ذكر الرئيس التنفيذي في بنك الكويت الوطني ــ الكويت، صلاح الفليج، في لقاء مع مجلة ميد المتخصصة بالشؤون الاقتصادية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن الجهات التنظيمية في دول مجلس التعاون الخليجي استطاعت التعامل بشكل جيد مع تأثير انخفاض نمو الائتمان، وارتفاع القروض المتعثرة في السنوات الأخيرة، لا سيما عند انخفاض أسعار النفط. وأضاف أنه حتى مع انخفاض أسعار النفط، كانت أوضاع معظم البنوك المركزية في المنطقة أقوى بكثير، مقارنة بما حدث خلال الأزمة المالية. عدا عن أن معظمها تدخّل بشكل مباشر في مسألة الرقابة المصرفية، واتخاذ العديد من الإجراءات التنظيمية منذ الأزمة المالية في 2008.
وأشار الفليج إلى أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي تستهدف اليوم خطط توسع طموحة برؤوس أموال كبيرة، للإنفاق على مشاريع البنية التحتية، ومن المرجح أن يفرض ذلك بعض الضغوط على السيولة بالدولار في المنطقة، التي لن تستطيع تأمينها إلا عبر إصدارات الدين.
وأوضح أنه رغم تحسن الآفاق المالية ما زال يتعين على الحكومات الخليجية زيادة وتيرة الإصلاح الاقتصادي لتعزيز النمو وخلق فرص العمل.
وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:
*كيف ستوثر الإصلاحات الهيكلية في المنطقة على العمل المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي؟
- نشهد العديد من الإصلاحات الهيكلية في المنطقة، وبعض الدول الخليجية خطت مراحل متقدمة في هذا الصدد، بينما أخرى تلحقها بسرعة. وعلى الرغم من الحاجة إلى تسريع وتيرة الإصلاحات، فإننا ننظر إليها بشكل إيجابي، خصوصاً أن التنفيذ تزداد صعوبته مع ارتفاع إيرادات النفط وتحسن المراكز المالية.
ومع ذلك، فعادة ما تستفيد البنوك بشكل عام من أي تحسن تدريجي في الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية على اعتبار أنه يولِّد نشاطاً في القطاع الخاص، ويخلق بالتالي طلباً على الائتمان، ناهيك عن الأنشطة الإضافية التي يمكن للبنوك أن تولّدها جرّاء هذه الإصلاحات (كالخدمات الاستشارية، والخدمات المصرفية الاستثمارية… إلخ).
علاوة على ذلك، تستفيد الإصلاحات الهيكلية عموماً من قوة الاقتصادات بشكل عام، وبناء عليه ينبغي أن تزيد سلامة الميزانيات العمومية للبنوك، بحيث تُحسّن بصفة عامة قدرة النظم المصرفية في المنطقة على مواصلة دعم النشاط الاقتصادي الذي أوجدته تلك الإصلاحات.
إنها دورة نمو ذاتي بشرط استمرار وتيرة الإصلاحات في الاتجاه الصحيح. وهناك العديد من الإصلاحات التي تجري حالياً في المنطقة والتي من المتوقع أن تصب في مصلحة الأنظمة المصرفية، ليس فقط من حيث النشاط، بل أيضاً في خلق فرصة أمام البنوك لمساهمات متنوعة عبر المنتجات الجديدة. وتتضمن هذه الإصلاحات الخصخصة، وإصلاحات أسواق رأس المال، وتمويل الرهن العقاري والشمول المالي.
* ما آفاق التمويل في المنطقة، سواء من حيث تكلفة الدين أو السيولة؟
- بالنظر إلى أن معظم العملات الخليجية مرتبطة بشكل عام ارتباطاً وثيقاً بالدولار الأميركي، فإن ذلك يجعل سعر الفائدة بالعموم يتجه صعوداً. ومع ذلك، فإن أي انحراف عن اتجاه أو تواتر لتحرك سعر الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي سيكون مرتبطاً للغاية بالسيولة الدولارية في أسواقنا الإقليمية.
