استراتيجية لرعاية الطلبة «الفائقين» في أبوظبي

وضعت إدارة الموهوبين وأصحاب الهمم في دائرة التعليم والمعرفة بأبوظبي استراتيجية تمثل خارطة طريق لرعاية الطلبة الموهوبين والفائقين أكاديمياً وعقلياً، تتضمن برامج للعناية بهم وتطوير قدراتهم، بحسب الدكتورة منى العامري، مدير الإدارة.

وكشفت العامري في حوار مع «الاتحاد» عن الانتهاء من إنشاء قاعدة بيانات للموهوبين تضم نحو 2500 طالب وطالبة على مستوى الإمارة، والنزول بالسن ليشمل المراحل من الصف الرابع حتى الثاني عشر، وتوسيع هذه القاعدة لتشمل طلبة بمدارس القطاع الخاص، فيما يجري العمل حاليا لتضمينها الطلبة المقيمين.

وشددت على أن الدائرة تتبنى المفهوم الخاص بالموهبة الذي له ما يؤيده من نتائج الأبحاث العلمية الموثقة، ويستند إلى نظريات علمية حديثة.

وكشفت عن أن الدائرة تعد حاليا لإطلاق مراكز للموهوبين في المدارس المجتمعية، مشيرة إلى أنها ستبدأ تجريبياً بـ 3 مراكز في أبوظبي والعين ومنطقة الظفرة.

قالت الدكتورة منى العامري، إن الأهداف العامة لمشروع مراكز الموهوبين تتمثل في إيجاد بيئة تربوية مناسبة لهؤلاء الطلبة لإبراز قدراتهم وتنمية مواهبهم، وتقديم الرعاية العلمية لهم وفق ميولهم العلمية وقدراتهم عبر البرامج الإثرائية غير الصفية، وإكسابهم مهارات التفكير والبحث العلمي وأساليب حل المشكلات، وتنمية قدراتهم الإبداعية والفكرية والفنية، وتقديم الرعاية النفسية والاجتماعية لهم لتحقيق التوازن في شخصياتهم، وتشجيعهم وتأهيلهم للمشاركة بإنجازاتهم في المحافل المحلية والدولية، والتعاون مع مؤسسات التعليم العالي، والمؤسسات ذات العلاقة في مجال رعايتهم.ونوهت بأنه سيتم إعداد البرامج التثقيفية وورش العمل المقدمة لأولياء أمور هؤلاء الطلبة الموهوبين حول احتياجاتهم الإرشادية، وتعزيز دور الأسرة في رعاية الابن الموهوب.

برامج المراكز

وقالت العامري: يتضمن محتوى هذه البرامج العديد من المهارات والاستراتيجيات، مثل: التفكير الإبداعي، التفكير الناقد، مهارات البحث العلمي، استراتيجيات التفكير، المهارات الشخصية والاجتماعية، تفرد التعليم، الدراسات المستقلة والمشاريع، وغيرها من البرامج المتخصصة في مجال العلوم والرياضيات والتكنولوجيا وعلوم الفضاء والقيادة.

ونوهت بأن هذه المراكز تستهدف الطلبة الموهوبين الذين تم اكتشافهم في المدارس من الصف الرابع إلى الحادي عشر، ولديهم «خطة تربوية متقدمة» تمت تعبئتها ورفعها على نظام معلومات الطالب «الإيسيس»، وسيتم الإعلان لاحقاً عن إطلاق المراكز والبرامج المنفذة فيها.

وأشارت إلى قيام الدائرة خلال العامين الماضيين بتحديد مجموعة مختارة من المدارس لتطبيق المرحلة التجريبية من برنامج اكتشاف الطلبة الموهوبين والفائقين أكاديمياً وعقلياً، تمت باختيار 3 مدارس من كل منطقة «أبوظبي، العين، الظفرة».

الموهوب

وأفادت بأن الدائرة تعتمد تعريف الموهوب بأنه «الطالب الذي يتمتع تلقائياً أو دون أي تدريب بقدرات فطرية استثنائية في مجال أو أكثر من القدرات البشرية».

ولفتت إلى أن هذه المجالات تشمل القدرات الفكرية والإبداعية والاجتماعية والبدنية، فيما لا يشترط في الطالب الموهوب الذي لديه قدرات استثنائية في مجال ما أن يكون متفوقاً دراسياً، بل قد تكون إنجازاته الدراسية متدنية.

وتابعت العامري: «يمثل الطلبة الموهوبون والفائقون موردًا مهماً للدولة، حيث تشير الأبحاث إلى أنه إذا لم يتمكن الطلبة الموهوبون والفائقون من الحصول على البرامج والدعم المناسبَيْن، فقد يتأخرون في الإنجاز ويفشلون في توظيف ما لديهم من إمكانات وقدرات».

وأضافت: لذا يهدف المشروع التجريبي الحالي إلى تنفيذ أفضل الممارسات الدولية في تعليم الطلبة الموهوبين والفائقين بما يتناسب مع السياق المحلي، من أجل رسم خارطة طريق للبرامج المستقبلية في جميع أنحاء الإمارة.

وأشارت إلى التزام دائرة التعليم والمعرفة باكتشاف الطلبة الموهوبين والفائقين ورعايتهم على نحو مُنصِف وفعال، وفقاً لاحتياجاتهم الفريدة، من أجل دعم تحوُّل التفوق إلى موهبة بغرض تحسين الاقتصاد القائم على المعرفة، ودعم هذه الفئة من الطلبة لتحويل مواهبهم الفطرية الطبيعية إلى مهارات أدائية استثنائية، ورعاية تطور التميُّز لديهم، بما يؤدي إلى التمتع بمكانة بارزة عند البلوغ.

وقالت: ننظر للموهبة بأنها ذات طابع تخصصي، كأن تكون الموهبة في المجالات الصحية، أو الرياضية الحسابية، أو الهندسية، أو الاقتصادية، أو الفنية، أو حتى جزئية من المهارات مثل الكتابة الإبداعية. أخذ هذا الجانب في الاعتبار يتناسب كثيراً مع الخطط الاستراتيجية للدولة الهادف نحو الوصول إلى مستويات متقدمة جداً في جميع المجالات الحضارية من بين دول العالم، وأن الموهبة ليست خاصية أو سمة ثابتة، بل بحاجة إلى رعاية تربوية لتعزيزها وتطويرها وبلورتها في مجال يتناسب معها لتحقق أعلى إمكاناتها. وهذا يعني أن الموهبة تتأثر بالبيئة المحيطة وبثقافة المجتمع، والفرص التربوية التي تتاح للطلبة في مجال موهبتهم.

اكتشاف ورعاية

وأشارت إلى حرص إدارة الموهوبين وأصحاب الهمم في دائرة التعليم والمعرفة على مواكبة توجهات الدولة الحثيثة في دعم أبنائنا الموهوبين في المجالات كافة، وبدء العمل على بناء إطار عام لسياسة تقديم الخدمات الخاصة بالطلبة الموهوبين في إمارة أبوظبي في ضوء السياسة التعليمية العامة في الدولة المستمدة من الدستور الإماراتي الذي ضمن حق التعليم لكل المواطنين، وكذلك على خطى استراتيجية التعليم وما تتضمنه من طموح نحو أفضل المعدلات العالمية في القراءة، والرياضيات، والعلوم. وبالتالي فمن المتوقع أن تقدم هذه الوثيقة السياسات العامة والأطر المنظمة للعمل لتحقيق أهداف برامج الموهوبين في الدولة بما يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للتعليم.

أما بالنسبة للأسس العلمية التي تقوم عليها وثيقة السياسات الخاصة بالموهوبين والفائقين لدائرة التعليم والمعرفة بأبوظبي، فهي كالتالي: السياسات المتعلقة بالتعرف واكتشاف الطلبة الموهوبين، والسياسات المتعلقة ببرامج الرعاية للطلبة الموهوبين، والسياسات المتعلقة ببرامج الإثراء، السياسات المتعلقة بالتسريع، والسياسات المتعلقة بالإرشاد، والسياسات المتعلقة بالتقويم وقياس الأثر، والسياسات المتعلقة بالكوادر البشرية في برامج الطلبة الموهوبين، والسياسات المتعلقة بمراكز رعاية الموهوبين.وحددت عملية اكتشاف الطلبة الموهوبين والفائقين في: يلزم حصول الطالب على «نعم» في 3 من 5 معايير، مستوى التحصيل الدراسي أعلى 10% من طلبة الفصل في العامين الماضيين، أداء عالٍ في الاختبارات الوطنية، واستمارات الترشيح للطالب الموهوب من «المعلم، ولي الأمر، الزملاء، ترشيح ذاتي من الطالب»، واختبارات الذكاء والقدرات، ودرجة تقييم المنتج (90%). حصول الطالب على 90% أو أكثر).

«فورمولا 1»

وأوضحت أنه تم تنفيذ عدد من البرامج ومن بينها سباق «فورمولا 1» في المدارس (لطلبة الصف 6 أو أعلى): وهو تحدٍّ عام في عدة مجالات معرفية، تستخدم فرق من الطلبة برامج التصميم والتصنيع باستخدام الكمبيوتر (CAD/‏‏‏‏‏‏‏‏‏CAM) للتعاون، وتصميم سيارات سباق فورمولا 1 صغيرة مصنوعة من خشب البلسا وتتحرك بالهواء المضغوط. ويلهم التحدي الطلبة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات لتعلم الفيزياء والديناميكا الهوائية والتصميم والتصنيع وترويج العلامات التجارية وتصميم رسوم الجرافيك. ويعرف الطلبة أيضاً معلومات عن الرعاية، والتسويق، والقيادة، ‏‏‏‏‏‏‏العمل الجماعي، والمهارات الإعلامية، والاستراتيجية المالية، وتطبيقها بأسلوب عملي ومبتكر وتنافسي ممتع.ويشمل تحدي «فورمولا إثارة» (لطلبة الصفوف 4-6)، وأقيم هذا التحدي لإتاحة الفرصة للأطفال الصغار لتعلم مهارات قيمة في بيئة ممتعة وتفاعلية. ويتولى الطلبة مهام تشمل الجوانب المتعددة لتصميم نماذج سباقات السيارات لفرقهم واختبارها وتسويقها وتصنيعها. يتم تقييم الفرق أيضاً على أساس حكمتهم في التسويق والتمويل ومهاراتهم في التقديم الشفهي. يضم العرض الأخير طلبة يعرضون كل جوانب مشروعاتهم، والتي تشمل التسابق الجماعي بالسيارة، وتصميم سيارة للعرض الجماعي، وعرض شرائح جماعي، وعرض تقديمي جماعي، وحلّ المشكلات المستقبلية (وينفذ حالياً لطلبة الحلقة الثانية)، ويعمل البرنامج الدولي لحل المشكلات المستقبلية على تحفيز مهارات التفكير الناقد والإبداعي، ويشجع الطلبة على تطوير رؤية للمستقبل، ويُعِد الطلبة لأدوار القيادة، حيث يتيح هذا البرنامج الفرصة للطلبة في حلّ المشكلات على نحو مبتكر داخل المنهج، ويقدم فرصًا تنافسية. وكذلك أولمبياد الروبوت العالمي (كل المستويات)، ومسابقة فيرست ليغو (لطلبة الصف 4)، وأيضاً برنامج المغامرة الإلكترونية (لطلبة الصف 6 أو أكبر)، وأطلقته الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني لتشجيع الجيل القادم من المتخصصين في الأمن الإلكتروني وتحفيزه. من خلال استهداف طلبة الحلقتين الثانية والثانوية.

«موهبتنا» وصندوق الوطن

وأشارت العامري إلى وجود تعاون بين الدائرة وصندوق الوطن، حيث يتم تنفيذ برنامج «موهبتنا»، وهو برنامج يتم إعداده وتنفيذه من قبل صندوق الوطن، ويهدف إلى التعرف على طلاب المدارس الإماراتيين ذوي الذكاء العالي ورعايتهم من خلال مجموعة متنوعة من البرامج التي تنمي مهاراتهم ومعارفهم في مجالات العلوم والتكنولوجيا STEM، إضافة إلى تنفيذه لبرنامج دورة الربيع، والهادف إلى تطوير المعرفة والمهارات لدى الطلاب في تخصصات مختلفة منها الذكاء الاصطناعي، والرياضيات، والهندسة وريادة الأعمال، وتعزيز إلمامهم بأحدث التكنولوجيا والتقنيات. ويتطلع البرنامج إلى تنمية وعي الطلاب بخيارات العمل المختلفة ورعاية اهتماماتهم.

ورش أولياء الأمور

في إطار حرصها على تعزيز دور الأسرة في رعاية الابن الموهوب، تقدم دائرة التعليم والمعرفة برامج تثقيفية لأولياء أمور الطلبة الموهوبين حول الاحتياجات الإرشادية للأطفال الموهوبين، وبعض التطبيقات العملية للجانب الأسري في إرشاد أبنائهم الموهوبين، إضافة إلى تنفيذ ورش عمل حول التواصل الفعال مع الأبناء الموهوبين.