قال الرئيس التنفيذي في بنك الكويت الوطني (الوطني - الكويت)، صلاح الفليج، إن الاقتصاد الكويتي قوي، ويمتلك العديد من الأسس الصلبة، ولكنه في المقابل وكغيره من الاقتصاديات يواجه العديد من التحديات أيضاً.
كلام الفليج أتى خلال المقابلة التي أجرتها معه مجلة «ميد»، التي أشارت إلى أنه يأتي على رأس فريق العمل المسؤول عن عمليات «الوطني» في الكويت، ويمتلك خبرة طويلة تمتد لـ34 عاماً من العمل داخل أكبر وأقدم المؤسسات المالية بالكويت.
ورأت المجلة أن هذا الأمر يجعل الفليج على دراية كاملة بالمتغيرات والتحديات المرتبطة بالأنشطة الاقتصادية المتنوعة، على صعيد القطاعات والمتغيرات في بيئة العمل داخل الكويت.
تباطؤ ترسية المشروعات
أضاف الفليج أنه لا يوجد تنوع في أنشطة الاقتصاد الكويتي ومصادر إيراداته، ما يجعله أكثر حساسية تجاه التأثير السلبي لتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، خصوصاً إذا ما أضيف إلى ذلك بعض التحديات على صعيد الاقتصاد المحلي، والتي يأتي في مقدمتها تباطؤ وتيرة ترسية المشاريع، والذي لا يوجد أي سبب محدد له.
وذكر أن تباطؤ وتيرة ترسية المشروعات يصيب الأداء الاقتصادي ونشاط الائتمان خصوصاً بالإحباط، في ظل الاعتماد بشكل كبير على حجم الإنفاق الاستثماري، في الوقت الذي لم تصل فيه أنشطة المشاريع الصغيرة والمتوسطة بعد إلى الحجم الكافي، لأن تكون بديلاً مناسباً عن المشاريع الحكومية، على الرغم مما تحققه من نمو في الآونة الأخيرة.
أسس صلبة
بيّن الفليج أن الاقتصاد الكويتي لديه العديد من الأسس الصلبة، والتي تمنحه الفرصة لتحقيق النمو، وأبرزها تنامي وتيرة تدفق الإيرادات في الميزانية العامة للدولة، والتي تحظى بنقطة تعادل منخفضة لأسعار النفط، ما يتزامن مع ثبات نسبي في الأسعار خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أن الاقتصاد الكويتي يتمتع بميزة نسبية مهمة، وتتمثل في رغبة العديد من المبادرين الشباب في إطلاق مشروعاتهم الخاصة.
وأكد توافر السيولة لدى الاقتصاد الكويتي، ما يعد من أبرز نقاط القوة، في ظل ما يتمتع به الدينار، من قوة وثبات سعر الصرف أمام بقية العملات الأجنبية.
وشدد الفليج على أهمية الإنفاق الاستثماري، كعامل رئيسي في تحفيز النمو الاقتصادي، ونشاط الائتمان، منوهاً بأن الانفاق الاستثماري الحكومي شهد زيادة كبيرة في الموازنة التقديرية للعام المالي الحالي، بنسبة 17 في المئة على أساس سنوي مقارنة بموازنة العام الماضي.
وأشار إلى أنه ونتيجة تباطؤ ترسية المشاريع، فلم يتحقق من النمو المستهدف في الإنفاق الاستثماري سوى 4 في المئة فقط حتى الآن.
وأمل أن تشهد الفترة المتبقية من العام المالي الحالي، وحتى أبريل من العام المقبل، تحسناً ملحوظاً وزيادة في الانفاق الاستثماري، في ظل الاحتياج الشديد إلى مزيد من الإنفاق على مشاريع البنية التحتية في البلاد.
ميزة تنافسية
أكد الفليج أن مجموعة «الوطني» لديها ميزة تنافسية كبيرة في السوق الكويتي، منوهاً بأنه في الوقت الذي تنقسم فيه البنوك بين نشاط الصيرفة الإسلامية أو التقليدية فإنها تمتلك كليهما من خلال بنك بوبيان الذي يمثل ذراع المجموعة في الصيرفة الإسلامية، والذي ساهم بما يقارب 16.8 في المئة من إجمالي الإيرادات التشغيلية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، إلى جانب «الوطني – الكويت» وهو أكبر وأعرق البنوك التقليدية في السوق المحلي.
وبيّن الفليج أن إستراتيجية «الوطني» للتنوع تمثل خط الدفاع الأول أمام التحديات والمخاطر كافة، والتي أثبتت فعاليتها على مدار سنوات طويلة، مشيراً إلى امتلاك المجموعة مزيجا من التنوع الجغرافي على صعيد العمليات الدولية الممتدة، والتي ساهمت بنحو 24.4 في المئة، من صافي الإيردات التشغيلية للمجموعة في أول 9 أشهر من العام 2019، إلى جانب التنوع ما بين الأنشطة المصرفية الإسلامية والتقليدية، وهو ما يحفظ لـ«الوطني» ميزة تنافسية كبيرة مقارنة ببقية البنوك المحلية.
وأوضح أنه اذا ما شهدت بيئة الأعمال تباطؤاً في الكويت فإن «الوطني» يمتلك ميزة تنافسية عن غيره، بوجود روافد أخرى للإيرادات من العمليات الدولية، إضافة إلى تميزه بامتلاك المجموعة ذراعاً إسلامي إلى جانب التقليدي.
ولفت إلى تحقيق «الوطني» لنمو في إجمالي أصوله، والتي تخطت 95 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي، وفي إجمالي ودائع العملاء التي بلغت 51.9 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي، ليصبح بذلك خامس أكبر بنك في منطقة الخليج من حيث إجمالي قيمة الأصول.
رؤية 2035
وعن دور بنك الكويت الوطني في دعم رؤية كويت جديدة 2035 قال الفليج «متفائلون بخطة التنمية ورؤية كويت جديدة 2035 على الرغم مما نراه من تباطؤ في التنفيذ».
وأضاف الفليج أن البنوك الكويتية تعدّ شريكاً أساسياً وفاعلاً في تمويل مشاريع التنمية، ضمن رؤية «كويت جديدة 2035»، مشدداً على الحاجة الماسة لقيام الحكومة بتقديم مزيد من التسهيلات، واتخاذ الإجراءات المناسبة التي تسهم في الإسراع بوتيرة تنفيذ مشاريع الخطة.
ويأتي ذلك في وقت كانت الحكومة قد أطلقت خطة التنمية رؤية «كويت جديدة 2035» عام 2017، والتي تتضمن برنامج إصلاح مالي واقتصادي، يهدف إلى تنويع الاقتصاد وزيادة معدلات النمو، واستهدفت تنفيذ استثمارات بقيمة تقارب 100 مليار دولار ما بين 2017 و2021.
تحفيز بيئة الأعمال
بيّن الفليج أن هناك 3 عوامل رئيسية يجب أن تشهد تغيراً سريعاً وملحوظاً، وأولها زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، وضرورة أن تزيد الحكومة من سرعة تنفيذ برامج خصخصة المشاريع العامة عن طريق أدوات متنوعة، مثل طرح حصة من مشاريع محطات المياه والطاقة في البورصة عن طريق الاكتتابات العامة.
وذكر الفليج أن ثاني التغيرات التي يحتاجها الاقتصاد بشدة، تتمثل في الإسراع بوتيرة ترسية المشاريع التي تحتاج إلى التنفيذ في أسرع وقت ممكن، وهنا يمثل مركز جابر الأحمد الثقافي نموذجاً رائعاً لسرعة الإنجاز وهو المشروع الذي تم تنفيذه بإشراف الديوان الأميري.
وأكد الحاجة الماسة لأن تتضافر جهود كل الجهات والمؤسسات الحكومية، من أجل الإسراع في تنفيذ المشاريع المسؤولة عنها.
ولفت الفليج إلى أن ثالث تلك المتغيرات التي يحتاجها الاقتصاد، تتمثل في ضرورة إعادة تفعيل مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص والتي عانت من الجمود لسنوات طويلة.
حصافة «المركزي»
لدى سؤاله عن كيفية تجاوب «الوطني» مع تزايد المتطلبات الرقابية وخصوصاً تلك المتعلقة بكل من «بازل 3» ومعيار المحاسبة الدولي التاسع، فقد أكد الفليج أن البنوك الكويتية تراكمت لديها مخصصات كبيرة على مدار السنوات الماضية، والتي تتجاوز المتطلبات الرقابية الدولية كافة المتعلقة بمعيار المحاسبة الدولي التاسع «IFRS9» ومعايير «بازل 3».
وأشار الفليج إلى أن الكويت لديها خصوصية في هذا الإطار، بفضل السياق التاريخي الذي انتهجه بنك الكويت المركزي في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2008، وتطبيقه لبرنامج إصلاحي تنظيمي ورقابي، بهدف حماية النظام المصرفي، الأمر الذي جعل البنوك الكويتية أكثر استعداداً لتطبيق معايير «بازل 3» وتفوقها من حيث قوة الرسملة وجودة الأصول بالمقارنة مع بقية بنوك المنطقة.
وقال إنه لم يكن للبنوك الكويتية أن توافق المعايير والمتطلبات الرقابية العالمية دون إستراتيجية «المركزي» الاستباقية، والتي أتت ثمارها من حيث تقوية رأس المال، وزيادة المخصصات لدى القطاع المصرفي.
وأضاف أن «المركزي» تميز عن باقي البنوك المركزية حول العالم، بقدرته على قيادة القطاع المصرفي، من خلال مسار أكثر حصافة من غيره بما يخص إدارة المخاطر.
التحوّل الرقمي
كشف الفليج أنه فيما يخص حاجة «الوطني»، للتغير وإستراتيجيته لتحقيق ذلك لمواكبة التغيرات المتلاحقة، وضمان تحقيق نمو مستدام، فإن التركيبة السكانية في الكويت تظهر أن أعمار قرابة 60 في المئة من السكان أقل من 30 عاماً، ما يسترعي ضرورة التركيز على تلبية احتياجاتهم وطموحاتهم، من خلال تقديم خدمات مصرفية متميزة.
وأفاد الفليج أنه منذ سنوات قليلة كانت الأولوية لتقديم الخدمات المصرفية عبر الموبايل، إلى جانب بقية القنوات المصرفية المتنوعة، فيما أصبح الآن الموبايل يستخدم في معظم العمليات المصرفية.
وذكر أنه خلال أول 9 أشهر من العام 2019، ازدادت العمليات المصرفية عبر الموبايل بنسبة 70 في المئة على أساس سنوي، فيما تراجعت العمليات المصرفية عبر الإنترنت بنسبة 30 في المئة.
وأضاف أن النموذج المصرفي في البنك أصبح على قدر كبير من المرونة، ما يجعله أكثر سرعة وقدرة على التكيف مع التغيرات المتلاحقة. وأشار إلى أن الصناعة المصرفية لم تعد كما كانت قبل سنوات، إذ شهد الإطار التقليدي لها تغيرات جذرية، وهو ما يفرض التعرف بشكل مستمر على احتياجات عملائه، والتركيز على البحث والتطوير من اجل ترسيخ ريادة «الوطني» في السوق.
وأكد الفليج أن «الوطني» يستثمر بكثافة في الخدمات المصرفية الرقمية، من أجل التطوير والتطبيق الانتقائي لأحدث الحلول التقنية والمنتجات المصرفية، وتحديث منصات تكنولوجيا المعلومات الخاصة، والعمل على تعزيز قدرات الأمن السيبراني، لتواكب أعلى معايير الأمان والحماية.
وشدد على أن البنك لديه الأن أفضل التطبيقات المصرفية عبر الموبايل على مستوى الكويت، ما يساعده في نقل تلك الخبرات في مجال الخدمات الرقمية، إلى العديد من المواقع الجغرافية الأخرى، بما في ذلك مصر والعراق والبحرين والأردن والإمارات.
نمو القطاع النفطي
لدى السؤال عن حجم الإنفاق بقطاع الطاقة واستفادة القطاع المصرفي من ذلك الإنفاق، قال الفليج: «تمثل مشروعات مؤسسة البترول وشركاتها التابعة، عاملاً رئيسياً في تحفيز البيئة التشغيلية وما يتبعه من نمو في الائتمان».
وتوقع أن يواصل قطاع النفط النمو، ليزداد حجم القطاع بشكل ملحوظ خلال العام 2020، وأن تزداد الاحتياجات التمويلية للقطاع بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، لمواكبة التوسعات، وتسارع وتيرة الاستثمارات في ذلك القطاع الحيوي.
وأشار إلى أن البنك يستفيد بشكل كبير من تنامي استثمارات القطاع النفطي، وهو ما سينعكس بالايجاب على أدائه بصفته الممول الرئيسي لمشروعات مؤسسة البترول وشركاتها التابعة.
ولفت إلى قيام «الوطني» أخيراً بقيادة ترتيب وإصدار تسهيلات تمويلية مشتركة، لصالح المؤسسة بقيمة 210 ملايين دينار ( قرابة 630 مليون دولار)، كشريحة تمويل تقليدي ضمن تمويل مشترك، يبلغ إجمالي قيمته 350 مليون دينار (قرابة 1.050 مليار دولار).
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}