قال محافظ بنك الكویت المركزي الدكتور محمد الھاشل إن اللجنة التوجیھیة العلیا للتحفیز الاقتصادي تقدمت إلى مجلس الوزراء الیوم الخمیس بمقترح جدید لدعم الاقتصاد المحلي في مواجھة تداعیات أزمة فیروس كورونا (كوفید 19 (عبر برنامج ضمان وتمویل میسر للشركات الصغیرة والمتضررة من (الأزمة).
وأوضح الھاشل في مؤتمر صحفي على ھامش الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء الذي عقد الیوم أن البرنامج المقترح ینقسم إلى شقین الأول منھما ھو تقدیم دعم تمویل میسر لھذه الوحدات والثاني ضمان الدولة لھذا التمویل. وبین أن (لجنة التحفیز) درست 35 تجربة عالمیة مختلفة لمواجھة تداعیات (الأزمة) خلص ما نسبتھ 40 في المئة منھا إلى أن تدخل الدول یأتي على شكل تمویل میسر وضامن لھذا التمویل.
وأفاد بأنھ تم تصمیم البرنامج لیتسق وطبیعة الاقتصاد المحلي والمتطلبات القانونیة في دولة الكویت لافتا إلى ضرورة توافر ثلاثة عوامل في أي برنامج اقتصادي لیكون فعالا أولھا توافر السیولة لدى البنوك ثانیا وجود أسعار فائدة جذابة للمقرض والمقترض وأخیرا تحفیز البنوك على تقدیم الائتمان بخاصة في ضوء مثل ھذه الظروف الصعبة ما یستدعي قیام الدول بضمان ھذه القروض وتحمل المخاطر مع البنوك.
وذكر أن المستفیدین من ھذا البرنامج ھم المشاریع الصغیرة والمتوسطة والشركات المتضررة من (الأزمة) مشیرا إلى أن البرنامج یقترح تمویل المشاریع الصغیرة والمتوسطة بحد أقصى یبلغ 250 ألف دینار كویتي (نحو 825 ألف دولار أمریكي) على أن یوجھ التمویل للنفقات الدوریة المتعاقد علیھا بأجل سداد أربع سنوات وبسعر فائدة 5ر2 في المئة.
وأشار الھاشل إلى أن معاییر الاستحقاق للمشاریع الصغیرة والمتوسطة تقتصر على الشركات التي تضررت جراء الأزمة وكانت جیدة وتعمل بنجاح وكفاءة قبلھا مستدركا أن من الشروط الواجب توافرھا للحصول على ھذا التمویل "المحافظة على العمالة الوطنیة وأن تصل نسبتھا في نھایة عام 2021 إلى النسبة المقررة من قبل مجلس الوزراء".
وأوضح أن الدولة ستتحمل قسما من أعباء الفائدة لھذا التمویل ویشمل كل تكالیف التمویل في السنتین الأولى والثانیة في حین تتحمل ما نسبتھ 90 في المئة من كلفة التمویل في السنة الثالثة و80 في المئة من السنة الرابعة.
وذكر محافظ البنك المركزي أنھ بالنسبة للشركات الأخرى المتضررة فإن التمویل المیسر لثلاث سنوات ویستخدم لدفع الرواتب والإیجارات ولا یستخدم لتوسعات الشركة أو سداد مدیونیاتھا وذلك بأسعار فائدة تبلغ 5ر2 في المئة محددا معاییر استحقاق ھذا التمویل للشركات المتضررة من (الأزمة) وكانت تعمل بكفاءة قبلھا شریطة المحافظة على العمالة الوطنیة لدیھا.
وأوضح أن الدعم الحكومي لكلفة ھذا النوع من التمویل یتمثل في تحمل الدولة التكلفة كاملة في السنة الأولى على أن تتحملھا مناصفة مع العمیل في السنة الثانیة ویتحمل العمیل كامل التكلفة في السنة الثالثة.
وذكر أنھ فیما یتعلق بشق الضمان لھذا البرنامج فإنھ تم تصمیمھ لیتسق واحتیاجات الاقتصاد المحلي إذ تضمن الدولة أصل الدین فقط ولا تضمن خدمة الدین وتبلغ نسبة الضمان 80 المئة وتتقاضى الدولة من البنوك رسوم سنویة بمقدار 25ر0 في المئة على الجزء المضمون من ھذا التمویل.
واعتبر الھاشل أن من ممیزات ھذا المقترح ھو الفوائد التي یقدمھا للاقتصاد والدولة والبنوك على حد سواء فضلا عن عدم وجدود تأثیر مباشر على الأموال العامة لافتا إلى أن كلفة ھذا البرنامج وفق سیناریوھات متحفظة لا تتخطى ال10 في المئة من المبلغ الذي ستقدمھ البنوك للقطاع الخاص وتكلفتھ من الناتج المحلي یبلغ 1 في المئة مقارنة ب15 في المئة قدمتھا دول أخرى لبرامج مشابھة.
وقال إن من ممیزات ھذا البرنامج "التشارك في المخاطر بین البنوك والدولة" وھذا یمنح الدولة قدرة التركیز على الدور المطلوب منھا كذلك یخفف من الضغوط التضخمیة مشیرا إلى أن الخطوات القادمة بعد تقدیمھ لمجلس الوزراء تتضمن النظر فیھ واتخاذ الإجراءات القانونیة والدستوریة اللازمة.
وبشأن آخر المستجدات الاقتصادیة قال الدكتور الھاشل إن (جائحة كورونا) لم تترك أي خیار سوى الاندفاع السریع واتخاذ تدابیر صارمة في فترة وجیزة وصلت إلى الاغلاق الكلي لنقف أمام ھدفین متقابلین ھما (حمایة الحیاة) و(حمایة المعیشة) في آن واحد الأمر الذي تطلب الاجتھاد لتقلیص الفجوة بغیة الوصول تدریجیا إلى التوازن الدقیق لبلوغ مرحلة التعایش مع ھذا الوضع ومن ثم تحقیق الأمان وحمایة الأرواح والمعیشة.
وعلى المستوى العالمي قال محافظ بنك الكویت المركزي إن العالم یشھد جائحة غیر مسبوقة فریدة من نوعھا وسریعة في الانتشار ومفاجئة وسط توقعات بركود عالمي ھو الأكبر منذ الكساد الكبیر ف"التوقعات تشیر إلى انخفاض الناتج الإجمالي العالمي بنسبة تتراوح ما بین 3 و5 في المئة وأن معدلات البطالة ستبلغ مستویات غیر مسبوقة".
وأضاف أنھ بفعل ھذه الأزمة لجأت السلطات الصحیة في البلاد إلى اتخاذ قرار الإغلاق الجزئي ثم الكلي ما أدى إلى خنق القطاعات الاقتصادیة مبینا أن ھذه الخطوة تستوجب تحقیق التوازن ما بین حیاة الناس ومعیشتھم الأمر الذي یتطلب اتخاذ قرار إعادة فتح الاقتصاد في أسرع وقت مع الالتزام بالاشتراطات الصحیة لنتمكن من التعایش مع الوضع الجدید الراھن.
وتوقع محافظ بنك الكویت المركزي أن یكون أثر الإجراءات المتخذة خلال الأشھر الثلاثة الماضیة "قویا وقاسیا على الاقتصاد المحلي الأمر الذي یتطلب الالتزام بالإرشادات الصحیة لكي لا نرجع إلى الخلف".
وذكر أن بعض المسوحات لأثر جائحة (كورونا) على القطاعات الاقتصادیة أظھرت أن عدد زوار محال التجزئة انخفض بنحو 75 في المئة واضطرت 45 في المئة من تلك الشركات لإیقاف أعمالھا في حین یشعر نحو 64 في المئة من الموطنین والمقیمین بالخوف والقلق وانعدام الیقین وأن نحو 44 في المئة من أصحاب العقارات خفضوا قیمة الإیجارات الشھریة.
