يترقب العقاريون التحرُّكات الحكومية لتطوير المناطق الشمالية، التي تضم أراضي المطلاع والصبية والسالمي، من خلال طرح مشاريع إسكانية ضخمة، خصوصاً تلك المتعلّقة بمدينة المطلاع.
ورصد خبراء عقاريون تأخراً واضحاً في تحديد المناطق الخاصة بالاستثمارات التجارية، مؤكدين أن تلك المنطقة تحظى باهتمام خاص من قبل المستثمرين وشركات القطاع الخاص للاستثمار فيها.
وقال الخبراء لـ القبس إنه آن الأوان للإسراع في تطوير المناطق الشمالية على غرار ما تشهده المنطقة الجنوبية من تطور ملحوظ على مختلف الأصعدة، مقترحين أن تكون البداية من الطرق المؤدية لها، بحيث يتم فتح فرص استثمارية جديدة من خلال تحديد الأراضي.
وأكدوا أن تلك الخطوات ستحفز القطاع الخاص والمستأجرين على التوجه للاستثمار والسكن فيها، ذلك إضافة إلى توزيع مرافق خدمية وحكومية وتجارية تلبي احتياجات سكانها في المستقبل..
القبس استطلعت آراء الخبراء وإلى التفاصيل: منصور العصيمي قال رئيس اتحاد مقيمي العقار ورئيس مجلس إدارة الشركة الثلاثية للتقديرات العقارية منصور العصيمي إن المشكلة لا تكمن في عدم توافر الأراضي، بل هناك وفرة، إلا أن المشكلة الرئيسية تكمن في التأخر بتحديد وتخطيط الأراضي في المناطق الشمالية كالمطلاع والصبية والسالمي وتخصيصها لأهداف إنشاء الاستثمارات التجارية.
وأكد العصيمي أهمية الاسراع في تخصيص منطقة مركز إداري وتجاري لمنطقة المطلاع، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه التأثير بشكل واضح على مستقبل المنطقة من حيث تحفيز التجار والمستأجرين للإقبال عليها والسكن فيها.
كما أن المركز التجاري سيعمل على تفاوت أسعار العقار في المنطقة من حيث القيمة، حيث إنه سيكون بمنزلة الميزة، وبالتالي فإن العقارات وما تشمله من أراض وبيوت والتي سيتم إنشاؤها بالقرب من المركز التجاري ستكون أعلى ثمناً وقيمة.
وأبدى العصيمي تأييده لفكرة التسريع بتطوير الطرق المؤدية إلى المناطق الشمالية مع مراعاتها كما هو الحال بالطرق الجنوبية التي تتمتع بالعديد من الاستثمارات التجارية، كالمنتجعات والمطاعم ومحطات الوقود وغيرها من الخدمات الضرورية التي تخدم حاجات المستهلكين أثناء توجههم إلى المناطق الجنوبية (الوفرة) وتلك المتوافرة في قلب المنطقة.
الاستثمارات التجارية
من جانبه، أوضح الشريك في الشركة الثلاثية للتقديرات العقارية بدر الصميط، أن عامل نزول النفط ستكون له انعكاسات كبيرة ومؤثرة، خصوصاً في حال امتدت الأزمة إلى مدة تتجاوز الستة أشهر، الأمر الذي ستبدأ معالمه في الظهور بشكل مباشر على أداء القطاع العقاري وتداولاته.
وأكد الصميط على ضرورة مراعاة الجهات الحكومية للاهتمام بتطوير العقار التجاري للمناطق الشمالية، خصوصاً في ما يتعلق بمشروع المطلاع، مشيراً إلى أن هناك تأخراً في تحديد وتخطيط مركز إداري وتجاري لخدمة المنطقة والذي بدوره سيكون له دور بارز في تطوير وتنشيط حركة المنطقة المستقبلية.
وقال: «لا بد من تحديدها الآن لفتح الأبواب أمام المستثمرين والعقاريين لاقتناص الفرص المتاحة للشراء والاستثمار وبدء مراحل إنشاء مشروعاتهم التي تعد ذات أهمية كبيرة في نشأة المنطقة وانطلاقتها».
من جهته، قال نائب رئيس اتحاد وسطاء العقار عماد حيدر: «لا أعتقد بوجود أزمة أراض في المنطقة الشمالية، بل العكس صحيح، والدليل أن أكبر منطقة إسكانية تم توزيعها على مستوى الدولة هي منطقة المطلاع السكنية، وأعداد كبيرة من القسائم تم توزيعها في مناطق جابر الأحمد وسعد العبد الله وغيرها، ولكن تكمن المشكلة في أن معظم الأراضي في المنطقة الشمالية هي أراضي الدولة وأراض محتكرة وأراض أخرى زراعية ونفطية».
وتابع «لا شك أن لشبكة الطرق الحديثة والسريعة بالغ الأهمية في إنجاح اي مشروع حتى تصبح مدينة متكاملة، من المهم التفكير في مدى أهمية المنطقة، خصوصاً من بعد بناء جسر جابر وميناء مبارك، ناهيك عن تنفيذ مشروع مدينة الحرير الذي سيستغرق تنفيذه 25 سنة ويمتد على مساحة شاسعة وبتكلفة ضخمة جداً وهي رؤية الدولة لكويت 2035.
