نبض أرقام
06:31 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

هل سيجمع "كورونا" شمل الأوروبيين أخيرًا؟

2020/03/12 أرقام

دائمًا ما عُرف صناع السياسات في القارة الأوروبية بالتردد، وهو ما يعزز من مخاوف البعض تجاه فشلهم المحتمل في التعامل مع الأضرار الاقتصادية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا الجديد.

 

فقد كانت أوروبا تتجه بالفعل نحو المتاعب الاقتصادية حتى قبل انتشار كورونا الذى دفع إيطاليا إلى فرض الحجر الصحي على كامل البلاد واضطر كذلك فرنسا إلى حظر التجمعات العامة، وقبل ذلك كله إلغاء كبرى المعارض التجارية في ألمانيا وإسبانيا.

 

 

يقول رئيس قسم الاقتصاد الأوروبي في شركة أكسفورد إيكونوميكس "أنجل تالافيرا" إنه من الصعب جداً تجنب موجة الركود خلال النصف الأول من العام، حيث إن انتشار هذا المرض في أوروبا غير من "قواعد اللعبة"، وأصبح السؤال الآن هو إلى متى تستمر تلك الموجة وكم يبلغ عمقها؟".

 

وبينما يحاول العالم استيعاب عواقب غرق أوروبا والصين من قبلها في موجة الركود الحالية، يبقى سؤال قوي على الساحة دون إجابة واضحة: هل يمكن للقادة الأوروبيين تنحية خلافاتهم المعتادة جانباً من أجل التوصل إلى حل لهذه الأزمة خاصة وأنها تحتاج لسياسة اقتصادية مختلفة عن المعتاد.

 

التاريخ الأوروبي الحديث ليس مطمئناً

 

لقد اكتسبت أوروبا سمعة التردد والجدال وتبادل الاتهامات حينما كانت الصدمات الاقتصادية لا تمثل تحدياً كبيراً. ويظهر هذا بوضوح أكثر داخل الدول الـ19 التي تعتمد على اليورو كعملة أساسية، فهم يتعاملون بقواعد صارمة مع النفقات التي تتكبدها الدول بشكل منفصل لأنهم يفتقرون لاتفاق سياسي يمكنهم من عمل موازنة جماعية.

 

فعندما تعرض اليونان إلى الكساد خلال العقد السابق إبان الأزمة الاقتصادية العالمية، وهو الأمر الذي سبب أزمة وجودية لليورو، تسبب القادة الأوروبيون في تفاقم الوضع نتيجة فشلهم في الاتفاق على آليات إنقاذ فعالة.

 

وعندما تعرضت كل من إيطاليا وإسبانيا والبرتغال لضغط من المستثمرين الدوليين الذين طالبوا برفع معدلات الفائدة لضمان استمرارهم في الاقراض، تفاقم الوضع مجددًا نتيجة عدم قدرة صانعو السياسات الأوروبيين على اتخاذ قرار، مما أرسل رسالة مفادها أنه لا يوجد أى شخص مسئول بالفعل داخل تلك القارة.​

 

 

تواجه حاليًا أوروبا كارثة اقتصادية تهدد سبل العيش فيها، في ظل تنامي حالة الرهاب المسيطرة على الأسواق العالمية. وقليلون جدًا من لديهم الثقة في قدرة صناع السياسة الأوروبيين على تحسين أدائهم هذه المرة.  

 

لعب البنك المركزي الأوروبي منذ فترة طويلة دور المنقذ الرئيسي. ففي العقد الذي تلا الأزمة المالية الأخيرة خفض البنك المركزي أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى الصفر للحفاظ على ضخ الأموال عبر الاقتصادات الأوروبية. وقد تبنى البنك سياسة غير تقليدية متمثلة في شراء السندات ليحفز انخفاض أسعار الفائدة طويلة الأجل، مما يضمن للشركات والأسر حصولها على الائتمان لتشجيع المزيد من الإنفاق.

 

لكن العديد من الاقتصاديين يفترضون أن البنك المركزي قد استنفد إمكانات مثل هذه السياسات. يتوقع معظمهم أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة في  اجتماع اليوم وما عزز من هذا الشعور الانخفاض الأخير الذي شهدته أسعار النفط بشكل حاد وزيادة الشعور العام بالارتباك بين المستثمرين.

 

تخفيض أسعار الفائدة لن يحل مشكلة الفيروس

 

بالنسبة لأوروبا (كما هو الحال بالنسبة لبقية العالم) لا يبدو أن هذه الأزمة تتأثر بسهولة بتخفيض أسعار الفائدة. فقد أدى الحجر الصحي الواسع في إيطاليا إلى تعطيل الإنتاج في المصانع التي تعد المورد الرئيسي لقطع غيار السيارات في جميع أنحاء أوروبا، وهو تهديد رئيسي لاقتصاد القارة. ولن تعود هذه المصانع فجأة إلى الحياة إذا خفض البنك المركزي تكاليف الاقتراض. لن يحدث هذا إلا عندما ينحسر الخطر المهدد للصحة العامة.

 

إن أكثر الطرق الفعالة والتي يمكن لواضعي السياسات من خلالها تخفيف الأضرار الاقتصادية هي السياسة المالية، عن طريق ضخ أموال الحكومة التي يمكن أن تساعد الشركات الصغيرة في مواجهة خسارة المبيعات مع مساعدة العمال الذين لا يستطيعون الوصول إلى أعمالهم.

 

وعد رئيس الوزراء الإيطالي "جوزيبي كونتي"، بأن حكومته ستقدم "علاجًا هائلًا بالصدمة". بينما قال وزير المالية الفرنسي "برونو لومير"، إنه أصبحت هناك الآن حاجة برنامج تحفيز اقتصادي هائل  للتصدي للفيروس.

 

 

لكن صراحةً، قال السيد "لومير" للإذاعة الفرنسية إنه يعتزم مناقشة خطة تحفيز اقتصادي مع مسؤولين أوروبيين آخرين في اجتماع لاحق خلال الأسبوع الذي يبدأ في 16 مارس، وهو ما يبدو دهراً في مواجهة مرض سريع الانتشار وبلا حدود واضحة.

 

حصلت إيطاليا على موافقة أوروبية الأسبوع الماضي لإطلاق تدابير إنفاق بقيمة 7.5 مليار يورو (حوالي 8.6 مليار دولار) لمساعدة المتضررين من تفشي المرض. ولكن مع استمرار أعداد المصابين في ألمانيا وفرنسا وخارجها، يبدو أن السلطات الأوروبية بعيدة كل البعد عن معالجة الأزمة بشكل جماعي.

 

وعقد البعض آمالهم في أن يصبح فيروس كورونا قوة دافعة لتمديد التضامن الأوروبي، وحافزا للعمل الجماعي الذي فشلت في تحقيقه في الأزمات الأخرى.

 

الأزمة أكبر من سلاسل التوريد

 

عندما بدأ تفشي المرض في الصين، توقفت الصناعة هناك، مما أثار مخاوف من أن المصانع في جميع أنحاء العالم ستعاني قريباً من نقص في قطع الغيار والإلكترونيات. ولكن أدى ظهوره في إيطاليا إلى تفاقم هذه المخاوف، مما زاد من احتمال أن تواجه شركات صناعة السيارات الألمانية صعوبة في الحصول على قطع الغيار من المصانع الإيطالية.

 

 

وفي نفس الوقت تتعرض إيطاليا وبقية أوروبا لتهديدات أكبر من مجرد تعطيل لسلسلة التوريد الخاصة بالتصنيع، حيث قد يمتد الأمر ليشمل تعرض السياحة للانهيار نتيجة تجنب الناس الأماكن الضيقة والطائرات والقطارات والحافلات والفنادق والمطاعم.

 

ويمكن أن يكون الوضع أكثر سوءاً، فوفقًا لتقرير نشره كبير الاقتصاديين في شركة الأبحاث "تي إس لومبارد" تشارلز دوماس يوم الإثنين الماضي من المحتمل أن يتسبب فيروس كورونا في حدوث ركود عالمي وسوق هبوط في الأسهم.

 

أصبح الخطر شديدًا لدرجة أنه يتطلب تحركًا أوروبيًا. هذه الأزمة لا تتعلق بأمور غامضة مثل التصنيفات الائتمانية، بل تتمحور حول إذا ما كان الناس سيعيشون أم سيموتون ، تلك الحقيقة هي التي ستحدد عمق الأضرار الاقتصادية.

 

المصدر: نيويورك تايمز

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.