أكد رئيس جمعية المصارف البحرينية الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية أن حجم الإنفاق الحكومي سيكون المدخل الرئيس للتأثير على أعمال القطاع المصرفي في البحرين، وقال إن البنوك المحلية تتمتع بسيولة متينة ونسبة جيدة من رأس المال سوف تمكنها من التغلب على تداعيات «كورونا»، مشيرًا إلى أن هذه البنوك ستتمكن مع نهاية العام من تحقيق أرباح ولكنها لن تكون بمستويات أرباح العام الماضي.
مبينًا في لقاء مع «الأيام الاقتصادي» أنه بالإضافة فيما يخص الأرباح، واضطرار البنوك لزيادة المخصصات، ورفع قدرة الإقراض لدى البنوك بما يعادل 3.7 مليار دينار لإعطائها المرونة اللازمة للتعامل مع طلبات العملاء لتأجيل الأقساط أو للتمويل الإضافي، توقع عدنان يوسف زيادة العملاء المتعثرين. وأوضح أن أزمة «كورونا» تولد ضغوطًا عديدة على البنوك وستكون هناك تحديات ناجمة عن تولد الضغوط في أسواق الودائع ما بين البنوك الإقليمية والعالمية، وارتفاع التكاليف المرتبطة بالإجراءات الاحترازية.
كما أكد على أن الفرصة سانحة للبنوك الكبيرة للاستحواذ على بعض البنوك الصغيرة فى صفقات مغرية، مشيدًا بما أسماه بالمنهج المتكامل لمصرف البحرين المركزي في التعامل مع تداعيات فيروس كورونا على الصناعة المصرفية في البحرين، وقال إن إجراءات المصرف عززت من سمعة مركز البحرين المالى إقليميًا وعالميًا، وفيما يلي نص اللقاء مع هذه الشخصية المصرفية المرموقة:
* كيف ترون تداعيات أزمة كورونا على القطاع المصرفي في البحرين والمنطقة؟
- يعد القطاع النفطي محركًا رئيسًا للاقتصاد الوطني والاقتصاديات الخليجية عمومًا. فمن خلال إيرادات هذه القطاع يتم الإنفاق على المشاريع الضخمة وتحريك الصناعات والأنشطة الرئيسة، وبالتالي سوف تتأثر نشاطات القطاع الخاص مباشرة بمستويات أسعار النفط التي تحدد حجم الإيرادات النفطية وبالتالي حجم الإنفاق الحكومي. أي أن حجم الإنفاق الحكومي سيكون هو المدخل الرئيس للتأثير على أعمال القطاع المصرفي؛ لأن توسع الحكومات في الإنفاق يعني وجود الكثير من المشاريع والفرص المتاحة للتمويل أمام البنوك. أما في حالة تقليص الإنفاق، فإنه سوف يقلل من حجم المعروض من الفرص التمويلية والاستثمارية للبنوك.
كذلك سوف تتأثر أرباح البنوك بسبب تقلص العمليات التمويلية وشبه توقفها لعدة شهور ولحذر البنوك في الوقت الحاضر، وستركز البنوك على المحافظة على مؤشرات جودة أصولها عن مستوى مرتفع. كما أن المخاطر تتركز في أن الودائع متركزة على الشركات الحكومية والشركات التابعة للحكومة بالنسبة للبنوك الخليجية والتي تمثل نحو 10 إلى 35% من إجمالي الودائع، وهو ما قد يضطر تلك الشركات إلى سحب جزء من الودائع لتوفير احتياجاتها.
ومع ذلك، يمكن القول إن البنوك المحلية تتمتع بسيولة متينة ونسب ملاءة رأس المال جيدة سوف تمكنها من التغلب على التداعيات، كذلك بفضل الدعم الذي يقدمه مصرف البحرين المركزي لهذه البنوك. وسوف تتمكن مع نهاية العام من تحقيق الأرباح ولكن بطبيعة الحال سوف تكون أقل من مستويات العام الماضي.
* إلى أي مدى ستؤثر أزمة كورونا على البنوك من زيادة العملاء المتعثرين وانخفاض الأرباح وعدم اليقين بشأن السياسات المالية والنقدية في الفترة المقبلة؟
-هذا التأثير سوف يكون طبيعيًا؛ لأن الإجراءات الاحترازية أدت إلى شبه إقفال في الأنشطة الاقتصادية. وصحيح أن الحكومة تفضلت بتقديم حزم مالية ودعم مباشر واسعة للكثير من الأنشطة، لكن ستظل عملياتها الطبيعية تواجه صعوبات كثيرة، مما سوف يؤدي إلى زيادة العملاء المتعثرين وانخفاض الأرباح واضطرار البنوك لزيادة المخصصات.
أما بالنسبة للسياسات النقدية والمالية القادمة، فقد قام مصرف البحرين المركزي بتخفيض أسعار الفائدة، كما خفف من عدد من المتطلبات المتعلقة بالاحتياطيات القانونية وتلك المتعلقة بتطبيق المعيار المحاسبي 9 وغيرها من الإجراءات التي تعتبر داعمة للبنوك في اتخاذ الإجراءات الضرورية لتحصين أوضاعها المالية ودعم عملائها بصورة أكبر.
تظل مع ذلك بعض التحديات الناجمة عن تولد الضغوط في أسواق الودائع ما بين البنوك الإقليمية والعالمية، كذلك ارتفاع التكاليف المتعلقة بالإجراءات الاحترازية وتحصين البيئة التقنية والمعلوماتية وغيرها.
ووفقًا لتقرير «ستاندرد آند بورز» فإن لدى 23 بنكًا خليجيًا أصولاً بلغ إجمالها 1.5 تريليون دولار في نهاية عام 2019، ويمكنها استيعاب ما يصل إلى 36 مليار دولار من المخصصات الإضافية، قبل أن تبدأ قواعد رأس المال بالتأثر من الأزمة.
* هل يمكن أن نشهد في الفترة القادمة موجة جديدة من اندماج المصارف؟
- كما ذكرنا في معرض إجاباتنا السابقة، فإن أزمة كورونا سوف تولد ضغوطًا عديدة على البنوك.
وسوف يتفاوت حجم التأثير استنادًا أولاً إلى حجم البنك ورأسماله، وثانيًا إلى القطاعات والأنشطة الاقتصادية التي تتركز فيها محافظ استثماراته وتمويلاته، وثالثًا فيما إذا كان له تواجد جغرافي متنوع في بلدان أخرى وحجم تأثر هذه البلدان بفايروس كورونا.
لذلك، فإن استجابات البنوك لهذه الضغوط سوف تكون متفاوتة، إذ إن الكبيرة منها سوف تتمكن من تجاوزها على المدى المتوسط أي خلال سنتين إلى ثلاث سنوات، بينما البعض الآخر قد يضطر إلى زيادة رؤوس أمواله، وقد يضطر البعض الآخر للبحث عن عمليات اندماج واستحواذ.
وهنا ينبغي أن نأخذ بالاعتبار أنه بالنسبة للبنوك الكبيرة قد تجد الفرصة سانحة للاستحواذ على بعض البنوك الصغيرة في صفقات مغرية، لكن في المقابل، فإن هذه البنوك الصغيرة والأصح المساهمين فيها سيسعون إلى تجنب بيع أسهمهم بأقل من قيمتها الحقيقية في ظل الظروف الراهنة.
لذلك، نحن نعتقد أنه سوف تكون هناك عمليات للدمج والاستحواذ، ولكن ليس في الحل إلا إذا كانت هناك مصارف تواجه خطر التعثر الفعلي.
* كيف تقيمون الإجراءات التي اتخذها مصرف البحرين المركزي للتخفيف من آثار كورونا؟ وهل ترون أن هناك المزيد مما هو مطلوب؟
- يمكننا القول بكل اعتزاز إن مصرف البحرين المركزي كان من أوائل البنوك المركزية في العالم الذي تصدى ووفقًا لمنهج متكامل للتداعيات المحتملة لفيروس كورونا على الصناعة المصرفية، والاقتصاد عمومًا في المملكة، من خلال قيامه بإصدار سلسلة من الإجراءات والتدابير للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين والعاملين في القطاع المالي على حد سواء، كما أصدر حزمة من التدابير الرقابية والتنظيمية للتخفيف من آثار التداعيات المالية على مستهلكي الخدمات المالية المتضررين من الفيروس وكذلك المؤسسات المالية والتجار ومساعدتهم لاستيعاب تلك التداعيات بالإضافة لحماية استقرار القطاع المالي بمملكة البحرين، بما في ذلك رفع قدرة الإقراض لدى البنوك بما يعادل 3.7 مليار دينار بحريني، وذلك لإعطائها المرونة اللازمة للتعامل مع طلبات العملاء لتأجيل الأقساط أو للتمويل الإضافي خلال المرحلة المقبلة.
كما يمكن القول بكل ثقة إن جملة هذه الإجراءات والتدابير عززت من سمعة مركز البحرين المالي إقليميًا وعالميًا، لكونها تنسجم مع الخبرة المكتسبة والقيادة المتمرسة طول العقود الخمسة الماضية لهذا المركز، والتي أدارت بحنكة وتحرز الصناعة المصرفية في المملكة عبر مختلف الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية التي شهدها العالم طول هذه الفترة، وكان مركز البحرين المالي قادرًا دومًا على تخطيها واستئناف مسيرته الناجحة.
وقد رحب القطاع المصرفي في المملكة بهذه التوجيهات، ووفر لها كل الدعم والمساندة، وذلك انطلاقًا من الدور المحوري الذي يلعبه في نهضة المجتمع والاقتصاد، وإيمانًا منه بضرورة تكاتف المجتمع بكل مؤسساته وأفراده وتوحيد جهودهم من أجل إنجاح جميع التدابير الاحترازية التي اتخذتها الحكومة والجهات الطبية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية لمواجهة تفشي الفيروس.
كما أن توجيهات مصرف البحرين المركزي السديدة تجسد مدى حرص القيادة السياسية الرشيدة والدولة والمصرف على عدم تأثر الأفراد والمؤسسات من تداعيات الأزمة العالمية جراء فيروس كورونا، وتوفير الدعم لهم من جهة، وتقديم المرونة التنظيمية للبنوك لكي تتمكن من تقديم هذا الدعم لعملائها دون أن تتأثر سلامة أوضاعها المالية من جهة أخرى.
* بصفتكم رئيسًا لجمعية البحرين للمصارف.. هل هناك أولويات لدى البنوك لمواجهة تداعيات أزمة كورونا على القطاع المصرفي؟
- تعمل جمعية مصارف البحرين في الوقت الحاضر مع البنوك من أجل ضمان استدامة عملياتها وتفعيل خطط الاستمرارية لضمان استدامة العمليات التشغيلية والتواصل مع كل الشركاء بما في ذلك العملاء ومزودي الخدمات والمساهمين وكيفية التعامل مع الموظفين وتأمين سلامتهم. كما تقوم البنوك أيضًا بمراجعة خطوط ودائع ما بين البنوك للتأكد من حجم مخاطر الأطراف المقابلة. كذلك مراجعة محافظ التمويل مع التركيز على التمويلات في القطاعات الأكثر تضررًا وتقييم حجم تأثير الإجراءات التي اتخذتها تنفيذًا لتوجيهات المصرف المركزي. وتسعى البنوك كذلك إلى تبني استراتيجيات السوق التي تتلاءم مع وضع المرحلة وأي خيارات سيعمل على التوسع فيها والخيارات التي سوف يقلص أعماله فيها. وفي الوقت نفسه تعمل على تسريع التحول نحو الرقمية في تقديم الخدمات لتطبيق التباعد الاجتماعي سواء بالنسبة للموظفين أو العملاء.
العامل الذي يبعث على الارتياح أن جميع البنوك المحلية وبفضل توجيهات مصرف البحرين المركزي وحتى ما قبل أزمة كورونا كانت قد دشنت استراتيجياتها للتحول الرقمي وقطعت شوطًا كبيرًا للغاية في تقديم كل الخدمات والمنتجات المصرفية عبر منصاتها الإلكترونية سواء من الموقع الإلكتروني أو الموبايل أو غيره من الوسائل التكنولوجية الحديثة. لذلك عندما تفشى الوباء واتخذت الحكومة إجراءات مواجهة هذا التفشي، سارعت البنوك إلى تفعيل منصاتها الإلكترونية، بل ووسعت من الخدمات المقدمة من خلالها لكي تتماشى مع ظروف المرحلة.
* ما هي النتائج التي تتوقعونها للبنوك في البحرين هذا العام؟
- نحن لا نشك في مقدرة البنوك المحلية على مواصلة تحقيق الربحية خلال هذا العام والعام والمقبل، خاصة مع سلامة أوضاعها المالية وعودة الأنشطة الاقتصادية تدريجيًا للعمل خلال النصف الثاني من العام الحالي. كذلك بفضل الإدارة الاقتصادية الحكيمة التي تسعى دومًا إلى خلق المشاريع والفرص الجديدة. لكن وكما ذكرنا سابقًا أن حجم الأرباح المحققة سوف يتأثر بالتأكيد بتفشي مرض كورونا، علاوة على انخفاض أسعار النفط، وكذلك انخفاض أسعار الفائدة. جميع هذه العوامل ليست مقتصرة على البنوك المحلية، بل نكاد نقول كل البنوك في العالم.
* وما هو الوضع بالنسبة لبنك البركة.. وخططه وأولوياته؟
- لا يوجد لدى المجموعة تعرض بأضرار أزمة كورونا بالمعنى الدقيق، وإنما هناك بطبيعة الحال تمويلات واستثمارات لدى المجموعة ووحداتها المصرفية لعملاء من الأفراد والشركات تعرضوا لأضرار بسبب أزمة كورونا.
المجموعة ووحداتها حريصة على أن تكون إلى جانب العملاء في هذه المرحلة لتقديم كل الدعم والمساندة لهم لتجاوز هذه الظروف.
بل إن وحداتنا باشرت بالاتصال بالكثير من العملاء المحتملين في العديد من البلدان وعرضت عليهم خدمات تقديم التسهيلات الائتمانية لمساعدتهم على تجاوز الأزمة الراهنة.
كما أن البنوك المركزية في البلدان التي تعمل فيها وحدات المجموعة وجهت البنوك لدعم العملاء المتضررين وتسهيل أقساط ديونهم أو تأجيلها.
صحيح أن البنوك سوف تمر بمرحلة صعبة سوف تنعكس على حجم أرباحها خلال العام، ولكن نعتقد أنها سوف تعبر هذه الأزمة بسلام في النهاية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}