نبض أرقام
11:16 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24

لماذا لا يصلح الدولار كملاذ آمن خلال التوترات الجيوسياسية الحادة؟

2020/01/09 أرقام

ربما يكون للدولار مزاياه الخاصة التي تشجع المستثمرين على اقتنائه -ربما على سبيل التحوط في بعض الأحيان- لكنه بخلاف الذهب وسندات الخزانة الأمريكية، لا يبدو أنه يجذب اهتمام المستثمرين العالميين في ظل التوترات الجيوسياسية الحادة.

 

 

لا يعمل الدولار دائمًا كملاذ آمن للقيمة، وعلى سبيل المثال، عندما وجهت الولايات المتحدة ضربة عسكرية يوم الجمعة الثالث من يناير قتلت خلالها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني "قاسم سليماني"، تجنب المستثمرون العالميون الأسهم وهرعوا نحو الملاذات الآمنة.

 

وكتب "ستيفن باور" المحلل الاستراتيجي لدى "ستاندرد بنك" في مذكرة: من الممكن أن تؤدي التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وإيران إلى زيادة قيمة الدولار -على الأقل مقابل العملات غير الرئيسية- رغم أننا نميل لرؤية هذه الأحداث تدعم الين والفرنك في المقام الأول.

 

بم تخبرنا الأحداث الأخيرة عن الدولار؟

 

- في يوم الجمعة الذي شهد قتل "سليماني"، قفزت أسعار الذهب، وارتفعت سندات الخزانة الأمريكية مما أدى إلى تراجع عائداتها، وفي مطلع الأسبوع التالي، واصل المعدن النفيس مكاسبه في حين زادت عائدات السندات وتباين أداء الأسهم، في إشارة إلى تلاشي المخاوف الجيوسياسية.

 

- في يوم عملية الاغتيال، كانت حركة مؤشر الدولار محدودة للغاية، حيث ارتفع بنسبة 0.1% مقابل اليورو (يشكل 58% من وزن المؤشر) في حين تراجع بنسبة 0.4% أمام الين (يشكل 14% من وزن المؤشر)، ولم يتغير تقريبًا مقابل الفرنك.

 

- في يوم الإثنين التالي للعملية، انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداءه أمام سلة من العملات الرئيسية بنسبة 0.2%، فرغم ارتفاعه بنسبة 0.3% أمام الين الياباني، تراجع مقابل الفرنك السويسري بنحو 0.5%.

 

 

- عندما ردت طهران على عملية الاغتيال بقصف صاروخي لأهداف عسكرية أمريكية في العراق فجر أمس الثامن من يناير، بدت الأمور أكثر قلقا وتجاوز الذهب مستوى 1600 دولار للأوقية، وارتفعت أسعار النفط بنحو 4%، وهبطت أسواق الأسهم، لكن استقر مؤشر الدولار.

 

- على أي حال، عكست الأسواق اتجاهها خلال الجلسة، حيث أنهت الأسهم الأمريكية التداولات على ارتفاع، ومحا النفط مكاسبه ليغلق برنت متراجعًا بأكثر من 4%، وتنازل الذهب عن مكاسبه وأنهى التداول منخفضًا بنسبة 0.9%، وظل الدولار مستقرًا، بعدما قالت واشنطن إن القصف لم يتسبب في أي ضرر.

 

متى يصلح كملاذ؟

 

- يحظى الين والفرنك بسمعة قديمة كملاذات آمنة خلال التوترات الجيوسياسية، وعزا المحللون قوتهما إلى الفوائض الكبيرة في الحساب الجاري التي تحققها اليابان وسويسرا، والتي تعد مقياسًا لفائض الادخار في اقتصاد البلدين.

 

- يترجم هذا إلى حيازات كبيرة من الأصول الأجنبية من قبل المستثمرين في اليابان وسويسرا، وكما هو متوقع، فإن هؤلاء المستثمرين يسارعون إلى استعادة بعض الأموال من الخارج عندما تصبح الأمور صعبة على الصعيد العالمي، مما يزيد قيمة العملة المحلية.

 

 

- هذا لا يعني أن عملة الاحتياط الأولى في العالم ليس لها جاذبيتها الخاصة، لكن يقول "باور": الدولار ملاذ آمن كالعقارات، ويحتل صدارة اهتمامات المستثمرين عندما تكون هناك أزمة سيولة عالمية، كما رأينا في عام 2008، عندما تدافع المستثمرون للحصول عليه.

 

- لكن عندما تظهر توترات جيوسياسية لا تتسبب في تشديد ظروف السيولة، فمن المرجح أن ينخفض الدولار مقابل الملاذات الرئيسية الأخرى، مثل الين والفرنك، مع تغيرات طفيفة أمام اليورو، وفقًا لـ"باور" الذي يتوقع تراجع العملة الأمريكية بنسبة 5% إلى 10% هذا العام بفعل الأوضاع التجارية.

 

- لا تزال العوامل الداعمة للدولار مثل قوة الاقتصاد الأمريكي وارتفاع عائدات سندات الخزانة نسبيًا، قائمة، لكن القلق يتزايد بشأن الموقف التجاري للولايات المتحدة مع الصين والذي قد يتدهور فجأة، إلى جانب تراجع التجارة العالمية بشكل عام وانخفاض الطلب على السلع الأمريكية وبالتالي تراجع الطلب على الدولار.

 

"ابتسامة الدولار" تتلاشى

 

- إلى جانب تراجع دور الدولار كملاذ آمن خلال أوقات التوتر الجيوسياسي، فإن ظاهرة اكتسابه القوة مقابل عملات الأسواق الناشئة التي عادة ما تتزامن مع الموجات البيعية للأسهم الأمريكية، والتي تعرف بـ"ابتسامة الدولار" قد تضاءلت أيضًا.

 

- مصطلح "ابتسامة الدولار" يشير إلى مكاسب العملة الأمريكية خلال فترات الضعف الحاد والنمو القوي للاقتصاد بفعل مستثمري الأسواق الناشئة، حيث يرتفع الدولار عندما يكون النمو في الولايات المتحدة أعلى من باقي الدول، وفي حالات استخدامه كملاذ آمن خلال اضطرابات الاقتصاد والأسواق.

 

 

- أظهرت دراسة أجرتها "بلومبيرغ" حول أداء عملات الدول النامية غير الآسيوية منذ عام 2000 أن قوة الدولار المصاحبة لعمليات التصحيح في سوق الأسهم الأمريكية أصبحت أقل وضوحًا، وهي نتيجة مشابهة لما تم التوصل إليه في تحليل غطى الأسواق الآسيوية فقط.

 

- خلال آخر ثلاث موجات هبوط طبيعية بنسبة 10% لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، ارتفع متوسط قيمة الدولار بنسبة 2.3% أمام سلة من عملات الأسواق الناشئة (تشمل على سبيل المثال، الريال البرازيلي والبيزو الكولومبي والراند الجنوب إفريقي) مقارنة بـ7.4% في موجات الهبوط الست السابقة.

 

- مزيج من التغيرات الهيكلية المهمة في التجارة العالمية وارتفاع الأهمية المالية لليوان الصيني، من المرجح أن تكون وراء انحسار ظاهرة "ابتسامة الدولار"، فيما يستبعد المحللون أن يكون لليورو دورًا في ذلك.

 

المصادر: ماركت ووتش، أرقام، بلومبيرغ

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.