نبض أرقام
02:26
توقيت مكة المكرمة

2024/07/12
2024/07/11

"كورونا" والفرصة السانحة .. هل الولايات المتحدة مستعدة لخوض حرب مع الصين؟

2020/05/27 أرقام

حذر مراقبون ومحللون وعسكريون من نشوب حرب محتملة بين الولايات المتحدة والصين، ولن يأتي ذلك من فراغ، فهناك العديد من الشواهد والدلائل التي ربما ترجح ذلك، فالعلاقات الثنائية بين أكبر اقتصادين في العالم مرت بفترات من التميز وأخرى من الفتور وثالثة من التوترات.

 

بالتأكيد، لن يكون اندلاع حرب محتملة بين القوتين الاقتصاديتين والسياسيتين والعسكريتين أمرا مألوفاً، فحال نشوبها، لن تكون حربا تقليدية أو كنزاع حربي سابق.

 

يرى محللون بأن الصين استغلت إجراءات الإغلاق بسبب "كورونا" خلال الأشهر القليلة الماضية من أجل التعتيم على تقدم استراتيجي مذهل على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية.

 

ومن بين جوانب التغطية على ما تقوم به الصين مؤخراً تعزيز الهيمنة على إقليم هونج كونج بعيدا عن تدخل الغرب وأيضاً إعادة بناء جسر أقوى مع سلاسل الإمداد العالمية كي لا تتعطل أنشطتها الصناعية.

 

ولعل الجانب المقلق لدى الغرب حيال بكين جاء في شكل تعزيز الأخيرة لقدراتها العسكرية وتواجدها في منطقة بحر الصين الجنوبي بالإضافة إلى محاولات لكسر هيكل التحالفات الأمريكية في بعض المناطق وإبعاد تايوان عن مظلة الولايات المتحدة واليابان.

 

 

 

"كورونا" ومعركة تكسير العظام

 

- لم يظهر في الأفق أي نجاح ملحوظ من جانب الصين بأنها خرجت من عنق الزجاجة التي وضعتها "كورونا" بداخلها، وذلك مع اقترابنا من نهاية مايو وتسجيل بكين عددا قليلا جدا من الإصابات بالفيروس التاجي - وصفر وفيات.

 

- وفي ظل المحنة والأزمة، ربما سنح أمام الساسة في الصين فرصة قد لا تأتي مجددا، ألا وهي التربح وصنع مكاسب سريعة، وعلى ما يبدو، حققت بكين مكاسب بالفعل على الرغم من عدم الثقة والخوف التي أعرب عنها دول الغرب خاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا.
 

- لا يستطيع الوضع الاقتصادي الصيني الصمود والتنافس في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها لفترة طويلة، إلا لو حدث أمر جلل يمكن استغلاله لاستعادة زمام السيطرة والتحكم في الإيقاع، وهذا الأمر الجلل ربما يكون "كورونا" التي يمكن التسبب من خلالها في إضعاف القوى الاقتصادية والعسكرية للخصوم.
 

- كان القرار - بحسب محللين - من جانب بكين أنه نظرا لعدم القدرة على إعادة الاقتصاد إلى مسار التعافي من تداعيات أزمة "كورونا"، إذن، فليفقد الآخرون كذلك قدرتهم على المنافسة.

- خطة حربية من نوع فريد تشبه إلى حد كبير معركة تكسير العظام كتبها وألفها الحزب الشيوعي الصيني بزعامة الرئيس "شي جين بينج"، ولدى هذه الخطة جذور أيديولوجية متأصلة داخل عقيدة الحزب لكن بشكل جديد يناسب القرن الحادي والعشرين.

- تعتمد عقيدة الفكر الحربي الجديد للحزب الشيوعي الصيني كما يرى محللون على التطوير والهيمنة على سلاسل الإمداد العالمية واللوجستيات والتصنيع كي تصبح بكين بمثابة قوة مركزية تمتد أذرعها عبر مختلف القارات خاصة في آسيا وأوروبا.

- من هنا، يمكننا القول إن مبادرة "الحزام والطريق" - التي كانت تحمل اسم "حزام واحد.. طريق واحد" عندما أطلقها الرئيس "شي جين بينج" في مايو 2017 - بمثابة طريق حرير ثانٍ سيعزز هيمنة بكين على منطقة بحر الصين الجنوبي بمباركة من روسيا والولايات المتحدة واليابان.

- بدأ البعض يتحدثون من منطلق "نظرية المؤامرة" بأن الصين طورت فيروس "كورونا" وتسببت في انتشاره عالمياً - وهذا أمر تحدث عنه الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" علانية - بهدف إضعاف الدول والقوى الأخرى على رأسها الولايات المتحدة من خلال خوض حرب لتكسير العظام غير مباشرة ولا تأخذ الطابع العسكري التقليدي.

 

 

طلقات تحذيرية

 

- قد يقول قائل إنها مجرد تكهنات ومخاوف لدى بعض من يؤمنون بنظرية المؤامرة في الغرب الذين يحاولون إيهام شعوبهم بوجود عدو دائماً يترصد لهم، لكن عند النظر إلى المشهد الأمريكي في الداخل، تتعالى الأصوات بالفعل من الساسة ويطلقون من حين لآخر طلقات تحذيرية.

