نبض أرقام
11:58 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/21

"الوهم الإيجابي".. كيف يميل المستثمر لنسيان التجارب المريرة لتبرير المكاسب المحتملة؟

2020/02/22 أرقام

في مارس 2008، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" مقالًا يَدّعي أن مستثمري الأسهم في الولايات المتحدة ربما يعيشون عقداً ضائعاً آخر، على غرار الكساد العظيم والسبعينيات، وكانت هذه وجهة نظر صائبة، حيث تراجعت قيمة الأسهم بمقدار النصف مرتين، خلال فقاعة "دوت كوم" ومع الأزمة المالية.

 

 

حقق مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" عائدًا سنويًا متوسطًا بلغ سالب 0.95% خلال الفترة بين عامي 2000 و2009، وتحمل المستثمرون ضغوطًا كبيرة وخسائر على مدار العقد لتجاوز فترة سيئة كهذه.

 

تميل الأسواق المالية إلى بناء توقعاتها في المستقبل على تجارب الماضي القريب، وفي نهاية عام 2009، رأى المستثمرون أن الأسهم الأمريكية لن تتحرك كما كان الحال خلال ذلك العقد المحبط، والذي تفوقت فيه أسهم القيمة على النمو، والشركات الصغيرة على الكبيرة، والأسواق الناشئة على المتقدمة.

 

وفي نهاية عام 2009، توقع معظم المستثمرين (الأفراد والمؤسسات على حد سواء) ارتفاع أسعار الفائدة، وعودة التضخم، وضعف الدولار، وانتعاش أسعار السلع الأساسية، واستمرار معاناة الأسهم الأمريكية بشكل عام.

 

المفاجآت في كل مكان
 

- كانت شركة الاستثمار العملاقة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" ومؤسسها المخضرم "بيل جروس"، يروجان بنشاط لسيناريو "الوضع الطبيعي الجديد"، حيث كانا يتوقعان أن تكون العائدات منخفضة بشكل كبير على الأسهم والسندات لسنوات قادمة.
 

- بدلًا من ذلك، وعلى مدار السنوات العشر التالية، انخفضت أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها التاريخية، وانتهى التضخم تقريبًا، وارتفع الدولار، وهبطت أسعار السلع الأساسية، وحققت الأسهم الأمريكية عائدات استثنائية خلال هذا العقد، وحققت السندات أداء جيداً، وتفوقت أسهم النمو على القيمة، والشركات الكبيرة على الصغيرة.



 

- على مدار العقد، سحب المستثمرون بشكل جماعي أموالهم (نحو 160 مليار دولار) من الصناديق النشطة التي يديرها أشخاص يحاولون انتقاء أفضل الأسهم والسندات، وضخوا 3.76 تريليون دولار إلى الصناديق السلبية التي تديرها حواسيب تركز على مؤشرات السوق.
 

- كانت المفاجآت في كل مكان، حيث سجل مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة عائدًا نسبته 108% من أدنى مستوى بلغه في التاسع من مارس 2009، وضخ المستثمرون 180 مليار دولار في صناديق الاستثمار المشترك والمتداولة للبلدان النامية خلال عامي 2009 و2013.
 

- كان أداء الأسواق الناشئة دون الأسهم الأمريكية بنحو 10 نقاط مئوية سنويًا خلال هذا العقد، ومن اللافت أن مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة حقق عائدًا تراكميًا قدره 42.3% منذ الحادي والثلاثين من ديسمبر 2009، أي أقل من نصف العائد المسجل منذ مارس 2009.

 

خيبة ظن مربحة
 

- من المرجح أن معظم المستثمرين يشعرون بحماقة ظنهم عندما يتذكرون كيف انتهى المطاف بتوقعاتهم التي بنوها على أداء العقد السابق، لذا فهم على الأرجح يميلون لنسيان ما توقعوه وما اختبروه خلال التجربة المريرة.
 

- ربما يسأل المستثمر نفسه "كم خسرت محفظته خلال الأزمة المالية؟"؛ ربما ما بين 20% و25%، ومع ذلك، فخلال الفترة بين أكتوبر 2007 ومارس 2009 انهارت الأسهم الأمريكية بنسبة 55% مقابل 59% للأسهم العالمية.



