اجتازت القيمة السوقية لشركة "آبل" عتبة التريليوني دولار، لتكتب صفحة جديدة في تاريخ الشركات الأمريكية.
لكن طريق الشركة المصنعة لجوالات أيفون لم يكن مفروشاً بالورود، حيث اضطرت لتغيير الحصان الرابح من أجل الوصول لخط النهاية قبل الجميع.
سنوات الشك والقلق
- في أبريل عام 2016 أعلن المستثمر الشهير "كارل إيكان" بيع حصته في شركة "آبل"، مبرراً القرار بمخاطر تأثرها الكبير بالوضع في الصين.
- "إيكان" كان لفترة طويلة متفائل بشأن الشركة ومنتجاتها ومعتبراً أن حيازة السهم بمثابة أمر لا يحتاج إلى تفكير، لكنه تراجع لاحقاً بسبب ما اعتبره "الخوف من تباطؤ نمو اقتصاد الصين واحتمالية فرض حكومتها عوائق على ممارسة الأعمال هناك".
- المستثمر الشهير قال إنه ربح من استثماره في أسهم الشركة نحو ملياري دولار، متخلياً عن كامل حصته، بينما كانت القيمة السوقية للشركة تقف أدنى حاجز نصف تريليون دولار.
- لم تكن مخاوف "إيكان" غير مبررة، ففي الربع الأول من نفس العام تراجعت إيرادات "آبل" لأول مرة في 13 عاماً، بفعل انخفاض مبيعات "أيفون" بنسبة 16% على أساس سنوي مع هبوط الطلب في الصين.
- أثار هبوط مبيعات "أيفون" قلقا كبيرا بين المستثمرين مع حقيقة أن مبيعات الهواتف الذكية كانت تمثل حوالي ثلثي إجمالي إيرادات "آبل" آنذاك.
- رغم هبوط المبيعات والتحذيرات المتزايدة بشأن مستقبل الشركة، قال "تيم كوك" الذي تولى القيادة بعد وفاة مؤسسها "ستيف جوبز" عام 2011 إن آفاق "آبل" مشرقة للغاية ووعد بما اعتبره "ابتكارات مذهلة" في طور الإعداد.
- استمرت عملية هبوط مبيعات "أيفون" مع مواجهة الشركة منافسة قوية - خاصة في الصين - من هواتف أرخص سعراً مثل هواوي وشاومي وغيرها، لتسجل في الربع الأول من عام 2019 هبوطا قياسيا بلغ 17%.
- رغم اتجاه الشركة الأمريكية لسياسة خفض الأسعار في الصين وطرح هواتف أرخص لمواجهة المنافسة الشرسة، فإن حصتها السوقية في سوق الهواتف الذكية استمرت في التراجع.
- في عام 2019 تراجعت آبل للمرتبة الثالثة في قائمة أكثر الهواتف الذكية مبيعاً في العالم، لتأتي بعد سامسونج وهواوي بعدد وحدات مبيعة بلغ 193 مليون وحدة مقابل 209 ملايين وحدة قبل عام واحد.
الخدمات تفوز بالرهان
- تعاملت "آبل" مع هبوط مبيعات أيفون من خلال طرح هواتف أقل سعراً للتنافس مع الشركات الأخرى في الفئات السعرية الأدنى، بالإضافة إلى رفع كفاءة ومميزات هواتفها.
- لكن كلمة السر الحقيقية كانت تتمثل في التحول من هيمنة أيفون على مصير الشركة إلى الاهتمام بالخدمات، لتصبح "آبل" مقدما شاملا للمنتجات الرقمية.
- اتجهت "آبل" للاهتمام بقطاع الخدمات الذي تضمن إتاحة محتوى رقمي مثل الكتب والموسيقى والمقاطع المصورة والألعاب عبر تطبيق "آبل ستور"، بالإضافة إلى "آبل ميوزك" "آبل تي في" و"إي كلاود"، وغيرها.
- ارتفعت إيرادات "آبل" من الخدمات بنسبة 16% خلال العام المالي 2019 لتسجل 46.2 مليار دولار بعد أن نمت بنحو 22% في 2018.
- ورغم وباء "كورونا" وما تسبب فيه من اضطرابات لسلاسل التوريد العالمية، تمكنت الشركة من استمرار الإنتاج والمبيعات التي تجاوزت التوقعات.
- في الربع المالي الثالث لعام 2020 – الأشهر الثلاثة المنتهية في السابع والعشرين من يونيو – حقق قطاع الخدمات مبيعات بقيمة 13.1 مليار دولار، مقابل 11.4 مليار في نفس الفترة قبل عام، ليعلن "كوك" الوصول لهدف مضاعفة إيرادات قطاع الخدمات مقارنة بعام 2016 وذلك قبل ستة أشهر من المخطط له سابقاً.
- بشكل عام، حققت "آبل" إيرادات تتجاوز كثيراً كل التوقعات في الربع الثالث من العام المالي الحالي عند 59.7 مليار دولار.
- تمتلك الشركة الأمريكية الآن منتجات مثل أيفون وأيباد وأجهزة ماك، بالإضافة إلى خدمات ناجحة مثل "آب ستور" و"آبل ميوزك" و"آبل باي" و"آبل نيوز بلس" و"آبل أركيد" و"آبل كارد"وغيرها من الخدمات المدفوعة، ناهيك عن مشروعات جديدة خاصة بالذكاء الاصطناعي والسيارات ذاتية القيادة.
نادي التريليوني دولار
- مع نمو النتائج المالية للشركة بشكل واضح بفضل تعافي مبيعات المنتجات وتسارع طفرة الخدمات، حقق سهم "آبل" صعوداً قوياً.
- تمكن سهم "آبل" من الارتفاع بنحو 70% منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية جلسة 21 أغسطس، كما نجح في الصعود بنحو 110% مقارنة بالقاع المسجل في مارس الماضي إبان ذروة القلق بشأن وباء "كورونا".
- تلقى سهم الشركة الدعم أيضاً من إعلان قرار تقسيم السهم على أساس تجزئة السهم الواحد إلى أربعة بداية من 31 أغسطس في مسعى لتسهيل حيازة المستثمرين الأفراد للسهم، وهو التقسيم الخامس في تاريخ الشركة.
- ذكرت وكالة بلومبرج أن آبل تدرس طرح باقات "آبل وان" التي تشمل اشتراكا واحدا في العديد من الخدمات الرقمية التي تقدمها الشركة بسعر شهري أقل، والمتوقع إصدارها في أكتوبر المقبل مع طرح الهواتف الجديدة لأيفون.
- احتاجت الشركة 38 عاماً منذ طرحها للاكتتاب العام – ديسمبر 1980 – من أجل الوصول لعلامة التريليون دولار، لكن إضافة التريليون الثاني لم تستغرق سوى عامين فحسب.
- في بداية شهر أغسطس من عام 2018 نجحت "آبل" في الوصول لحاجز التريليون دولار لأول مرة في تاريخ الشركات الأمريكية، وبعد عامين تقريباً وفي 19 أغسطس الجاري، أضافت التريليون الثاني لقيمتها السوقية لتفتتح نادي التريليوني دولار.
- حالياً تبتعد القيمة السوقية لشركة "آبل" بنحو 482 مليار دولار عن أقرب منافسيها – أمازون – محققة أكبر فارق بين صاحبي المركزين الأول والثاني منذ تصدرها لقائمة أكبر الشركات الأمريكية.
عقبات على الطريق
- لن يكون طريق الوصول للتريليون الثالث أمراً سهلاً بالنسبة للشركة، بالنظر إلى أن صعود سعر السهم بشكل أكبر يحتاج إلى ما يبرره من تسارع لإيرادات معظم فئات الأعمال.
- كما تعاني "آبل" من مخاوف تنظيمية متصاعدة في عدة بقاع حول العالم بشأن مركزها المسيطر في سوق الهواتف الذكية والخدمات المرتبطة بها.
- تواجه "آبل" تحقيقات من الجهات التنظيمية في أوروبا بشأن وضعها المهيمن في سوق الهواتف الذكية، وما إذا كانت تنتهج مساراً يضر بالشركات المنافسة خاصة في قطاع الخدمات.
- اضطر "تيم كوك" مؤخراً للدفاع عن سياسة تطبيق "آبل ستور" وهيكل الرسوم المرتفعة التي يفرضها على الشركات الأخرى أمام لجنة مكافحة الاحتكار في مجلس النواب الأمريكي.
- تخوض "آبل" بالفعل حالياً حرباً قضائية مع شركة "إيبك" المطورة لألعاب الفيديو حول سياسات "آبل ستور"، بعد قرار الشركة الأمريكية بحذف لعبة "فورتنايت" من متجرها الرقمي.
- لا تتوقف الاحتمالات على دفع "آبل" للتخلي عن سياسة تحصيل 30% من الإيرادات الإجمالية، لكن قد تنتهي الدعاوى القضائية أيضاً بالسماح للمطورين بتثبيت الألعاب مباشرة على نظام التشغيل ios مع جعل وجودها عبر "آبل ستور" أمراً اختيارياً.
المصادر: أرقام – نتائج أعمال آبل – جارتنر - الجارديان - فاينانشيال تايمز – سي إن بي سي– بلومبرج– تيك كرانش
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}