نبض أرقام
04:20 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

أحاصر شبحاً يحاصرني .. كيف أنقذ المليادير الهندي"أمباني" شركته من المضاربين؟

2020/03/20 أرقام - خاص

في يوليو من عام 2018 تصدّر اسم الملياردير الهندي "موكيش أمباني" رئيس مجلس إدارة شركة "ريلاينس إندستريز" عناوين الصحف حول العالم إثر نجاحه في تخطي الملياردير الصيني "جاك ما" مؤسس مجموعة "علي بابا" ليصبح أغنى رجل في آسيا.

 

وقدرت حينها ثروة "أمباني" بنحو 44.3 مليار دولار لتصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق، وذلك بفضل ارتفاع سعر سهم شركته التي تعمل في عدة قطاعات أهمها النفط والاتصالات في الثالث عشر من يوليو 2018 بنسبة 1.6% ليصل إلى مستوى قياسي قدره 1099.8 روبية هندية للسهم.


 

ورغم نجاح "أمباني" في إضافة ما يقرب من 4 مليارات دولار إلى ثروته خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2018 وقيادته الناجحة للشركة على مدار العقدين الماضيين إلا أن البطل الحقيقي الذي تقف بفضله اليوم "ريلاينس إندستريز" باعتبارها واحدة من أكبر الشركات في العالم هو والد "موكيش" ومؤسس الشركة الملياردير الهندي الراحل "ظهير أمباني".

 

أسس "ظهير أمباني" الشركة في نهاية السبعينيات وقاد دفتها بحكمة واقتدار في أحلك الظروف والأوقات وتمكن بدهاء من إنقاذها من واحد من أخطر الفخاخ التي قد تنصب لشركة مدرجة بسوق الأسهم، وخصوصاً في سوق ضعيف تنظيمياً كالسوق الهندي في ذلك الوقت.

 

بداية لافتة للأنظار

 

في أكتوبر من عام 1977 طرحت شركة "ريلاينس إندستريز" للاكتتاب العام الأولي في بورصة بومباي للأوراق المالية من خلال إصدارها لـ2.8 مليون سهم بقيمة 10 روبيات هندية للسهم الواحد.

 

بعد الاكتتاب العام، استمر سعر سهم الشركة في الارتفاع إلى مستويات قياسية. ففي السنة التالية للإدراج وتحديداً في عام 1978 ارتفع سهم الشركة إلى 50 روبية للسهم أي 5 أضعاف قيمته الاسمية لحظة الاكتتاب العام.

 

لم تتوقف مسيرة السهم، حيث وصل سعره في عام 1980 إلى 104 روبيات قبل بلوغ أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 1982 وهو العام الذي وصل فيه سعر السهم إلى مستوى 186 روبية.  وساهم ارتفاع سهم "ريلاينس" بأكثر من 18 ضعفاً خلال ثلاث سنوات فقط  في جعله فريسة للمضاربين الذين كانوا يعتقدون أن إدارة الشركة هي من كانت تهندس تلك الارتفاعات، وأن ذلك السهم بأي حال لا يستحق ثمنه.

 

في مارس من عام 1982 بدأت مجموعة من المضاربين من مدينة كولكاتا الهندية في الرهان ضد سهم "ريلاينس" وذلك من خلال بيعه على المكشوف.


 

ولأولئك الذين لا يعرفون كيفية عمل نظام البيع على المكشوف، يمكن القول إنه ببساطة عبارة عن عملية يبيع بموجبها المضارب أسهما لا يملكها – يقترضها من وسيط – على أمل أن ينخفض سعرها في المستقبل ويعيد شراءها بذلك السعر المنخفض قبل أن يسلمها مرة أخرى إلى الوسيط الذي اقترض منه هذه الأسهم.

 

على سبيل المثال، لنفترض أنني أرى أن سهم الشركة "س" المدرجة بالسوق السعودي والبالغ 10 ريالات مبالغ في تقييمه وأنه يستحق أقل من ذلك. في هذه الحالة يمكنني الاستفادة من ذلك السهم من خلال بيعه على المكشوف، أي المراهنة على انخفاض سعره.

 

ما أحتاج للقيام به الآن هو الذهاب إلى أي وسيط يملك هذه الأسهم وأقترضها منه على أن أقوم بردها إليه بعد فترة محددة. بعد أن أحصل على الأسهم منه أبيعها فوراً مقابل سعرها الحالي وهو الـ10 ريالات. وإذا صح توقعي وانخفض سعر السهم لنقل إلى 8 ريالات مثلاً أعيد شراء هذه الأسهم مرة أخرى وأردها إلى الوسيط الذي اقترضتها منه. وهكذا جنيت ربحاً يساوي الفارق بين سعر البيع (10 ريالات) وسعر الشراء (8 ريالات).

 

لقد وقعنا في الفخ

 

استمر المضاربون في بيع السهم المكشوف طوال شهر مارس لتصل ذروة الضغوط البيعية التي تعرض لها سهم "ريلاينس" إلى ذروتها في 18 مارس من عام 1982، وذلك إثر بيع المضاربين لحوالي 350 ألفاً من أسهم الشركة على المكشوف دفعة واحدة، مما تسبب في إحداث حالة من الذعر بين مستثمري الشركة انخفض على أثرها سعر السهم من 131 روبية إلى 121 روبية.

 

كانت الأمور تمضي كما أراد لها المضاربون أن تكون إلى أن لاحظوا شيئاً غريباً يحدث وهو أن هناك من يشتري كل أسهم "ريلاينس" التي يبيعونها وهو ما يحول دون انهيار سعر السهم. لكن إذا كان القانون يمنع "ريلاينس" من شراء أسهمها من السوق فمن الذي كان يشتري تلك الكميات الكبيرة من أسهم "ريلاينس" التي كان يبيعها المضاربون؟


 

اتضح أن رئيس الشركة "ظهير أمباني" بمجرد أن اكتشف تحركات المضاربين أمر سراً عددا من الوسطاء التابعين له بشراء كل أسهم "ريلاينس" المعروضة للبيع لحساب مستثمرين مقيمين في دول غرب آسيا. وكلما زادت مبيعات المضاربين زادت مشتريات الوسطاء التابعين لـ"ظهير أمباني".

 

في نهاية المطاف اشترى الوسطاء التابعون لـ"ظهير" والذين كانوا يملكون سيولة تقترب من 100 مليون روبية (أكثر من 10 ملايين دولار) ما يزيد على 800 ألف سهم من أسهم "ريلاينس" وذلك من إجمالي 1.1 مليون سهم من أسهم الشركة التي باعها المضاربون. كان الأمر أشبه بلعبة شطرنج تمكن في نهايتها "ظهير" من محاصرة المضاربين.

 

يوم التسوية

 

بعد ستة أسابيع من بدء المضاربين هجومهم على أسهم "ريلاينس" وتحديداً في 30 أبريل من عام 1982 جاء يوم التسوية، حيث كان نظام بورصة بومباي للأوراق المالية في ذلك الوقت يقضي بوقف المعاملات الجديدة كل أسبوعين إلى أن تتم تسوية معاملات الأسبوعين السابقين.

 

بإيعاز من "ظهير" أصر الوسطاء الذين كانوا قد أقرضوا المضاربين الأسهم على استردادها بدلاً من التسوية، وهو ما يعني اضطرار المضاربين لدخول السوق وإعادة شراء كميات كبيرة من أسهم "ريلاينس" – التي كان يستقر سعرها في ذلك اليوم بالقرب من 152 روبية – وهو ما سيخلق طلباً كبيراً على السهم يؤدي إلى ارتفاع سعره أكثر.

 

فشل المضاربون في تسليم الأسهم إلى الوسطاء في الميعاد المحدد يجعلهم مضطرين لدفع غرامة قدرها 25 روبية للسهم الواحد.


 

في لحظة وجد المضاربون أنفسهم محاصرين لا يعرفون كيف يتصرفون، وهو ما أدخل البورصة الهندية في أزمة تسببت في إغلاقها حتى الأربعاء التالي. لكن لم يكن هناك مخرج للمضاربين سوى الدفع.

 

بالإضافة إلى الغرامة، أعاد المضاربون شراء أسهم "ريلاينس" من السوق بأسعار أعلى بكثير من تلك التي باعوها بها، لكي يسلموها للوسطاء مما تسبب لهم في خسائر فادحة. ولكن على الناحية الأخرى ارتفع سعر سهم "ريلاينس" في غضون نصف ساعة من 152 روبية إلى ما يزيد على 180 روبية قبل أن يصل في الأيام التالية ليوم التسوية إلى مستوى 201 روبية هندية.

 

وهكذا نجح "ظهير أمباني" في إنقاذ شركته من الفخ الذي نصبه له المضاربون بعد أن كبدهم خسائر فادحة. وخلدت هذه الواقعة اسم "ظهير" في سوق المال الهندي باعتباره واحداً من أمهر رجال الأعمال الهنود في التعامل مع سوق الأسهم.

 

 

المصادر: أرقام – بلومبرج -  كتاب "Business Maharajas" – كتاب "Mahabharata in Polyester"

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.