نبض أرقام
00:04
توقيت مكة المكرمة

2024/07/27

هل أفادت الإجراءات الحمائية الاقتصاد أم أضرته؟

2019/10/25 أرقام - خاص

مع متابعة الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين عادت بؤرة الضوء مجددًا لتركز على ما كان سائدا حتى وقت قريب عن التدابير الحمائية التي اعتادت الدول اتخاذها سواء لأهداف حماية الصناعة المحلية أو كإجراء عقابي لبعض الدول أو إحدى أدوات السياسة الخارجية أو الاقتصادية بما أثار تساؤلا حول نجاعة تلك الأساليب.

 

 

إجراءات "مبررة"

 

ويشير تقرير لمنظمة التجارة العالمية إلى انخفاض نسبة الزيادة المتوقعة في التجارة الدولية لعام 2019 من 2.6% إلى 1.2% فحسب وسط تخوف أن تظهر البيانات النهائية للعام الحالي انكماش التجارة الخارجية في ظل عدم اكتمال البيانات الصينية والأمريكية حتى الآن.

 

ويشير تقرير لمركز "راند" إلى أنه في بعض الحالات ما يكون فرض الجمارك والإجراءات الحمائية بشكل عام مبررًا، وخاصة في حالة الدول النامية، ففي ظل ميزان تجاري مختل لدى غالبية تلك الدول فإنها تستفيد بالحفاظ على العملة الأجنبية وترفع من قيمة عملتها المحلية إذا نفذت تلك الإجراءات.

 

ويفسر الاقتصادي الحائز على نوبل في الاقتصاد "بول كروجمان" في صحيفة "نيويورك تايمز" ذلك الأمر من خلال الإشارة إلى أن هيمنة الصين على القطاع الصناعي عالميًا دفعت غالبية الدول النامية إلى خسارة 30-50% من قطاعها الصناعي بين عامي 1985-2015 في ظل تمتع التنين الآسيوي بميزة نسبية كبيرة في الإنتاج الكبير.

 

وعلى الرغم من ذلك فالإجراءات الحمائية صعبة التطبيق بشكل واسع في الدول النامية، حيث تخشى تلك الدول إجراءات انتقامية من جانب الدول الاقتصادية الكبرى، مثلما حدث إبان عصر الرئيس الأمريكي الأسبق "هيربرت هوفر" في ثلاثينيات القرن الماضي.

 

"عظة" التاريخ

 

في تلك الحقبة تراجعت الصادرات الأمريكية بنسبة 50% تقريبًا في ظرف عامين، كما تقلصت الصادرات الأوروبية بنسبة 30% والآسيوية بنسبة 15% بسبب الحروب التجارية والإجراءات الحمائية، ولذلك يحذر موقع "فوكس- إيكونوميك" من احتمال انفلات الحرب التجارية لتنقلب إلى إجراءات انتقامية متبادلة بلا ضابط تنتهي بالمزيد من الإضعاف للنمو العالمي.

 

 

ويقدر تقرير "راند" أن النمو العالمي تراجع بنسبة 0.4% بسبب الإجراءات الحمائية بين الولايات المتحدة فحسب، وأن النسبة بسبب الإجراءات العالمية قد تصل إلى 1% في ظل اندفاع دول نامية عدة في عمل إجراءات حمائية، لا سيما للحفاظ على صناعاتها الثقيلة.

 

وعلى الرغم من ذلك فإن دولا تعتمد على صادرات المواد الأولية أو تلك التي لا تنخرط بشدة في التجارة العالمية قد تجد نفسها مستفيدة في نهاية الأمر من الحروب، فعلى الرغم من التراجع المتوقع لأسعار المواد الخام مع تراجع الاقتصاد بشكل عام إلا أن كثيرا من المواد الخام قد تظل مطلوبة رغم التراجع الاقتصادي، في مواجهة تراجع أكثر حدة في مبيعات السلع المصنعة.

 

وعلى سبيل المثال، فقد تسببت الإجراءات الحمائية في ثلاثينيات القرن الماضي في تراجع مبيعات السلع المُصنعة بنسبة تربو على 40% حول العالم، ولكن تلك النسبة لم تتعد 15% في حالة السلع الأولية، بل وظل بعضها في نفس المستويات السعرية بسبب ضرورة تناسب السعر مع تكلفة الاستخراج وليس الطلب فحسب.

 

ضرر جماعي.. وفائدة محتملة

 

ويتوقع تقرير لـ"فورين بوليسي" تسبب الإجراءات الحمائية، إذا استمرت في تصاعدها الحالي، في انهيار شبه كامل لنظام "بريوتون وودز" بما يخدم دولًا ويؤذي أخرى.

 

وعلى الرغم من اقتصادها القوي إلا أن التقرير يتوقع تضرر الولايات المتحدة بشدة لأكثر من سبب خلافًا لفكرة تراجع النمو ولعل أهمها تراجع أهمية الدولار كعملة رئيسية للتبادل التجاري وكمخزن للقيمة في الوقت نفسه، فضلًا عن خسارة كبيرة لمركز ثقل الولايات المتحدة في الخدمات والعلامات التجارية (فرانشيز).

 

 

وفي المقابل، ترجح الدورية الأمريكية تأثر كافة الدول "المنخرطة" في النظام التجاري الدولي، وعلى رأسها الصين وألمانيا وفرنسا، والتي تتوقع تراجع الناتج المحلي لها بنسبة قد تصل 7-10% حال استمرار تزايد نطاق الحروب التجارية، بينما تبقى دول أخرى، تتبع سياسات تجارية متحفظة، مثل سويسرا وأستراليا، أقل تأثرًا.

 

وفي النهاية تبدو الحروب التجارية خسارة "جماعية" مؤكدة، في ظل تأكيدات تراجع النمو العالمي بنسبة يختلف على تقديرها وفقا لتقدير حجم الحروب، ولكنها تصل إلى 5% وفقًا لتقدير "فورين بوليسي" إذا ما ازدادت الحروب حدة في ظل ركود محتمل، ولكن بعض الدول قد تكون "أقل تضررًا"  من أخرى.

 

المصادر: تقرير لـ"راند"، "نيويورك تايمز"، تقرير لمنظمة التجارة العالمية، "فورين بوليسي"

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة