قال رئيس مجلس الإدارة في بيت التمويل الكويتي "بيتك" حمد المرزوق، إن أمام حكومات دول مجلس التعاون الخليجي فرصة جيدة للاستفادة من تطور ونمو الصيرفة الإسلامية نظراً إلى تركز هذه الصناعة في عدد من دول المنطقة وتوفر مقومات نجاحها، مشيراً خلال حلقة نقاشية عن استخدام التمويل الإسلامي لبناء اقتصاد مستدام ومتنوع إلى الأهمية الكبيرة للصكوك لأنها أداة مبتكرة توفر حلولاً تمويلية للشركات والحكومات، لكنها مازالت تحتاج المزيد من التسهيلات والدعم التشريعي والتنظيمي لزيادة اصداراتها ، فهناك نحو 19 هيئة فقط تصدر الصكوك السيادية ونطمح إلى زيادة هذا العدد، إذ تساعد الصكوك في حركة التنمية ومساعدة الحكومات والشركات على تنفيذ خططها ومشاريعها، كما أنها تساعد البنوك الإسلامية في تنظيم سيولتها وإدارة هذه السيولة بكفاءة.
وأشاد المرزوق خلال مشاركته في الجلسة الأولى في مؤتمر"المالية الإسلامية: أطروحة عالمية"، بتعاون هيئة الرقابة المالية الاتحادية في المانيا وتفهمها للعمل المالي الإسلامي إذ أسفر ذلك بعد عامين ونصف العام من التعاون عن الترخيص لأول بنك إسلامي متكامل في ألمانيا هو "بيتك ألمانيا" الذي بدأ العمل منذ عام 2015 وأصبح لديه الآن 4 فروع ويحقق نمواً في أعماله التشغيلية إذ تنمو الإيداعات وحجم العملاء، كما يلاحظ طلب كبير على ما يقدمه من منتجات وخدمات، ونتوقع أرباحاً جيدة للمصرف بعد عامين، ومرد ذلك إلى تبني سياسة تسويقية لا تركز فقط على المسلمين في ألمانيا رغم عددهم الكبير خاصة من الجالية التركية، وإنما تتوجه إلى جميع العملاء، مع اعتماد نموذج اخلاقي يركز على تمويل المشاريع والسلع التنموية ورفض المعاملات غير الأخلاقية ذات الأثر الاجتماعي والتنموي الضار.
2.3 تريليون دولار
وأضاف المرزوق أن الصيرفة الإسلامية تسير في مسار صحيح وبأداء جيد لكنه
لا يتناسب مع حجم المسلمين في العالم الذي يمثل نحو
24 في المئة من إجمالي سكان العالم، كما أن حجم الصناعة المالية الإسلامية البالغ نحو
2.3 تريليون دولار يكاد يساوي في القيمة أحد المصارف العالمية الكبرى، مشيراً إلى وجود إمكانية كبيرة للنمو .
وقال المرزوق إن المصارف الإسلامية تحتاج إلى المزيد من الاستثمار في الوسائل والأدوات التقنية الحديثة نظراً إلى أهميتها في العمل المصرفي وإقبال العملاء عليها، مشيراً إلى أن "بيتك" يعمل لإحداث نقلة كبيرة في نظامه المصرفي ستكون الأكثر تطوراً في تاريخه، وسيتيح الفرصة أمام البنوك الإسلامية الأخرى الراغبة في الاستفادة من جهوده في هذا المجال بنقل تجربته في هذا النظام.
وأضاف أنه "بالنظر إلى المخاوف الاقتصادية الحالية يمكن استخدام التمويل الإسلامي بجميع قدراته العالية بشكل واسع من الحكومات والمؤسسات المالية كاستراتيجية لتنويع مصادر الدخل ودفع عجلة النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي. ويمكن للحكومات استخدام التمويل الإسلامي لتقوية وتعزيز البنية التحتية المالية وزيادة التعاون العالمي من خلال مختلف وسائل التمويل الإسلامي.
وذكر المرزوق أن التمويل الإسلامي مبني على الاقتصاد الحقيقي ومعزز بالأصول بحيث يؤدي ذلك إلى تكوين قاعدة قوية وثابتة للنمو الاقتصادي.
المخاطر النامية
وأضاف أن "الاقتصادات الحالية أثبتت انكشافها وضعفها تجاه المخاطر النامية وتباطؤ النمو والتقلب بسبب نقص الأنظمة المالية المتنوعة.
إن هذا الأمر وبالإضافة إلى ظروف الأسواق الاقتصادية الكبرى المتغيرة بما في ذلك تغيير السياسات وانخفاض أسعار النفط وازدياد العجز في الموازنات العامة، أدت جميعها إلى التفكير بإجراء المزيد من التنويع، لافتاً إلى أن التمويل الإسلامي يقدم أطروحة مالية عالمية تتضمن النمو الشامل الذي يلائم جميع المهتمين وذلك يعود إلى تقيده بصفقات الاقتصاد الحقيقي ومواصفاته بما في ذلك القيود المفروضة على المضاربة والصفقات المشبوهة والصناعات التي
لا تتناسب مع المجتمع. كما يمكن أن يساعد التمويل الإسلامي في التنويع الاقتصادي وتحقيق الاستدامة والتطور المالي.
وقال إن النمو المستدام يعمل على تلبية الاحتياجات الحالية دون التأثير على قدرة الأجيال المستقبلية على تحقيق احتياجاتها.