ومن المؤكد أن هذا المشروع سيتيح الكثير من الفرص الاستثمارية الناجحة وفرص عمل للمواطنين مستقبلاً، والحقيقة أتمنى أن يعاد التفكير في فكرة تسليم المنطقة الشمالية الى البلدية وتسليمها الى شركات عالمية لضمان مستوى العمل لأن مشروع المنطقة الشمالية أكبر من قدرات البلدية».
المشكلة الإسكانية
من جهة أخرى، قال الرئيس التنفيذي لشركة أعيان العقارية وعضو مجلس إدارة اتحاد العقاريين إبراهيم العوضي إن الدولة مسؤولة عن حل المشكلة الإسكانية في الوقت الراهن، وذلك من خلال توزيع أكبر عدد من الوحدات السكنية، والموضوع المرتبط بهذا الشأن هو أن الدولة أيضا مسؤولة عن إتمام عمليات التوزيع بشكل ممنهج ومدروس وبطرق مناسبة، وهنا لا بد من النظر بعين الاعتبار لعامل رئيسي ومهم ألا وهو أزمة تكدس الشوارع والمناطق بسبب المرافق الحكومية الموجودة في وسط الدولة.
وأضاف العوضي «نحن نؤيد فكرة إنشاء المراكز السكنية في المناطق الشمالية والجنوبية، علما بأن المناطق الجنوبية تشهد حاليا عمليات إعمار بشكل كبير جدا مقارنة بالمناطق الشمالية، وهذا الأمر مرئي وملموس لأي فرد يقوم بزيارة المنطقة الجنوبية، ابتداء من الشارع الموصول بالمدينة، وامتدادا الى الحدود الجنوبية، حيث تجد أن هناك مناطق سكنية مؤهلة».
نقص واضح
وأوضح العوضي «اليوم بالفعل هناك نقص واضح بالمنشآت على الطريق المؤدي للمناطق الشمالية (المطلاع والسالمي والصبية)، أعتقد أن المفروض على الدولة وكخطوة تشجيعية بالتوازي مع قيامها بعمليات تطوير المناطق الجديدة، خصوصاً تلك التي في المطلاع، أن تبدأ بطرح مشاريع خدمية وتجارية جديدة على امتداد هذا الطريق، وهذا الأمر لا يرتبط بالقطاع الخاص وإنما بالدولة التي بيدها تخصيص أراضيها للقطاع الخاص أو القيام بتطويرها بشكل مباشر من قبلها».
توزيع مدروس
وأشار العوضي إلى ضرورة عمل منشآت حكومية ومركز يضم جميع الوزارات لتوجد في جميع المناطق، قائلا «لا بد من أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، خصوصاً عند التطرق للمناطق الشمالية، بحيث لا يضطر ساكنوها لتكبد العناء والتوجه للمدينة لإنجاز معاملاتهم»، لافتا الى أنه عند إنشاء المركز الحكومي ستكون بذلك تخلق فرصا وظيفية جديدة للكوادر الوطنية.
وأضاف «بالحديث عن المدن السكنية الجديدة والتي ستتمتع بأحجام كبيرة، لا بد لها أن تكون مؤهلة لاستيعاب الكم المتزايد من الاسكان والمسؤولة عنها المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وبالتالي لا بد أن تشتمل هذه المدن على مجموعة من الأنشطة الخدمية والحرفية والتجارية.
وذلك لتلبية احتياجات سكان تلك المناطق من دون الحاجة إلى مغادرتها، أعتقد أن الدولة بدأت تعي هذا الأمر، ولذلك نلاحظ أن المؤسسة العامة للرعاية السكنية بدأت في طرح العديد من المشاريع والتي تتبع نظام المشاركة بينها وبين القطاع الخاص، بعدما أجاز لها القانون القيام بهذا العمل واعطاها الحرية بطرح أي مشروع لأي أرض تخضع تحت ملكيتها بمشاركة شركات القطاع الخاص».
وبين أن من المشاريع التي طرحتها المؤسسة أخيرا مشاريع تطوير سكنية وأخرى استثمارية متميزة، بالإضافة الى طرحها مناطق للقطاع الخاص كالمناطق الحرفية والخدمية، خاصة في المنطقة الجنوبية.
كما خصصت أراض للمجمعات التجارية وعملت على تطوير سوق شعبي في مدينة صباح الأحمد بمساحة 40 ألف متر مربع، وكذلك تطوير مدارس وجامعات خاصة.
وأضاف العوضي «أعتقد أن القطاع العقاري بحاجة الى فرص استثمارية لسببين الأول أن هناك شحا للفرص في الكويت، الأمر الذي دفع بهجرة العديد من رؤوس الأموال والشركات العقارية للاستثمار بالخارج، إذ إن المساحة التجارية والاستثمارية تعد صغيرة جدا عند مقارنتها بالمساحة السكنية، كما أن عدد الأراضي المتاحة للاستثمار حاليا أصبح شبه معدوم، وبالتالي بات هناك نقص بالفرص الاستثمارية، والقطاع الخاص متشوق للمشاركة في مشاريع التطوير الجارية في المدن الجديدة».
حاجة تمويلية
وأشار العوضي الى أن هناك مشكلة يواجهها القطاع الخاص، ألا وهي أن الحكومة لا تزال تعامل المشاريع المشتركة والـ بي او تي، بعقلية محترفة، بمعنى اليوم بات من الصعب جدا الحصول على تمويل لعمل مشاريع بي او تي، ثانيا الدولة تختار من القطاع الخاص الشركة التي تدفع أكثر للدخول في هذه المشاريع، دون مراعاة التركيز على مؤهلات الشركة.
وأكد العوضي «لا بد من مراعاة الدولة لتغيير منهجيتها في اختيار الشركات مع الأخذ بالاعتبار قدرتها الفنية والإدارية والمالية، كذلك هناك حاجة الى تحفيز البنوك لإعطاء القروض للشركات التي تود المشاركة في هكذا مشاريع، حيث إن هذا النوع من المشاريع ضخم ويحتاج الى ميزانيات كبيرة، بالإضافة على الدول أن تعمل على تشجيع شركات القطاع الخاص على أن تكون لها شراكات إستراتيجية مع شركات خارجية لجذبها للاستثمار في الكويت والمشاركة في عمليات التطوير».
في غضون ذلك، أشار الخبير العقاري عبد العزيز الدغيشم الى أن امتداد الطرق المؤدية للمنطقة الشمالية (المطلاع والسالمي والصبية) لم تشهد أية استثمارات عقارية، لأنه لا توجد أي تراخيص حاليا ولا توجد حتى مخططات لها، إلا أنه لايزال جاريا العمل على تنظيم المناطق من قبل الدولة، خاصة مشروع مدينة المطلاع السكنية، وسيتوفر المخطط في المستقبل القريب، لافتا الى أنه وبعد أن يتم الانتهاء من المشاريع القائمة ستكون هناك استثمارات وأنشطة في تلك المنطقة.
وعن نوع الاستثمارات العقارية التي تحتاج إليها المنطقة الشمالية، علق الدغيشم قائلاً: «جميع الاستثمارات يجب أن تكون متاحة مثل الاستثماري والتجاري والصناعي، وهذا كله ضمن خطط الدولة في عمل مدينة متكاملة من جميع النواحي».
واقترح الدغيشم العمل على توفير الطرق والبنية التحتية والتراخيص للبدء بالعمل على إنشاء المجمعات التجارية والسكن الاستثماري وتوفير القسائم الصناعية، بحيث تكون قريبة منها ومراعاة سكن العمال أيضاً ليكون بالقرب منها، إضافة الى التراخيص الترفيهية من فنادق ومنتجعات وقرى سياحية، وكل هذا يتم بعد إعمار المنطقة، فيقوم التجار بالتوجه إليها.
«السكني» و«التجاري» هزما «كورونا»
أكد منصور العصيمي أن كلاً من العقار السكني والتجاري هزما كورونا، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن العقار بخير كما هو حال الاقتصاد المحلي، إذ إن التاجر الكويتي ذكي، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعقار المدر.
وقال: «بنظري أجد أن أداء العقار السكني والتجاري جيد، لربما قد نتأثر بالسوق العالمي، لكن ليس بالضرورة أن نتأثر بما يدور حولنا من مشاكل تتعلق بكورونا أو حتى الجيوسياسية الحاصلة في المنطقة، وبالنسبة للعقار الاستثماري، يظل الأداء المتميز منه من حيث الموقع والمنطقة، والتشطيب قوي ومستقر».
بنية تحتية
أكد عماد حيدر أن المنطقة بحاجة الى بنية تحتية، حيث يأمل ألا يتأخر تسلم مشروع المطلاع، الذي يستوعب عدداً كبيراً من الأسر، مما يساعد في حل جزء من المشكلة الإسكانية، قائلا: «لابد من توفر كل المرافق العلاجية والمدارس والخدمات الترفيهية والسياحية والخدماتية، وحتى الواجهة البحرية مهملة، وبشأن الخدمات التجارية لابد من استحداث مناطق تجارية وأسواق، وكذلك على المسؤولين طلب تحويل بعض الأراضي الى مناطق استثمارية».
تشجيع المواطن
بيّن إبراهيم العوضي أنه لتشجيع المواطن للتوجه الى السكن في مناطق بعيدة، لابد من أن تتواجد خدمات مختلفة تشمل التجارية والخدمية والترفيهية وغيرها، إضافة إلى «أن هناك شقين لهذا الأمر: التطوير الخدمي والاستثمار العقاري.
وفيما يتعلق بالتطوير الخدمي نجد أن هناك مناطق خدمية محددة ومراكز حكومية معينة متواجدة في العاصمة وجنوب السرة، نتجت عنها مشاكل كإحداث اختناق مروري وازدحام، مما انعكس بسلبية على عمليات تأدية الأعمال، ومنذ حصول هذا الأمر بدأت الحكومة تعي أن هناك أهمية في كيفية توزيع مراكز خدماتها».
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}