نبض أرقام
10:27 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/10/21
2024/10/20

البناء في الوديان.. مآسٍ وخسائر متكررة للأهالي

2019/10/19 الخليج

«بطيت بطيت لا تبني في دربي بيت»، مثل شعبي إماراتي يتناقله الأهالي، وعرف منذ بداية خليقتهم وتصالحهم مع الطبيعة، ويعني الابتعاد بمبانيهم عن الوديان ومساربها ومساراتها قدر الإمكان، كونهم لا يتحملون مواجهتها، وهم الخاسر الأكبر في تلك المواجهة.


ومع ذلك فإن أخطاء البناء في مجاري وديان رأس الخيمة..مآس وكوارث وخسائر للأهالي تتكرر سنوياً، بسبب التصحر والتحضر والجفاف الذي لحق بهم خلال الثلاثين عاماً الماضية، وجعل الأهالي يهملون ذلك التحذير «الشعبي الأصيل» المتوارث من جيل إلى جيل، ولا يهتمون بتحذير الطبيعة ويبنون بجانب الوديان وبالقرب من مساربها، وبمساحات غير بعيدة عنها، كما أن مسارات الوديان تم إغلاق العديد منها ولم تتم أي أعمال صيانة للقديمة النافعة.


لم تكن المنازل في مواجهة الوديان، وكذلك المدارس والحدائق العامة، ومع ذلك تحولت أراضيها لبحيرات من المياه التي فاضت بها مياه الوديان وغطتها كلياً، الأمر الذي طالب فيه الأهالي بإيقاف استنزاف أموالهم والحفاظ على أمنهم داخل منازلهم بإيجاد حلول قاطعة تحفظهم من اندفاع المياه إلى بيوتهم، وذلك بإنشاء مسارات للوديان، وإنشاء السدود والحفاظ على المياه في الوقت ذاته من الهدر.

 

مدرسة شمل


وعند سقوط الأمطار مؤخراً، اضطرت إدارة مدرسة شمل للتعليم الأساسي والثانوي في رأس الخيمة، إلى إرسال رسالة توضح توقيف الدراسة لليوم الثاني على التوالي في المدرسة، بسبب صعوبة الوصول إليها، وعدم جاهزيتها لاستقبال الطلبة والهيئة الإدارية والتدريسية، كما لم توضح اليوم الذي ستستأنف فيه الدراسة، وذلك بعد أن غمرت المياه ساحة المدرسة ودخلت للفصول الدراسية. وأوضحت مصادر أن دخول مياه الوادي إلى فناء المدرسة وفصولها، بعد أن جرفت جدار سورها الخارجي، متوقع نظرًا لوجودها في مجرى الوادي تمامًا، مؤكدين أن الجهات المعنية عليها أن تحاسب الجهات التي تسببت في عدم إنشاء القناة التحويلية، وقدمت مصلحة القبور التاريخية على صرح تعليمي جديد، يضم أكثر من 600 طالب.


من جانب آخر طالب أهالي رأس الخيمة، بإيجاد مسارب ومخارج لمياه الوديان التي تجري بشكل طبيعي من الجبل إلى أن تصل إلى البحر، أو بناء السدود التي تحفظ كميات الأمطار بدلًا من هدرها بالبحر، موضحين أن البنية التحتية القديمة التي تحتوي على عبّارات بشكل خناق واسعة، في كل من شعم والجير ساعدت على تجنب العديد من الكوارث الطبيعية، فيما لم يجد وادي نقب أمامه غير منازل المواطنين بعد أن شيدت على مساراته المباني والطرقات، وأغرق كل ما صادفه من شوارع ومنازل وجرف العديد من الطرقات.


توسعة المجاري


حسن عبيد بن حميد النقبي، مسؤول منطقة الفحلين، أشار إلى أن مطالبهم في منطقتهم التي غرقت لعامين على التوالي، من اندفاع وتدفق مياه الوديان للمنازل، تتطلب توسعة مجاري ومسالك الوديان وعمل حماية صخرية لها، وتوسعة العبارات كي لا يتكرر غرق المنازل السكنية كلما نزل المطر، بالإضافة إلى استكمال إنشاء البنية التحتية التي تحميهم من مياه الوديان، وخاصة من وادي نقب الذي طمر المنازل بالمياه ومما حملته مياه الوادي، وتضرر أكثر من 75 منزلًا، بالإضافة إلى المقبرة ونفقت أعداد كبيرة من الأغنام في الحظائر.


وقالت فاطمة أحمد سليمان، من شعم، إن مياه الوادي دخلت منزلنا على ارتفاع مترين تقريبًا، ولم ينقذنا منها غير صهاريج بلدية دبي، وبقي المنزل على حاله، غير صالح للسكن، لأسابيع وأتلفت المياه جميع ما في المنزل، ونحن 9 أفراد في المنزل، ولم توضح لنا أي جهة حكومية، من الذي سيعوضنا أو يصلح ما أفسده المياه، أردنا فقط أن تكون هناك ردود شافية لاستفساراتنا لتوضح لنا ما الذي يجب أن نفعله.


وأكدت فاطمة أنها تواصلت بشكل مباشر مع د. عبدالله بلحيف النعيمي وزير تطوير البنية التحتية، فأرسل لها لجنة، سحبت مياه الوادي، إلا أن المسؤولين في الجهات المحلية في رأس الخيمة لم يتجاوبوا مع حالتنا، ونريد حلاً دائمًا لمشكلة دخول مياه الوديان لمنازلنا، نريد حماية قوية ومسارات للوديان بدلاً من تدفقها في اتجاه منازلنا.


مأساة تتكرر


وقالت عزة البغام من الفحلين، تتكرر مأساة دخول مياه الوديان لمنازلنا للمرة الثالثة على التوالي، حيث تم تغيير مسارات الوديان، وغمرتنا مياه وادي صقر القادمة من وادي نقب، والذي يعتبر من أكبر الوديان في الإمارة، وللآن لم يحل أحد المشكلة، وكل مرة تدخل مياه الوادي منزلنا ومنازل الشعبية ونضطر لتغيير الأثاث لعدم صلاحيته للاستخدام، وخسائرنا المادية كبيرة، خاصة على والدتي التي تستلم راتبها من الشؤون الاجتماعية.


سعيد الشحي من أهالي شعم، أكد أن العبارات ومصدات الحماية من مياه الوديان التي شيدتها وزارة تطوير البنية التحتية قبل سبع سنوات في الجير، أقصى شمال الإمارة بتكلفة 44 مليون درهم، وتتكون من خرسانة صلبة وعبارات ومنافذ للوديان تصل إلى البحر، حفظت المنطقة من مخاطر السيول الجارفة، خاصة أن المنطقة مهيأة لسقوط الأمطار بكثافة كونها منطقة جبلية وبالقرب من البحر، إلا أن بعض الأخطاء التي لم يدرسها الأهالي جيداً حين تم بناء منازلهم دون أن تحدد مسارب ومسارات الوديان أدت إلى دخول مياه الوديان فيها، مثل منطقة شعم على الساحل التي دخلت مياه الوديان مع الطمي إلى المنازل مؤخرًا.


محمد عبيد الزعابي، اقترح لتجنب الأهالي أضرار السيول ومياه الوديان الجارفة، إنشاء بحيرات في مواقع تجمع المياه في السهول المنبسطة، تمر فيها مياه الوديان القادمة من الجبال، لتصب فيها ويكون قاعها من أسمنت أو من طبقة عازلة حافظة للمياه من التسرب، ليتم الاستفادة منها في أغراض الزراعة وخلافه طوال العام، بدلًا من ترك المياه العذبة تذهب هدرًا للبحر أو تجف في الأماكن التي وصلت إليها، لا سيما ونحن نعاني الجاف طوال العام، وتتأثر الزراعة وتجف المياه المتجمعة في السدود ونترك المياه العذبة تذهب هدرًا وهي بين أيدينا.


ترخيص البناء


منذر بن شكر الزعابي مدير بلدية رأس الخيمة، أكد أن البلدية ترفض رفضًا قاطعًا أن ترخص للبناء في المساحات الواقعة في مجرى الوديان، ولا توجد مساكن بنيت في مجري الوديان، لأننا نتحمل المساءلة في حالة رخص للبناء في تلك المناطق الخطرة طبيعيًا، ولا تستطيع أي جهة أن تعطي تصريحاً للبناء في مواجهة الوديان القادمة من الجبال حتى لو أصر المواطن بأن يبني على الأرض التي تقع في مسار الوادي لا تستطيع البلدية أن تنفذ مطلبه، لأن فيه مخاطرة على حياة أسرته.


وأوضح الزعابي أن بناء مدرسة شمل كان بالتنسيق مع وزارة تطوير البنية التحتية ووفق دراسات أعدت لذلك، كما وعدت الوزارة بأن تنفذ مسارات خاصة للوديان، لإبعاد مسارها عن مقر المدرسة، إلا أن بعض الأمور قد حصلت وتأخر تنفيذ المصدات والمسارات المحولة للوديان.

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.