فمعظم دول مجلس التعاون الخليجي تستهدف اليوم خطط توسع طموحة برؤوس أموال كبيرة للإنفاق على مشروعات البنية التحتية. ومن المرجح أن يفرض ذلك بعض الضغوط على السيولة بالدولار في المنطقة التي لن تستطيع تأمينها إلا عبر إصدارات الدين، خصوصاً أننا شهدنا إصدارات ناجحة لدول مجلس التعاون الخليجي في الأسواق العالمية، وهناك المزيد من الطلب على مثل هذه الإصدارات ذات الجودة.
وفي غضون ذلك، ستؤدي هذه الحالة أيضاً إلى استمرار الضغط على تكلفة الدين وتكلفة التمويل في المنطقة خلال المرحلة المقبلة مع زيادة المنافسة على رأس المال.
*ما تقييمك لسلامة البنوك في المنطقة بعد مضي ثلاثة أعوام على انخفاض النمو الائتماني وارتفاع القروض المتعثرة؟
- أعتقد أننا بحاجة إلى توخي الحذر عند الحديث عن المنطقة ككتلة اقتصادية واحدة.
فعلى الرغم من أن معظم دول المنطقة تتأثر بشكل عام بانخفاض أسعار النفط، فإننا شهدنا بعض الاختلافات في تلك الدورة الأخيرة لأسباب مختلفة. لكن إذا أردنا التحدث بشكل عام، فلا بد من الإشارة إلى أن الجهات التنظيمية في هذه البلدان استطاعت التعامل بشكل جيد مع تأثير انخفاض نمو الائتمان وارتفاع القروض المتعثرة في السنوات الأخيرة، لا سيما عند انخفاض أسعار النفط. ففي ظل انخفاض أسعار النفط، كانت أوضاع معظم البنوك المركزية في المنطقة أقوى بكثير مقارنة بما حدث خلال الأزمة المالية. عدا عن ذلك، معظمها تدخّل بشكل مباشر في مسألة الرقابة المصرفية، واتخاذ العديد من الإجراءات التنظيمية منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
وعلى الصعيد العالمي، أطلقت الجهات الرقابية العديد من المبادرات الرامية في الغالب إلى تعزيز السلامة المالية للأنظمة المصرفية وزيادة قدرتها على استيعاب الصدمات النظامية. معظم هذه المبادرات تبنتها الجهات التنظيمية الخليجية، مما يضع أنظمتنا المصرفية اليوم في مركز قوي للغاية حتى في السياق العالمي.
وينعكس ذلك بدرجة كبيرة في التصنيف الائتماني للبنوك الخليجية مقارنة بنظيرتها في العالم، خاصة أن هذه التصنيفات تتميز بقوتها على الرغم من كونها مقيمة في اقتصادات أصغر نسبياً وأكثر تركيزاً. وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن وجهة النظر المُجمَعْ عليها على أسعار النفط مستقرة إلى إيجابية، مما يعني أن الأنظمة المصرفية في المنطقة شهدت أسوأ هبوط في الدورة، وبقيت سالمة وهو تأكيد جيد لنجاح تلك التدابير التنظيمية التي أشرت إليها.
*مع ارتفاع سعر برميل النفط إلى 75 دولاراً في مايو.. هل نكون تجاوزنا أسوأ تباطؤ اقتصادي؟
- أثرّ انهيار أسعار النفط في الفترة بين عامي 2014 و2016 على الثقة في جميع أنحاء المنطقة ودفَعَ الحكومات إلى شد الأحزمة – بما في ذلك تخفيض الدعم والإنفاق الرأسمالي بشكل أثّر على المستهلكين والشركات على حد سواء. وانخفض النمو غير النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي من %5.3 في عام 2014 إلى %2.1 في عام 2016. وقد تحسنت الظروف منذ ذلك الوقت ولو تدريجياً.
فارتفاع أسعار النفط أدى إلى خفض عجز الميزانية وساعد على إبطاء وتيرة ضبط الأوضاع المالية، ومن المرجح أن يشهد الإنفاق الحكومي نمواً إيجابياً هذا العام، مما سيدعم الطلب المحلي. وفي الوقت ذاته، استفادت دول المنطقة أيضاً من ارتفاع النمو القوي الذي طرأ على الاقتصاد العالمي، عدا عن أن التأثير الاقتصادي للأزمة الخليجية على المنطقة كان ضئيلاً للغاية. ونتوقع أن يبلغ النمو غير النفطي %2.6 هذا العام، مقارنة بنسبة %2.3 في عام 2017.
ومع ذلك، فما زالت تلوح العديد من المخاطر السلبية أمام النمو، بما في ذلك انخفاض أسعار النفط والاضطرابات المالية في ظل تشديد السياسة النقدية العالمية وتصاعد التوترات التجارية العالمية والتداعيات الجيوسياسية الناجمة عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني. علاوة على ذلك، وعلى الرغم من تحسن الآفاق المالية، فينبغي على الحكومات في جميع أنحاء المنطقة زيادة وتيرة الإصلاح الاقتصادي لتعزيز النمو وخلق فرص العمل.
*كيف ستتأثر البنوك الخليجية من التقنيات الرقمية الجديدة مثل البلوك تشين والذكاء الاصطناعي؟
- تعد إمكانية الوصول للخدمات والخدمة السريعة على مدار الساعة في غاية الأهمية لتلبية الطلب المتزايد من العملاء وإنجاز معاملاتهم على الفور ونيل رضاهم في جميع أنحاء العالم. ومنطقة الشرق الأوسط ليست بمنأى عن ذلك.
وسوف يساعد الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي في أتمتة خدمة العملاء – أي جعلها آلية – ستعمل خدمات مثل تشات بوتس Chatbots والمصادقة من خلال الحلول البيومترية/ التعرف على الوجوه/ التوقيع الرقمي باستخدام الصوت على تقليل منحنى التعلم عند المهاجرين التكنولوجيين (والمقصود بهم الجيل الذكي الذي ولد قبل انتشار التكنولوجيا)، وتحسين سرعة الأداء والمعاملات بالإضافة إلى راحة العملاء. ومن خلال التعرف على الصوت سيضمن العملاء إجراء معاملاتهم المصرفية عبر «التحدث».
سوف تصبح أجهزة الصراف التفاعلية/ الأفرع البنكية الافتراضية/إنترنت الأشياء/ وتقديم الخدمات الاستشارية في إدارة الثروة عن طريق الروبوت مساهماً معيارياً. بالإضافة إلى أن الخدمات التي يستخدمها العميل أينما كان بمجرد ضغطة زر بفضل استخدام تحليلات البيانات الكبيرة، سوف تزداد انتشاراً. فخدمات الدفع ستصبح أسرع من خلال استخدام واجهات برمجة التطبيقات للمصادقة (على سبيل المثال: تنفيذ اعرف عميلك لأغراض مكافحة غسل الأموال) دون الحاجة إلى وجود فعلي للعميل أو المستندات. كما سيقلل من الحاجة إلى الاستعانة بمصادر خارجية أو المكتب الخلفي والتنفيذ الفوري.
أما تكنولوجيا البلوك تشين (دفتر الأستاذ الموزع الذي تحتوي فيه كل كتلة على طابع زمني وتحتفظ بكمية من المعاملات الفردية ترتبط بكتلة سابقة) فينظر إليها باعتبارها مستقبل الخدمات المصرفية التي توفر وسائل آمنة وفعالة من حيث التكلفة عند إجراء المعاملات. ومع ذلك، لا يزال أمام هذه التكنولوجيا طريق طويل (من الناحية الأمنية والتركيز التنظيمي على البيتكوين والعملات الافتراضية) قبل أن تصبح اتجاهاً سائداً في القطاع. وبمجرد أن يزداد مستوى قبول تكنولوجيا البلوك تشين، سنشهد تغيراً في كيفية إنجاز الأعمال المصرفية.
من مزايا وتطبيقات البلوك تشين تسريع المعاملات البنكية (من خلال تقليص الفترة الزمنية عبر إلغاء مركزية دفتر الأستاذ)، والشفافية والنفاذ (يمكن للمستخدمين النفاذ إلى تفاصيل المعاملة البنكية في أي وقت وفي أي مكان، الأمر الذي يلغي الحاجة إلى تبادل الرسائل بين الأطراف في الخدمات المصرفية التقليدية)، أيضاً من المزايا انخفاض تكاليف المعاملات (تجعل الطرف الثالث ورسومه غير ضرورية)، وأخيراً تقليص عمليات الاحتيال، تمويل التجارة، وإدارة السيولة.