وأوضح الھاشل أن مسوحات بنك الكویت المركزي أظھرت أن إیرادات الوحدات الاقتصادیة الصغیرة والمتوسطة والكبیرة ستتضرر وتتراجع بنحو 42 في المئة وستنخفض الإیرادات والسیولة لدیھا وبالتالي ستتجھ إلى انھاء خدمات العاملین لدیھا فضلا عن عدم قدرتھا على الوفاء بالتزاماتھا للقطاع المصرفي وانتقال الأثر السلبي من قطاع إلى آخر وبالتالي حدوث انكماش في الناتج المحلي غیر النفطي.
وأشار إلى أن الدول استجابت بقوة لھذه (الأزمة) وانفقت الكثیر من الأموال حیث تم إنفاق حوالي 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لمواجھة تداعیات (كورونا) وقدرت قیمة حزم التحفیز من مختلف دول العالم بنحو 11 تریلیون دولار أمریكي تم تقدیمھا بأشكال مختلفة.
وأوضح أن (اللجنة الاقتصادیة العلیا) تبنت توجھا استباقیا لمواجھة (أزمة كورونا) استھدف تحقیق الاستقرار الاقتصادي على الأقل في ھذه المرحلة تحضیرا لمرحلة التعافي تم إعداد الاسس المناسبة لإطلاق مرحلة الإصلاح الاقتصادي الذي یعتبر مشروع دولة.
وقال محافظ بنك الكویت المركزي إنھ بعد تجاوز (الأزمة) یتعین الانطلاق نحو الإصلاح الاقتصادي والھیكلي للدولة مستدركا أن (اللجنة العلیا) تبنت مجموعة من المبادئ لتجاوز الازمة الحالیة تم الإعلان عنھا سابقا وأھمھا تحمل الجمیع تكالیف الأعباء الناجمة عنھا فضلا عن أن الدولة لن تعوض عن الخسائر مع مساعدة الوحدات التي كانت تعمل بكفاءة قبل (الأزمة).
وفیما یتعلق ب(التحفیز الاقتصادي) الذي قدمتھ الدولة منذ مطلع شھر أبریل الماضي أفاد الھاشل بأنھ تم تقسم القطاعات الواجب حمایتھا وتوفیر محفزات لھا إلى أربعة قطاعات رئیسیة ھي (الأسري) و(الأعمال) و(المصرفي) وأخیرا القطاع الحكومي.
وأوضح أنھ تم اتخاذ 22 تدبیرا لتحفیز الاقتصاد المحلي 11 منھا صادرة عن مجلس الوزراء ومثلھا قام بھا بنك الكویت المركزي مع البنوك. وذكر أنھ فیما یتعلق ب(القطاع الاسري) فكان الھدف ھو ضمان وصول الاحتیاجات الأساسیة وتقدیم الدعم المالي والمحافظة على الأمان الوظیفي للمواطنین الكویتیین.
وأضاف أنھ فیما یتعلق ب(قطاع الأعمال) فقد تم الحرص على تعزیز المرونة في ھذا القطاع وتخفیف الأعباء المالیة وتوفیر التدفقات النقدیة اللازمة لتوفیر السیولة لدفع الاستحقاقات الشھریة. ولفت إلى أن التدابیر المتعلقة بالقطاع المصرفي استھدفت توفیر المرونة والحمایة للقطاع وتدبیر مساحة إقراضیة أكبر لھ.
وبین الھاشل أن بنك الكویت المركز استخدم أدواتھ من أجل تخفیف المتطلبات على البنوك وتخفیض أسعار الفائدة إلى مستویات متدنیة تاریخیة مضیفا أن القدرة الاقراضیة للبنوك المحلیة حالیا بعد ھذه الإجراءات تقدر ب9 ملیارات دینار (نحو 7ر29 ملیار دولار).
وأكد محافظ بنك الكویت المركزي على أن التحدي الذي فرضتھ أزمة جائحة (كورونا) كبیر وغیر مسبوق ویتطلب تكاتف الجمیع في مواجھتھ والالتزام بالاشتراطات الصحیة مستدركا بالقول ھذه "فرص سانحة لأجراء الإصلاحات لبناء اقتصاد على أسس قویة ومتینة".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}