يبدو أن حملة الاتهامات التي بدأتها الناقلات الأميركية الثلاث الكبرى ضد منافساتها الخليجية لم تقتصر تأثيراتها على السوق الأميركي بل امتدت تأثيراتها إلى الضفة الأخرى للأطلسي وهي القارة الأوروبية التي باتت اليوم منقسمة على نفسها في الطيران المدني بين مؤيد ومعارض ومتحفظ.
ويجمع رؤساء شركات الطيران الأوروبية تحديداً على أهمية تحرير الأسواق والانفتاح الذي قدم قيمة كبيرة للطيران المدني وساهم في تعزيز مكانة النقل الجوي وتحديداً اتفاقيات الأجواء المفتوحة التي بدأتها الولايات المتحدة تحديداً ونقلتها أوروبا إلى أبعاد أوسع حين وقعت اتفاقيات أجواء مفتوحة مع الولايات المتحدة.
وفي الوقت الذي لم توضع قضية المنافسة الخليجية الأميركية على جدول أعمال الاتحاد الدولي للنقل الجوي (اياتا) الذي اختتم اجتماعاته الأسبوع الماضي في ميامي الأميركية..
إلا أن تصريحات رؤساء شركات الطيران على هامش القمة أو في أروقة وكواليس المؤتمر أعطت للقضية أبعاداً جديدة ولم تسقطها من دائرة اهتمام صناعة الطيران المدني مع دخول أوروبا على الخط والتباين في وجهات نظر القارة العجوز تجاه هذه القضية حتى مع دخول المفوضية الأوروبية على الخط والمفاوضات الجارية حالياً مع دول مجلس التعاون لوضع إطار جديد للاتفاقيات الثنائية لخدمات النقل الجوي.
ففي الوقت الذي تتجه فيه شركات أوروبية إلى تأييد الحملة على الخليج وهي تلك التي ترتبط بتحالفات تجارية »ديناصورية«، كما وصفها تيم كلارك أخيراً، مع الناقلات الأميركية، هناك شركات ترى أن هذا الأمر يضر بالمنافسة ويشكل سابقة خطيرة في تاريخ الطيران المدني ومنها مجموعة »ايه آي جي« التي تمتلك الخطوط الجوية البريطانية والخطوط الأيبيرية.
انقسام
وخرجت مجموعة »آي ايه جي« فعلياً من رابطة الطيران الأوروبي بسبب هذه القضية وتبعتها الأيبيرية وهما خارج الرابطة حالياً.
ويؤكد خبراء الصناعة أن هذه الخلافات التي طالت أوروبا فعلاً مع خروج طيران من الرابطة الأوروبية تكشف عن الضعف الذي يسود هذه التحالفات سواء تلك التجارية القائمة أو الروابط التي تتشكل وفقاً للموقع الجغرافي وجميعها بدأ بالتشكل والتأسيس مع بدايات الألفية الثانية.
وللدلالة على هشاشة هذه التحالفات فإن شركات الخطوط البريطانية والأيبيرية والإيطالية واير برلين جميعها خرجت من رابطة الطيران الأوروبي مما يعزز من نظرية المصالح التي ترتبط بها كل شركة.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية البريطانية ويلي وولش احترامه لما حققته الناقلات الخليجية في صناعة الطيران، وعبر عن قلقه من أن سياسة الحماية تطل برأسها من جديد.
ولن نشهد تسريع في عملية انفتاح الأسواق وهذا أمر محبط لنا جميعاً، موضحاً أن الأسواق المفتوحة هي فرصة لشركات الطيران للنمو.
وقال إن شركات الطيران الأميركية بهذه الخطوة ومن قبلها كان منع الخطوط النرويجية من العمل في السوق الأميركي هي بهدف المحافظة على هامش أرباحها العالي في الوقت الذي ما زالت شركات الطيران الأوروبي تواجه مصاعب الاقتصاد الضعيف وبطيء النمو.
منافسة
وأوضح وولش أن استخدام شركات الطيران الخليجي للحرية الخامسة وتسيير رحلات عبر أوروبا إلى الولايات المتحدة لعبت دوراً مهماً في الحملة التي قامت وتقوم بها شركات الطيران الأميركية ضد الخليجية التي ستشكل لها منافسة كبيرة .
أما شركة أير برلين فقد تبعت رئيسها التنفيذي ستيفان بتشلر بالدعوة إلى تحرير أسواق الطيران وهي الشركة التي تملك فيها الاتحاد للطيران حصة تبلغ 49%.
كما أن الرئيس التنفيذي لشركة فيولنج اير لاينز اليكس كروز أكد دوماً الحاجة إلى المنافسة وانفتاح الأسواق الذي وفر خيارات عدة للمسافرين وخاصة بعد نمو الطيران الاقتصادي.
وبالوقت نفسه خرجت اليطاليا من تحالف الشركات الأوروبية وتشددت بعلاقتها التجارية مع الخطوط الفرنسية والهولندية مما يشير إلى مزيد من الانقسام بين الناقلات الأوروبية.
تجارة
ويرى كارستن سوفر الرئيس التنفيذي لمجموعة لوفتهانزا الألمانية التي تمتلك الخطوط النمساوية والسويسرية وجيرمان وينجز الألمانية أن صناعة الطيران مطالبة بالاستفادة من منظمة التجارة العالمية وخاصة فيما يتعلق بالنزاعات بين شركات الطيران ذلك أن القطاع لا يندرج ضمن منظمة التجارة العالمية والقوانين التي تطبقها.