نحو تغيير عادات العملاء.. والقضاء على الأعمال الورقية
«الوطني» سبّاق إقليمياً في تبني المبادرات الرقمية
حول استجابة بنك الكويت الوطني إلى التغير الرقمي الحاصل، قال صلاح الفليج: لقد كان بنك الكويت الوطني في طليعة الشركات التي تبنت التكنولوجيا لتوفير خدمة متميزة للعملاء، عبر ربط جميع نقاط الاتصال باستراتيجية «الموبايل أولاً».
ويتجلى ذلك من خلال حصولنا على المرتبة الأولى في العديد من المبادرات الرقمية على صعيد المنطقة.
لقد كان العامان الماضيان بمنزلة مرحلة مهمة للتحول الرقمي في بنك الكويت الوطني كجزء من استراتيجية «الموبايل أولاً» و«حساباتك بمتناول يديك».
وطرح «الوطني» الذي يتمتع بأكبر شبكة نقاط البيع، بطاقات Tap&Pay في ديسمبر 2016 ــــ في وقت قياسي مدته 3 أشهر، وأصبح لديه أكبر عدد بطاقات وشبكة نقاط بيع تدعم تكنولوجيا اللمس NFC في الكويت.
وأطلق بنك الكويت الوطني مؤخراً تقنية NFC سوار الدفع (الأولى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) وملصقات الدفع (الأولى في الكويت)، بحيث يمكن بفضل استخدام سوار وملصق الدفع التخلي عن محفظة نقودك الآن.
كما أطلق البنك خدمة Smart Wealth في 2017 وخدمة الوطني للدفع السريع في 2018.
وكرس بنك الكويت الوطني لنفسه التواجد الأكبر للخدمات المصرفية بين البنوك في وسائل التواصل الاجتماعي بأكثر من مليون متابع، منهم 450 ألف متابع في تويتر، و300 ألف في انستغرام، و212 ألف في فيسبوك، و48 ألف في يوتيوب، وسناب شات.
هذا التواجد مدعوم بمركز خدمة بنك الكويت الوطني (الأكبر في الخدمات المالية في الكويت)، والذي تطور إلى مركز اتصال يخدم احتياجات العملاء مزود بفريق رقمي مخصص للرد على استفسارات العملاء عبر: نظام الاستجابة الصوتية التفاعلية IVR، وخدمة الصوت Voice، وقنوات وسائل التواصل الاجتماعي التي أطلقها البنك في عام 2015، وخدمة واتس اب في عام 2016، والدردشة عبر الإنترنت في عام 2017.
من الناحية الاستراتيجية، نستهدف النقود والورق، كفرص، حيث نركز بشكل مستمر على تغيير عادات عملائنا من الاستخدام النقدي إلى الأموال الرقمية، والقضاء على الأعمال الورقية وأتمتة العمليات لتقديم خدمات تتسم بالكفاءة والأمان والسلاسة إلى عملائنا.
ويعد الفضاء الرقمي وخاصة في نطاق المدفوعات من المجالات الرئيسية التي تحظى باهتمامنا، ونراقب السوق بشكل متواصل ونتحين الفرص المتاحة للاستثمار/ الشريك/ والاستحواذ على تكنولوجيا FinTech من أجل توفير أفضل الخدمات لعملائنا.
*كيف تستفيد البنوك من الإصلاحات الاقتصادية؟
1 – الإصلاحات تولد نشاطاً في القطاع الخاص فيخلق طلباً على الائتمان
2 – تفتح المجال لأنشطة إضافية يمكن للبنوك ولوجها كالخدمات الاستشارية والمصرفية الاستثمارية
3 – إصلاحات كالخصخصة وتطوير أسواق المال وتمويل الرهن العقاري والشمول المالي تخلق فرص إطلاق منتجات جديدة
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}