في خضم الأزمة المالية العالمية بين عامي 2008 و2010، أدركت الاقتصادات المتقدمة خطورة أزمات سوق الإسكان، ففي أمريكا على سبيل المثال، أدى الإقراض غير المسؤول وأحياناً غير القانوني أوائل الألفية الثالثة إلى تراكم ديون الأسر بشكل هائل، وبين عامي 2000 و2007، قفزت ديون الأسر من 104% بالنسبة لمداخيلها إلى 144%.
وخلال تلك الفترة أيضاً، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 50%، وبدأت تداعيات الأزمة المالية بموجة من التعثر في سداد الديون لتؤدي في نهاية المطاف إلى ركود اقتصادي عالمي.
ملامح المشكلة
- منذ ستينيات القرن الماضي حتى دخول الألفية الثالثة، ارتبط 25% من حالات الركود في الاقتصادات المتقدمة بتراجعات حادة في أسعار الإسكان، أو على الأرجح بمشكلات مزمنة في الأسعار.
- تسبب سوء إدارة أسواق الإسكان في أزمات مالية شديدة وحالات ركود، وفي الاقتصادات المتقدمة، عندما تزيد أسعار المنازل بشكل مبالغ فيه، يتضرر الاقتصاد وينعكس ذلك سلبياً على الشؤون السياسية.
- منذ هبوط الأسعار إلى مستويات متدنية التي تبعت الأزمة المالية العالمية، ارتفعت الأسعار الحقيقية في قطاع الإسكان بالاقتصادات المتقدمة بنسبة 15%، وعندما تشعر الأسر بعدم وجود مشكلات مالية، تقترض وتنفق بشكل كبير، وبالتالي، ينعكس إيجابياً على الساسة والحكومات المتعاقبة.
- لكن على الجانب الآخر، يعد الإسكان مرتفع الأسعار سيئاً للاقتصادات وإيجارات المنازل الأمر الذي يضطر الأسر لتقليل الإنفاق على السلع والخدمات الأخرى.
- أظهرت دراسة صادرة عن صندوق النقد الدولي أن ارتفاع ديون الأسر يدعم النمو الاقتصادي والتوظيف على المدى القصير، لكن على المدى الطويل، ستضطر الأسر لتقليل النفقات من أجل سداد الديون، ومن ثم يتباطأ النمو بمرور السنوات وتزيد احتمالات وقوع أزمة مالية.
- يعد سوق الإسكان أيضاً أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع العديد من المواطنين في الاقتصادات المتقدمة لعدم الشعور بأي تحسن اقتصادي في عملهم ومعيشتهم، وكشفت أبحاث عن أن سوق الإسكان يعد أحد أبرز أسباب الصدمات السياسية في السنوات الأخيرة.
- منذ الحرب العالمية الثانية، ارتكتب حكومات الدول المتقدمة ثلاثة أخطاء فادحة أولها صعوبة بناء منازل لإسكان مواطنيها والثاني ضخ حوافز اقتصادية غير محسوبة للأسر والثالث الفشل في إنشاء بنية تحتية تنظيمية لاحتواء فقاعات سوق الإسكان.
حلول عاجلة
- هناك مشكلة أخرى في سوق الإسكان الأمريكي حالياً، وهي نقص المعروض من المنازل المتاحة للبيع، وأظهرت بيانات حكومية في ديسمبر أن نسبة المنازل المعروضة للبيع كانت أقل بنحو 12% عن نفس المستوى في ديسمبر عام 2018.
- يرى محللون أن سوق الإسكان الأمريكي يعاني من ضعف في المعروض من المنازل، وذلك مع بلوغ 4.8 مليون نسمة سن الثلاثين عام 2020، وهو مستوى عمري يشهد في الأغلب إقبالا من جانبهم على شراء أول منزل مملوك لهم.
- يرجع ذلك إلى أن الأمريكيين الأكبر سناً يختارون التقاعد والبقاء في منازلهم بدلاً من بيعها، وبالتزامن مع ذلك، تواصل الأسعار ارتفاعها فضلا عن تحول المستثمرين ما يقرب من خمسة ملايين منزل في العقد الماضي إلى وحدات إيجار للأسر.
- يلمح نقص المعروض من المنازل إلى وجود مشكلة ارتفاع أسعار تلوح في الأفق خاصة مع زيادة الطلب في العام الجاري، كما أن معدل الرهن العقاري لا يزال منخفضاً مما يشجع المواطنين للإقبال بكثافة على الشراء، ومن ثم ترتفع الأسعار أيضاً بزيادة الطلب.
- تحتاج حكومات الدول المتقدمة لإطلاق أنظمة مرنة ومخططة بشكل عام لإدارة سوق الإسكان ومواجهة واحتواء أي فقاعات تتشكل.
- عند إدارة سوق الإسكان ووضع منظومة ضريبية مناسبة له، يمكن تحول سوق الإسكان إلى قوة دعم وعامل يسهم بشكل كبير في استقرار اقتصادي واجتماعي.
- تحتاج حكومات الدول المتقدمة للتحرك بشكل دقيق ودون تأخير لمواجهة أي تبعات لارتفاع أسعار الإسكان وتجنب انفجار فقاعات محتمل الأمر الذي يؤثر سلبياً على استقرارها الاجتماعي والسياسي.
المصادر: إيكونوميست، سي إن بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}