على الرغم من التراجع الحاد في أسعار الخام الأمريكي في ظل تراجع الطلب بسبب وباء "كورونا"، إلا أن سوق خام الحديد لا يزال قويًا هذا العام، إذ تجاوزت الأسعار مستوى 80 دولارًا للطن.
ومنذ أسابيع قليلة، حذرت شركة التعدين البرازيلية "فالي" من أن الطلب الضعيف من مصانع الصلب خارج الصين سيضر بخام الحديد، مع انتشار فيروس "كورونا"، وتقلص الشهية الصناعية، وتتوقع "بلومبرج إنتلجنس" أن عمليات الإغلاق الصناعية - خاصة بين شركات صناعة السيارات - المرتبطة بالوباء ستقلص الطلب بما يتراوح بين 10% إلى 15% في الولايات المتحدة وأوروبا هذا العام.
ورغم ذلك لا زالت الأسعار قوية بشكل مثير للدهشة، إذ تتداول أسعار العقود الآجلة في سنغافورة حول مستوى 83 دولارًا للطن المتري، ويرجع التفسير الرئيسي لذلك في الصين حيث تتعافى مشاريع البناء.
والسبب في ذلك أن الصين تشكل حوالي 70% من الطلب العالمي على خام الحديد المنقول بحرًا، فعلى سبيل المثال، تبلغ قيمة متطلبات الاستيراد هناك حوالي 1.1 مليار طن مقابل 100 مليون طن لأوروبا.
وعلى الرغم من احتمالية حدوث موجة ثانية من العدوى في الصين، إلا عودة الصين إلى العمل هي أمر حقيقي، إذ على سبيل المثال تتراجع المخزونات في الموانئ باطراد، ورغم أن مصدري المنتجات النهائية مثل الحفارات الميكانيكية سيتضررون من الاقتصاد العالمي الضعيف، إلا أنه يتم استهلاك المزيد من خام الحديد من قبل السوق المحلية العملاقة.
المعروض العالمي
إلى جانب ذلك، فإن المعروض العالمي في وضع أسوأ كثيرًا مما توقع الكثيرين، فمن المؤكد أن حالات الإغلاق التي تفرضها العديد من الحكومات حول العالم ليست مشكلة بالنسبة لخام الحديد فقط، إذ أثرت أزمة وباء "كورونا" على سلع أخرى مثل النحاس.
يقدر المحلل "كريس لافمينا" لدى "جيفريز" تضرر المعروض من النحاس بسبب أزمة وباء "كورونا" بنسبة 20% حاليًا، مقابل 8% لخام الحديد العالمي.
بالنسبة لخام الحديد، فبالإضافة إلى تأثير الوباء، هناك اضطرابات مستمرة، وبالتحديد شركة "فالي" التي لا تزال تعاني للحصول على التصاريح في ظل محاولة التعافي من انهيار سد "برومادينيو"، إذا خفضت "فالي" مؤخرًا توقعاتها للإنتاج للعام الحالي، محذرة من أن تداعيات الأزمة الصحية قد تكون أسوأ.
ويعد تعامل الحكومة البرازيلية الضعيف مع الوباء، أنه ليس مستحيلاً أن نشهد تراجع الإنتاج إلى مستويات عام 2019 البالغة 302 ملايين طن، في خسارة كبيرة للسوق.
الضرر ليس على الجميع
بالنسبة للنحاس، على سبيل المثال، يعاني الجميع، إذ تواجه كبرى المناجم من أمريكا اللاتينية وحتى إفريقيا بطئاً أو توقف الحفر، ولكن الوضع مختلفة بشأن خام الحديد فالضرر غير موزع بالتساوي.
إذ تستمر العمليات في منطقة "بيلبرا" الأسترالية الضخمة بشكل عام، مع ارتفاع الصادرات بشكل ملحوظ الشهر الماضي.
وقد تستفيد "فالي" أيضًا من ارتفاع الأسعار الذي قد يخفف من خسائر الإنتاج، هذا وسجلت "بي إتش بي" زيادة بنسبة 3% في الإنتاج خلال الأشهر التسعة الممتدة حتى نهاية مارس.
وفي الأسبوع الماضي، سجلت "ريو تينتو جروب" - التي تعد المنتج الأكبر في العالم حاليًا - ارتفاعًا في الإنتاج والشحنات خلال الربع الأول، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
هل سيشهد خام الحديد عامًا قويًا؟
يستفاد خام الحديد أيضًا من انخفاض التكاليف، بفضل آثار ضعف العملات مقابل الدولار، وأسعار النفط المتدنية، وأسعار الشحن التي لا تزال منخفضة.
من غير الواضح بعد إلى متى سيستمر خام الحديد في الصمود، فمن الممكن أن يتعافى المنتجين الآخرين جيدًا مما يزيد المعروض.
وربما تواجه الصين موجة ثانية من العدوى بفيروس "كورونا"، ففي الوقت الحالي تبدو الصين قوية والبرازيل ضعيفة.
وأثبتت أسعار خام الحديد ارتفاعها النسبي خلال الشهرين الماضيين مقارنة بانخفاضات الأسعار التي شهدتها السلع الأخرى، وبالتالي قد تشهد عامًا قويًا آخر.
المصدر: بلومبرج
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}