نبض أرقام
12:28 م
توقيت مكة المكرمة

2024/12/04
2024/12/03

الاقتصاد في درسين.. لماذا تعمل الأسواق جيدًا ثم تصبح مهددة بالفشل الذريع؟

2019/08/10 أرقام - خاص

يعتبر الاقتصادي الأسترالي "جون كيجين"، كتاب "هنري هازليت" المهم بعنوان "الاقتصاد في درس واحد" غير كاف مؤكدا أنه قد أخفق في تغطية بعض النقاط المهمة، وهو ما يسعى لتوضيحه فى كتابه الجديد "الاقتصاد في درسين: لماذا تعمل الأسواق جيدًا ثم تكون مهددة بالفشل الذريع؟".

 

 

حالة عامة؟

 

ويصف "كيجن" كتاب "هازليت" قائلاً: "إن كتابه يحتوي على حقائق مهمة حول قوة الأسواق لكنه يتجاهل حقائق لا تقل أهمية من خلال الإصرار على أن الأسواق تتوازن وحدها ودون الحاجة إلى أي تدخل خارجي".

 

ويقول "كيجن" في كتابه: بحسب "هازليت" عندما يتحرك عمل الاقتصاد بشكل صحيح  تكون الإجابة دائمًا ترك السوق دون تدخل، لذلك تتطابق المصلحة الفردية مع مصلحة المجتمع بشكل مستمر، ولكن هل كانت هذه هي الحالة دائمًا؟

 

فالحكومة الأمريكية اضطرت على سبيل المثال للتدخل في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة لحماية الأمريكيين من احتكار "مايكروسوف" من خلال فرض غرامة مليون دولار على الشركة الشهيرة قبل إصدار المحكمة حكمًا ببيع برامج "أوفيس" منفصلة عن "ويندوز".

 

ففي هذه الحالة كانت مصلحة "مايكروسوفت" عدم وجود منافسة في السوق، ومن نافلة القول أن أي شركة ترغب في عدم وجود منافسين لها والاستئثار بالسوق بأكمله، لذا يبدو الحديث حول المصلحة العامة والخاصة معيبًا في مثل هذه الحالات.

 

تبسيط مخل

 

ويلقي "كيجن" باللائمة على ""أمثال" هازليت" في "التبسيط المخل" لعلم الاقتصاد، من خلال طرح صورة وردية وغير واقعية حول الوصول للسعر العادل على سبيل المثال. ففي الولايات المتحدة، يشتري سكان "كاليفورنيا" الأغذية بـ20-30% أعلى مما يشتريها بقية الأمريكيين.

 

 

ووفقًا لـ"كيجن" فإن ارتفاع أسعار الإيجارات لا يبرر مثل هذا الفارق الكبير، وأن كل ما في الأمر أن التجار يعرفون قدرة المستهلكين على تلبية مثل هذا السعر المرتفع وبالتالي يضعون سعرًا "إذعانيًا" وليس عادلًا بطبيعة الحال، لأنه لا يتضمن توازن العرض والطلب كما يوضح الاقتصاد الكلاسيكي ولكنه سعر سببه أو حجته "تصورات" البائعين عن القدرات المادية للمشترين.

 

بل ويمكن التأكيد على "سذاجة" الطرح التاريخي حول السعر العادل من خلال عمليات المساومة التي تتم في العديد من الأسواق، بحيث يحصل شخص على نفس السلعة بسعر أقل من آخر بسبب قدراته التفاوضية العالية، فأين السعر العادل في ذلك؟!

 

الزجاج المكسور

 

كما يعارض "كيجين" مفهوم التوازن الكلاسيكي الجديد على الفصل الأكثر شهرة في كتاب "هازليت"، وهو "النافذة المكسورة".

 

وبالنسبة لـ"هازليت" فإنه عندما يقذف شاب شرير نافذة متجر الخباز بحجر، يتخيل الناس أن هذا سوف يساعد الأعمال التجارية لأن الخباز حتما سيقوم باستبدال النافذة وسيعطي المال لصانع الزجاج الذي سينفقه بدوره على الأشياء التي يريدها وهكذا تزدهر دورة الأعمال.

 

ويعارض "كيجن" هذا المنطق لأنه لو لم يتم كسر النافذة لكان الخباز قد اشترى بدلة جديدة (مثلًا) بما لديه من مال، أو حتى يدخر المال فيسمح لمستثمر بالحصول على ما يحتاج إليه من استثمارات في مشروع جديد، أي إنه في كل الأحوال كسر الزجاج لا يفيد الاقتصاد ولكنه يعيد توجيه موارده، بالأحرى نحو إعادة حالة الاقتصاد إلى ما كانت عليه وهو ليس الشكل الأعلى إنتاجية الذي يمكن تخيله.

 

ويضيف "كيجن" أن ترحيب النظرية الكلاسيكية -الذي يصفه بالغريب- بالكوارث، بدعوى أنها تسهم في نمو الاقتصاد غير مبرر، فأي كارثة تبطئ الاقتصاد لسبب هام لأنها بطبيعتها غير متوقعة وبالتالي فإن المستثمرين والمنتجين غير متحسبين لها، لذا تبطئ دورة الأعمال، وقد تنتعش بعد ذلك بسبب إنتاج ما تستلزمه مثل تلك الأزمة المستحدثة.

 

 

ولكن مع ذلك يبقى استثمار نفس الموارد في عمليات "طبيعية" ولا ترتبط بالحروب والكوارث الطبيعية أو أي شكل من أشكال "كسر الزجاج" أكثر إنتاجية للمجتمع ككل بطبيعة الحال.

 

ويقول "كيجن" إن الاستدلال الخاطئ بنمو الاقتصاد الأمريكي إبان الحرب العالمية الثانية يغفل حقيقة مهمة للغاية، أن الاقتصاد استفاد من فكرة عدم وقوع صدامات على الأراضي الأمريكية في المراحل الأولى، ومن ثم استطاع التحول ببطء إلى اقتصاد حرب، بينما تضررت اقتصادات كافة الدول التي شاركت في الحرب بلا استثناء.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.