نبض أرقام
17:25
توقيت مكة المكرمة

2024/07/22
14:15

سمعة الشركة.. حين تكون الصورة أكثر بريقاً من الواقع

2019/09/07 أرقام - خاص

يدرك المسؤولون التنفيذيون جيداً أهمية سمعة شركاتهم، ويعلمون أن الشركات ذات السمعة الإيجابية القوية تجذب أفضل العملاء والموظفين، لأنه ينظر إليها على أنها تقدم قيمة أكبر، وهو ما يسمح لها غالباً بفرض رسوم إضافية على أسعار منتجاتها التي يحرص على شرائها عملاء لديهم نوع من الولاء تجاه الشركة.
 

ونظراً لأن السوق عادة ما تعتقد أن الشركات ذات السمعة التجارية القوية ستحقق أرباحاً مستدامة ونمواً مستقبلياً كبيراً فإن هذه الشركات عادة ما يتم تداولها في البورصة بمكررات ربحية عالية وقيم سوقية كبيرة.
 

 

ولكن بما أن ما يترواح بين 70 و80% من القيمة السوقية للكثير من الشركات يأتي من أصول غير ملموسة يصعب تقييمها مثل العلامات التجارية ورأس المال الفكري والشهرة فإن هذه الشركات أكثر عرضة من غيرها لمخاطر الإضرار بالسمعة.
 

وللأسف تفشل الكثير من الشركات في إدارة سمعتها في السوق وفي حمايتها من المخاطر المحتملة، حيث إنها تميل لتركيز طاقتها لمواجهة التهديدات القائمة لسمعتها والتي ظهرت بالفعل، ولكن هذه ليست إدارة مخاطر وإنما إدارة أزمات وأسلوب تفاعلي لحظي يهدف للحد من الضرر قدر الإمكان.
 

فجوة السمعة
 

في دراسة نشرتها "هارفارد بيزنس ريفيو" في عام 2007 تحت عنوان "السمعة ومخاطرها" أشار ثلاثة باحثين إلى أن واحداً من أهم الأشياء التي تعرض الشركة لمخاطر السمعة هو أن تكون سمعتها تتجاوز شخصيتها الحقيقية أو ما تستحقه بالفعل.
 

ومن أجل إدارة مخاطر السمعة بفاعلية تحتاج إدارة الشركة إلى أن تستوعب من البداية أن الأمر بالأساس مسألة إدراك. وأن سمعة الشركة بين مختلف الأوساط (المستثمرين والعملاء والموردين والموظفين والسياسيين) تعكس بشكل أساسي أداء الشركة في ما يتعلق بجودة المنتج والحوكمة وخدمة العملاء وأدائها المالي وطبيعة تعاملها مع القضايا البيئية والمجتمعية.
 

 

لكن في كثير من الأحيان تختلف سمعة الشركة عن شخصيتها أو سلوكها الفعلي، بمعنى أنها قد تكون أفضل أو أسوأ مما تعتقده كل الأطراف السابقة. وعندما تكون سمعة الشركة أكثر إيجابية من واقعها الفعلي فإن هذه الفجوة بين الظاهر للناس والحقيقة تشكل مخاطرة كبيرة، لأنه عاجلاً أو آجلاً ستعجز الشركة عن الحفاظ على سمعتها التي ستتراجع لتتوافق مع الواقع.
 

هذا ما تعلمته شركة النفط والغاز البريطانية "بريتش بتروليوم" المعروفة حاليا باسم "بي بي" ولكن بالطريقة الصعبة.

 

ففي بداية الألفية الثالثة حاولت شركة الطاقة العملاقة تصوير نفسها على أنها شركة مسؤولة تهتم بالبيئة. وفي سعيها لذلك أطلقت حملة إعلانية ضخمة شعارها "ما وراء البترول" ومبادرة بمليارات الدولارات لتوسيع أعمالها في مجال الطاقة البديلة.
 

 

لكن لسوء حظ الشركة، وقعت العديد من الحوادث الكبرى في الفترة ما بين عامي 2005 و2006 والتي جعلت الجمهور متشككاً في الصورة التي تحاول الشركة رسمها لنفسها، لتظهر تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت "بي بي" شركة استثنائية فعلاً كما تدعي؟
 

من بين تلك الحوادث، حادثة انفجار مصفاة تكساس سيتي التابعة للشركة في مارس من عام 2005 والتي أسفرت عن مقتل 15 شخصاً وإصابة العشرات. ولم يمر أكثر من عام قبل أن تقع حادثة أخرى، وهي التسرب النفطي في خط أنابيب متآكل في أحد حقول الشركة بآلاسكا وهو ما أجبر الشركة على خفض إنتاجها في أغسطس 2006.
 

نهايات مأساوية
 

في البداية ألقت "بي بي" باللوم على صغار المديرين في كارثة انفجار المصفاة والتي عزتها إلى سياسات التشغيل المتساهلة، ولكن المحققين الفيدراليين زعموا أن خفض الشركة للتكاليف كان أيضاً من بين الأسباب الرئيسية وراء تلك الكارثة.
 

على الناحية الأخرى، رجحت شهادات الموظفين والتقارير الداخلية للشركة أن السبب الرئيسي وراء حادثة التسرب النفطي التي وقعت بآلاسكا هو عدم كفاية ممارسات التفتيش والصيانة وتقاعس الإدارة عن الاهتمام بتحذيرات مشاكل التآكل المحتملة.
 

 

ساهمت التغطية الإعلامية لهذه الحوادث وغيرها في الإضرار بسمعة الشركة. ولسد الفجوة الحاصلة بين الواقع والسمعة كانت "بي بي" أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تحسن من قدرتها على تلبية التوقعات وإما أن تقلل من حجم الوعود التي تقطعها للناس من آن إلى آخر، ولا تحاول أن تبني صورة مثالية لنفسها لأن تكلفة ذلك ستكون كبيرة في المستقبل.
 

وفي الحقيقة إن أخطر تداعيات الفجوة بين السمعة والحقيقة هو أنها قد تدفع المديرين إلى التلاعب من خلال اتخاذ إجراءات قصيرة المدى هدفها إخفاء واقع الشركة الحقيقي عن السوق. والمشكلة هي أن الشركات التي تسلك هذا النهج عادة ما تكون نهايتها مأساوية، كما حدث في حالة "إنرون" و"كمبيوتر أسوشيتس" و"زيروكس" وغيرهم.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة