نبض أرقام
09:51 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/21
2024/11/20

"إيكوانور" النرويجية .. هل تتصدر سباق التحول نحو الطاقة المتجددة؟

2020/02/07 أرقام - خاص

في عام 2017 كان العالم على موعد مع مشروع جديد من نوعه في مجال الطاقة، وهو عبارة عن مزرعة رياح عائمة في شمال اسكتلندا. طورت تلك المزرعة عبر ابتكارات تكنولوجية جديدة في مجال مزارع الرياح المنتجة للطاقة. والشركة التي تقف خلف هذا المشروع هي شركة الطاقة النرويجية الشهيرة "إيكوانور" (Equinor) المعروفة سابقًا باسم "ستات أويل".


تمتلك الحكومة النرويجية ثلثي الأسهم في "إيكوانور" بينما يتم تداول الثلث المتبقي في البورصة. منذ ما يقرب من عقدين وتحديدا في 2001  طرحت إيكوانور للمرة الأولى في البورصة. وقررت الشركة منذ 2012 تطوير نموذج أعمال جديد من شأنه أن يقلل اعتمادها على النفط والغاز من خلال ضخ استثمارات أكبر في مجال الطاقة المتجددة.

 

 

أدركت "إيكوانور" مبكرا أننا نعيش اليوم في عالم متغير، التحدي الأساسي فيه هو التغير المناخي. وضع التغير المناخي الكثير من الضغوطات على الشركات المنتجة للنفط والغاز الطبيعي من أجل تقليل انبعاثات الكربون الناتجة عن عملياتها. طوال عقود مضت كان الاعتقاد بأن أسعار البترول المنخفضة قد ترفع من تكلفة البديل للنفط والغاز يسيطر على كل شركات النفط في العالم تقريبا. لكن اليوم وبفضل الاستثمارات الكبيرة التي تضخها الدول والقطاع الخاص في مجال الطاقة المتجددة أصبح بالإمكان إحداث هذا التحول بكلفة أقل مما كان متوقعا في الماضي.
 

التكنولوجيا قد توفر البديل

بعد صعود التغير المناخي ليصبح في بؤرة الاهتمام العالمي زادت المطالبات لشركات البترول والغاز بإجراء التغيرات اللازمة لتقليل انبعاثات الكربون الناتجة عن أنشطتها. تقترب قيمة صناعة النفط والغاز العالمية حاليًا من ما يقرب من 5 تريليونات دولار. وصناعة بهذا الحجم يقلقها بالتأكيد الحديث حول التحول بعيدًا عن النفط والغاز.

 

لجأت "إيكوانور" إلى فكرة بسيطة جدًا وهي فصل غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث من أنشطة استخراج النفط والغاز الطبيعي. يتطلب ذلك بالطبع ابتكارات واستثمار مكثف في البحث العلمي بحثا عن طريقة يمكن بها فصل ثاني أكسيد الكربون، ويحتاج كذلك إلى تكنولوجيا جديدة للتعامل مع  ثاني أكسيد الكربون بعد فصله.
 

 

في إطار سعيهم لحل هذه المعضلة ابتكر مهندسو الشركة طريقة لفصل ثاني أكسيد الكربون ومن ثم ضخه في مضخات تحت سطح الأرض على عمق 1000 متر تحت سطح البحر. ساهم ذلك في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن أنشطة استخراج الغاز.
 

منذ بداية تطبيق هذا الابتكار في 2016 وتضخ "إيكوانور" كل عام ما يقارب من مليون طن من ثاني أكسيد الكربون. تخطط الشركة أن تخزن 3 ملايين طن سنويا من غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول 2030. ورغم أن تلك الخطوة تساهم في تقليل الآثار البيئية لاستخراج النفط إلا أن الوضع البيئي لا يتحسن كثيرًا في ظل استمرار مستهلكي النفط والغاز حول العالم في إنتاج المزيد من ثاني أكسيد الكربون وهو ما يفاقم من مشكلة الاحتباس الحراري.


