يقول كلايتون كريستنسين صاحب نظرية الابتكار المزعزع "إن النسبة الأكبر من النمو الاقتصادي لا تأتي من الحفاظ على نماذج الأعمال القديمة بل من ابتكار أخرى جديدة".
كيف إذن تعمل الابتكارات المزعزعة على تغيير شكل الاقتصاد؟ وكيف تؤثر على الركود الاقتصادي؟
نظرة على الماضي تساعد على فهم المستقبل
إذا نظرنا إلى شكل السوق في 2007 نجد أن الجيل الأول من الآيفون قد ظهر وظهر معه جيل جديد من التكنولوجيا ونماذج الأعمال المبتكرة والتي قضت على عدد من نماذج الأعمال القديمة. فعلى سبيل المثال قضى نموذج عمل "نتفليكس" على أعمال تأجير الـ "دي في دي" وكان السبب في إفلاس شركة تأجير الأفلام "بلوك باسترز".
هذه الحقبة الزمنية التي تبدو للناظر بعيدة كانت قبيل سقوط الولايات المتحدة ومن ورائها أوروبا في فخ الركود الذي تلا أزمة 2008. ومنذ ذلك الحين شهدت طرق وأساليب الناس في التسوق والترفيه والتنقل واقتراض الأموال تغيرات ثورية بفضل جهود مجموعة هائلة من عمالقة التكنولوجيا في العالم.
ويؤكد ذلك الاستشاري بشركة أوليفر وايما "دوجلاس إليوت" حيث يقول "لقد تغيرت تركيبة الاقتصاد منذ عام 2007، وبالتالي سيختلف الركود القادم عن سابقه".
عاجلاً أو آجلاً سوف نضطر للتعامل مع الركود الاقتصادي والحد من أثره فكلما استطعنا تحديد طبيعته ومعرفة أين سيبدأ، زادت قدرتنا على الحد من أثره، خاصة وأن الركود دائما ما يكون مكلفاً للشركات والحكومات.
تشير تقديرات "الإيكونومسيت" إلى أن الركود الأخير تسبب في خسارة ما يقرب من 11 مليون شخص في الاقتصادات الغنية لوظائفهم، كما أدى لانخفاض أرباح الشركات في أوروبا وأمريكا بنسبة 51% و30% على التوالي.
أوجه الشبه والاختلاف بين الماضي والحاضر
الاقتصاد العالمي اليوم يتشابه مع الوضع في 2007 حيث تحقق الشركات الأمريكية أرباحًا كبيرة وثابتة في المجال الصناعي، عكس أوروبا والتي تبقى أرباح الشركات فيها منخفضة إلى حد ما. أما المختلف عن عام 2007 فهو أن التكنولوجيا ونماذج الأعمال المبتكرة قامت بإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي وزعزعت استقرار قطاعات خدمية كاملة مثل سيارات الأجرة والفنادق والتجزئة من قبل شركات مثل "أوبر" و"أير بي إن بي" و"أمازون".
في الوقت نفسه قامت الشركات بصرف مبالغ ضخمة على إعادة تشكيل خدمات تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها وعمدت إلى تأجير مساحات على خوادم سحابية بدلاً من شراء خوادم خاصة بها.
تكنولوجيا المعلومات ونماذج الأعمال المبتكرة
تختلف حاليًا طبيعة الشركات المسيطرة على قائمة الأكبر في العالم من حيث القيمة السوقية عن تلك التي كانت تتصدر القائمة قبل 10 سنوات. فمن بين الشركات العشر الأكبر في العالم اليوم توجد 7 شركات تكنولوجية، وذلك مقارنة مع شركتين فقط في عام 2010.
ولكن ليس بالضرورة أن يؤذي الركود جميع الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا بنفس الشدة. فعلى سبيل المثال نجد أن الطلب قد تراجع بشدة على خدمات "أوبر" في البرازيل خلال فترة الركود الممتدة بين عامي 2015 و2016، ولكن ارتفاع معدل البطالة تسبب في المقابل في اتجاه الكثير من البرازيليين الذين يعانون ضيق الحال إلى العمل كسائقين لدى الشركة الأمريكية مما ساهم في خفض تكاليف الشركة وتحسن الخدمة بدرجة كبيرة.
كذلك من الممكن أن يساعد التباطؤ الاقتصادي "أير بي اند بي" على التوسع سوقيًا على حساب الفنادق نتيجة بحث العملاء عن بدائل أوفر واتجاه المزيد من الناس لتأجير منازلهم من أجل الحصول على المال.
في المقابل، قد تتأثر بشدة الشركات التكنولوجية التي تعمل على توفير خدمات الترفيه بالركود القادم وخاصة تلك الشركات التي تتحمل بتكاليف ثابتة ضخمة، فهي أكثر ضعفاً في مواجهة الركود.
الخاسرون والرابحون
أصبحت الشركات ملتزمة تجاه عملائها وموظفيها ومورديها والمجتمع وليس أمام أصحاب الأسهم فقط، الأمر الذي يجعل بعض الشركات تتجه إلى الاستعانة بموظفين من شركات أخرى.
تسبب أيضًا طول الفترة التي لم يشهد فيها الاقتصاد أي تراجع كبير في اكتساب الشركات بعض العادات السيئة التي أدت إلى إثقال كاهلها بكم هائل من الديون يجعلها هشة أمام أي موجة ركود قادمة.
الأكثر من ذلك هو أن نحو 60% من عمليات الاندماج والاستحواذ التي تمت في الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الماضي تم تمويلها من خلال القروض. وإذا ارتفعت أسعار الفائدة في خضم الركود ستتضاعف معاناة هذه الشركات، حيث ستتراجع مبيعاتها من جهة وسترتفع تكاليف خدمة ديونها من جهة أخرى.
لكل ركود اقتصادي خاسرون ورابحون. فعلى سبيل المثال قد حقق "وارن بافيت" مكاسب كبيرة خلال الركود الممتد بين عامي 2007 و2009، في حين عزز بنك "جيه بي مورجان" من مكانته كأكبر بنك في الولايات المتحدة.
المصدر: الإيكونوميست -- ذا سالت لايك تريبون
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}