نبض أرقام
06:25 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

عصام الصقر في حوار مع «القبس»: الإصلاح يحتاج حزماً.. لا مساومات ولا ترضيات

2016/05/17 القبس

لا أعتقد أن بين المصرفيين ورجال الأعمال، من هو أهدأ وأصفا ذهنا من عصام جاسم الصقر، تراه دائما ببسمة ترافقها نظرة ثاقبة، يستمع ببالغ اهتمام، ثم يرد بتسلسل منطقي كأنه أكاديمي حريص على العناوين العريضة، كما التفاصيل الدقيقة.

الحوار مع الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني، لا يشبه أي حوار آخر، فالمؤسسة التي يديرها غير عادية، والظرف على درجة عالية من الحساسية، و{اسمه} يحمل مضامين تعرفها الكويت وأهلها، لذا ينتقي كلماته بعناية، حتى تصل رسائله بوضوح، يكره الالتباسات، ويتجنب التأويلات، ويمقت الإثارة.

يخصص لكل مقام مقال، بلا زيادة فضفاضة عشوائية، ولا نقصان باتر أو فاتر.

للرجل بصمة سبق لــ القبس أن أطلقت عليها «بصمة أبو زيد في بنك الكويت الوطني.. الآن»، فمع كل الشكر والاعتراف بجميل الرئيس التنفيذي السابق، ابراهيم دبدوب، وبطريقة إدارته المؤسسية.. نجد الصقر، بعقلية إدارية مختلفة شكلا ومضمونا، حمل العبء في أعتى الظروف ولم ينحن، تابع بالراية موغلا بالسير الحثيث نحو الأهداف الكبرى الإضافية.

هدوء الرجل ورصانته ميزة يكتشف العاملون في «الوطني» كل يوم مدى فعاليتها وعمق مراميها. فالانتشار في 4 قارات، مع كل الضغط الذي يعنيه هذا الترامي.. لا يزيد عصام الصقر إلا روية في عمل دؤوب لا مكان فيه لشكوى إلا بحل، ولا زمان لراحة الا بعد إنجار بانتظار آخر.

التقت القبس عصام الصقر وفي جعبتها اسئلة تقليدية، وأخرى من خارج السياق المعروف. لم يتردد في الإجابة رغم بعض التحفظات التي لابد منها عندما نعرف ما للرجل من حرص شديد على توصيل الرسالة بلا إطالة، وإعطاء الرأي بلا أحكام مطلقة، وإجراء التحليل بلا تشويش، واختيار العنوان بلا تلخيص يضمر أكثر مما يفصح، والتوسع في نص بلا أطناب ممل ولا ابتسار مخل.

تطرق الحوار مع عصام الصقر إلى شؤون وشجون سياسية، ويقول: لا أحبذ السياسة فانا رجل اقتصادي، لكن غيرتي على بلدي تدفعني الى نقاش الشأن العام بحيثياته السياسية أحيانا.

مساحة الرقعة التي يتحرك فيها القطاع الخاص ضيقة
وفي ما يلي نص الحوار:

* ما رأيك بوضع الكويت تحت النظرة السلبية من قبل وكالة موديز؟
ــ ثمة شكوك لدى الوكالة حول قدرة الكويت على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة في السرعة المناسبة. تكمن المشكلة في عدم تناغم السلطات لاجراء تلك الاصلاحات، لاسيما المالية منها.

و هنا لا بد ان نشير الى ما يجري في المملكة العربية السعودية من اصلاحات تنفذ بحزم. ربما هذا ما نحتاجه في الكويت.. اي الحزم.

* اين تكمن المشكلة: في الوزراء ام في الحكومة ككل؟
- لدينا وزراء اصلاحيون لكنهم احيانا لا يلقون الدعم المناسب.. ولدينا اجهزة جيدة مثل هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي قام رئيسها السابق عادل الرومي بعمل ممتاز لاطلاقها لكنه ايضا لم يلق الدعم الذي يستحقه.. وها هو خرج محبطا رغم كفاءتة العالية وجديته في العمل والانجاز.

* ما على الحكومة فعله لتكسب مصداقية أكبر؟
- عليها لجم الهدر اولا. هناك انفاق كبير في غير محله او انفاق بلا جدوى. لتكسب الحكومة مصداقية عليها البدء بنفسها اولا لتعطي للمواطنين مثلا صالحا يحتذى. وعليها ان تزيد انتاجية موظفيها وتحاسبهم على الاداء والانجاز.

* يبدو ان التعقيدات كثيرة ومتشعبة…
- كل ذلك يتلخص في الخلط غير الحميد بين السياسة والاقتصاد. يجب تحييد القرار الاقتصادي عن التأثيرات السياسية لا سيما تأثيرات نواب يضغطون على الحكومة لمصالح انتخابية وغير عابئين بمصلحة البلد ككل بأجيالها الحالية والمستقبلية.

* هل هناك خوف من تأجيل او الغاء مشاريع تنموية بسبب تراجع ايرادات النفط؟
ـ اجل هناك مخاوف، علما ان الانفاق التنموي هو اشد ما يحتاجه الاقتصاد الوطني لتحقيق النمو وزيادة تنافسيته. يجب ان يطال التقشف الانفاق الجاري والهدر الهائل الذي فيه، في المقابل يجب الحفاظ على وتيرة الانفاق على المشاريع لا بل زيادتها.

* كيف تقيم تجربتك في قيادة البنك منذ تسلمك منصب الرئيس التنفيذي للمجموعة؟
ـ مما لاشك فيه ان لكل شخص طريقة وفلسفة في الإدارة، وهي في النهاية مدارس، لكنها تختلف من قيادي لآخر، فأنا عن نفسي لدي سياسة واسلوب ادارة جديدين يعتمدان على منح الصلاحيات للآخرين، والمشاركة في اتخاذ القرار، والعمل بشكل مؤسسي كجماعة، في الوطني لدينا هدف واحد ورؤية مشتركة، وهدفنا ينصب على تحقيق وترجمة تلك الرؤية وتحقيق الأهداف، كما انني اؤمن بأن العمل كفريق واحد دائما ينعكس بالإيجاب على اي مؤسسة.

نمنح الصلاحيات ونقيم النتائج ونحاسب على الأداء، فهو المعيار والفيصل، والمتابع لمسيرتي ولمسيرة فريق الوطني عموما يلحظ استقرار البنك، بالإضافة الى استمرار سياسات الوطني الراسخة منذ الرعيل الأول، وخلاصة فلسفتنا تقوم على الإخلاص والصدق والأمانة والمنافسة الشريفة، وبصمة الفريق الحالي ولله الحمد ملموسة.

لا خوف على (الوطني) لا اليوم ولا بعد 10سنوات

* ما ابرز الصفات التي يتطلبها منصب الرئيس التنفيذي لمصرف عريق بحجم البنك الوطني؟
ـ لا شك ان قيادة البنك الوطني مسؤولية عظيمة وكبيرة، وتتطلب حتماً مواصفات ومؤهلات فريدة وخبرة متنوعة ومختلفة، فموقع القيادة التنفيذية لمجموعة كبرى، كالوطني، يختلف تماما عن منصب رئيس تنفيذي لجهة واحدة فقط ولبلد واحد، وكما تعلمون ان الوطني كمجموعة يتواجد في 4 قارات، وفي اهم العواصم المالية حول العالم، وهذا يتطلب من الرئيس التنفيذي للمجموعة ان يكون على دراية تامة بجميع المتطلبات المصرفية في كل سوق، اضافة الى متابعة الأداء وخطط التشغيل وظروف المنافسة، وان تكون لديه القدرة على العمل تحت هذا الكم الهائل من الضغط والمتابعة وفي جميع الظروف. والاهم ان تكون لدية علاقات جيدة مع الجهات الرقابية، وان يكون متابعا لآخر واهم الاحداث والمستجدات في كل دولة يتواجد فيها البنك، نظرا لأن كل فرع له تأثيراته في مجمل الأداء العام كمجموعة.

* هل انت مع مركزية القرارات ام انك تعتمد اسلوب توزيع الصلاحيات وتفويضها؟
ـ الوطني كيان عالمي مرموق، يدار بفكر ونهج يليقان بحجمه، وهو يتمتع بهيكل تنفيذي فريد من نوعه، فالوطني لا يقوم على فرد واحد، بل فريق متناغم ومتكامل ومتجانس الفكر والأسلوب، ومن يلتحق فيه يندمج سريعا مع مؤسسية العمل المتبعة، فروح العمل كفريق جماعي هي اهم سياساتي، واحدى مرتكزات ثقافتي الإدارية التي اتبعها حاليا في الادارة.

* برأيك ما اللحظة الأنسب التي يجب ان يختارها الرؤساء التنفيذيون للخروج من مواقعهم؟
ـ من وجهة نظري مرحلة التقاعد من العمل تتفاوت من تقدير قيادي لآخر. لكني ارى ان التقاعد يجب ان يكون مع نهاية مشرفة تترك اثرا من القيادي في المؤسسة وهي تتطلب نضوجا عاليا في التفكير لأن تلك القرارات تكون صعبة لدى بعض المدارس الإدارية، الأمر الآخر بنظري ان الشخص التنفيذي يجب ان يتخذ قراراً بهذا الحجم وهو في قمة نجاحه وعطائه، والتجارب عديدة في القطاع المصرفي، وغيره من القطاعات التي اثبتت صحة ذلك، فيجب افساح المجال للآخرين لتجديد الدماء. والتجديد دائما يحمل فكرا ابداعيا خلاقا، يتناغم مع تغير وتعاقب الأجيال وتطورات المنافسة وحتى بيئة العمل.

* كيف ترى مستقبل البنك الوطني بعد 10 سنوات من الآن؟
ـ علينا ان نتذكر مرحلة تأسيس البنك الوطني في عام 1952، وجميع المراحل التي شهدت تحديات عديدة وجسيمة، كان من ابرزها محنة الغزو، التي خرج منها الوطني اكثر قوة ومتانة، والتي اذهلت العالم حينها، ونستذكر المقولة هنا التي قيلت في الصحافة العالمية آنذاك (وذلك عندما مارس البنك عمله المصرفي كاملا من لندن)، ان الوطني عبارة عن رأس مفصول عن الجسد، ورغم ذلك يعمل بكفاءة منقطعة النظير. ومن ذلك الإرث التاريخي يمكنني ان استشرف مسيرة العقد المقبل، والتي اؤمن انها ستكون مشرقة اداءً ومنافسة، وسيكون البنك الوطني بعد 10 سنوات اكثر متانة وقوة، لان الاساس الذي بني عليه كان راسخا ومتينا، وكل حقبة يعبرها البنك تعزز تلك الأسس بمفاهيم وعناصر قوة، تجعله قادرا على تحمل القاعدة الرأسمالية، او التوسع كبنك اقليمي، ناهيك عن «انتعاش البنك دائما في الازمات». فالبنك ولله الحمد اثبت كفاءته في جميع الازمات التي مرت بها البلاد، بدءا من ازمة المناخ، مرورا بالاحتلال العراقي الغاشم، انتهاءً بالأزمة المالية العالمية.. فالبنك سيبقي رائدا على جميع الاصعدة المحلية والاقليمية والعالمية.