كل هذا لا يكفي

على خلفية اقتناعها بعدم كفاية تلك الخطوة، قررت "إيكوانور" دخول سوق الطاقة المتجددة، والذي تستثمر فيه الشركة اليوم ما يقرب من 1.2 مليار يورو في السوق الأوروبي فقط. أنشأت الشركة محطات عائمة لتوليد الطاقة من الرياح في اسكتلندا والنرويج وإسبانيا وغيرها من الدول الأوروبية وهو ما يضعها في مرتبة متقدمة في السباق العالمي ناحية تقليل الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي.

تمتلك الشركة أيضا مزرعة لإنتاج الطاقة الشمسية في البرازيل تنتج ما يقارب 162 ميجا واط تكفي حوالي 160 ألف منزل. هذا فضلًا عن استثمارات كبيرة في البرازيل منذ ما يقرب من عقدين من الزمان لكنها كانت جميعها في مجال استخراج النفط والغاز. ولدى مديري الشركة خطط متوسطة وطويلة الأجل للاستفادة من إمكانات الطاقة الشمسية في بلد مشمش دائما كالبرازيل.


ما زالت "إيكوانور" حتى اليوم تعتمد على عمليات استخراج النفط والغاز والتي توفر لها الجزء الأكبر من أرباحها، وتمكنها من إحداث هذا التحول اللازم نحو الطاقة المتجددة في المستقبل. الكثير من شركات النفط العالمية الأخرى مثل "شل" و"إكسون" وغيرهما تضخ استثمارات كبيرة في قطاعات الطاقة المتجددة المختلفة، لكن ما يميز "إيكوانور" هو ذلك الطموح والجرأة في تنفيذ هذا التحول في أسرع وقت ممكن.
 

هناك استراتيجية كبيرة وراء هذا التحول الذي تحاول "إيكوانور" أن تنجزه في العقد القادم، فالشركة تريد أن تنتج 20 % من طاقتها من المصادر المتجددة بحلول 2030. ترتكز تلك الاستراتيجية على البحث العلمي الذي يساهم في تطوير تكنولوجيا جديدة من أجل استخراج النفط والغاز بتكاليف أقل من الناحية المادية والبيئية. توجه الشركة حاليًا ربع نفقات البحث والتطوير لديها نحو الجهود الرامية لتقليل التكاليف في مجال الطاقة المتجددة خاصة طاقة الرياح.



جزء مهم أيضا من تلك الاستراتيجية هو إدراك مديري الشركة أن الاعتماد على النفط والغاز لن يدوم إلى الأبد، وبالتالي من شأن تسريع عملية التحول نحو الطاقة المتجددة إعطاء الشركة ميزة على الشركات التي ستلحق بالركب متأخرة.


ومن شأن ذلك التحول أيضًا أن يعزز من أرباح "إيكوانور" على المدى الطويل، خصوصًا وأن العالم يشهد الآن نموا كبيرا في سوق الطاقة المتجددة. هذا النمو من المرجح أن يدفع بأسعار أسهم شركات مثل "إيكوانور" إلى مزيد من الارتفاع على المدى الطويل.
 

من شأن هذا التحول الكبير في سوق الطاقة نحو الطاقة المتجددة أن يعرض الكثير من الشركات الكبرى في سوق الطاقة لمخاطر كبيرة. لكن هذه المخاطر قد تشكل أيضا فرصة ذهبية لتلك الشركات في السيطرة على سوق الطاقة المتجددة الذي ينمو ويتمدد في كل العالم.


وفي النهاية تبقى الكرة في ملعب مديري شركات النفط الخاصة والحكومية الذين بإمكانهم اتخاذ خطوات جادة ناحية التحول مبكرًا نحو أنشطة الطاقة المتجددة أو الانتظار حتى يعاجلهم الزمن ويصبح التحول أكثر تكلفة.

المصادر : إيكونوميست– رويترز – موقع شركة " Equinor" – مركز سياسات الطاقة العالمية ( جامعة كولومبيا)

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.