بما في ذلك الصحة وتوفير الائتمان ووصول النساء إلى السلطة السياسية وتحسين تقنيات الزراعة.

 

- يقول "كريمر" إن النهج يدفع الاقتصاديين إلى الانخراط المباشر مع القضايا التي يعملون عليها مع المزارعين والأطفال والمدارس والمعلمين، مضيفًا: غالبًا ما تظهر صورة الاقتصاديين على أنهم مجرد محللين للبيانات لا يستندون للحقائق التي يدرسونها، وهذا ليس حقيقًا.

 

مساهمة نسائية مميزة

 

- في مجال التعليم فقط، ساعدت أبحاث العلماء الثلاثة والنهج الذي وضعوه في تقسيم الفقر إلى جوانب أصغر حجمًا يسهل معالجة كل منها على حد، أكثر من 60 مليون طفل في الهند وإفريقيا على اكتساب مهارات الرياضيات والقراءة.

 

- تعد "إستير" البالغة من العمر 46 عامًا، ثاني امرأة تفوز بجائزة "نوبل" في الاقتصاد، وأيضًا هي الشخص الأصغر سنًا الذي يحوز هذا اللقب، وتقول إنها فوجئت بالفوز، خاصة أن الجائزة عادة ما تمنح لأكاديميين أكبر سنًا وأكثر خبرة.

 

- خلال الدراسات المتعلقة بوضع النهج الخاص بهم، سافرت "إستير" إلى عدد كبير من البلدان النامية لاختبار أفضل السبل المساهمة في تخفيف وطأة الفقر، وسبق أن فازت بميدالية "جون بيتس كلارك" عام 2010، والتي تمنح للاقتصاديين المؤثرين ممن تقل أعمارهم عن 40 عامًا.

 

المصادر: وول ستريت جورنال، الجارديان، بلومبيرغ، رويترز، موقع الأمم المتحدة

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.