* الوطني كمصرف رائد محلياً واقليمياً، وبين الأفضل تصنيفا في العالم، ما هي الخلطة السرية التي يتمتع بها؟ وما هي السمات التي تميزه عن غيره اداريا وتشغيليا؟
ـ البنك الوطني يتميز بخصوصية شديدة، وله فلسفته الخاصة به، فثقافة التحفظ المتأصلة والمتجذرة في منهج عملنا، وتوارث الأجيال نهج الرعيل المؤسس، وحرصنا على تنمية المهارات الإدارية واستمرارية تلك العقلية، اضافة الى الحرفية والمهنية العالية في العمل، فضلاً عن التواضع والأخلاق، وحس العمل المصرفي السليم، الذي يحتاج إلى سياسات حصيفة بعيدة تماما عن المجازفة في التصرفات، إلى جانب عدم المخاطرة والمجازفة غير المدروسة او المحسوبة بعناية فائقة. البنك الوطني مصرف يركز على صميم العمل المصرفي، ويعزز ايراداته من هذا النشاط بشكل رئيسي واساسي، ورسوم الخدمات المصرفية عموما، والعوائد من الخدمات التي يقدمها، وتناسب تطلعات عملائه سواء من المؤسسات او الأفراد.

نحن لا نضارب ولا نجازف ولا نخاطر في انشطة او عمليات بعيدة عن صميم عملنا.

ونفخر اننا في «الوطني» كوّنا بصمة في طريقة العمل المصرفي، يمكن ان نطلق عليها «مدرسة الوطني المصرفية». فغالبية القيادات في البنوك المنافسة هم من خريجي مدرسة الوطني، فنموذج الاعمال لدينا فريد من نوعه، وهذا ما يثري البيئة التنافسية.

اضف الى ما سبق ان «الوطني» يلتزم ويطبق اعلى المعايير الدولية بصرامة، ويضاهي في ذلك النموذج العالمي المتبع في الحفاظ على سرية المعلومات، وهذا جزء اساسي من خلطتنا السحرية التي نلتزم بها عمليا، بالإضافة الى ولاء الموظفين، وهذا يعود الى استثمار البنك في موظفيه. والجدير ذكره هنا ان نسبة الاستغناء عن الموظفين في البنك قليلة جدا، فالموارد البشرية احدى الثروات التي نعتز ونهتم بها.

* هل تؤيد مبدأ فصل الملكية عن الإدارة؟
ـ هذا المبدأ معمول به ومطبق في «الوطني» قبل اقرار تعليمات الحوكمة، فكما ذكرت، الوطني لديه كثير من المزايا الفريدة حتى في نظام هيكل الملكية والإدارة، وهذا الفصل قائم لدينا تاريخيا قبل ان يكون نظام الحوكمة مفروضاً من قبل الجهات المختصة، وللعلم ما من فرد أو مؤسسة تملك اكثر من %5 بعكس البنوك الاخرى، فمتطلبات الحوكمة كنا اول من فرضها وطبقها على نفسه، فنظامنا الاساسي وقرار القائمين على البنك بني الا تكون هناك هيمنة من جهة وحدة، لأن البنك الوطني في المعادلة الاقتصادية مختلف، ودوره التنموي البناء والداعم للاقتصاد الوطني يجعله في اطار مسؤولية اكبر من مجرد مصرف بمفهوم ضيق او محدود.

* مارأيك بوثيقة الإصلاح التي طرحتها الحكومة؟
ـ بنظري.. ان الخطوة الاولى في الاصلاح تبدأ بمحاربة الفساد المستشري في قطاعات الدولة للأسف،.. فاذا صلح الرأس صلح باقي الجسد، ويجب الابتعاد عن المحسوبيات، وعدم تعيين الافراد حسب الواسطة والتركيز على الكفاءات الحقيقية.

نحن ندعم توجهات الحكومة نحو تطبيق الإصلاحات التي تعد خطوة أساسية من شأنها دعم اقتصاد الدولة وتحقيق الاستدامة المالية على المدى الطويل، ولا شك ان تلك الإصلاحات تحاول معالجة العجز المالي، الذي يشكل تحدياً كبيراً والذي ظهر إثر تراجع أسعار النفط منذ 2014، وذلك من خلال خفض الدعوم وتعزيز الإيرادات غير النفطية وترشيد الإنفاق. ونرى أن هذه الخطوة مهمة جداً من شأنها تعزيز الوضع المالي في الكويت على المدى الطويل، لكن الإصلاحات يجب ان تذهب الى ابعد من ذلك لتشمل التغييرات الهيكلية وفلسفة الإدارة التي قد تكون اكثر أهمية عن غيرها من الإصلاحات، حيث ان تغير الكثير من الثقافات ستساهم تلقائيا في تحسين بيئة العمل وتحفز الاستثمار والتنمية وتسهم في تنويع مصادر الدخل للاقتصاد الكويتي، وزيادة دور وفاعلية القطاع الخاص يجب ان تطبق قولا وفعلا. حتى نصل الى مساهمة جميع تلك الإصلاحات الاقتصادية في المحافظة على مستوى المعيشة التي ستعود على المواطن بالنفع، بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة للشباب الكويتي المقبل على سوق العمل.

كما يجب ان نركز اكثر على الجوانب الإنتاجية وتشجيع تلك المجالات التشغيلية التي تحقق تدفقا ماليا، وتغير من ثقافات ومفاهيم العمل كثيرا نحو الأفضل.

* ما افضل السبل لنجاح برنامج الخصخصة الذي طرحته الحكومة؟
ـ ما تم تخصيصه خلال الـ 20 سنة الماضية عبارة عن شركات من ملكية عامة الى ملكية خاصة وليس قطاعات، منذ ان كان علي رشيد البدر رئيس الهيئة العامة للاستثمار، ومع ذلك اثبتت غالبية تلك الشركات نجاحها، فالقطاع الخاص حريص جدا على ادارة امواله بنفسه.

ومن الضروري أن ينظر الى برنامج الخصخصة من منظور شامل مع الاخذ بتأثيراته الاقتصادية على المستهلك وتنافسية السوق لتتمكن الدولة من تطبيقه بشكل صحيح وناجح.

لذا من الجيد أن يتم تمرير بعض السياسات التي ترفع من مستوى التنافسية عند تطبيق برنامج الخصخصة، كفتح الأسواق للمستثمرين الجدد ومعالجة أي اختلالات قد تكون موجودة او محتملة. كما من الضروري أن تتحقق جميع أهداف الخصخصة، التي تتعدى مجرد فكرة القيام بعمليات بيع لأصول وملكيات، بل تشمل زيادة فاعلية الشركات والمشاريع، التي بدورها ستفيد المستهلك بشكل كبير. إذ يجب أن يُولّى المستهلك اهتماماً كبيراً عند تطبيق برنامج الخصخصة مع الحرص على تفادي آثاره السلبية من خلال تفعيل المراقبة الفعالة والمدروسة.

العالم مليء بالتجارب الناجحة في ملفات الخصخصة، والأهم هو ان تكون هناك شفافية ومنافسة عادلة ومراقبة ناجعة. فلا شك ان الخصخصة احد الخيارات الناجحة اذا تم تطبيقها بشفافية.

* كيف يمكن دعم وتطوير القطاع الخاص الكويتي ليقوم بدوره في زيادة المساهمة في الناتج المحلي، وخلق فرص عمل وزيادة معدلات النمو الاقتصادي العام؟
- في السنوات الخمس الاخيرة تم انشاء العديد من الهيئات واللجان، مما ادى الى زيادة البيروقراطية في الدولة. وهذا الامر يتعارض تماما مع خطة الاصلاح الاقتصادي. فالقطاع الخاص الكويتي له تاريخ حافل بالإنجازات، ومنذ نشأته له بصمات واضحة في شتى القطاعات. وهذا واضح محليا وعالميا، حتى في الأسواق الخارجية التي نافس فيها شركات عالمية مرموقة، فلدينا الكفاءة على تغيير الواقع، لكنه باعتقادي يحتاج لفرصة حقيقية، ولن نقول اكثر مما قاله صاحب السمو أمير الكويت حفظه الله، عندما قال ارى ان القطاع الخاص ربما لم يحصل على الفرصة الكاملة، وعندما نتحدث عن ذلك الجانب لا اقصد البنك الوطني، فالوطني بنك ناجح بسياساته وأدائه ورؤيته، بل اقصد بيئة العمل المحيطة التي نعمل فيها، فعندما يوجد هناك قطاع خاص نشط وقوي، وسوق عمل مرن خال من العقبات الإدارية والروتين العقيم سيكون حتما الوضع الاقتصادي اكثر اشراقا.

وعلى الجهات الرسمية ان تستغل كفاءة القطاع الخاص ونجاحاته في تعزيز وتأصيل قواعد الاقتصاد، حيث يتمتع القطاع الخاص في الكويت بدور حيوي ومبدع. وربما يكمن الخلل الوحيد في مساحة الرقعة التي يتحرك فيها، فما زال حجم النشاط والبزنس والفرص ضئيلاً، وذلك يعكس هيمنة القطاع الحكومي على العديد من النشاطات في القطاعات الاقتصادية، فمن الايجابيات خلق شراكة بين القطاعين العام والخاص، زيادة دور القطاع الخاص من خلال التقليل من دور ونشاط القطاع الحكومي في الدورة الإدارية. كما تقوم بعض الاصلاحات بتحسين التنافسية في القطاع الخاص لرفع مستوى الممارسات لتتوافق مع المعايير العالمية، وهنا يأتي دور الاستثمار الأجنبي المباشر. فقد قدمت السلطات في الكويت العديد من الإصلاحات لتطوير آلية الاستثمار الأجنبي المباشر، لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب، إضافة إلى تقليل البيروقراطية في القيام بالمشاريع والأعمال.

ودعم القطاع الخاص يأتي من خلال تسهيل بيئة العمل وتقليص الدورة الروتينية وايجاد دليل للإجراءات وتبسيطها قدر الإمكان.

* في وثيقة الإصلاح مشروع لفرض الضريبة بنسبة %10 على ارباح البنوك والشركات كيف ترى ذلك؟
ـ كيف يتم فرض ضريبة، وهناك فساد مستشر في قطاعات الدولة المختلفة، اولاً يجب وقف هدر المال العام، ومن ثم تحصيل مستحقاته. باعتقادي ان هاتين النقطتين اهم بكثير من فرض ضريبة اضافية. فملف الضريبة يجب اولا ان يخضع لدراسة مستفيضة وواضحة، وان يتم التشاور بشأنها، وهو امر يحتاج التدرج حتى نصل الى مستوى التطبيق الكامل ونراعي الآثار التي ستترتب عليها، فالضريبة اساسا موجودة وتطبق بنهج ونسب معينة، الانتقال الى الضريبة التجارية بمفهومها ومعناها الأوسع، يتطلب اولا تهيئة وهيكلة للاقتصاد، وتحسين تنافسية السوق، وتحديد المقابل للشركات، وان تستخدم الضريبة في التنمية، وان يكون للشركات الخاضعة رأي ودور في بعض السياسات. هذا ان كان يراد تطبيق نظام ينعكس بالإيجاب على الاقتصاد واستمرارية التدفق، لا نريد ضريبة تدفع باتجاه هروب رؤوس الأموال، بل نريد ضريبة تصب في مصلحة الاقتصاد والدولة.

ومن هذا المنطلق نحن نرحب بها كفكرة من شأنها دعم الاستدامة المالية في الكويت على المدى الطويل، كما انها تعدّ مساهمة شاملة من جميع أطراف المجتمع. اضافة الى ان هذه الضريبة ستطبق على كل الشركات التي تتجاوز حجماً معيناً، وتستبدل الرسوم الحالية التي تطبق على بعض الشركات فقط، من ضمنها الشركات الأجنبية والشركات المدرجة. إذ ستساهم هذه الخطوة بتوحيد الضريبة على كل الشركات، وبالتالي ستؤدي الى التقليل من الاختلالات في الاقتصاد.

* قد يستمر النفط منخفضا لسنوات عدة ما التحديات التي يفرضها ذلك على قطاع المصارف عموما؟
ـ مسألة اسعار النفط تبدو مهمة وجوهرية لدولة مثل الكويت كونها تعتمد بشكل اساسي ورئيسي عليه كمصدر للدخل، وبدأت التحديات مع الهزة العنيفة التي شهدتها مستويات الأسعار.

التحدي يواجه الجميع حكومة وقطاعا خاصا، فالدولة تحتاج الى خطة ورؤية طموحة متنوعة الاتجاهات منها محاولة تقليل آثار التراجعات وخطة اخرى تتطلب زيادة الإيرادات ليس فقط من الضرائب بل من تعزيز الاستثمار في الصناعات النفطية اللاحقة وتطوير قطاع البتروكيماويات بشراكة القطاع الخاص، فالنفط كسلعة تباع وتشترى لن تستمر الى الأبد بل هناك صناعات اخرى تحقق ايرادات افضل واعلى، وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص الطموح والشغوف لهذه الشراكة.

بالنسبة للقطاع المصرفي حتما في حالة تراجع الصرف على المشاريع يمكن ان يمثل التحدي لكن لا ننسى ان هناك مشاريع ضرورية وملحة واخرى طموحة ستضمن الصرف من الحكومة كونها مشاريع استراتيجية لا تراجع عنها، وايضا الكويت تتمتع بوفرة مالية يمكنها استيعاب ضغوط التراجعات.

المهم ان نستوعب الدرس ونبدأ في الاستعداد الجيد للمستقبل من الآن.

* ماذا تقول للشباب الكويتي من وحي تجربتك؟ وكيف عليه ان يستعد للمراحل المقبلة التي يمكن ان تكون اكثر قساوة من السابق على المستوى الاقتصادي؟
ـ بداية اهم نصيحة هي التسلح بالعلم ولغة العصر ومواكبة المتغيرات المتسارعة حولنا، والتدريب والتطوير المستمر للذات، والطموح الدائم للأفضل وعدم اليأس او الإحباط فهما اخطر ما يقتل العزيمة، لا بد من التحدي والإيمان واليقين بالنجاح طالما تم الأخذ بالأسباب عبر الاستعداد الجيد، كما لا يفوتني ان أنصح بأن يحافظ الشباب الكويتي على إيمانه بالقطاع الخاص وأن يتجه بطموحاته نحو هذا القطاع الذي سيكون مصدر النمو الوظيفي مستقبلاً. قد يبدو الأمر صعباً في الوقت الحالي، لكن أفضل ما قد يفعله الشباب هو استثمار سنوات خبرتهم الأولى في القطاع الخاص الذي سيوفر لهم مهارات أساسية من شأنها تدريبهم على التأقلم مع بيئة العمل المتغيرة الإبداعية والمنتجة التي تشعر الإنسان بقيمته. قد يتطلب هذا الأمر تغييراً جذرياً في ثقافة الشباب ونظرتهم لبيئة العمل، لكن من المهم جداً أن تحرص الدولة على تمكين هذه الفئة من اختيار المهن التي تساهم في تنويع اقتصادنا وجعله أكثر انتاجية وفاعلية.

نفتخر بتجربة «بوبيان»

قال عصام الصقر: بنك الكويت الوطني يقدم جميع انواع الخدمات المصرفية، لكن ما كان ينقصنا في السابق هو تقديم خدمات اسلامية فقط، لان الجهات الرقابية تفصل بين الأمرين، ولذلك كنا حريصين على تملك بنك اسلامي لتغطية النقص في هذا القطاع تحديدا، وبعد الاستحواذ على بنك بوبيان عام 2012 وتحويله الى شركة تابعة، وادارته كاملا من قبل البنك الوطني برئاسة الاخ عادل الماجد. ولله الحمد بعد فترة من الزمن اثبتنا ان استحواذنا على بنك بوبيان كان خطوة ناجحة ونحن نفتخر بها كتجربة كثيرا. والبنك حاليا في مرتبة تنافسية متقدمة جدا ويحظى بحصة سوقية نحن راضون عنها وعن ادائه، والمتابع لنمو النتائج يلمس حجم الجهود التي بذلت منذ تملكنا للمصرف. ولا يزال لدينا الكثير من الطموح بالنسبة لبنك بوبيان فهو مازال في مقتبل العمر ولديه الكثير والكثير ليقدمه، ونعتز بالإدارة الحالية والتي هي من خريجي «مدرسة الوطني المصرفية» وتحظى بصلاحيات كاملة وواسعة للحفاظ على كيان البنك كبنك اسلامي منفصل.

لنجاح الخصخصة

1 ــــ الحرص على مصلحة المستهلك أولاً

2 ــــ معالجة الاختلالات ثم فتح الأسواق للمستثمرين

3 ــــ التقيد بالشفافية والتنافسية العادلة

4 ــــ تفعيل الرقابة

500 مليون دولار مساهمات اجتماعية

عن مساهمات بنك الكويت الوطني اتجاه المجتمع قال الصقر:

الوطني يقدر مدى اهمية مسؤوليته امام المجتمع، فقد بلغت مساهمات البنك في السنوات الماضية ما يزيد على نصف مليار دولار، وقد كثّف البنك خلال تلك السنوات جهوده لدعم كل الفعاليات الاجتماعية ليضيف الى سجله الحافل في هذا المجال المزيد من المساهمات والانجازات وليحافظ على موقعه كأكبر المساهمين في خدمة المجتمع الكويتي وليستمر في نهجه وثقافته المتأصلة في المسؤولية الاجتماعية.

فالبنك اخذ على عاتقه تكريس ثقافة المسؤولية الاجتماعية كأحد أهم أولوياته الهادفة الى خدمة المجتمع، وأطلق العديد من البرامج المهمة التي شملت مجالات عدة أبرزها التعليم والصحة والتوظيف والتدريب ودعم الكوادر الوطنية وبرامج الرعاية والدعم الاجتماعي والمبادرات الرياضية والنشاطات البيئية.

فلسفة الصقر الإدارية

1 – أسلوب جديد في قيادة البنك.. منح الصلاحيات ومشاركة الآخرين في اتخاذ القرار

2 – روح الإنجاز بفريق عمل جماعي.. أهم سياسات الصقر.. وأحد مرتكزات ثقافته الإدارية

3 – بصمة الفريق الحالي ملموسة.. وقيادة مؤسسة بحجم «الوطني» مسؤولية عظيمة

4 – أفضل تقاعد عند قمة النجاح بخروج مشرّف.. لكن ذلك يحتاج نضوجاً فكرياً عالياً

5 – لا عمل ناجحاً إلا بالتواضع والأخلاق والإخلاص والأمانة والمنافسة الشريفة

الحوكمة.. أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً

قال عصام الصقر: نشكر الجهات الرقابية ممثلة في البنك المركزي وهيئة أسواق المال، على تطبيق قواعد الحوكمة في القطاع المصرفي والقطاعات الأخرى، رغم ان التطبيق في الكويت جاء متأخراً بعض الشيء، إلا أن الجهات الرقابية حققت نجاحات كبيرة في هذا الاتجاه. ولقطاع مصرفي سليم قوي نحتاج الى تطبيق هذه القواعد.


«الوطني» أكبر موزع نقدي في تاريخ الكويت

منذ تأسيس البنك في عام 1952 بلغت اجمالي توزيعات الارباح النقدية على المساهمين ما يقارب 2.4 مليار دينار كويتي وهذه اعلى توزيعات نقدية على مستوى الكويت سواء لبنوك او شركات، ومنذ الأزمة المالية العالمية تمثل التوزيعات النقدية لبنك الكويت الوطني ما يقارب نصف توزيعات القطاع المصرفي.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.