وترتبط لوفتهانزا بتحالف ستار اللاينس الذي يضم معها أيضاً شركة دلتا وهي إحدى الناقلات الثلاث التي تشن حملتها على شركات الطيران الخليجية.
وأشار سوفر إلى أن آليات فض النزاعات داخل منظمة التجارة العالمية تشكل وسيلة ناجعة وتكشف عن كيفية قيام حكومات الدول بتسوية الخلافات، موضحاً أنه لا يشير هنا إلى أن شركات الطيران يجب أن تنضم إلى منظمة التجارة العالمية.
وتابع سوفر إن الناقلات الخليجية يسمح لها اليوم بتسيير رحلات إلى 4 مدن ألمانية، وسيبقى الأمر كذلك حتى الانتهاء من النقاش الجاري حالياً بين دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي حول اتفاقية الخدمات الجوية الثنائية.
تدخل " ايكاو"
أما رابطة الطيران الأوروبية وعلى لسان نائب الرئيس بالوكالة نيكو بيزودنهاوت فترى أن هذا الخلاف يجب أن يحل لصالح قطاع الطيران ككل. وقال إن حل هذا الخلاف على الطاولة لن يتم على مستوى ثنائي أو إقليمي، ولا بد من توفر مبدأ الحيادية وهو أمر قد توفره منظمة الطيران المدني (ايكاو).
لكن تحرير الأسواق واتفاقيات الأجواء المفتوحة التي كان روادها أوروبا والولايات المتحدة هي اليوم في عين العاصفة، حيث تشكل اليوم قاعدة للحملة التي تقوم بها الناقلات الأميركية الكبرى ضد نظيراتها الخليجية مما يعني عودة إلى سياسات الحماية المرفوضة سابقاً.
كما أن منع الناقلة النرويجية من دخول السوق الأميركي يشكل سابقة مع الصمت الذي مارسته المفوضية الأوروبية في هذه القضية .
تنفيذيو فنادق أميركيون يدافعون عن الأجواء المفتوحة
صعدت مجموعة ضغط أميركية، في صدارتها رؤساء تنفيذيون لشركات ضيافة، وطيران في الولايات المتحدة من جهودها لإثناء الإدارة الأميركية عن الانصياع لمطالب الناقلات الأميركية الثلاث الحد من سياسة الأجواء المفتوحة مع الإمارات وقطر.
وقالت رسالة مناشدة وقعها الرؤساء التنفيذيون لكل من، هيلتون وورلد وأيد، وسيزارز انترتينمنت حياة، وماروت انترناشونال، وانتركونتننتال هوتيل جروب، وجئت بلو، وألاسكا إيرلاينز، إلى جانب مجموعات أخرى، إن إحداث أي تغيير في اتفاقيات الأجواء المفتوحة مع الناقلات الخليجية من شأنه الإضرار باتفاقيات مع دول أخرى، وإعاقة توقيع اتفاقيات طيران في المستقبل.
علاوة على أن تقييد المنافسة سيخفض عدد الرحلات، ويؤثر سلباً على شركات أخرى، بِنَا فيها الفنادق.
وأعرب هؤلاء عن اعتقادهم أن قرارات بصدد اتفاقيات الأجواء المفتوحة المستقبلية يجب أن تبرز تأثيرها على صناعة السفر برمتها، والضيافة، والتصنيع، والنقل.
وعلى صعيد متصل، قالت صحيفة فاينانشيال تايمز، إن الناقلات الأميركية الثلاث، أميركان، ويونايتد، ودلتا، راحت تستثمر بقوة في طائرات جديدة للاستفادة من المناخ المتحسن في صناعة الطيران. ونقلت عن السير تيّم كلارك الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات، شركة الطيران سريعة النمو قوله، إن الناقلات الثلاث بدأت في إعادة شراء أسهمها علاوة على برامجها الاستثمارية.
وأضاف، إن الأموال يجب أن تنفق على منتجات، وإعطاء الناس قيمة عادلة، لا معاملتهم على أنهم سلع.
وقالت الصحيفة إن الناقلات الأميركية الثلاث كانت دعت حكومتها لمراجعة دخول الناقلات الخليجية إلى الأسواق الأميركية، بزعم تلقيها مساعدات خلال السنوات العشر الماضية خرقاً لاتفاقيات الأجواء المفتوحة.
وربط كلارك القرار بإطلاق طيران الإمارات في 2013 لأول رحلة مباشرة من أوروبا، من مطار ميلانو مالبينسا، إلى نيويورك في منطقة شمال الكاريبي عالية الربح.
مفاوضات
مع تحرك الناقلات الأميركية الكبرى تحركت فرنسا وألمانيا نحو تشريعات جديدة من خلال المفوضية الأوروبية. دعا وزيرا النقل في الدولتين وهما الان فيداليس والكسندر دوبرندت إلى إدخال بنود جديدة على شركاء التجارة في منطقة الخليج.
وطالب الوزيران المفوضية الأو روبية صراحة من خلال اقتراح يمنع منح أي حقوق طيران جديدة للناقلات الخليجية من قبل أي دولة أوروبية حتى يتم توقيع اتفاقية النقل الجوي بين كل من الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي الست.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}