 

- لكن هذه الخسائر لم تكن نهاية العالم، كانت الأسهم الأمريكية بصدد بدء عقد استثنائي في ديسمبر 2009، حيث بلغ العائد الإجمالي المعدل حسب التضخم منذ ذلك الحين 11% سنويًا، مقابل 6.8% منذ عام 1871.
 

- في استطلاع لـ"ليج ماسون جلوبال"، قال 14% من المشاركين في الولايات المتحدة إنهم سيستثمرون أكثر في الأسهم إذا حدث انهيار آخر مماثل للأسواق العالمية، في حين قال 28% آخرون إنهم لن يفعلو شيئًا ولن يراجعوا استثماراتهم.

 

الميل لنسيان التجارب السيئة
 

- عن التقييمات المرتفعة في الأسواق الأمريكية حاليًا، يقول الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل "روبرت شيلر"، ليست الروايات الإيجابية فقط ما يدعم هذا الاتجاه، وإنما الرغبة في نسيان الروايات والأحداث السلبية منذ الأزمة.
 

- بعد الأزمة المالية، انخفض سوق الأسهم الأمريكية بشكل حاد وفقد نحو نصف قيمته تقريبًا بحلول مارس 2009، ولفترة من الوقت، كان أطراف السوق مقتنعين بأن البلاد أعادت إنتاج الكساد العظيم من جديد.
 

- يضيف "شيلر": جزء من الانتعاش هو نسيان هذا الخوف، ثم الرئيس "دونالد ترامب"، الذي خفض الضرائب على الشركات وخفف اللوائح، لذا يبدو أنه سيتم إعادة انتخابه، إنه سبب لتفاؤل الأسواق المالية.



 

- إذا كانت ذاكرة المستثمر تقلل من مقدار خسارته في السوق الهابط الأخير، يمكنه بسهولة المبالغة في تقدير شجاعته خلال السوق التالي، وقد ثبت أن مستثمري صناديق الاستثمار المشترك يبالغون في تقدير عائداتهم السابقة في كلا السوقين الصاعد والهابط.
 

- إن الرؤية الوردية للماضي المرير هي ما يسميه علماء النفس "وهم إيجابي"، وهو سلوك يساعد الشخص على الاحتفاظ بثقته في نفسه حتى لو لم يكن هناك ما يبرر ذلك، قد يكون هذا مفيدًا لرفاهيته وصحته العقلية، لكن من المحتمل أن يكون خطيرًا على محفظته الاستثمارية.

 

التعلم من الماضي واجب
 

- إذا نسي المستثمر مدى حرصه على تبني أكثر الاستراتيجيات شعبية منذ عقد من الزمان (الشركات الصغيرة، أسهم القيمة، الأسواق الناشئة، السلع، صناديق التحوط، وغيرها من الاستراتيجات البديلة) فقد يكون عرضة للانحراف عن أفضل الأساليب الحالية.
 

- يقول مصرف "مورجان ستانلي"، إن البيئة الضعيفة للنمو الاقتصادي والتضخم، المقترنة بانخفاض عائدات السندات، تنذر بعقد من العائدات الضعيفة لمحافظ الأسهم والسندات النموذجية خلال العقد المقبل (يقدرها المصرف بنحو 2.8% سنويًا)، لكن ربما هذه مجرد تكهنات غير موفقة على طريقة "باسيفيك" و"جروس".
 

- على أي حال، لا تنعكس أنماط السوق في دورات مدتها 10 سنوات تمامًا مثل الساعة، وليس هناك ما يضمن أن العقد القادم سيكون عكس الذي انتهى للتو، لكن قبل الرهان على أن المستقبل سيكون مثل الماضي، يجدر بالأسواق تذكر أن هذا العقد لم يكن كما توقعه المستثمرون قبل 10 سنوات.

 

المصادر: وول ستريت جورنال، بارونز، ماركت ووتش، بلومبيرغ

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.