نبض أرقام
00:20
توقيت مكة المكرمة

2024/07/12
2024/07/11

"الخطر يحدق بالجميع".. الخلاف حول فرض ضرائب على شركات التقنية الكبرى

2020/02/29 أرقام

في منتصف التسعينيات، كان العالم مشغولًا للغاية بقضية التغير المناخي باعتبارها تهديداً وجودياً، وقيل آنذاك إنه ستكون هناك حاجة إلى تغييرات كبيرة في الصناعة والمجتمع على حد سواء، إذا كانت الدول ترغب في وقف الاحتباس الحراري ومنع ذوبان الجليد القطبي.

 

 

خلال هذه الفترة، كانت هناك دعوات للقضاء على مركبات الكلوروفلوروكربون من الجو، والتركيز على إصلاح ثقب الأوزون، وتم الاعتماد على الأكياس البلاستيكية للحد من فرط استغلال الورق، لكن الآن، بعد 25 عامًا، يبدو العالم أكثر اختلافًا، وهناك قضايا مؤثرة أهم من أزمة المناخ.

 

سيطرت المناقشات حول أزمة المناخ على أجندة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، لكن المؤتمر أبرز قضية عالمية منفصلة فشل الجميع في معالجتها بشكل كامل، وذلك عندما تجادل وزير الخزانة البريطاني "ساجد جاويد" مع نظيره الأمريكي "ستيفن منوشين" حول مستقبل الضريبة الرقمية على شركات التقنية الكبرى.

 

احتدام الخلاف بين الشركاء

 

- في السنوات الأخيرة، كان هناك قلق متزايد من الحكومات بشأن شركات التقنية العملاقة (أكبرها في أمريكا) بشأن تجنبها للضرائب في الاتحاد الأوروبي، ونشبت الحرب الكلامية بين الوزيرين بعد فترة ليست بالطويلة من تراجع فرنسا عن خطة لاستهداف شركات أمريكية بضريبة رقمية.

 

- التراجع جاء بعد تهديد واشنطن بفرض ضرائب على وارداتها من البضائع الفرنسية، ومع ذلك، تبدو المملكة المتحدة وبلدان أخرى مُصرة على فرض الضريبة الرقمية، حتى ولو أدى ذلك إلى معاقبتها بضرائب على السلع الموجهة إلى الولايات المتحدة.

 

- تدفع الشركات البريطانية بالفعل تعريفة أمريكية عقابية على صادراتها إلى الولايات المتحدة، بسبب الخلاف الناشب بين واشنطن وبروكسل بشأن المساعدات المقدمة لشركة "إيرباص" لصناعة الطائرات، حتى إن بعض السلع فرضت عليها تعريفة جمركية بنسبة 25%.

 

 

- بالنسبة لتهديد واشنطن بفرض رسوم جمركية على السيارات الإنجليزية، فإن وزير الخزانة الأمريكي يدرك أن هذا الأمر يشكل مأزقاً صعباً للبلاد، لأن "بريكست" يهدد بتراجع صادرات المملكة المتحدة، في حين تستأثر الولايات المتحدة بنحو 10.4 مليار دولار من صادرات السيارات البريطانية.

 

- مع ذلك، قال "منوشين" إن بلاده ستتماشى مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عندما يتعلق الأمر بفرض ضرائب رقمية عالمية، وإذا التزمت الولايات المتحدة بهذا الوعد، فمن الحكمة أن تقتفي المملكة المتحدة أثر فرنسا في تأخير فرض الضريبة.

 

التسييس يؤخر العلاج

 

- يبدو أنها لعبة قوة سياسية، إنها محاولة مدروسة بعناية من قادة الدول، ويستخدم كل منهم المخاوف بشأن مساهمات الشركات في الاقتصاد، لإحراز نقاط سياسية ضد بعضهم البعض، وإذ لا يمكن إنكار ضرورة دفع الشركات ضرائب معقولة، فمن الإنصاف أيضًا الإشارة إلى أن ذلك ليس ما يدور حوله النقاش.

 

- بطريقة أو بأخرى، يجب معالجة أساليب التهرب من الضرائب الخاصة بالشركات التقنية الكبرى، وإذا كانت التهديدات الفردية سواء من فرنسا أو بريطانيا ستدفع الولايات المتحدة لقبول ضريبة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فربما يكون ذلك أفضل.

 

 

- لكن على أي حال ليست هذه الأزمة، هناك مشكلة أكبر تحدق بالعالم الآن، وهي تحول شركات التقنية إلى عملاقة مدمرة، وبمعنى آخر، فإنها تشكل كيانات احتكارية ضخمة تمنحها سلطة وقوة لا نهاية لها في العديد من الأسواق.

 

- على سبيل المثال، شركة "فيسبوك"، وهي بالأساس منصة واسعة الانتشار للتواصل الاجتماعي، تبني الآن مملكتها الاحتكارية من الإعلانات مرورًا بالاتصالات ووصولًا إلى الخدمات المالية، ودائمًا ما تحاول أن تكون سباقة بالإنجاز عن غيرها، وتستمد قوتها من قاعدة مستخدمين تبلغ 2.8 مليار شخص.

 

الخيار المُر

 

- يعيش العالم في عصر تتحكم فيه الآن مجموعة صغيرة من الشركات بسرعة وفي جميع مجالات الحياة، وحقيقة أن اللاعبين التقنيين الرئيسيين يهربون من الضرائب هي نتيجة مباشرة للاحتكارات التي يشكلونها، وليست المشكلة الأساسية ذاتها.

 

- من خلال التركيز على المسائل الضريبية، سيكون العالم بذلك يحاول معالجة الأعراض وليس الأسباب، وإقرار الضريبة الرقمية لن يحل التحديات الحقيقية، ومع ذلك، ولحسن الحظ، لا يحتاج القادة للذهاب بعيدًا في الماضي للبحث عن حل.

 

 

- في مطلع القرن الجاري، عالج العالم آخر مشكلة شبيهة، حيث واجهت شركة "مايكروسوفت" اتهامات بالاحتكار استدعت تحرك الجهات التنظيمية ضدها، وكانت الشركة تتمتع بقوة فريدة في ذلك الوقت، ومع ذلك، لا تزال أعمالها مزدهرة الآن، لكن بين مجموعة من المنافسين الاحتكاريين في المجالات الرقمية.

 

- إن الطريقة الوحيدة لمعالجة هذه المشكلة بفعالية وإبقاء شركات التكنولوجيا الكبرى متحملة للمسؤولية، هي أن تعمل الحكومات معًا لتفكيك الاحتكارات، وهي ممارسة معروفة تاريخيًا، وكان أبرز محطاتها عند تفكيك إمبراطورية "ستاندرد أويل" في الولايات المتحدة.

 

- هناك حاجة للتدخل السياسي لحل هذه المشكلة، بالتعاون وليس العداء؛ شركات التقنية الكبرى تواصل السيطرة على الأسواق دون أي عواقب حقيقية، وتزداد نفوذًا يومًا تلو الآخر، لذا حان الوقت لإيقافها، لا مجال لتسييس القضية، على الحكومات مواجهة السبب الحقيقي للأزمة.

 

المصادر: التلغراف، الجارديان

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة