كعادة بنك الكويت المركزي في نهجه الاستباقي، وجه مسؤولي البنوك الكويتية إلى التعامل مع مختلف المخاطر السوقية والائتمانية والتشغيلية ومخاطر السيولة التي قد تتعرض لها المصارف بسبب تداعيات أزمة كورونا، وإفرازاتها، خصوصاً في ظل الإغلاق الحكومي الطويل، الذي تضمن 3 أشهر مضت، وأخرى متوقعة مع الحظر الجزئي.
وفي هذا الخصوص كشفت مصادر ذات صلة أن المحافظ الدكتور محمد الهاشل أكد خلال اجتماع عقده أمس مع الرؤساء التنفيذيين للبنوك، ضرورة أن تتخذ المصارف جملة إجراءات احترازية، تعزز مصداتها في مواجهة كورونا، ومواجهة المخاطر الائتمانية التي قد تطرأ في 2021 بتعزيز سيولتها، من خلال عدم توزيع أرباح نقدية لمساهميها عن 2020، رغم تحقيقها أرباحاً حتى الآن.
وأضافت المصادر أنه إذا كانت التعليمات الرقابية المحلية أظهرت مرونة كبيرة في طريقة احتساب نسب السيولة الموجودة لدى البنوك، بسبب «كورونا»، وأدت إلى تعزيز انسياب التدفقات النقدية، بتوفير هامش سيولة إضافي من أرصدتها تقدر بنحو 5 مليارات دينار، إلا أنه في المقابل يتعين أن تقوم المصارف بزيادة إجراءاتها التحوطية الاستباقية، ومن بينها عدم توزيع أي أرباح نقدية عن العام الحالي، والاحتفاظ بالكاش، لتعزيز مصداتها في مواجهة أي حالات تعثر لعملائها، لا سيما في ظل التوقعات بإمكانية تعرض القطاعات الاقتصادية المختلفة لاهتزازات خلال العام الحالي.
تحقيق المتطلبات
وأشارت المصادر إلى أن تعليمات «بازل 3» تؤكد أنه بمجرد تخفيف المتطلبات الرقابية يجب بشكل تلقائي وقف التوزيعات النقدية مباشرة، منوهة بأن التوجيه الرقابي شدد على ضرورة مواجهة البنوك لمخاطر السيولة الخاصة بها وليس للسوق، من خلال مواجهة أي مخاطر ائتمانية قد تحدث في 2021.
وقالت «من غير المنطقي في ظل الاحتياجات التي ستطرأ على الاقتصادات العالمية والمحلية بسبب كورونا الحديث عن توزيعات نقدية».
ويتوقع رقابياً أن تكون مخاطر 2020 مرتبطة بالسيولة المتوفرة لدى البنوك، بعد أن بادرت بتأجيل استحقاقات عملائها المتضريين من كورونا اقتصادياً سواء على مستوى الأفراد أو الشركات.
وإلى ذلك نوهت المصادر إلى أن 2021 ستكون سنة المخاطر الائتمانية، حيث سيتم معرفة قدرة العميل وتأثره بالأزمة، مشيرة إلى أنه تم خلال الاجتماع أيضاَ مناقشة المخاطر التشغيلية خلال الأزمة والمترتبة عن الإغلاق الاقتصادي المامل الذي قامت به الدولة.
وذكرت المصادر أنه يتعين قياس تداعيات هذا الإغلاق، لجهة العمل عن بعد ومخاطر ذلك، مع ضرورة التحوط من الثغرات التكنولوجية التي قد تترتب عن العمل عن بعد، مشيرة إلى أن «المركزي» والبنوك كونوا تجارب غنية من أزمة 2008، ويستطيعون من خلالها المرور بحكمة من كورونا.
المخاطر محسوبة
وبحسب المصادر دعا الهاشل مسؤولي البنوك إلى تحقيق التوازن بين الوساطة المالية، وتعزيز الاستقرار المالي، وأن تكون المخاطر محسوبة، مشدداً على ضرورة أن تستشرف البنوك المستقبل، والتغيرات المقبلة التي قد تطرأ على القطاعات الاقتصادية، خصوصاً فيما يتعلق بالسوق العقارية وكيفية التعامل مع مخاطرها.
ووجه الهاشل إلى ضرورة اعتماد البنوك في هذا الخصوص على دراسة متأنية للتغيرات التي قد تطرأ على القطاع العقاري المحلي، على أن تأخذ بعين الاعتبار التوجهات الحكومية المستهدفة لمعالجة التركيبة السكانية، وتعديلها بما يعاكس الوضع القائم كلياً، مع التحوط من انعكاسات المخاطر الممكنة لذلك على الاقتصاد الوطني والقطاع المصرفي.
وأكد الهاشل ضرورة التحوط من المخاطر السوقية للأسواق الخارجية التي تعمل بها البنوك المحلية في ضوء التحولات المالية العالمية، وكذلك محلياً.