 

- مجرد تصريحات علنية للتحذير فقط، لكن على أرض الواقع، يلتقي مشرعو الحزبين المتنافسين في أمريكا من الجمهوريين والديمقراطيين سوياً لبحث كيفية مواجهة تهديدات الصينيين للولايات المتحدة والغرب عموماً، وربما ذلك ما دفع بريطانيا لوقف الاستعانة بـ"هواوي" الصينية لتطوير شبكة اتصالات الجيل الخامس "5G" في المملكة المتحدة.

- إذن، فالحرب بين أمريكا والصين جارية بالفعل، لكنها ليست بالعتاد العسكري التقليدي، إنها معركة لتكسير العظام واشتباكات من وراء الجدران، نزاعات للسيطرة والهيمنة وإضعاف الآخرين وتقليل نفوذهم - ليس الدولة بعينها، بل أيضاً بحلفائها الخصوم من باب أن "صديق عدوي - عدوي".

- شبه البعض النزاع القائم بين واشنطن وبكين بحرب باردة جديدة تهيمن فيها التكنولوجيا على مجريات الأحداث، ويرى البعض الآخر، أن الغرب هو من سمح للصين بالنمو والصعود والهيمنة على بعض سلاسل الإمداد كي يعتمد شركاؤها وحتى خصومها عليها.

- كانت "كورونا" ولا تزال بمثابة الشرارة التي أطلقتها أذرع الحزب الشيوعي الصيني لشن حرب غير منظمة ضد الغرب خاصة أن بكين أصبحت على دراية جيدة بقدرات ومواطن قوة وضعف خصومها إلى حد ما، فهي تعرف مدى تصعد من اللهجة، ومتى تهدئ، ومتى تنسحب، ومتى تهاجم، ومتى تحقق مكاسب، ومتى تسمح بخسائر محدودة؟

- قال وزير الدفاع الأمريكي الأسبق "دونالد رامسفيلد" ذات مرة: "إنك تذهب إلى الحرب بالجيش الذي لديك، لا بالجيش الذي تمنيته أو في وقت ما"، وربما يكون هذا النمط صالحاً للتعامل مع بعض الملفات على طاولة النزاع مع الخصم الحالي.

- على ما يبدو، فإن الصين تزيد تهديداتها للغرب يوما بعد آخر، فبدرجة كبيرة، تعتمد اقتصادات آسيوية وأوروبية على التدفقات الواردة من الصين، وهو ما يعني اطلاع الحزب الشيوعي الصيني على تكنولوجيا الغرب إلى حد كبير.

- ظهر ذلك جلياً في توسع الاستخبارات الصينية في الاستيلاء على حقوق ملكية فكرية غربية مثل تكنولوجيا الاستهداف والتوجيه الاستراتيجي للأسلحة الباليستية وفرط الصوتية، مما يهدد بالطبع الولايات المتحدة ومصالحها.

 

 

ماذا عن استعدادات الولايات المتحدة؟

 

- تعلم الصين كل ذلك جيداً، فلو أرادت إجبار الولايات المتحدة على خوض حرب بالجيش الذي تمتلكه واشنطن، لفعلت، ولم تعد بكين الدولة المعروفة فقط بتعداد سكانها الضخم أو قوتها الاقتصادية، بل أيضاً بعتادها العسكري المصنع محلياً مثل حاملات الطائرات وتصميمات المقاتلات الشبحية التي تنتمي للجيل الخامس.

 

- كشفت دراسة رسمية أجراها مشرعون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري عام 2018 لصالح وزارة الدفاع الأمريكية عن أنه لو دخلت واشنطن في حرب ونزاع مسلح مع روسيا في منطقة البلطيق أو مع الصين بسبب تايوان، ربما يواجه الأمريكيون هزيمة عسكرية مروعة، وسلطت الدراسة الضوء على نمو ومدى تطور وتحديث الترسانة الحربية والهجومية والدفاعية لكل من بكين وموسكو.


- يظل اهتمام الرئيس "دونالد ترامب" بتحديث سريع لقدرات الردع العسكري والاقتصادي الأمريكية حجر عثرة على طريق الصعود الصيني المذهل، لكن لا يجب إغفال دراية حكومة "شي" بكل ذلك.

- نظراً للتطوير السريع للترسانة الحربية الصينية وإمكانية استهداف صواريخها بعيدة المدى لأهداف ومصالح أمريكية ويابانية، وحذر خبراء عسكريون من ذلك بالفعل نتيجة تنامي القدرات العسكرية والاستخباراتية.

- لن تقدم الصين على مهاجمة الولايات المتحدة بشكل مباشر على المدى القصير نظرا لتقيد اقتصاد وقدرات بكين بمشكلات مختلفة، ومن ثم، أمام بكين عشر سنوات على الأقل قبل التفكير في هذه الخطوة.

- في هذه الأثناء، يمكن للولايات المتحدة التأثير بشكل أكبر في كل من هونج كونج وتايوان لبسط الهيمنة وتوسيع النفوذ، بينما على الجانب الآخر، ستعمل الصين على تعزيز الهيمنة على عدد من الأسواق حول العالم.

- تأمل الصين في عودة قوية للنمو الاقتصادي بعد تلاشي تداعيات فيروس "كورونا" التي تدفع الاقتصاد العالمي نحو الركود، وتعاني بكين في الوقت الحالي تعالي الأصوات المطالبة بتحقيق لمعرفة أصل الفيروس التاجي.

- من الواضح عدم وجود نية صريحة لشن هجمات عسكرية كما هي الحال في الحروب التقليدية، فلا تريد أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم التسبب في حرب عالمية جديدة تأكل الأخضر واليابس.

 

المصدر: أويل برايس

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة