تتسابق العديد من الشركات ومراكز الأبحاث والجامعات حول العالم من أجل تطوير لقاح للوقاية من فيروس "كورونا" الذي لا يزال متفشياً في عدد من الدول، لكن ليست هذه هي المرة الأولى بالطبع التي يتعرض البشر من خلالها لوباء قاتل وسريع الانتشار كهذا.
بالتالي، فإن كلمة "غير مسبوق" مبالغ فيها، وفي خضم السباق في صناعة الأدوية لتطوير علاج ولقاح للوقاية من الفيروس التاجي، ربما يأخذنا الحديث إلى بداية الحرب العالمية الثانية عندما كانت صناعات الأدوية في العالم تحاول تطوير علاجات للأمراض.
وقبل دخول بريطانيا الحرب العالمية الثانية، اكتشف علماء ما يمكن إطلاق كلمة ثورة عليه في الطب والمضادات الحيوية تمثلت في "البنسلين"، لكن في ذلك الحين، لم يجد العلماء أي شركة سواء كانت محلية أو أوروبية ولا حتى الولايات المتحدة على استعداد لتحمل المخاطر وإنتاج البنسلين بشكل كمي.
صناعة الأدوية والحرب
- تغير كل شيء عند هجوم اليابانيين على الأسطول الأمريكي في "بيرل هاربر" كما جاء في كتاب "جيرالد بوزنر" تحت عنوان "صناعة الأدوية: الطمع والأكاذيب وتسميم أمريكا".
- تسببت الحرب العالمية الثانية خاصة بعد هجوم "بيرل هاربر" في اندفاع شركات الأدوية الأمريكية مثل "فايزر" و"ميرك" لتركيز أبحاثهم على "البنسلين" وإنتاجه بشكل كبير كأولوية قصوى للأمن القومي على غرار تصنيع القنابل الذرية.
- بحلول عام 1944، كانت هناك كميات من "البنسلين" تكفي لعلاج 40 ألف جندي، وهو ما كان بمثابة نقطة تحول لصناعة الأدوية التي خرجت من الحرب في ثوب المنتصر بـ"البنسلين".
- كما بدا من الكتاب، لم يكن "بوزنر" من داعمي صناعة الأدوية، بل إنه تحدث في كتابه عن أطماع وأكاذيب واستغلال للأزمات كالحرب العالمية الثانية.
- بالإسقاط على الواقع، اجتمع حشد من كبرى شركات الأدوية المعروفة عالمياً في الثامن والعشرين من مايو لتنسيق وتكثيف الجهود من أجل تطوير لقاح فعال للوقاية من فيروس "كورونا".
- كان الحديث في هذا الملتقى عن ضرورة إطلاق سباق لتطوير لقاح وهزيمة "كورونا" لا سباق بين كل شركة وأخرى من أجل تحقيق المكاسب والشهرة، بل التركيز فقط على إنقاذ حياة البشر.
- في ظل أزمة "كورونا" المستمرة، تمت الإشارة إلى عدد قليل من الأسماء في صناعة الأدوية والتي تعمل على تطوير لقاحات واعدة، فتم التنويه إلى "موديرنا" مثلا و"جونسون آند جونسون"، وتحدث الصينيون والروس والألمان عن جهود لتطوير لقاحات.
- مع ذلك، فإن التركيز انصب بشكل كبير في الآونة الأخيرة على الشركة الأنجلوسويدية "أسترازينيكا" التي تتعاون مع جامعة "أكسفورد"" في تطوير لقاح ضد "كورونا" قيل إن درجة فاعليته كبيرة وسوف يكون متوفراً في وقت قريب.
إعادة توجيه الدفة
- من بين الحضور في الملتقى المدير التنفيذي لـ"أسترازينيكا" الفرنسي "باسكال سوريوت" - 61 عاماً - فقبل أزمة "كورونا"، كان اسم هذه الشركة لا يتم تناوله إلا في الملتقيات والمؤتمرات العلمية عن اللقاحات، حيث تدير صناعة أمصال بقيمة تصل إلى 60 مليار دولار سنوياً.
- أما الآن، فيرى محللون أن "أسترازينيكا" تقود بواسطة مديرها التنفيذي "سوريوت" الجهود لتطوير لقاح ضد "كورونا"، ليس هذا فقط، بل أيضاً ربما إعادة توجيه الدفة وإزالة الغبار عن صناعة الأدوية العالمية وإعادة تسليط الضوء عليها.
- تحت قيادة "سوريوت" الذي تولى منصب المدير التنفيذي للشركة عام 2012، نفذت "أسترازينيكا" العديد من أعمال الأبحاث وأحرزت تقدما كبيراً في صناعة الأمصال والأدوية كما نفذت صفقات استحواذ على براءات اختراع أو شركات دوائية ناشئة لتعويض أي نقص في الإبداع.
- قال "سوريوت" إن نجاح "أسترازينيكا" يرجع إلى إيمانها الشديد بالعلم، كما تحدث عن تطوير مركز للتنمية والأبحاث تابع للشركة يجري إنشاؤه في "كامبريدج".
- عام 2014، استخدم "سوريوت" ذريعة العلم في رفض صفقة استحواذ قدمتها "فايزر" الأمريكية لشراء "أسترازينيكا" بقيمة 118 مليار دولار قائلا إن هذه الصفقة ربما تخرج جهود علاجات السرطان عن مسارها.
- بلغت القيمة السوقية لـ"أسترازينيكا" 112 مليار جنيه إسترليني (حوالي 141 مليار دولار) وتواصل التقدم بفضل جهود اكتشافات وابتكارات في صناعة الأدوية مثل تطويرها أحد أدوية سرطان الرئة.
- في أبريل، أبرمت "أسترازينيكا" اتفاقا مع جامعة "أكسفورد" لتطوير لقاح مضاد لـ"كورونا"، وفي غضون ثلاثة أسابيع، جذبت هذه الجهود مليار دولار من أمريكا لشراء جرعات من اللقاح المنتظر والمستهدف بدء توزيعه في سبتمبر.
- تعمل شركات أخرى في صناعات الأدوية على بناء سلاسل إمداد وتوريد للقاحات المرتقبة عند الموافقة عليها خاصة لقاح "أسترازينيكا" الذي يحمل اسم "إيه زد دي 1222" وتم تجربته على آلاف الأشخاص وأظهر نتائج جيدة في الوقاية من "كورونا".
- تحدث "سوريوت" عن عوامل سياسية وصعوبات ربما تتحكم في صناعة الأدوية وطريقة وحجم توزيع اللقاحات المضادة لـ"كورونا"، رغم التزام "أسترازينيكا" وغيرها من الشركات بالتوزيع العادل وعدم التركيز فقط على تحقيق الربح بل إنقاذ الأرواح خاصة الأطقم الطبية والنظر إلى الدول الفقيرة.
- صرح "سوريوت" بأن هذه الفترات الزمنية، يجب وقوف صناعة الأدوية أمام العالم وتقديم الدعم والمساعدة ودرء أي انتقادات واتهامات بسعيها فقط نحو التربح وتسلحها بالعلم والإبداع لهزيمة الأمراض والقضاء على آلام البشر.
المصدر: إيكونوميست
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}