في الوقت الذي تواصل فيه تدفقات النفط الصخري الأمريكية تسارعها، يبدو أن المنابع التي تزود الشركات بالمال بدأت تجف، ما يدفع شركات الحفر والتنقيب في الولايات المتحدة إلى الإفلاس على نحو متزايد، ويهدد النمو الكبير الذي يعول عليه القطاع.
بسبب الخوف من انخفاض أسعار النفط، أصبح مستثمرو الأسهم والسندات يتجاهلون شركات التنقيب عن النفط الصخري الصغيرة والمستقلة، والتي كانت سببًا رئيسيًا قبل ذلك في جعل الولايات المتحدة أكبر منتج في العالم (تنتج نحو 12.6 مليون برميل يوميًا).
وفي الوقت نفسه، فإن البنوك تبدو خائفة هي الأخرى من تمويل العمليات الصخرية، ومن المرجح أن تقيد قدرة الشركات على الاقتراض عندما تبدأ مراجعاتها السنوية للقروض المضمونة باحتياطيات النفط والغاز.
يقول مراقبو السوق إن هذه الضغوط التمويلية ستؤدي إلى موجة من الاندماجات بين شركات النفط الصغيرة، والتي تركز أعمالها في الحوض البرمي ومناطق النفط الصخري الأخرى في الولايات المتحدة.
ندرة التمويل
- يقول "مات بورتيلو" المدير العام لوحدة بحوث واستثمارات المنبع لدى مصرف "تيودر، بيكرينغ، هولت آند كو"، إن مستثمري الأسهم يعتقدون أن الصناعة بها بعض الشركات الزائدة، ويريدون رؤية القطاع أكثر تركيزًا وتوحدًا، ليكون الحجم أكبر والديون أقل والإنفاق منضبطًا.
- بعد انهيار أسعار النفط، جمع منتجو النفط والغاز في الولايات المتحدة 56.6 مليار دولار من رأس المال عبر أسواق الأسهم والديون عام 2016، مقارنة بـ19.4 مليار دولار فقط هذا العام، رغم أن الإنتاج الأمريكي نما بأكثر من الثلث خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
- مع ندرة التمويل، ازدادت حالات الإفلاس هذا العام، ووفقًا لمكتب المحاماة "هاينس آند بوني"، فإن 33 شركة أشهرت إفلاسها منذ بداية العام وحتى نهاية سبتمبر (27 منهم منذ مايو الماضي)، وهو ما يعادل الرقم المسجل خلال 2018 بأكمله.
- خلال أكتوبر، تقدمت شركة "إي بي إنرجي" بطلب لحمايتها من الإفلاس مع ديون بلغت 4.6 مليار دولار، مرجعة هذا التعثر إلى ما وصفته بـ"صعوبة الديناميات نتيجة أسعار السلع الأساسية المنخفضة".
- أخافت حالات الإفلاس تلك مديري الصناديق، ومن بين 240 صندوقا للاستثمار المشترك مرتفع العائد تتعقبها "مورنينغ ستار" للبيانات، فإن ثلاثة أرباعها كان يستثمر 10% فقط من أصوله في الطاقة، وهو أقل بكثير من المعدل المحايد البالغ 14%.
البنوك تعيد تقييم القطاع
- يقول مدير المحافظ لدى "دياموند هيل كابيتال" لإدارة الأصول "جون ماكلين"، يبدو أنها بداية استسلام المراهنين على تحقيق عائدات مرتفعة من شركات الطاقة، وهو ما يبدو منطقيًا في ظل إعادة تقييم البنوك لقيمة احتياطيات النفط والغاز التي تمنح مقابلها القروض.
- وفقًا لتقديرات مصرف "تيودر، بيكرينغ، هولت آند كو" فإن إعادة التقييم تلك، ستؤدي إلى تخفيض تسهيلات القروض المقدمة للمنتجين الأصغر حجمًا بنسبة تتراوح بين 10% و25% خلال العام المقبل.
- قد يكون لهذه الضغوط انعكاسات على الإنتاج، فبحسب البيانات الرسمية، تراجع عدد منصات التنقيب النشطة في الولايات المتحدة بنسبة 20% منذ العام الماضي؛ وهو ما جاء مصحوبًا بتراجع في العمالة.
- بلغ معدل التوظيف السنوي في منطقة الحوض البرمي 0.7% خلال أغسطس، مقارنة بـ11.4% خلال نفس الفترة من العام الماضي، وبلغ معدل البطالة في المنطقة 2.3% ارتفاعًا من 2% خلال مايو، وفقًا لبيانات الاحتياطي الفيدرالي في دالاس.
- في مسح أجراه الفيدرالي، تبين أن البنوك خفضت حدود الرافعة المالية لمقترضي الطاقة إلى النطاق بين 2.5 إلى 3 أضعاف أرباح الشركة قبل الفوائد والضرائب والإهلاك، من النطاق 3.5 إلى 4 أضعاف.
- دون رأس المال، سيكون على شركات التنقيب خفض الإنفاق، ما يعني تراجع عمليات الحفر، وفي النهاية لن يصل الإنتاج الأمريكي إلى المستويات المتوقعة، إلى جانب استمرار إفلاس الشركات.
المصادر: فاينانشيال تايمز، بلومبيرغ، أويل برايس
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}