خلال عرض عسكري مهيب شارك فيه 15 ألف جندي ومئات المركبات الحربية وأكثر من 160 طائرة، احتفالًا بالذكرى السبعين على الحكم الشيوعي في الصين، أعلنها الرئيس "شي جين بينغ" صراحة: "لا قوة يمكنها إيقاف التقدم الصيني".
بعض المحللين العسكريين رأوا أن العرض الصيني الذي نادرًا ما كان بهذا الحجم والتطور، حيث ضم أسلحة متقدمة للغاية من الناحية التقنية، كان بمثابة رسالة يقصد بها تحدي الولايات المتحدة، وهو ربما ما أكدته كلمة "شي" الذي يعد أحد أقوى الشخصيات في العالم.
لكن التحدي الأبرز والذي يعتقد المحللون أنه كان سبب كلمة "شي"، هو التحول الاقتصادي الذي طرأ على البلاد بعد 70 عامًا من وصول الشيوعية إلى الحكم، حيث تحولت الصين من مجرد بلد فقير يعاني آثار الحرب إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ماذا أنجز من الحلم الصيني؟
- الشرفة التي أطل منها "شي" على شعبه ليلقي كلمته اليوم مؤكدًا تمسكه "بالحلم الصيني" والمضي قدمًا في رؤيته للبلد الحديث، هي ذاتها التي أطل منها الزعيم الروحي للشيوعية في البلاد "ماو تسي تونغ" قبل 70 عامًا متحدثًا عن رؤية الصين الجديدة.
- أحد العناصر الرئيسية للحلم الصيني الذي يتبناه الحزب الشيوعي، هو ضمان تحقيق الرخاء المشترك للأمة برمتها واستفادة جميع الصينيين من هذا الرخاء، وهو ما قطعت الصين شوطًا كبيرًا في سبيل تحقيقه على مدار العقود الماضية.
- استطاعت الصين خلال الأربعة العقود الماضية، انتشال أكثر من 800 مليون مواطن من براثن الفقر، وأصبحت أكثر ميلًا نحو اقتصاد السوق، وبلغ متوسط معدل النمو السنوي 10% منذ بدأت خطط الإصلاح في أواخر السبعينيات.
- خلال هذه الطفرة الاقتصادية، والتي ترتب عليها نهضة في المجال الصناعي، انتقل سكان الريف إلى الحضر الذي شهد تطورًا سريعًا خاصة في مجال خلق الوظائف، ووجدوا فرص عمل ضمنت لهم مصدر دخل أفضل.
- يرجع الفضل في هذا التحول إلى الرئيس "دنغ شياو بينغ" الذي وضع البلاد على طريق إصلاح السوق قبل 40 عامًا، فاستفادت الصين كثيرًا من الأسواق المفتوحة في الغرب، ومن جاذبية سوقها المحلي البالغ تعداد سكانه 1.4 مليار شخص.
محطات كارثية
- كان الطريق نحو التنمية وتحقيق الرخاء طويلًا، لكنه كان مليئًا بالعثرات مثل المجاعة التي وقعت في أواخر الخمسينيات وأدت إلى مقتل الملايين، وحينها قال "ماو": إذا كانت الغلال متوافرة في يد والصلب في اليد الأخرى فلا داعي للقلق.
- ليس ذلك فحسب، في ستينيات القرن الماضي، كانت هناك مخاوف واسعة في الصين من هجوم سوفيتي وشيك، الأمر الذي دفع الكثير من المصانع للانتقال إلى سلاسل الجبال الداخلية، ثم الصدام مع المتظاهرين وسقوط آلاف القتلى مع المتظاهرين في ساحة تيانانمن أواخر الثمانينيات.
- يقول الباحث الاقتصادي "لي ديشوي": في هذه الأثناء (وقت المجاعة) كان لدى الصين 650 مليون مواطن ولم يكن لديها ما يكفي من الغذاء، الآن بلغ التعداد السكاني 1.4 مليار ويمكن للجميع الحصول على القدر الكافي، وأصبح فائض إنتاج الصلب الصيني سنويًا يعادل إجمالي إنتاج الولايات المتحدة.
- في الحقيقة، النجاح الصيني لم يكن مبنيًا على مفاهيم شيوعية جوهرية في الجانب الاقتصادي، واضطر القادة الشيوعيون إلى تبني أفكار أكثر انفتاحًا لتحقيق هذه الطفرة التي جعلت من الصين قوة منافسة للولايات المتحدة في جوانب عدة أهمها الاقتصاد.
- خلال جولة في المناطق الاقتصادية الخاصة جنوب البلاد، قال الرئيس الأسبق "دنغ" إن التنمية هي الحقيقة الصعبة الوحيدة، والتي كان الهدف منها إحياء قطاع الأعمال بعد سقوط القتلى في احتجاجات ميدان تيانانمن.
أين وصلت الصين؟
- الصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم وفقًا لمؤشر الناتج المحلي الإجمالي المقوم بالدولار، لكنها الأكبر عالميًا وفقًا لمؤشر تعادل القوة الشرائية، وتسير بثبات كي تصبح "دولة اشتراكية قوية" بحلول عام 2050، وهذا هو حلم الرئيس "شي"، على حد قول "ديشوي".
- يرجع الفضل بشكل كبير في تحول الصين إلى قوة تصديرية وتقنية وصناعية كبيرة إلى المورد البشري الهائل، والذي يشمل قوى عاملة ماهرة أكثر مما تمتلك بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
- بحلول الذكرى السبعين على قيام الدولة الشيوعية في الصين، فإن عمرها تجاوز بذلك الاتحاد السوفيتي الذي استمر 69 عامًا وكان المنافس الأبرز للولايات المتحدة على النفوذ والسطوة العالمية.
- بعد عقود من المجاعة والاضطرابات السياسية وفشل الحركة المطالبة بالديمقراطية، وتزايد نفوذ الحزب الشيوعي، تحولت الصين إلى السعي وراء الثروة، وغضت الطرف عن الكثير من السياسات الشيوعية الصارمة لتحرير السوق بهدف جذب رأس المال وضمان وصولها إلى أسواق أخرى.
- رغم الانتعاش الاقتصادي والنمو المتسارع، فإن المساواة في الدخل لم تتحقق، وتشير التقديرات إلى أن الصين لديها واحد من أكبر معدلات عدم المساواة في الدخل على مستوى العالم، إذ يمتلك 1% من سكانها ثلث ثروة البلد، في حين يمتلك ربع السكان ما قدره 1% فقط من الثروة.
المصادر: إيكونوميست، إن بي آر، أرقام، ساوث تشاينا مورنينغ بوست، لوس أنجلوس تايمز
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}