تبدو الصين متعطشة لإنتاج المزيد من الهيدروكربون غير آبهة بتنامي بصمتها الكربونية عالمياً، وهي مشكلة تحاول الكثير من الاقتصادات المتقدمة معالجتها، رغم ذلك، فإن بكين تتوسع في هذه الصناعة بشكل كبير وتقرض بنوكها بكثافة مليارات الدولارات للدول الغنية بالنفط في أمريكا اللاتينية وإفريقيا، ليس ذلك فقط، بل إن شركات الطاقة الحكومية الصينية نفسها تستثمر الكثير في مشروعات الهيدروكربون في دول أخرى.
كل هذه الاستثمارات ومليارات الدولارات التي تضخها الصين في مشروعات للطاقة بدول أخرى ربما تترجم في النهاية إلى قوة جيوسياسية تتفوق على دول الغرب.
رهان الهيدروكربون
- قبل 25 عاما، كان من الممكن للصين بلوغ أهدافها من الطلب المحلي على النفط عبر إنتاج أربعة ملايين برميل يوميا، أما الآن، فإن الطلب أكبر بكثير، لكن الإنتاج المحلي لا يزال فقط أربعة ملايين برميل يومياً، وتحتاج لاستيراد عشرة ملايين برميل أخرى يومياً.
- في منتصف تسعينيات القرن الماضي، خضعت صناعة النفط الصينية لإصلاحات هائلة وتم التعامل مع الشركات الحكومية على مستويات وزارية كما أطلق العنان لأذرعها بالتوجه عالمياً.
- من المتوقع إنفاق الشركات النفطية الثلاث الكبرى (المملوكة للحكومة الصينية) نحو 77 مليار دولار هذا العام على صناعة الخام، بينما تحتاج تلك الشركات لإنفاق أكثر من ذلك للإنتاج محلياً.
- من بين أمثلة الوجود الدولي، أعلنت البرازيل في نوفمبر 2017 عن فوز تحالف ضم الشركات الحكومية النفطية الأكبر في الصين "سي إن بي سي" و"سي بي سي سي" و"سي إن أو أو سي" بالتنقيب في مناطق رئيسية قبالة سواحل الدولة اللاتينية.
- تعمل "سي إن أو أو سي" في مشروعات تنقيب بالمياه العميقة في المكسيك و"جويانا" وتستكشف أيضا قبالة سواحل الولايات المتحدة بحقول في خليج المكسيك وفي كندا وبحر الشمال وإفريقيا.
- منحت الصين قروضا مدعومة بصناعة النفط بنحو خمسين مليار دولار إلى فنزويلا منذ عام 2007، لكن "كاراكاس" لا تزال تواجه أزمة اقتصادية طاحنة، ولم تفلح صناعتها النفطية في إنقاذها حتى الآن.
- في ضوء كل ذلك، لا يبدو أن الصين قد انتهت بعد من خططها لإنتاج النفط عالمياً كما أنه لا يوجد لاعبون منافسون على نفس قدم المساواة مع بكين في هذا الأمر، فهل ستنجح في حل معضلة الـ10 ملايين برميل التي تحتاجها بشكل إضافي يومياً؟
ليست شهية النفط فقط
- تستهدف الصين الأخذ بزمام المخاطرة في مناطق لا تريد دول أخرى دخولها، وهو ما دفعها لضخ تمويل ضخم في مشروعات النفط والغاز عالمياً، وأبرمت شركاتها الحكومية الكبرى (أو بالأحرى أذرعها) صفقات ضخمة في عدد من الدول.
- لا تزال الصين تقبل بشكل كبير على النفط رغم خطط عالمية لمكافحة التغيرات المناخية وتقليل الاعتماد على الهيدروكربون في مقابل التحول نحو المصادر المتجددة.
- مقابل النفط، منحت الصين قروضا بقيمة 60 مليار دولار لأنجولا منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتواصل التوسع في الإقراض والاستثمارات في دول أخرى.
- تعد بكين أكبر مشتر أجنبي للنفط في العالم حيث تستورد نحو ثلثي احتياجاتها من الخام، وبين تسعينيات القرن الماضي وعام 2010، قفز استهلاك بكين إلى خمسة أضعاف.
- تستهدف الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم بهذا الأمر تأمين احتياجاتها اليومية من الخام، وفي نفس الوقت، تنويع مصادر حصولها على النفط.
- بدعم من حكومة الرئيس "شي جين بينج"، وعلى عكس الدول الغربية الأخرى، لا تأبه الصين بمخاطر الاستثمار في دول تعج بالصراعات أو الأزمات، فمن الممكن أن تضخ أموالها في أي مكان ترى فيها مصلحتها وتحقيق أهدافها حتى المناطق ذات الحساسية الجيوسياسية.
- يرى محللون أن الهدف الأكبر من ذلك ليس فقط تأمين احتياجات الصين من النفط وتحقيق نوع من الاستقلالية عن الاستيراد من الغرب، بل إنها أيضا تستهدف امتلاك تأثير جيوسياسي عالميا أكبر على غرار مبادرة "الحزام والطريق".
المصادر: أويل برايس، أفشور تكنولوجي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}