واتسع مفهوم التطوير المستدام ليشمل قطاع الشركات إذ تقوم الشركات ببناء ووضع استراتيجيات استثمار مستدامة وفعالة.
ويجب أن يكون هناك مزيد من الوعي فيما يتعلق بنشر مفاهيم التمويل الإسلامي مع الأجهزة الحكومية حيث يوجد هناك اختلاف وتفاوت بين مستويات الفهم والوعي من منطقة إلى أخرى ومن فرد إلى آخر في القطاع الحكومي.
وهناك بعض القوانين والأحكام التي تحتاج إلى أن يتم تفعيلها وذلك بغرض تنظيم التمويل الإسلامي حيث يعتبر هذا الأمر عنصراً مهماً من عناصر النجاح، كما يمكن أن تؤدي العوائق السياسية أو الاجتماعية إلى إعاقة قبول التمويل الإسلامي في بعض البلاد حيث يعتبر جزءاً من الوعي العالمي.
وقال المرزوق، إن التمويل الإسلامي يمكن أن يساعد على تبني الإضافات المالية والاجتماعية من خلال تلبية احتياجات شريحة معينة أو احتياجات الأقلية في المجتمع، مبيناً أن مجموعة "بيتك" لديها مثال حي يتمثل في تأسيس أول بنك في ألمانيا. يمكن للدول، من خلال استخدام أدوات التمويل الإسلامي أن تصل إلى المزيد من أدوات المديونيات المتنوعة والعمل في نفس الوقت على تدعيم الجهود عندما يتعلق الأمر بمشاريع البنية التحتية والتطوير، التي ستعمل بدورها على خدمة احتياجات المجتمع، كما أن هذا الامر سيؤدي إلى زيادة النمو وخلق المزيد من الوظائف.
أدوات مالية
وتابع المرزوق، أن الصكوك حققت نجاحاً واسعاً كأدوات مالية خلال السنوات الأخيرة وخصوصاً في مجال تمويل البنية التحتية. وحققت الصكوك الإسلامية انتشاراً سريعاً وواسعاً.
كما قامت البنوك بترتيب صفقات تمويل إسلامي مشتركة ومجمعة. وحققت الصكوك نمواً سنوياً بنسبة 17 في المئة، إذ تضاعفت هذه النسبة خلال السنوات العشر الأخيرة لتصل إلى 100 مليار دولار عام 2017 مقارنة بمبلغ 42 مليار دولار عام 2008.
وأضاف أن الأسواق المالية الإسلامية طرحت صكوك التمويل على الصعيد المحلي والعالمين بغية تنويع أدوات التمويل من جهة وتمويل مشاريع البنية التحتية لجميع أنواع الأنشطة والمشاركة في تمويل محطات المياه والكهرباء والصرف الصحي ومشاريع الطاقة النظيفة وتوسعة البنوك وأنشطة الشركات وتمويل الحكومات من خلال المشاريع الحقيقة التي تساهم في تحقيق التطوير والنمو المستدام.
وبين المرزوق من جهة أخرى أن دول الخليج تعتبر مؤهلة بشكل أكبر من الدول الأخرى لتطوير وتبني الصكوك الإسلامية على شرط وجود أعداد كافية من المتداولين في السوق، وعلى شرط أن تكون شركات الاستثمار والمؤسسات قادرة على أن تعمل كصانع سوق. إن تبني خطط التطوير الاقتصادي يستلزم بالضرورة التوسع في إصدار الصكوك وخلق سوق ثانوي يساهم بشكل كبير في تعزيز ومساندة المدخرات وتوسعة دائرة الاستثمار.
وأشار إلى أن صكوك التمويل الإسلامي تتضمن المزايا التالية: ابتكار الأدوات المالية والاستثمارية وتداولها في أسواق الأوراق المالية.
واختلاف الأنواع وصلاحياتها. ويمكن استخدام الصكوك وفقاً لمشروع كل قطاع وهذا يعني أنها يمكن استخدامها لتمويل المشاريع في القطاعات الزراعية الصناعية والعقاري.
ويمكن استخدامها من قبل البنوك المركزية في عمليات الأسواق المفتوحة وبنفس طريقة استخدام سندات الدين. وأدوات تستخدمها البنوك الإسلامية لتحقيق التناسق بين الفترات الزمنية للموارد مقارنة بالمدد الزمنية لتوظيف الأموال.
وتعمل الصكوك على تحسين الكفاءة والتوسع لأسواق المال.
إطار العمل القانوني
وقال المرزوق، إنه على الحكومات "التأكد من وجود إطار العمل القانوني والرقابي المناسب لتحقيق الاستخدام الكامل للتمويل الإسلامي كجزء من أي شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص.
ويجب أن تكون هناك قوانين كافية لحماية حقوق جميع المساهمين، مع تحقيق التوازن الكامل بين حجم القوانين والقيود مقابل الحوافز التشجيعية في السوق لاستخدام أدوات التمويل الإسلامي.
ولفت على سبيل المثال إلى أنه يمكن ضبط تقييم المخاطر بشكل مناسب للمشاريع المدعومة حكومياً، وعلى العموم، يجب أن يتم بذل الجهود الكافية لزيادة الوعي والفهم للتمويل الإسلامي ودوره في تمويل مشاريع البنية التحتية المشتركة بين القطاعين الحكومي والخاص.
ويجب أن يكون هناك هيكل شراكة واضحاً بين القطاع العام والقطاع الخاص وذلك لتسويق منتجات التمويل الإسلامي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}