وذكرت المصادر أن لدى القطاع الخاص ودائع مصرفية تقدر بـ35 مليار دينار، ما يتطلب من البنوك العمل بشكل حثيث لتعزيز قدرتها في دعم القطاع الخاص، والمضي قدماً لخارج هذه الأزمة بدون تأثر عملائها.
وجرى التوجيه الرقابي إلى ضرورة تبني إجراءات استباقية وتحوطية لجهة تكوين قواعد رأسمالية، متينة تعزز قوة القطاع المصرفي، بما يستقيم مع نهج «المركزي» الاستباقي في تخفيف حدة الضغوط التي قد تتعرض لها البنوك، على أن يشمل ذلك تعزيز المخصصات، وحمايتها من التآكل في مواجهة حالات التعثر.
تدرج المعالجات
وبينت المصادر أن الهاشل أكد أن جميع نتائج اختبارات الضغط العالية التي أجرتها البنوك عن الفترة الماضية مطمئنة لحد ما بمعدلات متفاوتة من بنك لآخر، ما قد يتطلب زيادة رأسمال بعض المصارف المحلية، مبينة أن «المركزي» سيكون مرناً مع الصدمات التي سيتعرض لها كل بنك على حدة، وسيتم معالجتها تدريجياً، وحسب وضع وظروف كل مصرف.
وذكرت، أن المحافظ أوضح أنه ورغم قوة ومتانة مؤشرات السلامة المالية لدى المصارف الوطنية المتمثلة في معدلات عالية لكل من كفاية رأس المال ومعايير السيولة ومعيار الرفع المالي، إضافة إلى الجودة العالية للأصول التي انعكست بتدني نسبة القروض غير المنتظمة حتى الآن تدعمها أيضاً تغطية عالية للديون غير المنتظمة، إلا أنه لا يتعين على المصارف التراخي في مواجهة أزمة كورونا، وحالة عدم اليقين من وجود موعد مرتقب لانتهاء آثارها المالية السامة. ولفتت المصادر إلى أن التداعيات المتوقعة بسبب كورونا ستكون صعبة، وأثار الأزمة ستكون قاسية، خاصة وأن مداها حتى الآن غير معلوم، ومن ثم يتعين الاستعداد لها، مشيرة إلى أن تحركات «المركزي» الاستباقية في هذا الخصوص تأتي لحماية جميع المصدات المصرفية من التآكل، بالعمل على تعزيزها وتقويتها بالسيولة اللازمة.
وأوضحت أنه تم توجيه مسؤولي البنوك إلى عدم استنفاد سيولة المصارف ورفع مقدرتهم في مواجهة أي صدمات، قد تحدث على مستوى كل بنك، متوقعة أن تظهر أثار هذه الأزمة على العملاء خلال 2021، ما يتطلب الاحتفاظ بمستويات الكاش المتوفرة.
وأشارت المصادر إلى أنه رغم التوافق الرقابي المصرفي على أن البنوك المحلية تتمتع حتى اليوم بدرجة عالية من الحصانة وبمصدات مالية وقدرة كبيرة على خدمة الاقتصاد الوطني حتى في الظروف الضاغطة، إلا أن مسؤولي البنوك أبدواً تفهماً واسعاً للإجراءات الاحترازية التي دعا إليها «المركزي»، باعتبار أنها تساعدهم على الاحتفاظ بمصدات مالية قوية.
تصنيفات قوية
وتعزّزت السيولة أخيراً بفضل تسويات قروض الشركات الكبرى في عامي 2016 و2017، ويرجح أن تستمر البنوك الكويتية في الاستفادة من مستويات السيولة العالية، التي يشكل النقد والودائع المصرفية والأوراق المالية الحكومية الجانب الرئيسي منها.
وجدير بالذكر، أن قوة الأوضاع المالية للبنوك جاءت بفضل تطبيق السياسات الرقابية الحصيفة للبنك «المركزي» والأخذ بمنهجية السياسات الاحترازية المتمثلة في تدعيم القواعد الرأسمالية للبنوك وبناء المخصصات الاحترازية والمصدات المالية المختلفة.
وحقق قطاع البنوك خلال 2019 صافي أرباح بـ980.7 مليون دينار، بلغ إجمالي التوزيعات النقدية منها نحو 499.5 مليون دينار.
280 مليون دينار سندات وتورقاً
أعلن بنك الكويت المركزي، تخصيص آخر إصدار لسندات وتورّق، بقيمة إجمالية بلغت 280 مليون دينار لأجل 6 أشهر وبمعدل عائد 1.375 في المئة.
خارطة طريق المصارف
• 2021 سنة المخاطر الائتمانية... سيُحصر خلالها مدى تأثر العملاء
• المصدات ستتآكل إن لم تعزّز البنوك سيولتها
• التحوط من المخاطر السوقية للأسواق الخارجية والمحلية
• الاحتراز من الثغرات التكنولوجية للعمل عن بعد
• آثار كورونا قاسية ويتعين الاستعداد لها
• التوازن بين الوساطة المالية وتعزيز الاستقرار المالي بمخاطر محسوبة
• استشراف مستقبل العقار وانعكاسات تعديلات التركيبة السكانية عليه
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}