نبض أرقام
22:27
توقيت مكة المكرمة

2024/07/24

درس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

2020/05/04 أرقام

علق الكاتب ديفيد إغناتيوس على ما وصفه بنجاح الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في استعادة النظام وتجنب الكارثة الاقتصادية جراء وباء فيروس كورونا، مطالبا الكونغرس والبيت الأبيض أن يسيرا حذوه.

يقول إن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يسميها "بتأثير الإعلان". وهو أنه عندما كانت الأسواق المالية تتراجع في مارس بسبب الرعب من الوباء الناشئ، اكتفى بنك الاحتياطي الفيدرالي بإعلان تعهد بسيط، باستخدامه "جميع سلطاته" للحفاظ على تدفق الائتمان كافيًا لاستعادة النظام.

ويعد نجاح الاحتياطي الفيدرالي درسًا يُبرهن على أن مصداقية قادة الحكومة وكفاءتهم وجرأتهم يُمكن أن تنقذ أميركا من الكارثة الاقتصادية التي أحدثها فيروس كورونا المستجد. فقد انتهت موجة الذعر بشأن السيولة التي اندلعت في وول ستريت بسرعة بعد تعهد بنك الاحتياطي الفيدرالي في 23 مارس بتقديم دعم غير محدود. والآن، حتى مع شبه توقف النشاط الاقتصادي، فإن الأسواق المالية تعمل بسلاسة لأن وول ستريت تثق في الاحتياطي الفيدرالي.

إنها مسألة ثقة. لقد استقرت الأسواق لأنها تعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يفعل كل ما يلزم لدعم النظام المالي. وقد أظهر البنك المركزي خلال الأسابيع الستة الماضية، كما فعل في عام 2008م، أنه يستطيع إيجاد أدوات مبتكرة لإبقاء النظام صامدًا والتصدي لأي عدوى مالية.

ويقول احذروا: فالأزمة الاقتصادية تنتقل من أزمة السيولة إلى الملاءة المالية، تمامًا كما حدث بعد الانهيار المالي لعام 2008م. ومع عودة النشاط التجاري ببطء بعد عمليات الإغلاق، فإن العديد من الشركات والأفراد سيعلنون الإفلاس، وربما مع تكاليف بشرية واقتصادية مروعة. وبينما لا يمكن لقروض الاحتياطي الفيدرالي ومشتريات الأصول حل هذه المشكلة، فإنه يمكن ذلك للكونغرس، من خلال توسيع برامج الإنفاق الطارئة. حيث يحتاج الكونغرس إلى أن يكون مبتكرًا مثل البنك المركزي.

ويوضح باول للكونغرس والبيت الأبيض السبيل للمضي قدمًا في هذه الأزمة: اتخذ إجراءً حازمًا ونظاميًا، ثم قم بذلك مرة أخرى. وتشبث رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع بوعوده لإيجاد الأدوات اللازمة لدعم النظام المالي. وبعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، تعهد بمواصلة شراء الأصول وتقديم القروض "حتى نكون على ثقة بأننا في طريقنا بقوة نحو الانتعاش".

وأكد باول عزمه يوم الأربعاء. حيث قال للصحافيين واصفًا بعض برامج بنك الاحتياطي الفيدرالي لتوفير النقد للمؤسسات والشركات المالية: "لن نُفلس. خزينتنا ليست محدودة". ويوم الخميس، وسع مجلس الاحتياطي الفيدرالي برنامج إقراض الشركات الصغيرة ليشمل المزيد من الشركات الصغيرة، حتى يشمل في نهاية المطاف المنظمات غير الربحية مثل المستشفيات والجامعات. كما وسع دعمه لسندات الولايات والبلديات المحلية.

ويواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضًا توجيه النظام المالي العالمي، في الوقت الذي تراجعت فيه إدارة ترمب عن القيادة الدولية على جبهات أخرى. حيث يرأس باول اللجنتين الرئيسيتين اللتين تنسقان بين محافظي البنوك المركزية في العالم، بينما يرأس محافظا الاحتياطي الفيدرالي راندال كوارلز ولايل برينارد المجموعات المالية العالمية الرئيسية الأخرى. ويعد التمويل أحد المجالات التي لا تزال أمريكا تتصدرها بلا منازع.

وتكمن قوة الاحتياطي الفيدرالي جزئياً في قدرته على جني الأموال، عن طريق شراء سندات الخزانة وغيرها من الأوراق المالية، التي يدرجها في ميزانيته كأصول. وقد تضخمت الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي بسبب الوباء. وبلغ إجمالي الأصول 6.6 تريليون دولار الأسبوع الماضي، بارتفاع مذهل بنسبة 69% عن العام السابق. ويعتقد باول أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يقلل من هذا التضخم في الأصول مع نمو الاقتصاد؛ فقد حان الوقت للإقراض والإنفاق لمنع حدوث كارثة. ويبدو محقًا في ذلك، حيث يجب على الكونغرس والاحتياطي الفيدرالي تنظيم شؤون البلاد في وقت لاحق، بعدما يساعدان في إنقاذ حياة الناس فيها.

ويتعامل باول مع حالة يمكن وصفها بشكل صحيح بأنها "عدم اليقين الراديكالي" في عنوان كتاب جديد لمارفن كينغ، محافظ بنك إنجلترا السابق، وجون كاي، أستاذ الاقتصاد في أكسفورد. حيث يقتبس المؤلفان من الاقتصادي العظيم جون مينارد كينز قوله في العديد من الأسئلة التي ترتبط بالمستقبل، فإن الإجابة الصحيحة هي: "ببساطة لا نعلم".

وينطبق عدم اليقين الراديكالي هذا على التعافي من الوباء. فكم من الوقت سيستغرق في إعادة فتح الأعمال؟ وما هي اللقاحات والأدوية العلاجية التي ستجدي نفعًا، ومتى ستكون جاهزة؟ يمكن لباول أن يجيب فقط بإجابة كينز: لا نعلم.

لكن ما المطلوب الآن، في الحيز الذي أوجده باول من خلال تهدئة الأسواق؟ يحتاج الكونغرس إلى مساعدة الشركات الصغيرة بجرأة وحكمة مثلما يدعم بنك الاحتياطي الفيدرالي وول ستريت. حيث كان من الضروري إقراض الأموال بسرعة في الأسابيع الأولى للوباء. أما الآن، فيجب أن يفكر الكونغرس في بناء اقتصاد أقوى بعد الوباء، والاستثمار في الصناعات الجديدة والبنية التحتية الحديثة ووضع إطار للنمو. بينما تحتاج أفضل عقولنا السياسية إلى التفكير في مخططات اقتصادية جديدة بنفس القوة التي يتسابق بها الأطباء لإيجاد اللقاحات.

لقد رأينا كيف تعمل أمريكا غير المنظمة، دون شبكة أمان اجتماعي أو نظام رعاية صحية وطني متماسك، في خضم أزمة. بينما ذكرتنا الكفاءة الرحيمة للاحتياطي الفيدرالي بأن أمريكا ليست بائسة في هذه اللحظة الرهيبة.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة