نبض أرقام
21:17
توقيت مكة المكرمة

2024/07/05

مشروعات البنية التحتية في البلدان الناشئة تعيد تشكيل وجه العالم .. لكن ما التكلفة؟

2019/11/21 أرقام

في الوقت الذي تعمل فيه الاستثمارات الضخمة في أعمال البنية التحتية على تحقيق التنمية المستدامة في البلدان الناشئة، فإنها تعيد تعريف مفاهيم التنمية على الصعيد العالمي، بفضل مبادرات مثل الحزام والطريق الصينية، والتكامل الإقليمي لأمريكا الجنوبية، وخطط بنك التنمية الإفريقي.

 

 

من شأن التدافع لتطوير وتدشين البنية التحتية في جميع أنحاء إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية إعادة تشكيل الجغرافيا الاقتصادية للبلدان والمناطق، ووفقًا لدراسة حديثة، فإن مثل هذه المبادرات تعزز العلاقة بين الأمم حيث تحقق وصولا أكبر للصناعات والموارد الاستراتيحية إلى شبكات الإنتاج والتجارة العالمية.

 

ومع ذلك يقول الباحثان اللذان عملا على الدراسة، "سيث شندلر" و"خوان ميغيل كاناي" من جامعتي مانشستر وشيفيلد، إن مشاريع البنية التحتية الضخمة تأتي بتكلفة اقتصادية كبيرة، وقد لا تشجع النمو الاقتصادي طويل الأجل والتصنيع، وربما يكون لها عواقب اجتماعية وبيئية غير مقصودة مدمرة.

 

التجربة الصينية الإفريقية

 

- مع تدفق المهاجرين الريفيين إلى المدن بوتيرة تتجاوز كل المناطق الأخرى في العالم، أصبحت إفريقيا مركز جذب لتطوير البنية التحتية، فحاجة القارة السمراء لمشاريع السكك الحديدية الجديدة والطرق السريعة والمطارات ومحطات الطاقة وحتى المدن الجديدة باتت أكبر من أي وقت مضى.

 

- في هذه المعركة، نظر العديد من الحكومات الإفريقية إلى مصادر خارجية للحصول على التمويل والاستفادة بالخبرات الهندسية، وكانت الصين في مقدمة من وفّر هذه الخدمات، مستفيدة من الخبرة التي اكتسبتها من طفرة البناء المحلية لتطبيقها على السياق الإفريقي.

 

- أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لإفريقيا بحلول عام 2009، ونمت التجارة بينهما بمعدل سنوي قوي بلغ 20% منذ عام 2000، لتتجاوز 200 مليار دولار سنويًا، وتعمل حاليًا أكثر من 10 آلاف شركة مملوكة لبكين في إفريقيا (تزيد قيمتها على تريليوني دولار).

 

 

- ينمو الاستثمار الأجنبي المباشر للصين في إفريقيا بمعدل سنوي 40%، وبطبيعة الحال، أصبحت الصين أكبر لاعب دولي في قطاعي البنية التحتية والتشييد في القارة، وكذلك أكبر مورد لتمويل أعمال البناء بها، حتى إن تواجدها هناك فاق تواجدها في البلدان الآسيوية.

 

- مع ذلك، فالمخاوف كبيرة لدى المراقبين من فشل نموذج التنمية الصيني في إفريقيا، نظرًا لوجود اختلافات واضحة في أمور مثل سياسات تملك الأراضي والحاجة لإعادة نقل وتوطين مئات الآلاف من السكان لتدشين المشاريع، ناهيك عن مخاوف "مصيدة الديون" المتعلقة بالتمويل.

 

إخفاق المؤسسات الدولية

 

- تشمل مبادرة "يصنع في الهند" التي أطلقتها الحكومة، إنشاء خمسة ممرات صناعية تربط بين أكثر مدن البلاد ديناميكية من الناحية الاقتصادية، وفي المكسيك تحدث الرئيس "أندريس مانويل لوبيز" عن استراتيجية موسعة لتطوير الأراضي، وتشمل مشروع سكك حديدية للشحن والركاب بطول 1525 كيلومترًا.

 

- تم تصدير هذه الاستراتيجيات إلى آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية في النصف الثاني من القرن العشرين، وكان الهدف منها تعزيز التكامل داخل البلدان والحد من عدم المساواة الإقليمية، لكن حاليًا يتم توجيه أعمال التنمية التي تقودها البنية التحتية نحو جذب الاستثمار وتعزيز التصنيع الموجه للتصدير.

 

- في الثمانينيات، فرض "إجماع واشنطن" -يشمل البنك الدولي وصندوق النقد ووزارة الخزانة الأمريكية- مجموعة من الإصلاحات الصارمة على البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، ما أجبرها على التوقف عن الاستراتيجيات المصممة للحد من عدم المساواة.

 

 

- كان الهدف من هذه الإصلاحات هو تصحيح الأسعار والسماح لقوى السوق بتحديد الانتشار الجغرافي للسلع والخدمات والأنشطة والإنتاجية، لكن تلا ذلك مجموعة من الأزمات الاقتصادية في الجنوب العالمي، من أمريكا اللاتينية ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا وشرق آسيا وروسيا.

 

- استجابة لذلك، اضطر البنك الدولي وصندوق النقد إلى إنشاء مؤسسات يمكنها دعم الأسواق في التسعينيات، وعززا الشفافية وحقوق الملكية الخاصة، وتم تصميم إصلاحات من شأنها الحد من تكلفة ممارسة الأنشطة التجارية.

 

المخاطر مرتفعة رغم حسن النيات

 

- كانت الأزمة المالية في 2008 بمثابة فرصة لإعادة تحديد دور الدولة، وأكد البنك الدولي أنه لا ينبغي للحكومات ترك الجغرافيا الاقتصادية لأهواء الأسواق، وبعد توقف دام ثلاثة عقود لم تركز فيها سياسة التنمية على الجغرافيا، تبنى البنك خططا لتصحيح إخفاقات الأسواق والمؤسسات.

 

- كان دمج الاقتصادات مع سلاسل القيمة العالمية هو محور تقرير التنمية العالمية الأخير للبنك الدولي، ومع ذلك، يقول "شندلر" و"كاناي": يبقى أن نرى ما إذا كانت التنمية التي تقودها البنية التحتية ستصطدم بالعيوب الجغرافية، مثل تنزانيا التي ناضلت تاريخيًا لجذب الاستثمار والاندماج في سلاسل القيمة العالمية.

 

 

- التكامل مع الاقتصاد العالمي لن يترجم تلقائيًا إلى رخاء محلي ورفاهية اجتماعية، ويشكل الاستثمار الهائل في البنية التحتية التي تم بناؤها على عجل مخاطر كبيرة، وقد حذر صندوق النقد من إفراط الإنفاق في تنزانيا، في حين يعكس انهيار السدود في البرازيل الآثار الاجتماعية والبيئية الخطيرة.

 

- رغم أن معظم خطط التنمية متوافقة مع الاستراتيجيات الوطنية الأوسع نطاقًا، إلا أنها ليست متطورة بشكل جيد أو موجهة نحو أهداف استراتيجية طويلة الأجل، مع وجود احتمال للاصطدام بتحديات وعقبات غير معروفة.

 

- نادرًا ما تحدد الخطط كيف يمكن لتطوير البنية التحتية تمكين قطاع التصنيع، أو ما الأدوات اللازمة لضمان التحول الهيكلي والتنويع الاقتصادي وتعزيز النمو، ويرجع ذلك إلى المصالح المالية والسياسية التي تصر على إشراك القطاع الخاص في عملية التطوير وتحويل أهداف التنمية المستدامة إلى فرص استثمارية مربحة.

 

المصادر: ذا كونفرزشن، فوربس، إنتر برس سيرفيس

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة