نبض أرقام
11:09 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24

"لا تفعل شيئا" .. متى يكون الترويح أهم من العمل؟

2020/05/25 أرقام

ترى الكاتبة "سيلست هيدلي" أنه عندما يسقط المرء على الأريكة تعبًا من يوم عمل طويل ويبدأ في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي فلا ينبغي أن يظن حينها أنه يسدي لدماغه المتعبة معروفًا.

"مخك يرى الجوال عملاً.. أي وقت ينظر فيه المخ للجوال فإن جزءًا منه يستهلك بعضًا من طاقته في الاستعداد للإخطار القادم، إنه مثل عداء يستعد للانطلاق".


وخلص باحثون إلى أن مجرد وجود الجوال على مقربة من صاحبه فإنه يرهق العقل، وتقول هيدلي "فأنت تقوم بعملك في كل مكان بالمعنى الحرفي.. وعندما يتعلق الأمر بالمخ والجسم، فإنك لا تأخذ راحة أبدًا".



 

في كتابها الجديد "لا تفعل شيئًا. كيف تنفصل عن الإجهاد والإفراط في العمل؟" تشجع الصحفية والإذاعية هيدلي القراء على تعمد حماية أوقات توقفهم عن العمل، وقد وصلت إلى هذا الإدراك بعدما أصيبت بالإعياء مرتين خلال شهرين.


قالت الكاتبة: "كنت ناجحة بدرجة أكبر من أي وقت مضى، كانت أموري تسير بشكل جيد حقًا، لذلك لماذا لم أصب بالمرض وحسب بل بالتعاسة؟".


بدأت هيدلي في البحث ووصلت إلى دليل يفيد بأن المخ يعمل أفضل عندما يتمكن من التبديل بين العمل المركز (ليس العمل متعدد المهام) وبين الراحة.


"إنه (المخ) يفتش في الذكريات، يتصل بأمور جديدة، يقوم بأمور مفاجئة لأنه لا يركز في مهمة، لأنه حينها يأتي الكثير من الإبداع والابتكار.. عند الارتباط بأمور غير متوقعة".


لكن الثقافة الأمريكية الحالية لا تؤيد هذا النوع من الراحة الذهنية غير المرتبة، فعندما تسأل الكاتبة الناس عما إذا كانوا يقدمون على أخذ فترات ترفيه محض لا ينشغل فيها المخ تكون الإجابة "لا.. لأنني أشعر بذنب".


ترغب الكاتبة في مساعدة القارئ على استعادة علاقته مع "اللا شيء"، فغلاف كتابها يعرض صورة لحيوان الكسلان، "هل الكسلان كسلان حقًا أم أنه يتحرك ببطء أكثر وعن عمد؟.. بعض الأمور ينبغي أن تتم بسرعة لكن ليس كل شيء".

 

من أين جاءت تلك الثقافة؟



تعتقد هيدلي أن جزءًا من هوس أمريكا بالعمل قد يعود إلى مارتن لوثر والإصلاح البروتستانتي في أوروبا في القرن السادس عشر وارتباطه بالثواب وأنه ينبغي لمن يبعد عن العمل المستمر أن يشعر بالذنب.


وأشارت الكاتبة أيضًا إلى الثورة الصناعية وأنها علامة في تشكيل ثقافة العمل في أمريكا.


وتقول الكاتبة إن الوقت حان لإعادة فحص هوس الأمريكيين بالكفاءة والسرعة معربة عن اعتقادها بأن الناس يدفعون أدمغتهم وأجسامهم بطرق غير قابلة للتكيف، وأن ذلك يلعب دورًا في "إجهاد أمتنا".


وأضافت أن الباحثين وجدوا أن الأمريكيين يعملون عدد ساعات أكثر ومع ذلك يعبرون عن شعورهم بأنهم منشغلون بدرجات تفوق طاقاتهم.. "لا أشكك في زعم أي شخص يقول إنه يعاني من إجهاد.. أعلم أنهم – وقد كنت كذلك، لذلك عليك أن تسأل نفسك لماذا؟".


ولاحظت هيدلي أيضًا أنه في عصر وسائل التواصل الاجتماعي يقارن الأمريكيون أنفسهم بالمشاهير.. بشخصيات بعيدة كثيرًا عن دوائرهم، لكن قبل عقود، كان معظم الأمريكيين يقضون أوقاتهم مع جيرانهم وقد قل ذلك اليوم.


"عدد ضخم من الأمريكيين لم يقابلون جيرانهم مطلقًا.. الناس الذين يعرفون عنهم الكثير هم نجوم إنستجرام أو تلفزيونات الواقع.. الناس تركض وتركض وتركض للحاق بشخصيات تبعد أنماط حياتها عنهم كل البعد".


"فلا عجب أن الأمريكيين يشعرون بحاجتهم للعمل أكثر وساعات أطول لتحسين الذات إلى ما لا نهاية.. أنت تبحث دومًا عن مستوى لن تصل إليه أبدًا".


إذن ماذا نفعل؟


اكتشفت الكاتبة أن تتبع وقتها ساعدها في أن تكون أكثر إدراكًا للطريقة التي تقضي بها الوقت، فعندما بدأت في كتابة يومياتها اندهشت لحجم الوقت الذي قضته في التسوق على الإنترنت.


تقول هيدلي "بمجرد خصم (وقت) النوم، والعمل والأكل والتنقل وكل تلك الأمور الأخرى فإنك ستكون على الأرجح قريبًا من خمس إلى ست ساعات يوميا تحت تصرفك تقوم فيها بما تريد".


"إذا كنت تستخدم ما يصل إلى نصف ذلك في تصفح فيسبوك... فقد تندهش عندما تجد أن لديك وقتًا أكثر مما كنت تعتقد".


ولاسترداد ذلك الوقت، حاولت هيدلي تقليل الساعات التي تقضيها في تصفح البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي وقالت: "حذفت كل التطبيقات تقريبًا من جوالي".


كما خصصت الكاتبة "يومًا لا تمسه" كل أسبوع تقضيه بالكامل بعيدًا عن وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني.


وصممت هيدلي ردًا آليًا على بريدها الإلكتروني يقول "إذا كان الأمر مهمًا حقًا فقط اتصل بي" وقالت معلقة على ذلك: "مضى عامان.. لم يتصل أحد. لا أحد. لم يكن الأمر عاجلاً لدرجة تدفع أحدًا للاتصال، هذا يشير إلى أن معظم رسائل البريد الخاصة بنا غير عاجلة".


صدر الكتاب باللغة الإنجليزية في العاشر من مارس في 288 صفحة عن دار نشر "هارموني".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.